المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشاهدينا ومتابعينا الأعزاء نحييكم ونرحب بكم في مناسك هذا البرنامج الذي تنظمه وتشرف عليه وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية ضمن خطتها التوعوية في كل عام لتوعية ضيوف الرحمن، حلقة جديدة وموضوع جديد ولكن في البدء نرحب بضيف البرنامج الدائم فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة القصيم وعضو التوعية الإسلامية في الحج، حياكم الله يا شيخنا في حلقتنا.
الشيخ: أهلاً وسهلاً حياك الل، وحيا الله الإخوة والأخوات وأسأل الله أن يكون لقاءً نافعًا مباركًا.
المذيع: اللهم آمين شيخنا، سنتحدث لمشاهدينا في هذه الحلقة عن أعمال أيام التشريق وما ينبغي للحاج فعله في تلك الأيام بإذن الله تعالى وكالعادة نستقبل مشاركاتكم وتفاعلكم الجميل على طرق التواصل التي ستظهر -إن شاء الله-في أسفل الشاشة تباعًا بإذن الله في ثنايا هذه الحلقة.
شيخنا، نبدأ هذه الحلقة بأيام التشريق وقد وقفنا عندها في حلقاتنا هذه المتتالية من برنامج مناسك ما هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،،
فأيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر وهذه الأيام هي نصف أيام الحج؛ لأن أيام الحج ستة منها يوم التروية في منى، ويوم عرفة في عرفة، وليلة في مزدلفة ويوم النحر في منى، ثم تأتي الأيام الثلاثة يكون الحاج فيها في منى وهي أيام التشريق، وسميت بهذا الاسم لأن الناس كانوا يشرقون فيها اللحم، وهي وسيلة من وسائل حفظه بتجفيفه ونشره في الشمس، وذلك لادخاره المدة التي يحتاجها الناس من هذه اللحوم المشرقة، فلذلك سميت أيام التشريق، وهذه الأيام أيام فضيلة فيها من أيام ذكر الله -عزّ وجل- التي أمر الله تعالى فيها بذكره الحجاج خصوصًا في قوله:{ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[البقرة:203]، فالأيام المعدودات هي: يوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة وهي أيام التشريق وقد قال فيها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيما رواه الإمام مسلم من حديث نُبَيشةَ الهُزَلي أنه قال:« أيام التشريق أيام أكلٍ وشربٍ وذكر لله»[صحيح مسلم:1141/144] فهذه الأيام أيام ذكر لله -عزّ وجل- يذكر فيها الله ويمجد ويعظم، وذكره في غير الحج بالتكبير، وذلك بالتكبير المطلق الذي ينتهي بغروب شمس يوم الثالث عشر، وأما التكبير بالنسبة لأهل منى فهو تكبيرٌ بالفعل وبالقول، بالفعل بالإقامة في هذه الأماكن، وبرمي الجمار، وبالقول بذكره تكبيرًا فقد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يملئون هذه الأيام والليالي بتكبير الله -عزّ وجل- في منى فكان عمر يكَبِّر في خيمته فيكبر من حوله بتكبيره، فيكبر أهل المسجد بتكبيره حتى ترتجّ منى تكبيرًا[أخرجه البخاري في صحيحه معلقا:2/20] وهو قول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، أو الله أكبر الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وأي صيغة جرى فيها التكبير فإنه يتحقق به المقصود من تعظيم الله -عزّ وجل- وإجلاله في هذه الأيام المباركة الشريفة فيما يتصل بأعمال هذه الأيام.
النبي صلى الله عليه وسلم لما رمى جمرة العقبة في يوم النحر، ثم فعل بقية الأنساك وذهب إلى مكة وطاف، ورجع وصلى الظهر في منى بقي -صلوات الله وسلامه عليه- بقية يوم النحر في منى، وكذلك أيام التشريق اللي هي يوم الحادي عشر ويوم الثاني عشر ويوم الثالث عشر، كلها قضاها -صلوات الله وسلامه عليه- في منى، ما الذي يعمله الإنسان في هذه الأيام؟ يتعبد الله بالمكث في منى ليلاً ونهارًا في كل الوقت هذا الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقولr: « لتأخذوا مناسككم؛ لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا»، فكان النبي صلى الله عليه وسلم مقيمًا كل هذه المدة في منى متعبدًا لله بالبقاء فيها، وذكره -جلّ وعلا- بإقامة الصلوات فيها.
أيضًا من أعمال أيام التشريق إضافة للإقامة المستمرة رمي الجمار، من أعمال أيام التشريق رمي الجمار، وذلك في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، ورمي الجمار هي ثلاث جمرات الجمرة الصغرى والجمرة الوسطى والجمرة الكبرى جمرة العقبة.
المذيع: بخلاف يوم النحر فقط الذي ترمى فيه جمرة العقبة.
الشيخ: يوم النحر فقط ترمى جمرة واحدة وهي جمرة العقبة، وهي على حدِّ منى من جهة مكة، هذه الجمار الثلاثة ترمى في أيام التشريق، كل واحدة منها ترمى بسبع حصيات، وسنة الرمي الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يرميها بعد الزوال، كما جاء ذلك في حديث عبد الله بن عمر[أخرجه البخاري في صحيحه:1756، وفيه قال ابن عمر:«كُنَّا نَتَحَيَّنُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا»]،وفيحديث جابر[علقه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب: رمي الجمار، وأخرجه مسلم في صحيحه:ح1299/314]، وفي حديث غيرهما، ممن وصف رمي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان بعد الزوال، يعني بعد ما زالت الشمس بدخول وقت الظهر، فكان صلى الله عليه وسلم يتحيَّن الزوال، فإذا زالت الشمس مضى ماشيًا إلى الجمرة ورمى الجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى ثم عاد، وصفة الرمي: أن يبدأ بالجمرة الصغرى ويرمي اليوم من حيث ما تيسر له، وما جاء من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رمى الجمرة من يسارها الأولى،والثانية من يمينها أو العكس في بعض المنقول في ذلك سعة، لأنه إنما كان هكذا الأسهل في الرمي، ولهذا الصحيح في مسألة الرمي أنه من أي جهة رماها أجزأ، وإنما كان رمي النبي صلى الله عليه وسلم على النحو الذي ذكره الصحابة لأنه الأيسر له في الرمي فلو كان الأيسر غير الجهة التي رمى منها لرمى -صلوات الله وسلامه عليه-، إذ المقصود رمي هذه الجمار في هذا الموضع حيث ما تيسر للإنسان من أي جهة كان، فيرمي الجمرة الصغرى بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، يرمي مكبرًا سبع حصيات، إذا فرغ من رمي هذه الحصيات السبع أخذ مكانًا بعيدًا عن رمي الناس ولا يعيق السائرين، ووقف للدعاء؛ لأن هذا الذي ثبت عنه -صلوات الله وسلامه عليه- فيما نقل عبد الله بن عمر أنه وقف للدعاء وقوفًا طويلاً[صحيح البخاري:ح1751]، وقدر وقوف ابن عمر الذي حكاه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بقدر سورة البقرة[مصنف ابن أبي شيبة:ح14343، وصححه ابن حجر في فتح الباري:3/584]، وهذا قريب من الساعة، وهذا وقتٌ طويل يقف في هذا الموقف يدعو الله -عزّ وجل-، والذي يتيسر للإنسان من الوقوف فحسن، ولو كان قصيرًا إنما ينبغي أن لا يخل بالوقوف؛ لأنه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان بغير هذا الطول الذي جاء عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه- لإدراك أصل سنية الوقوف للدعاء، ثم بعد ذلك يتوجه إلى الوسطى ويرميها بسبع حصيات أيضًا يكبر مع كل حصاة، ثم بعد ذلك إذا فرغ منها وقف للدعاء في مكان لا يُعيق فيه السائرين، ويتوقع ألا يصله شيئ من الحصى، فيدعو الله -عزّ وجل-بما يسَّره الله تعالى من الدعاء طويلاً كما جرى في الوقفة الأولى، ثم يمضي إلى الجمرة الثالثة وهي جمرة العقبة.
المذيع: شيخنا ألا يوجد دعاءٌ معين أو ذكرٌ معين؟
الشيخ: ليس ثمة دعاء منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما يدعو بما يسر الله تعالى، وخير ما يدعو به الحاج: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؛ لأنه الدعاء الذي ذكره الله تعالى في سياق آيات الحج: { فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ }[البقرة:200-202]، فأثنى الله تعالى على هذا القسم وهم الذين يجمعون في دعائهم بين خيري الدنيا والآخرة، فيسألوا الله حسنة في الدنيا تطيب بها أحوالهم وتستطيب بها أمورهم، وحسنة في الآخرة يحسن بها منقلبهم ويتقون بها أهوال ذلك اليوم العظيم.
بعد ذلك يتوجه إلى الجمرة الكبرى وهي الأخيرة ويرميها أيضًا بسبع حصيات من أي جهةٍ تيسر له أن يرمي، ولا فرق بين أن يرمي من بطن الوادي من الدور من الأرض أو يرمي من الدور الأول أو الثاني أو الثالث؛ لأن المقصود أن يصل هذا الحصى في موضع الرامي، فحيث ما رمى من أي جهةٍ كان من فوق أومن تحت حصل المقصود بالرمي، لكن بعض الناس يتقصد أن يصيب في رميه الشاخص.
المذيع: هذا ما كنت أريد أن أسأل عنه.
الشيخ: وهذا من الخطأ؛ لأن الشاخص ليس مقصودًا لذاته إنما هو علامة على موضع الرمي، ولهذا العلماء يقولون: لو رمى الشاخص ثم خرج ارتدت الحصاة إلى خارج الحوض إلى خارج موضع الرمي فإنها لا تجزئ؛ لأنه ليس المقصود أن ترمي الشاخص إنما المقصود أن ترمي عند هذا الموضع وفرق بين الأمرين؛ فلذلك ما يقصده البعض من إصابة الشاخص ليس بسديد، وأما ما يتعلق بمقصود الرمي، مقصود الرمي جاء في حديث عائشة في المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما جُعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله»[سنن أبي داود:ح1888، ومسند أحمد:ح24351، وصححه الحاكم:ح1685]، فالمقصود هو ذكر الله -عزّ وجل-، التعبد لله تعالى بذكره في هذا الموضع بهذا الرمي، وقيل في سبب الرمي في هذه المواضع الثلاثة: أنها المواضع التي عرض فيها الشيطان لإبراهيم -عليه السلام-، فعرض له أولاً فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم سار فعرض له في الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم انتقل حتى عرض له عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، هكذا جاء في بعض الآثار في سبب الرمي ومشروعيته[أخرج الحاكم في مستدركه:ح1713، وقال:هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب:ح1156]، لكن الذي لا شك فيه أنه يقصد به ذكر الله -عزّ وجل- وهو مندرج في قول الله تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ }[البقرة:203] مما ينبغي أن يُعلم أن الرمي يكون بالحصى، فحيث ما تيسر له تحصيل الحصى سواء من منى أو من غيرها من الجهات رمى به، ولا يشرع في هذا الحصى أن يغسل ولا أن يطيب ولا أن يعمل به ما يزيد على جمعه، فإن من الناس من يتعامل مع الحصى بنحو من العناية الفائقة التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، النبي صلى الله عليه وسلم أمر فالتقط له حصى فرفعها فقال:« بمثل هذه فارموا، وإياكم والغلوَّ؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»[أخرجه ابن ماجه في سننه:ح3029]، ومما ينبغي أن يعلمه الرامي أنه لا يجزئ أن يرميها جميعًا كما يفعله بعض الحجاج بسبب الزحام، وأيضًا نوع من الجهل يرمي السبعة جميعًا، لا، ليس هذه السبعة إذا رميت بهذه الصفة إنما تقع عن واحدة في قول جمهور العلماء، فلابد أن يرميها متتابعة، يرمي كل حصاة على وجه الانفراد ويكبر على وجه الاستحباب مع كل حصاة، هذا ما يتصل ببعض أحكام الرمي.
المذيع: شيخنا نستنتج من ذلك أنه لابد أن تسقط الحصاة في الحوض؟
الشيخ: نعم.
المذيع: بغض النظر أن تضرب الشاخص؟
الشيخ: نعم، وأيضًا هناك مسألة فيما يتعلق بالرمي وهي أنه ينبغي له أن يرتب في الرمي فيبدأ بالصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى، فإذا أخلَّ بهذا الترتيب فجمهور العلماء على أن رميه ليس بصحيح فلا يصح أن يرمي الكبرى ثم يرجع إلى الصغرى، بل يبدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، فإذا أخلَّ بالترتيب أعاد على الترتيب الذي جاءت به الشريعة.[مذهب المالكية(شرح مختصر خليل للخرشي:2/340)، والشافعية(المجموع8/239)، والحنابلة(كشف القناع2/509)]
هذه الجملة من الأحكام، فيما يتعلق ببداءة الرمي، قلنا: السنة في بداءة الرمي أن تكون قبل الزوال، والسنة أن ينتهي من الرمي قبل غروب الشمس، ولكن لو أخر إلى الليل فالذي عليه الراجح من قول العلماء أنه يجوز الرمي ليلاً لعدم وجود الوقت الممتد لنهاية الوقت، ولعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن قال له: رميت بعد ما أمسيت قال:«افعل ولا حرج»[صحيح البخاري:1723]، ويمتد رمي كل يوم إلى فجر اليوم الثاني، فإذا أخر عن فجر اليوم الثاني فإنه يجمعه مع رمي اليوم الذي يليه بعد الزوال.
المذيع: جميل، طيب شيخنا بعد الجمرة الكبرى ألا يوجد هناك دعاء؟
الشيخ: لا، ليس بعد الجمرة الكبرى وقوف ولا دعاء بل يرمي الجمرة الكبرى جمرة العقبة وينصرف دون أن يقف ولا يدعو.
ما يتصل بأحكام أيام التشريق أيضًا أنه يجب المبيت في منى، والمبيت في منى له أحكام ذكرت ابتداءً أن السنة أن يبقى الحاج في منى ليلاً ونهارًا وأن لا يخرج منها إلى خارج منى، لكنه فيما يتعلق بالمبيت يتأكد أن يبيت في منى لو كان قد خرج نهارًا فإذا جاء المبيت يبيت في داخل منى، ما يتعلق بحكم المبيت للعلماء فيه قولان: منهم من يرى أنه واجبٌ وهذا قول الجمهور[المالكية(الكافي لابن عبد البر1/375)، والشافعية(المجموع8/274)، والحنابلة(كشف القناع2/510)].
ومنهم من يرى أنه سنةٌ مستحبة[مذهب الأحناف, وهو قول ابن عباس والحسن].
والذي يظهر من هذين القولين أن المبيت واجبٌ لكن ينبغي أن يعلم أن الذي يجب في المبيت هو المكث أكثر الليل وليس المقصود أن ينام حتى ولو لم ينم إنما أن يكون في منى أكثر الليل. وأيضًا مما ينبغي أن يعلم في المبيت أن المبيت إنما يجب على من كان مستطيعًا قادرًا على المبيت، فمن كان معذورًا بعدم وجود مكان في منى كما هو الحال لبعض الحملات التي يكون مواضع إقامة حجيجها خارج منى لضيق المكان ففي هذه الحال ليس عليهم شيء، لا شيء عليهم ولا يجب عليهم المجيء، الواقع أن كثير من الحملات التي تكون خارج حدود منى يأتي يتكلف حجاجها بالدخول إلى حدود منى في ليالي التشريق لتحقيق المبيت، وهؤلاء في الحقيقة كلفوا أنفسهم شيئًا فيما يظهر لي أنه لا يجب عليهم؛ لأنه لا يجب المبيت إلا على من كان واجدًا لمكان يبيت فيه، أما من لم يجد مكان فإنه لا يجب عليه المبيت وهنا أنبه أن بعض الناس ينام في الطرقات ويفترش الكباري ويأتي في أماكن الساحات التي خصصت لعبور المشاة أو لمرور السيارات الإسعافية، أو نحوها وهؤلاء في الحقيقة آذوا إخوانهم بمجيئهم في هذه الأماكن والمرافق العامة التي هي لخدمة الحجيج وليست لإقامة من ليس لهم مكان، فهؤلاء يجب عليهم أن يتقوا الله تعالى وأن يتركوا الافتراش، فإن الافتراش من الأذى الذي يحصل به تأذي لأهل الإسلام ومضايقة، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
المذيع: شيخنا إذًا بالفعل المبيت في منى ليس مقصودًا به النوم ولكن مكوث الإنسان أكثر ليله في منى، طيب نستأذنك في هذا الاتصال من أم أحمد من مصر تفضلي أم أحمد.
السائلة: السلام عليكم
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله، ارفعي صوتك أم أحمد تفضلي.
السائلة: من فضلك أنا حججت متمتعة وسعيت سعيًا واحدًا، قيل لي: إن الحج المتمتع سعي العمرة هو سعي الحج هل هذا صحيح أم ماذا أفعل؟
المذيع: شكرًا لك أم أحمد، إحنا سنجيب -إن شاء الله- جميع مشاهدينا الكرام وأسئلتهم الأكيدة التي نطرحها على فضيلة الشيخ، لكن لعلنا نذهب في فاصل قصير يا شيخنا ومشاهدينا ولنا عودة -إن شاء الله- في برنامج مناسك تفضلوا بالبقاء معنا.
المذيع: حياكم الله من جديد مشاهدينا الكرام لا نزال معكم في برنامج مناسك وبالتأكيد سنستقبل -إن شاء الله- مشاركتكم وتفاعلكم على هشتاج مناسك في تويتر وأيضًا على أرقام التواصل الخاصة بالهاتف التي تظهر أسفل الشاشة حديثنا في هذه الحلقة سيكون عن أعمال يوم التشريق، وبالتأكيد مع ضيفنا الدكتور: خالد المصلح حياك الله يا شيخنا من جديد.
الشيخ: حياك الله أهلاً وسهلاً.
المذيع: نتحدث عن نقطة من يوكل أحدًا يرمي عنه يا شيخنا في الجمرات الثلاث.
الشيخ: طيب، ممكن نستكمل أولاً ما يتعلق بالمبيت ثم بعد ذلك نرجع إلى ما يتصل بالتوكيل في الرمي، ذكرت أن المبيت واجب، ولكن واجب على المستطيع، فالذي ليس له مكان في منى ليحقق المبيت إلا أن يكون في الطرقات أو أن يكون على الكباري أو يكون في الممرات، فهذا لا يجب عليه المجيء يسقط عليه لعدم استطاعته، وإذا سقط عنه المجيء إلى منى فإنه يبيت حيث تيسر له، سواء كان في العزيزية أو في أي مكان يتيسر له، من أهل العلم من يقول: يخيم في أقرب مكان لتجمع الحجيج إن تيسر هذا فهذا له وجه، ولكن الإلزام به وإيجابه ما يسعفه حديثٌ ولا يدل عليه دليلٌ بيِّن ظاهر فيما يتعلق بمن له مكان، لكن يحتاج إلى الخروج إلى خارج منى وأن يترك المبيت كالذين مثلاً يشتغلون مع الجهات القائمة على الحجيج طبيًّا أو أمنيًّا أو شرعيًّا فيحتاجون إلى أن يكونوا في خارج منى فإنهم يرخص لهم في ترك المبيت للحاجة إليهم أو لحاجتهم، فكل من كان محتاجًا إليه في أن يكون خارج منى فإنه يرخص له في ترك المبيت في منى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم استأذنه العباس في السقاية أن يبيت ليالي منى في مكة لأجل السقاية فأذن له -صلوات الله وسلامه عليه- [أخرجه البخاري في صحيحه:ح1634] كما أرخص النبي صلى الله عليه وسلم لرعاة الإبل أن يتركوا المبيت في منى ليالي التشريق لرعاية الإبل والقيام عليها.
المذيع: يعني يا شيخنا يرمي ويمشي.
الشيخ: فله ألا يكون في منى ليالي التشريق لأجل الحاجة إليه، ومثله كل المهام التي تتعلق بالحجيج الذين يشرفون على إطعامهم، الذين يشرفون على تفويجهم، الذين يشرفون على تطبيبهم وكل المرافق العامة التي في خدمة الحجاج، فإنه يؤذن لأصحابها في ترك المبيت إذا اقتضت لذلك حاجة أو دعت إليه مصلحة، فيما يتصل بمن ترك المبيت وهو مأذون له في ذلك لعذر ماذا يفعل؟ هل يجب أن يفدي لترك المبيت؟ الجواب: لا، لأنه إذا كان تركه لعذر فإنه لا شيء عليه، ولا يجب عليه شيء لهذا الترك.
أما من تركه متعمدًا دون أن يكون سبب فهذا قد ترك واجبًا، وجمهور العلماء على أن من ترك المبيت فقد ترك ما يجب عليه، ومن ترك ما يجب عليه في نسكه فهو ناقص الأجر، عليه أن يتوب إلى الله تعالى وجاء عن ابن عباس أنه قال: "من ترك من نسكه شيئًا فليُرِقْ دمًا"[سنن البيهقي:ح9191، وصححه الألباني في إرواء الغليل:1100] وهذا الأثر أخذ منه جمهور الفقهاء أن من ترك واجبًا من واجبات الحج فإنه يجب عليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على فقراء الحرم، هذا ما يتصل بمجمل أحكام المبيت.
ما يتصل بالرمي، النيابة في الرمي: نعم تجوز النيابة في الرمي لمن كان محتاجًا إلى الإنابة كالمريض والهرم والكبير من الرجال والنساء وضعيف البنية والذي لا يقوى على السير، ويحتاج إلى مسير لاسيما أن الجمرات اليوم الوصول إليها يحتاج إلى قطع مسافة سيرًا، ولو كان بجوار الجمرة فعلاً فهؤلاء الذين لا يستطيعون إما لصغرٍ أو لكبرٍ أو لمرضٍ أو لعجزٍ أو لغير ذلك من الأسباب المشابهة، فإنه يجوز لهم أن يوكلوا من يرموا عنهم لحديث جابر: " حَجَجْنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعنا النساء والصبيان فلبَّينا عنهم ورمينا عنهم"[ابن ماجه:ح3038، مسندأحمد:ح14370] أي فلبينا عن الصبيان ورمينا عن الصبيان، فيجوز الإنابة في الرمي للعاجز عنه، وإذا كان أصل فرض الحج تجوز الإنابة فيه عند العجز فكذلك فرائضه وواجباته إذا عجز عنها الإنسان فإنه ينيب من يأتي بها عنه، وفيما يتعلق برمي النائب يشترط أن يكون النائب في قول جمهور العلماء يشترط أن يكون النائب ممن حج تلك السنة، فلا يصح أن ينيب حلالاً لم يحج هذا الشرط ذكره كثير من الفقهاء، لم أعلم له دليلًا يستند إليه لكن لعل دليله أن غير الحاج لا يطلب منه الفعل وليس من أهل هذا العمل، فلذلك لا ينوب عن غيره هكذا تعليلاً، وإلا من حيث الاستدلال ليس ثمة دليل ظاهر واضح إلا أن الذين نابوا عن الصغار في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما أخبر به جابر كانوا حجاجًا.
فيما يتصل بطريقة رمي الجمار بالنسبة للنائب يرمي الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى عمن أنابه، ولكن ينبغي أن يبدأ أولاً في الرمي عن نفسه لأنه أولى بذلك من غيره " فابدأ بنفسك ثم بمن تعول" فيبدأ بالرمي عن نفسه.
هل يحتاج إلى أن يرمي الصغرى والوسطى والكبرى عن نفسه ثم يعود ليرمي عن غيره؟ هكذا قال جمهور العلماء أنه يرمي بهذه الصفة يرمي الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى عن نفسه أولاً، ثم يعود ويرمي عمن وكله ثانيًا، فإن وكله واحد أو اثنان أو ثلاثة احتاج أن يكرر الذهاب والمجيء بعدد المرات بعدد من وكله تكون عدد مرات الذهاب والمجيء بعدد من وكله، وقال جماعة من أهل العلم: إن الرمي في هذه الحال يكفي فيه أن يرمي عن نفسه الصغرى ثم يرمي عمن وكله فإذا فرغ من الرمي عمن وكله واحد أو أكثر انتقل إلى الوسطى رمى عن نفسه ثم عمن وكله وهكذا، وهذا القول أقرب إلى الصواب، وهو الأرفق بالناس، ولا دليل على وجوب الرمي عن نفسه أولاً، الفراغ من الرمي عن نفسه في كل الجمرات، ثم العودة للرمي عمن وكله فالذي يظهر لي أنه أن أقرب القولين إلى الصواب له أن يرمي عن نفسه ثم يرمي عن غيره في كل جمرة من هذه الجمار الثلاث.
المذيع: جميل، طيب يا شيخنا لعلنا نتحدث أيضًا عن نقطة التعجل بما يخص.
