×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / ادعوني أستجب لكم / الحلقة (26) دعاء الله بالشكوى إلى الله.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3772

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السماء والأرض، وملء ما شاء من شيءٍ بعد، لهُ الحمدُ كُله، أوله، وآخره، ظاهرهُ، وباطنه، لا أُحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُ الله ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلى اللهُ عليهِ وعلى آله، وصحبه، ومن اتبعَ سنته، واقتفى أثرهُ بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد:
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات .. في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ نعم إنَّ اللهَ ـ تعالى ـ أمرنا بدعائه، وبيّنَ لنا في كتابه آداباً، وأحكاماً تتعلّق بالدعاء، ليكونَ على النحوِ الذي يرضاه، فقال ـ تعالى ـ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ غافر:60  وقال ـ جلّ في علاه ـ: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ الأعراف:55  إنَّ الله ـ جلّ وعلا ـ أمرنا بدعائه، وبيّنَ لنا أنَّ هذا الدعاء مراتب، ومنازل، والناس فيهِ متفاوتون، فأمرَ اللهُ ـ تعالى ـ بدعائه، بأسمائه الحسنى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّامَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى الإسراء:110  فمما يتوسلُ بهِ إلى اللهِ عزّ وجل في الدعاء، لنيل المطالب، وإدراك المراغب، والوصول إلى الآمال، وبلوغ الأماني، إنما يكونُ ذلك لأسباب:
1)منها أن يُمجّدَ اللهُ جلّ وعلا، وأن يُثنى عليه.
2) ومنها أن يوصف حال السائل، وأن يذكر ما لهُ من الفقر، وما هو عليه من الفاقة، والانكسار، والضعف.
3) ومنها ما يجتمع فيهِ الأمران، فيُتوسل إلى اللهِ ـ عزّ وجل ـ بوصف الحالِ، وبوصف المسؤول الربِّ جلّ في علاه.
فالعبدُ إذا سأل اللهَ  ـ تعالى ـ بوصفِ حاله، وبسؤال ربه ما عندهُ من خير، أدرك خيراً كثيرا، وجمعَ بابين من أبواب العطاء:
1) باب الافتقار إلى الله عزّ وجل.
2) وباب وصف الكريم، المنان، العظيم، الرحمن، بما يُوجِبُ عطاءهُ، ومن ذلك ما قصّهُ اللهُ ـ تعالى ـ في كتابه الحكيم، عن أيوب، حيثُ قال ـ جلّ في علاه ـ:  ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ الأنبياء:83  هذا الاختصار في هذا الدعاء، جمعَ نوعي التوسل:
1) النوع الأول: جمعَ التوسل إلى الله بوصف الحال، وأنهُ فقير، وأنهُ قد مسّهُ الضر، وأنهُ مضطر إلى الله لما هو عليه، من حالٍ عظيمة بلغت في الفاقةِ الغاية.
2) النوع الثاني: وتوسل إلى الله أيضاً بوصفه، ولم يذكر إلا وصفَ حاله، ووصفَ من يسأل، وصف الحال، ووصف الرب: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ الأنبياء:83  هل قال اشفيني؟ عافني؟ اغثني؟ انجني؟ لم يذكر شيئاً من ذلك، إنما توسل إلى اللهِ ـ تعالى ـ بوصفِ حاله، وبوصفِ ربه، الّذي يتضمن استمطارَ فضله، وسؤالَ إحسانه، وهذه الصيغة من صيغ السؤال، يجتمعُ فيها الخيران:
1) يجتمع فيها وصف الحالِ.
2) ووصف الرب، الافتقار إليه ببيانِ عظيم الانكسار بين يديه، والافتقار إليه بذكر صفاته، الموجبة للعطاء، والهِبات، ولذلك كان دعاء ذا النون، على هذا النحو من الجمع بينَ بيان كمال الرب، وبيان عظيم افتقار العبد، فدعوةُ ذي النون إذ دعا: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ﴾ هذا تمجيد للرب، ووصف لهُ: ﴿إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ الأنبياء:87  وهذا وصف للعبد، وما هو عليه من الفاقة، والفقر، والاضطرار إلى اللهِ عزّ وجل.
وليُعلم أيها الإخوة والأخوات .. أنَّ الدعاء إذا تقدمهُ ذكرُ اللهِ ـ جلّ وعلا ـ تقدمهُ الثناء عليه، كانَ أعظم في تحصيل المطلوب، وإجابة المرغوب، وإدراكِ المسؤول أكثر من غيره، لهذا كان الدعاء بهذا الدعاء، الّذي فيهِ وصفُ الربِ بالكمال، وبالحق الّذي لا يُنازعُ فيه، وهو أنهُ الإله: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ﴾ المنزه عن الشريك، المنزه عن المثيل، المنزه عن الند، المنزه عن النظير، وعطف على ذلكَ بيانُ حاله، وأنهُ مقترف للظلم الموجب للعقوبة، لكنهُ يتعرض لله بإقراره، بذبه فإنهُ يحطُ اللهُ ـ تعالى ـ عنهُ الخطايا، ويرفغُ لهُ الدرجات، ويُجيبُه إلى ما سأل، هذا ما يتصل بأنواع الأبواب، التي يدخلُ بها العبدُ على ربه في طلب حاجاته:
1)إمّا أن يسأل الله ـ عزّ وجل ـ سؤالاً مباشراً.
