أيهما أفضل: العمرة في رمضان أم في ذي القعدة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / مناسك / أيهما أفضل: العمرة في رمضان أم في ذي القعدة؟
أيهما أفضل: العمرة في رمضان أم في ذي القعدة؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالعمرة في رمضان ورد فيها الحديث الذي في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنه؛ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لامرأة: «عُمْرَةٌ فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً»، وفي روايةٍ لهما: «حَجَّةٌ مَعِي» البخاري (1782)، ومسلم (221). ففضيلة عمرة رمضان بيِّنة الأجر والثواب، وجمهور العلماء على أن هذا الفضل عام لكل مَنِ اعتمر في رمضان. وذهب بعضهم إلى أنه خاص بأم سنان صاحبة القصة رضي الله عنها، حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مَنَعَكِ مِنَ الْحَجِّ؟»، قالت: أبو فلان - تعني زوجها - كان له ناضحان حج على أحدهما، والآخر يسقي أرضًا لنا، فقال لها صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي؛ فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً» البخاري (1863)، ومسلم (222).، وفي بعض كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما قد يُفهَم منه هذا، لكن الذي عليه عامة العلماء وكثير من أهل الحديث، أن الفضل ليس خاصًّا بالمرأة، بل هو عام لكل مَن اعتمر في رمضان، ولذلك بوَّب البخاري على هذا الحديث بقوله: باب عمرة في رمضان.
فإن قيل: كيف تعدل العمرة في رمضان حجة، والعمل في الحج أكثر؟!
قيل: إن هذا نظير قول النبي صلي الله عليه وسلم في سورة الإخلاص: «إِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثُ الُقْرَآنِ» البخاري (6643). ، مع أنها أربع آيات، فكذلك العمرة في رمضان تعدِل أجر الحج، وإن كانت أقل منه أعمالًا وكلفةً وعناءً ومشقةً. وأما ما يتعلق بالمفاضلة بين عمرة رمضان وعمرة ذي القعدة، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فضيلة خاصة للعمرة في ذي القعدة، إنما الذي ورد أن عُمَرَهُ - صلى الله عليه وسلم - كلها كانت في ذي القعدة البخاري (1778)، ومسلم (217). ، فلما اختار الله هذا الوقت للنبي صلى الله عليه وسلم في العمرة اختلف العلماء في المفاضلة بين عمرة في رمضان أو عمرة في ذي القعدة؛ فذهب جمهور العلماء إلى أن عمرة رمضان أفضل البحر الرائق 3/63، القوانين الفقهية 1/95، المجموع شرح المهذب 7/148، المبدع لابن مفلح 3/107.؛ لثبوت فضليتها بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وعمرة النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة لم يثبت لها فضلية خاصة، إلا فضل موافقة فعله صلى الله عليه وسلم. وأما قول من يقول في الاعتراض على فضيلة عمرة رمضان: إنه لم يُنقل عن الصحابة أنهم كانوا يعتمرون في رمضان، فالجواب أنه لا يلزم لثبوت فضيلة عمل أن يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، فضلاً عن غيره، ففضائل الأعمال تثبت بقوله صلى الله عليه وسلم أو فعله.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله المفاضلة بين عمرة رمضان وعمرة ذي القعدة، فقال: "وأما المفاضلة بينه وبين الاعتمار في رمضان فموضع نظر؛ فقد صح عنه أنه أمر أم معقل لما فاتها الحج معه أن تعتمر في رمضان، وأخبرها أن عمرة في رمضان تعدل حجة. وأيضًا فقد اجتمع في عمرة رمضان أفضل الزمان وأفضل البقاع/ ولكن الله لم يكن ليختار لنبيه صلى الله عليه وسلم في عمره إلا أولى الأوقات وأحقها بها، فكانت العمرة في أشهر الحج نظير وقوع الحج في أشهره، وهذه الأشهر قد خصها الله تعالى بهذه العبادة وجعلها وقتًا لها، والعمرة حج أصغر، فأولى الأزمنة بها أشهر الحج، وذو القعدة أوسطها، وهذا مما نستخير الله فيه، فمن كان عنده فضل علم فليرشد إليه" زاد المعاد (2/ 90). .