الشيخ: نعم فيما يتعلق بالتعجل، التعجل الله تعالى قد ذكره في محكم كتابه حيث قال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ}[البقرة:203]، اليومان بالإجماع هما يوم الحادي عشر والثاني عشر، وليس يوم النحر ويوم الحادي عشر كما يفهمه بعض من لا علم عنده، اليومان هما اليومان الأولان من أيام التشريق { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } من تأخر إلى اليوم الثالث من أيام التشريق فالحجاج لهم حالان:
الحالة الأولى: التعجل وهو أن يخرج من منى في اليوم الثاني عشر هذا متى يرمي؟ السنة أن يرمي بعد الزوال، ثم بعد ذلك ينصرف من منى، يخرج من منى وبعد ذلك يفعل ما يشاء إن شاء بقي في مكة، إن شاء ذهب إلى بلده يطوف للوداع ويسير، هذا يرجع له لكن المقصود أن التعجل ليس من مكة كما يتصوره بعض الناس ولا من الحرم، بل التعجل من منى، يخرج من منى، بعض الناس يظن أن التعجل معناه إن أنا خرجت من منى لا يجوز لي أن أمكث في مكة، أتعجل في الخروج من مكة، لا، ليس صحيحًا، إنما التعجل من منى { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} يعني من منى { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } أي لا حرج عليه في تعجله { وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ }، وهو الذي يبقى إلى اليوم الثالث عشر.
التعجل هو أن ينصرف في اليوم الثاني عشر، ويسن أن يكون انصرافه بعد رميه بعد الزوال ولا يتأخر إلى الليل؛ لأنه إذا مضى اليوم فقد تأخر؛ لأنه الله تعالى أذن بالتعجل في يومين فمن تأخر إلى ليل الثالث عشر فقد مضى يومان ولم يتعجل فيلزمه المكث، هكذا ذهب جمهور العلماء -رحمهم الله- وهو الصحيح.
لكن فيما يتعلق بالراجح فيما إذا عاقه السير أو الزحام، أو لم يتيسر له الانتقال، أو لأي عذرٍ حبسه عن الخروج، فإنه لا حرج عليه إذا كان قد أزمع وأجمع نية الخروج عن منى، فإنه يخرج ولو أظلم عليه الليل ما دام أن الذي حبسه أمرٌ خارج عن اختياره، فإذا تعجل خرج حيث ما شاء.
هل يجوز أن يرمي قبل الزوال؟ للعلماء في ذلك قولان:
من أهل العلم من يقول -وهذا رأي الجمهور-: أنه لا يجوز، ولا يصح أن يرمي قبل الزوال[مذهب الحنفية على المشهور(بدائع الصنائع2/137)، والمالكية(الكافي لابن عبد البر1/376)، والشافعية(المجموع8/225)، والحنابلة(المغني3/399)]، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم الذي نقل عنه أنه رمى بعد الزوال، وكان قد قال صلى الله عليه وسلم "خذوا عني مناسككم"[صحيح مسلم:ح1297/310]، وجاء ذلك في حديث عبد الله ابن عمر، وفي حديث جابر[أخرجه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم قبل حديث1746، ومسلم في صحيحه:ح1297/310] وفي أحاديث غيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمى جمرة، الجمار أيام التشريق إذا زالت الشمس أو حين زالت الشمس أو كما قال عمر: "كنا نتحين زوال الشمس فإذا زالت رمينا"[البخاري:ح1746] يعني إذا دخل وقت الظهر.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن الوارد في ذلك فعلٌ، والآية فيها التعجل في يومين، واليوم يبتدئ من طلوع الفجر فللحاج أن يتعجل برمي جمرة العقبة أول النهار وينصرف ولو قبل الزوال، ولو كان من المتعجلين في اليوم الثاني عشر، وهذا مذهب أبي حنيفة،[الهداية وشرحها(2/184)، وهو قول عن أحمد(الفروع3/518-520)] وهو المنقول عن طاووس وجماعة من التابعين -رضي الله تعالى عنهم ورحمهم-، وهذا القول له حظٌ من النظر ولذلك إذا احتاج إليه الإنسان وأخذ به فلا أرى أن عليه حرجًا في ذلك.
المذيع: جميل، إذًا يا شيخنا بهذه الأفعال تقريباً ينتهي الحاج من أعمال الحج.
الشيخ: بالنسبة للمتعجل، أما المتأخر فإنه يبقى ليلة الثالث عشر ويصبح يوم الثالث عشر، ويمكث حتى تزول الشمس فإذا زالت الشمس رمى جمرة العقبة ثم ارتحل، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، خرج بعد أن رمى جمرة العقبة بعد الزوال وصلى في خارج منى، صلى في المحصب حيث نزل -صلوات الله وسلامه عليه-، وذلك لانتهاء أعمال الحج برمي الجمار في يوم الثالث عشر.
المذيع: بعد ذلك شيخنا إذا كان هناك بعض الحجاج عندهم مواعيد للتفويج وإلى آخر ذلك فهل يذهب ويبقى في أي مكان في مكة غير منى بعد انتهاء الثلاثة أيام؟
الشيخ: نعم، إذا ذهب إذا انتهت هذه الأيام سواء متعجل أو متأخر له أن يجلس حيث شاء، بعض الحجاج يجلسون في منى؛ لأنه ليس لهم مكانٌ فلا حرج في أن يجلسوا في منى إذا لم يكن لهم مكان تخييم أو مكان نزول إلا هذا الموضع، لكن جميع الحجاج إذا أرادوا الخروج من مكة فإنه يجب عليهم على الصحيح من قول العلماء يجب عليهم ألا يغادروا مكة إلا بعد طواف الوداع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَنفِرَنَّ أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت»[أخرجه مسلم في صحيحه:ح1327/379]، وجاء عن ابن عباس أنه قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض"[أخرجه البخاري في صحيحه:ح1755]، فيجب على كل قادرٍ أن يطوف للوداع قبل أن يغادر، فطواف الوداع الصحيح من قول العلماء، وهو قول الجمهور أنه واجبٌ[الأحناف(المبسوط4/61)، والشافعية على الأظهر(المجموع8/284)، والحنابلة(الإنصاف للمرداوي4/45)] لمن أراد مفارقة مكة بعد الحج.
المذيع: جميل، طيب معنا اتصال يا شيخنا من أحمد من السعودية تفضل يا أحمد.
السائل:السلام عليكم.
المذيع: سلام ورحمة الله، حياك الله
السائل: لو سمحت، زوجتي -إن شاء الله- طالعة الحج ولكن ستكون في فترة الحيض.
المذيع: معنا اتصال آخر، طيب إلى أن يجهز معنا الاتصال، باقي نقطة يا شيخ نركز عليها.
الشيخ: ما يتعلق بطواف الوداع، طواف الوداع النبي -صلى الله عليه وسلم- لما خرج مكث في المحصب وبقي فيه -صلوات الله وسلامه عليه- بقية يوم الثالث عشر، ونام بعد العشاء شيئًا ثم رقد رقدةً ثم استيقظ وحرك إلى البيت، وطاف طواف الوداع -صلوات الله وسلامه عليه- وصلى الفجر في عرفة، عفوًا صلى الفجر في الكعبة في البيت بعد أن فرغ من طوافه ثم إنه ارتحل -صلوات الله وسلامه عليه- صبيحة يوم الرابع عشر، وهذا يدل على أن الحجاج إذا فرغوا من حجهم فليتسهلوا إلى بلدانهم في أسرع ما يكون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سار بهذا الوقت القصير لقوله: «إذا سافر أحدكم فقضى نَهْمَتَه» أي حجته من سفره «فليعَجِّل العودة إلى أهله فإن السفر قطعة من العذاب»[صحيح البخاري:ح1804] كما في الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- فليعجل السفر والرجوع إلى أهله ويحتسب الأجر في اتباع السنة في ذلك.
ما يتعلق بمن يخفف عنهم طواف الوداع هم: الحائض، فإذا حاضت المرأة فإنها لا تطوف طواف الوداع، المريض الذي لا يستطيع الطواف لا راكبًا ولا محمولاً فإنه لا يجب عليه طواف الوداع أما من استطاع أن يطوف راكبًا فالواجب عليه أن يطوف راكبًا، فإن أم سلمة شكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنها شاكية تقول: شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني شاكية فقال لها: «طوفي من وراء الناس وأنت راكبة»[صحيح البخاري:ح464] فدل ذلك على جواز الطواف راكبًا، وأن طواف الوداع يلزم حتى المريض إذا كان يستطيع أن يأتي به على حال من الركوب يراعي حالته، لكن إذا كان لا يستطيع لا راكبًا ولا محمولًا فهذا واجب من الواجبات يسقط بعدم الاستطاعة.
وأيضًا هنا مسألة بعض الحجاج يخشى فوات أصحابه وذهابهم أو أنه يضيق عليه الوقت بسبب الزحام فيخشى فوات الرحلة فهنا يجوز له ترك الطواف في هذه الحال لحاجته.
هل يجب في ترك الطواف هنا دم؟
للعلماء قولان: منهم من يقول أنه يجب دم، والراجح أن من عذر في ترك الطواف فلا يجب عليه دمٌ.
المذيع: شيخنا، نستأذنك في فاصل أخير، وإن شاء الله لنا عودة بإذن الله تعالى في برنامج مناسك، وأيضًا نستقبل مشاركات مشاهدينا الكرام سواء على تويتر في هشتاج مناسك أو من خلال اتصالاتك الهاتفية، فاصلٌ قصير ولنا عودة بإذن الله ابقوا معنا.
المذيع: أهلاً بكم متابعينا وفي الجزء الأخير من حلقتنا لهذا اليوم ونذكركم بأرقام التواصل ستظهر -إن شاء الله- في أسفل الشاشة وأيضًا هشتاج مناسك في تويتر سنقرأ من خلاله مشاركاتكم وأسئلتكم التي نطرحها على فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح، حياك الله شيخنا.
الشيخ: أهلاً وسهلاً.
المذيع: باقي لنا مسائل نختم بها.
الشيخ: فيما يتعلق بطواف الوداع هو سبعة أشواط يسن بعدها أن يصلي ركعتين ثم ينصرف، ويجعل طواف الوداع في نهاية إقامته في مكة، فلا يشتغل بعد طواف الوداع بما يتعلق بأشغال المقيمين من ذهاب إلى الأسواق أو ما أشبه ذلك، لكن إن اشترى شيئًا وهو في طريقه أو قضى حاجةً وهو في سبيله إلى جهته فلا حرج عليه، أو أنه انتظر الرفقة أحيانًا تكون مجموعة فينتهي بعضهم ويحتاج إلى أن ينتظر بقية أصحابه ومرافقيه ففي هذه الحال هذا الانتظار لا حرج فيه ولو طالت مدته هذا ما يتصل بما يتعلق بطواف الوداع وهو آخر ما يفعله القادم إلى مكة بحج إذا أراد المغادرة.
المذيع: نستعرض أسئلة المشاهدين، كانت أم أحمد من مصر تسأل عن أنها حجت متمتعة وسعت سعيًا واحدًا تقول هذا صحيح؟
الشيخ: ما فعلته هو أحد قولي العلماء من أهل العلم من يرى أن المتمتع عليه سعيٌ واحد يجزئه عن حجه وعمرته، وبالتالي إذا طاف وسعى وقصر في عمرته فإنه يكون بعد ذلك يجب عليه طوافٌ واحد وهو طواف الإفاضة دون سعيٍ بعده، وإلى هذا ذهب جماعة من أهل العلم، وهو رواية في مذهب أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية[مجموع الفتاوى26/38]، واستندوا في ذلك إلى أحاديث منها حديث عائشة والذي فيه أنهم: فلم يطوفوا إلا طوافًا واحدًا[صحيح البخاري:ح1556] فدل ذلك على يعني بين الصفا والمروة، لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا الذي كان في أول قدومهم، استدلوا بهذا والذي يظهر والله تعالى أعلم ما عليه الجمهور من أن المتمتع عليه طوافان طواف لحجه وطواف لعمرته وعليه سعيان سعي لحجه وسعي لعمرته.[نقل الإجماع على ذلك ابن رشد(بداية المجتهد1/344]
والأمر في هذا قريب من أخذ بذلك القول وسار عليه فلا حرج عليه، وهي قد أخذت بهذا القول فلا شيء عليها نسأل الله لها القبول.