2) وإمّا أن يصف حالهُ لربه، ووصفُ الحال يكونُ بالإخبارِ عن النفس، ويكونُ أيضاً بالإخبار عن المسؤول.
3) ويكونُ أيضاً بالجمع بين هذين الطريقين، كثير من الأدعية يجمع كُلَ هذا فتجِدُهُ إخبار، وطلب، ولذلك يجتمع في الدعاء هذا، وذاك، ففي الدعاء تجد إخباراً، إمّا عن حال السائل، وإمّا عن وصف المسؤول: ﴿ربِّ العَالَمِينَ الفاتحة:2  وإمّا الجمع بينهما مع الطلب، وتحديد السؤال، وهذا لهُ نظائر كثيرة في كلام الله ـ عزّ وجل ـ فمن دعاء إبراهيم – عليه السلام – الّذي دعا أنهُ قال: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) إبراهيم:38  هذا توسل إلى اللهِ ـ تعالى ـ بصفاته، يخبر عن من يسأل، ما هي صفات المسؤول؟ صفات المسؤول أنهُ يعلم السر، والاعلان، أنهُ يعلم كُلَ ما في السماء، وما في الأرض: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38)﴾ بعد هذا يأتي التمجيد لهُ، والتقديس، فيقول: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ إبراهيم:39  هذا السؤال لذكر تمجيد الله ـ تعالى ـ والثناء عليه بصفاته، وبفعله، حيثُ منَّ عليه بهبة هذين الولدين، في حال من الكِبر، وانقطاع الرجاء عن الولد، ما يوجب أن يكونَ مقدمة لسؤاله، لذلك جاءَ بعدَ ذلك، فقال: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) إبراهيم:40  هذه المسائل في هذه الآيات، جمعت التوسل إلى اللهِ ـ تعالى ـ بالخبر عن صفاته، التوسل إلى اللهِ ـ تعالى ـ بالخبر عن حاله، وأنهُ فقير، وأنهُ ضعيف، وأنهُ لولا منّة الله عليه بهبة الأولاد ما أدركَ شيئاً، التوسل إلى اللهِ ـ عزّ وجل ـ بذكر المطلوب على وجه التحديد: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)﴾ هذا نموذج من الدعاء الّذي جمع كُل هذه الوسائل، التي يتوسل بها إلى اللهِ ـ عزّ وجل ـ والتي يتحقق بها قولُ اللهِ ـ تعالى ـ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) المائدة:35  وكذلكَ فيما علّمهُ النبي ﷺ صدّيق الأمة، أبا بكر الصدِّيق – رضي الله تعالى عنه – فإنهُ قد قال كما في الصحيحين: يا رسول الله علّمني دعاءً أدعوا بهِ في صلاتي، فقال لهُ النبي ﷺ قل – أي في دعاءك في صلاتك -: «اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلماً كبيرا» وفي رواية: «كثيرا»، «وإنهُ لا يغفرُ الذنوب إلا أنت» ثم قال: «فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفورُ الرحيم» كم هم الّذين يقولون هذا الدعاء؟ كُثر، لكن من الّذين يقفون عند تفاصيله؟ ويتدبرُ ما فيه من أسرارِ النبوة؟ وجوامع الكلم؟ وبهاء الألفاظ؟ إنَّ هذا الدعاء تضمّنَ وصف حال السائل: «اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلماً كثيرا» فيه الإقرار بالذنب، والاعتراف بهِ، ثم فيهِ الإقرار بكمال الرب: «وإنهُ لا يغفرُ الذنوب إلا أنت» فليسَ ثمةَ أحدٌ يغفرُ الخطايا، ويتجاوز عن: «الذنوب إلا أنت» ثم بعدَ ذلك جاءت المسألة، والطلب: "فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفورُ الرحيم" صحيح البخاري (6326)، وصحيح مسلم (2705) كذلك في سيّد الاستغفار، وهو أعلى ما يكون من صيغ، التي تطلب بها المغفرة، هكذا على هذا النحو، فإنَّ النبي ﷺ قال سيدُ الاستغفار، أن تقول: «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك، ووعدك ما استطعت، أعوذُ بكَ من شرِ ما صنعت، أبوءُ لكَ بنعمتك عليّ، وأبوءُ لكَ بذنبي، فاغفر لي فإنهُ لا يغفرُ الذنوب إلا أنت» صحيح البخاري (834)، ومسلم (2705)  وصفُ الربِ بالكمالات، ووصف العبد بالإقرارِ بالخطأ، والتقصير، والقصور، ثم بعدَ ذلك سؤال المغفرة، والتوبة، والعفو من اللهِ ـ جلّ وعلا ـ هذه نماذج وإلا لو أردنا أن نقف على كُلِ دعاءٍ نبوي، وردَ على هذا النحو، لوقفنا على شيءٍ كثير لا حصرَ لهُ، ولا حد، لذلك أوصي نفسي، وإخواني.. بأن نتأمّل مثل هذه المعاني في الأدعية، وأن لا ندعوا الله بألسنتنا، وقلوبنا غافلة ؛ فإنَّ اللهَ لا يقبلُ دعاء من قلبٍ غافلٍ لاهٍ.
اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، واسلك بنا سبيل أولياءك، وأجعلنا من حزبكَ، ووفقنا إلى ما تحبُ، وترضى، أقرَّ أعيُننا بنصرِ الإسلام، وأهله، وعزِّ أولياءه، إلى أن نلقاكم في حلقةٍ قادمة من برنامجكم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أستودعكم الله الّذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93805 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89673 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف