×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

زاد الحاج والمعتمر / دروس الحج / قوة الحجاج في عموم المغفرة للحجاج / الدرس(2) من قول المؤلف "وهذا حينا الشروع في المقصود فيما قصدت"

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

تقدم أن البحث في مسألة "مغفرة التبعات"، وهو ما أشار إليه بقوله:(قوة الحجاج في عموم المغفرة للحجاج)، وتقدم تحرير محل النزاع، وقلنا: المتفق عليه في المغفرة هو الصغائر. لا خلاف بين أهل العلم في أن الحج يكفر الصغائر لما جاء في الصحيحين من حديث أبي حازم عن أبي هريرة: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» والحديث بروايته يفيد هذا المعنى. - بقي موضع النزاع في أمرين: الأمر الأول: في مغفرة الحج للكبائر، وفي مغفرة الحج للتبعات. - الفرق بين الكبائر والتبعات: أن (الكبائر): ذنوب في حق الله -عز وجل- من عظائم الإثم، و(التابعات): حقوق الخلق. وحقوق الخلق يشمل كل حقوقهم سواء في أنفسهم أو في أموالهم أو في أعراضهم أو في دمائهم كل هذا يندرج فيما يتعلق بالتابعات. فيما يتصل ب(الكبائر) جمهور العلماء على أن الكبائر لا تتدخل في المغفرة، وإنما أحاديث المغفرة تشمل الصغائر فقط، وذهب طائفة من أهل العلم إلى إعمال الإطلاق، وتكلمنا عن هذا في الدرس السابق، ويضيق دائرة الخلاف في التبعات. فعامة العلماء على أن التبعات لا تغفر بمكفرات الذنوب بل لا بد من استباحة أصحابه، ويستدلون لذلك بالأحاديث التي فيها ما يدل على أن الحقوق لا تسقط إلا بالتحلل والاستباحة. من ذلك ما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان عنده لأخيه مظلمة فليتحلله منها قبل أن لا يكون درهم ولا دينار، إنما هي الحسنات فيأخذ من حسناته، ويعطى أو إذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم فوضعت عليه» هذا يدل على أن حقوق العباد ليست داخله في المغفرة؛ لأن النبي  صلى الله عليه وسلم موجه فيها إلى التحلل والاستباحة، وأيضا استدلوا لذلك بما في الصحيح من حديث عبد الله بن عمر أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين»، وفي رواية قتله في سبيل الله «يغفر كل شيء إلا الدين»، وقالوا: إذا كان الدين لا يغفر وهو من (التبعات)، ومن حقوق الخلق فما هو أعظم منه من باب أولى؛ لأن الدين حق لغيرك عليك، والغالب أنه يثبت برضاه فكيف بدمه وعرضه، وسائر حقوقه التي أخذت منه بغير حق الأمر فيها عظم، فإذا كان الجهاد، والشهادة في سبيل الله لا تقوى على مغفرة الدين مع أنه مالا خرج من يد صاحبه برضاه فكيف بغيره عمد المغفرة به من باب أولى هكذا قالوا، وماذا تروه؟ وجيه لكن يبقى النظر في ثبوت هذا الحديث.  إذا ثبت هذا الحديث روايات حديث عباس ابن مرداس الذي فيه مغفرة الله –عز وجل- التبعات لعباده فعند ذلك يقال: إن هذا فضل ثبت للحج، والله –عز وجل- سيرضي صاحب الحق بما يرضيه به من عطائه؛ ولهذا نضيف ما رواه في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «من أخذ أموال الناس يريد أدائها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله» فجعل النية مؤثرة في إيش؟ في المؤاخذة وعدمه، في الإعانة على الوفاء وتحمل رب العالمين فلما كان القصد سليما صحيحا تحمل الله تعالى عن العبد (فمن أخذها يريد أدائها أد الله عنه) إما في "الدنيا" بإعانته على الوفاء، وإما في "الآخرة" بأن يعوض صاحب الحق حقه؛ ولذلك التابعات إذا تاب منها العبد، وصح قصده ونيته في وفاء أصحاب الحقوق وعجز فإن كرم الله وفضله يستوعبه، ويشمله فيؤدي الله تعالى عنه الحق استنادا إلى هذا الحديث؛ لأن أخذ أموال الناس هنا هو نوع من الحقوق التي لهم فإذا أخذها يريد أدائها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها النية فاسدة ليس مراده رد الحقوق إلى أهلها إنما جحده حقوق الناس فهذا عقوبتهم ذكر النبي  صلى الله عليه وسلم : «أتلفه الله في الدنيا وفي الآخرة». أتلفه الله في محك بركت المال الذي أخذه، وأتلفه في الآخرة بتحمل