المذيع: آمين، طيب يا شيخنا سعي الحج هذا يجوز تأخيره مع طواف الوداع ولا فقط؟
الشيخ: فيما يتعلق بالسعي، السنة أن يكون بعد طواف الإفاضة لكن هنا مسألة أنت أشرت إليها وهي أن كثيرًا من الناس يسأل يقول: أنا يصعب علي الذهاب إلى مكة لطواف الإفاضة فأجعل طوافي عند خروجي وأحتسبها عن طواف الوداع فهذا لا حرج فيه على الصحيح وهو قول جمهور العلماء، يكفي أن يطوف طوافًا واحدًا لحجه طواف الحج ويكفيه عن طواف الوداع، ولو سعى بعده سعي الحج لا حرج في هذا وهو صحيح، لكن كثيرًا من الناس يشتبه عليه، فينوي طواف الوداع، وهنا أنبه من أخر طواف الإفاضة فإن الذي ينبغي عليه أن ينوي أنه طواف الحج ولا يحتاج أن ينوي طواف الوداع؛ لأن طواف الوداع يحصل بالمقصود بالعمل الجاري، وهو أنه طاف، لم ينفر من البيت، لم ينفر من مكة إلا أن آخر عهده بالبيت فلذلك ينبغي أن ينوي أنه طواف الحج ولا يحتاج أن ينوي أنه طواف الوداع، لا يحتاج فهذا مشمول تبعًا ولو نوى لا بأس، لكن ينوي بالأصالة أنه طواف الحج طواف الزيارة، نعم.
المذيع: شيخنا، بالنسبة لأهل مكة ليس لديهم طواف وداع طبعًا صحيح؟
الشيخ: نعم، الذي يقيم في مكة ليس عليه طواف وداع إنما يطوف طواف الزيارة، طواف الحج الذي يكون يوم العيد.
المذيع: يجوز له أن يؤخره شيخنا؟
الشيخ: نعم يجوز له أن يؤخره،لكن يبقى عليه كما ذكرنا التحلل الثاني؛ لأن التحلل الثاني لا يحصل إلا بتمام الطواف وإن كان معه سعيٌ فبتمام الطواف والسعي.
المذيع: أخونا أحمد من السعوية كان يسأل أن زوجته ستذهب إلى الحج، ولكنها ستكون حائضًا؟
الشيخ: نعم الحائض، الحيض لا يمنع من الحج، ولذلك لما حاضت عائشة -رضي الله تعالى عنها- من سرف ووجدت لذلك ألمًا وبكت وقالت: "وددت أني لم أحج في عامي هذا"؛ لأجل ما أصابها من الحيض قال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم» يعني هو أمرٌ مألوف وأمرٌ جاري عليك وعلى غيرك من بنات آدم «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت»[صحيح البخاري:ح294]، فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تفعل ما يفعل الحاج بجميع الأعمال من وقوف بعرفة، من المجيء إلى منى، من الوقوف بمزدلفة، من رمي الجمار وغير ذلك من الأعمال التي يعملها الحاج «غير أن لا تطوفي بالبيت»، فإن الحائض لا تطوف بالبيت إلا بعد أن تطهر ويكون بعده السعي، فعلى هذا إذا حاضت امرأتك تحرم من الميقات كسائر النساء، ثم بعد ذلك إذا جاءت البيت وما زال عليها الحيض تنتظر، ثم إذا طهرت تغتسل وتذهب وتطوف للعمرة إن كان قبل عرفة، وإن كان جاءها الحج فتدخل الحج على العمرة إن كانت أحرمت بالعمرة، وإن كانت حجت مفردة أو قارنة فتبقى على إحرامها إلى أن ترمي جمرة العقبة يوم العيد.
المذيع: جزاكم الله خيرًا شيخنا، طيب فيه اتصال معنا من أخونا باسم من السعودية تفضل يا باسم.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله.
المذيع: عليكم السلام ورحمة الله، حياك الله.
السائل: الله يحييك، ودي أسأل الشيخ أنا مقيم بالسعودية ومسافر بعد الحج، مقيم في مكة ومسافر بعد الحج هل علي طواف وداع؟
الشيخ: مسافر سفر نهائي يعني؟
السائل: لا، زيارة، مسافر إلى بلادي زيارة.
المذيع: شكرًا لك يا باسم تسمع الإجابة -إن شاء الله-، وقفنا عند سؤال أو نجيب أخونا باسم.
الشيخ: طيب فيما يتعلق بقوله صلى الله عليه وسلم:« لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت»[تقدم] شامل لكل من خرج عن مكة مغادرًا بعد النسك من غير أهلها خروجًا نهائيًا بمعنى أنه خارج لا يريد، انتهى سفره الذي جاء من أجله إلى الحج، وأخونا يقول: إني مقيم في مكة وأريد أن أسافر إلى زيارة أهلي ثم أرجع إلى مكة، فلو طاف فذاك حسن لكن لو ترك الطواف باعتبار أنه خروج عارض وليس خروجًا مغادرة نهائية فالأمر له وجهة نظر والذي يظهر لي الأحوط له أن يطوف قبل سفره عند خروجه.
المذيع: جميل، معنا يا شيخنا أم أحمد من مصر تفضلي يا أم أحمد
السائلة: السلام عليكم، معلش أنا آسفة كنت معكم لي سؤال ثاني
المذيع: تفضلي يا أم أحمد.
السائلة: شكرًا، حضرتك المتمتع بعد أن يعمل عمرة التمتع، هناك وقتٍ كبير بين عمرة التمتع وبين يوم التروية، هل في هذا الوقت يمكن أن أذهب إلى التنعيم، وأن أحرم من هناك وأرجع أعمل عمرة أو اثنين أو ثلاثة؟
المذيع: تنوين في هذا الوقت أنك تستفيدين بأكثر من عمرة؟
السائلة: أستفيد بأكثر من عمرة.
المذيع: طيب فيه سؤال آخر يا أم أحمد؟
السائلة: شكرًا
المذيع: شكرًا لك يعطيك العافية، شيخنا، نجيب أم أحمد.
الشيخ: الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم وقت التنزيل، وأحرص الناس على الخير وخير القرون أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم في اليوم الرابع من ذي الحجة، ثم أمر أصحابه أن يطوفوا ويسعوا ويتحللوا، فتحللوا في اليوم الرابع بقي الخامس والسادس والسابع بقي ثلاثة أيام قبل الحج لأن الحج تبتدأ أعماله في اليوم الثامن، لم ينقل عن أحدٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتمر بعد أن تحلل بين عمرته وبين الحج، بل بقوا في منازلهم ينتظرون متحللين مستبيحين ما أباح الله تعالى لهم، ينتظرون مجيء وقت الحج، ولذلك أنا أوصي جميع الحجاج ألا يكرروا العمرة؛ لأنه لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوصِ بها، ولم يفعلها أحدٌ من أصحابه، فإن رغب بعد ذلك في العمرة فليكن بعد فراغه من حجه أما في هذه الفترة التي بين حجه ولو طالت مدتها بعد فراغه من عمرته وفي انتظار الحج يبقى مشتغلاً بالطاعة والإحسان، ولو رغب في الطواف وفي تكراره فلا بأس، وهو خيرٌ من أن يخرج للمجيء بعمرات متتابعة.
المذيع: جميل، في هشتاج مناسك، أختنا سحر عبد العزيز تسأل بما هي صفة الصلاة بأيام الحج للحاج هل تجمع أم تقصر؟
الشيخ: إذا كان الحاج مسافرًا فإنه يقصر ويصلي كل صلاة بوقتها ولا يجمع إلا لحاجة، وأما إن كان من أهل الإقامة فإنه في أيام الحج إذا كان في عرفة وفي مزدلفة وفي منى فإنه يقصر فيما يظهر والله تعالى أعلم؛ لأن هذه المناسك وهذه البقاع خارج عن مكة ولو أحاطت بها مكة كمنى من بعض جهاتها لكنها معزولة منفصلة عن مكة تحول بينها وبين مكة الجبال التي تفصل بينها وبين مكة فإذا خرج فقد سافر، وبالتالي له أن يقصر ولو كان من أهل مكة في منى وفي مزدلفة وفي عرفة هذا الأقرب والله تعالى أعلم.
المذيع: أيام التشريق يصليها كاملة شيخنا؟
الشيخ: يصليها قصرًا في منى أما إذا صلى في مكة فإنه يصليها تمامًا؛ لأنه يكون قد زال عنه وصف السفر، وقد جاء عن عبد الله بن عباس أنه سئل -رضي الله تعالى عنه- قالوا له: ما بالنا نصلي أربعًا في مكة ونصلي ركعتين في منى؟ قال: "تلك السنة".
المذيع: طيب جميل.. وأيضًا تكمل سؤالها، هل السنن ما قبل وبعد الصلاة تؤدى في الحج؟
الشيخ: لا علاقة لها بالحج هي في السفر إذا كانت مسافرةً فإنه المسافر لا يصلي الرواتب، الراتبة التي قبل الظهر والتي بعدها، والراتبة التي بعد المغرب، والراتبة التي بعد العشاء، يعني عشر ركعات لا يصليها- الركعتان بعد المغرب وبعد العشاء هذه أربعة والركعتان بعد الظهر وأربعًا قبل الظهر- هذه لا يصليها هذه الرواتب التي يتركها وما عدا هذا من الصلوات يصليها المسافر، فيصليها الحاج كصلاة الوتر وصلاة الضحى وبين كل أذانين صلاة وغير ذلك من الصلوات التي تندب وتشرع للمسلم في يومه وليلته.
المذيع: طبعًا نذكر المشاهدين أنه على هاشتاج مناسك -إن شاء الله- نقرأ أسئلتكم، وهنا أيضًا سؤال من أخينا عزيز يقول: أنا مقيمٌ في أوربا ولم أحج بعد، فهل يجوز أن أقوم بالعمرة أثناء السنة؟
الشيخ: نعم، كونك لم يتيسر لك الحج فهذا لا يمنعك من أن تعتمر، فالنبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في السنة السادسة وحيل بينه وبين إتمامها، وفي السنة السابعة وفي السنة الثامنة، ولم يحج -صلى الله عليه وسلم حجة الإسلام إلا في السنة العاشرة، فيجوز أن يشتغل الإنسان بالعمرة قبل مجيء الحج، لكن إذا كان الإنسان عنده مال وهو بين أن يوفره لعمرةٍ وبين أن يوفره لحجٍّ فبالتأكيد أن يوفره للحج أولى؛ لأن الحج ركنٌ وفرضٌ وهو دعامة من دعائم الإسلام، فتوفير المال له أولى من صرفه في عمرةٍ يمكن أن تكون مع حجه؛ لأنه إذا جاء الحج يستطيع أن يكون متمتعًا أو قارنًا فيكون في سفره قد جمع بين نسكين بين العمرة والحج، لكن إن كان يقول: والله الحج عندنا له ترتيب ودور، وأنا لن يصلني الدور إلى الآن وثمة مدة قد تكون طويلة لا أدري متى يأتي فأنا معي مال أريد أن أعتمر، فنقول: في هذه الحالة اعتمر لأنه ما فيه تحقق بالوقت الذي يأتيك النصيب في أن تأتي إلى الحج.
المذيع: هنا سؤال شيخنا من أبو إبراهيم يسأل: أن زوجتي مقيمة خارج المملكة، وأنا في جدة هل يجوز خروجها من بلدها محرمةً بدون محرم أم تحرم من الميقات عندما تأتي؟
الشيخ: ما فهمت السؤال أعد لو سمحت.
المذيع: يقول: زوجتي مقيمة خارج المملكة وهو في جدة هل يجوز خروجها من بلدها محرمة بدون محرم أو تحرم من الميقات عندما تأتي؟
الشيخ: هي تحرم من الميقات؛ لأن المواقيت هي التي جُعلت للإحرام، الإحرام قبل الميقات مكروه على الصحيح من قول أهل العلم إلا إذا كان ثمة مصلحة أو حاجة كالذي يركب طائرة مثلاً ولا يتيسر له مكان للبس الإزار والرداء فيحرم من المطار قبل إقلاعه فهذا لحاجةٍ أحرم، والمقصود بالإحرام هنا التلبية وليس لبس الإزار والرداء، يعني أحيانًا إذا طارت الطائرة يشك المحرم أو من يريد النسك أنه سيبلغ بوقت الإحرام فيلبي قبل الوقت، فإذا كان يقصد إذا كان يقصد التلبية بالإحرام قبل المكان إذا دعت إليه حاجة فلا بأس، أما إذا كان يقصد أن يتهيأ بلبس الإزار والرداء في بلده أو في مكانه ثم يركب الطائرة وإذا حازى الميقات قال: لبيك عمرة فلا حرج عليه في هذا؛ لأن لبس الإزار والرداء هذا ليس إحرامًا، الإحرام هو في عقد القلب ونية الدخول في النسك.
المذيع: جميل طيب، شيخنا نحن وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة ولعل -إن شاء الله- حلقة الغد ستكون -بإذن الله- هي الأخيرة لمشاهدينا الكرام، إذا كان من كلمة صغيرة.
الشيخ: نعم أنا أوصي إخواني وأخواتي بالاجتهاد في ت