الأوزار التي يتحملها بسبب حقوق الناس وأموالهم. إذا: مسألة مغفرة التبعات هي منوطه بالحديث إذا ثبت الحديث قيل: لمقتضاه، ويكون مبينا لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«رجع كيوم ولدته» وأنه يشمل الصغائر والكبائر والتبعات، وإذا لم يصح الحديث يبقى الأمر مترددا؛ لأن التبعات دلالة النصوص فيها الأصل أنها لا تغفر ولا تمحى إلا بالاستباحة؛ ولهذا كتب ابن رجب –رحمه الله- هذه الرسالة لتحقيق عفوا. ولذلك كتب لبن حجر رحمه الله هذه الرسالة؛ لتحقيق ثبوت الروايات، والذي يتضح من عرض ابن حجر رحمه الله للروايات أنه يقوي الحديث فيرى أن حديث التبعات، وإن كان ضعيفا لكن تعدد طرقه يوجب ثبوته، ويقوي الاحتجاج به في عموم المغفرة للحجاج، ولو كان ذلك في التبعات. نرجع نقرأ الآن الرسالة التي أول المتن هو ذي حكاية للروايات التي وردت في ذلك ثم تعليق على الروايات ببيان الرجال وأحوالهم من الذي جاء ذكرهم في الروايات، والإشارة إلى بعض المعني فليست برسالة مطولة مختصرة يمكن أن تقرأ في مجلس واحد. "بسم الله الرحمن الرحيم"، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.. • فقال الحافظ بن حجر رحمه الله في رسالته الموسومة "بقوة الحجاج في عموم المغفرة للحجاج"،:" وهذا حينا الشروع في المقصود فيما قصدت، وعلى الله الكريم اعتمدت، وبتيسيره اعتضدت. أما حديث عباس ابن مرداس فقال عبد الله بن أحمد بن حنبل في (زيادة المسند) مسند أبيه: حدثنا "إبراهيم بن الحجاج" حدثنا "عبد القاهر بن السري" حدثنا "عبد الله بن كنانة بن العباس بن مرداس" عن أبيه أن أباه حدثه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- دعا عشية "عرفة" لأمته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدعاء فأجابه الله –عز وجل-: (أن قد فعلت وغفرت لأمتك إلا ظلم بعضهم بعضا)، فقال: " يا رب"، إنك قادر أن تغفر للظالم، وتثيب المظلوم خيرا من مظلمته فلم يكن تلك العشية إلا ذا يعني إلا هذا العطاء، لم يكن تلك العشية إلا أن الله تعالى قال: (قد غفرت لأمتك إلا ظلم بعضهم لبعض) وهذا يفيد: أن الذي أعطاه في عشية عرفة مغفرة الذنوب الصغائر والكبائر دون التبعات؛ ولذلك قال: (فلم يكن تلك العشية إلا ذا): أي إلا ما تقدم من عطاء الله ومغفرته للذنوب صغيرها وكبيرها نسال الله من فضله فلما كان  • فلما كان غدو غداة المزدلفة فعاد يدعو لأمته، فما لبس النبي  صلى الله عليه وسلم أن تبسم، فقال بعض أصحابه: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي ضحكت في ساعة لم تكن تضحك فيها فما أضحكك أضحك الله سنك؟ قال: «تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله عز وجل-  قد استجابة لي في أمتي وغفر للظالم، أفوا يدعو بالثبور والويل، ويحثو التراب على وجهه ورأسه فتبسمت مما يصنع من جزعه». • وقال الطبراني في المعجم الكبير حدثنا معاذ بن المثنى وآخرون قالوا: أنبأنا أبو الوليد الطيالسي (زاد معاذ)، وأنبأنا عيسى بن إبراهيم قال: "حدثنا عبد القاهر بن السري" عن "ابن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي" عن أبيه عن جده عباس بن مرداس، وذكره. وقال في روايته: (إلا ظلم بعضهم بعضا، فأما ما بيني وبينهم فقد غفرتها). وقال فيها: «فلما كانت غداة المزدلفة» أعاد الدعاء، فأجابه: إني قد غفرت. قال: فتبسم فذكره مثله إلى قوله على رأسه. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، ولفظه كلفظ رواية الطبراني، وفي أكثر الروايات لم يسمى بابن كنانة، وقد سماه بعضهم عن "عبد القاهر بن السري". فقال: ابن ماجة حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي. حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي. حدثنا عبد الله بن كنانة عباس بن مرداس السلمي أن أباه أخبره عن أبيه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب: (إني قد غفرت لهم ما خلا الظالم، فإني آخذ للمظلوم منه). فقال: «أي رب إن شئت أعطيت المظلوم الجنة وغفرت للظالم». فلم يجب عشية عرفة، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل، قال: فضحك رسول الله  صلى الله عليه وسلم أو قال سر. فقال له أبو بكر وعمر –رضي الله عنهما-، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها؛ فما الذي أضحكك؟ أضحك الله سنك. قال: «إن عدو الله "إبليس" لما علم أن الله قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور، فضحكت لما رأيته من جزعه».  وأخرج ابن عدي، عن علي بن سعيد، عن أيوب بن محمد بهذا السند، وسمي ابن كنانة (عبد الله) كما عند ابن ماجة، وقال في سياقه عن أبيه العباس بن مرداس، وفيه دعا ربه، وفيه: (أن الله أجابه بالمغفرة لأمته إلا ظلم بعضهما بعضا، فإنه يأخذ للمظلوم من الظالم)، فأعاد الدعاء، فقال: «أي رب إنك قادر أن تثيب المظلوم خيرا من مظلمته الجنة، وتغفر لهذا الظالم». وفيه: فأجابه الله –عز وجل-: (إني قد فعلت) ولم يقل: أو سر. وفيه: ضحكت أن الخبيث إبليس حين علم أن الله استجاب دعائي. وأخرج أبو داود هذا الحديث في السنن فقال في كتاب الأدب: حدثنا عيسى بن إبراهيم البركي. حدثنا عبد القاهر بن السري، عن ابن كنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه عن جده: ضحك رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر أو عمر: أضحك الله سنك، وساق الحديث وسكت عليه أبو داود  هذه الروايات التي ساقها المصنف –رحمه الله- عن الحديث عن عباس بن مرداس –رضي الله عنه- في بيان مغفرة الحج لعموم الذنوب، ومنه التبعات روايات متعددة: - أولها: بدأ بما ذكره الإمام بما ذكر في مسند الإمام أحمد في زوائد "عبد الله" وفيه دعاء النبي  صلى الله عليه وسلم عشية "عرفة" رواية بطولها مذكورة في مسند الإمام أحمد من طريق "عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس" عن أبيه أن أبيه حدثه عن أبيه؛ أي: (كنانة) أن أباه: أي أبا كنانة وهو عباس بن مرداس فهو الصحابي، أن أباه حدثه أن النبي  صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة إلى آخر ما ذكر في الحديث، وهذا الحديث قد يقول قائل فيه غرابة من حيث إن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال له أصحابه لما تبسم: يا رسول الله "بأبي أنت وأمي" ضحكت في ساعة لم تكن تضحك فيها فما أضحكك؟ أضحك الله سنك. هذه الساعة. هل قولهم في ساعة لم تكن تضحك فيها هل هذا بالنظر إلى الوقت في سائر الأيام أو الوقت في تلك الحال؟ الذي يظهر أنه ذلك الوقت في سائر الأيام، وليس الوقت في ذلك المكان؛ لأن النبي  صلى الله عليه وسلم  لم يكن مع أصحابه في مزدلفة إلا ذلك اليوم فليس شيئا معهودا حتى يقولوا له لم تكن تفعله قبل ذلك، إنما هو لم يكن يفعله في سائر أيامه أو في تلك الحال حال كونه داعيا ومتضرعا إلى ربه، وليس المقصود (لم تكن تفعله في ذلك) المكان؛ لأن ذلك المكان ليس معهودا فيه شئن للنبي  صلى الله عليه وسلم حتى يقال: لم تكن تضحك فيها. فما أضحكك؟ والحديث فيه أيضا شؤم إبليس، وعظيم عداوته لبني آدم حيث إن كل ما يسر بني آدم وكل ما ينفعهم يغيظه، ويدخل الحزن عليه، وهذه قاعدة مطردة فكل ما يكون خيرا للناس في دينهم أو دنياهم هو مما يدخل به السوء والشر على الشيطان؛ ولذلك جاء في الصحيح من حديث "الأعمش" عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «إذا قرأ ابن آدم فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله أمر ابن آدم فسجد وأمرت بالسجود فلم اسجد» وهذا يدل على شدة الغيظ الذي يصيبه من استقامة الإنسان، وإنعام الله تعالى علي، ومنه هذا الذي أخبر به النبي  صلى الله عليه وسلم أن الشيطان لما علم بمغفرة الله تعالى لعباده التابعات أهو يدعو بالثبور والويل ويحثو التراب على وجهه ورأسه فتبسم النبي  صلى الله عليه وسلم  مما يصنع من جزعه وعظيم فضل الله –عز وجل- على بني آدم. هذه هي الرواية الأولى. - أما الرواية الثانية: فذكرها في معجم الطبراني، وساقها بطريق غير الطريق السابق يلتقي في عبد القاهر بن السري، عن الراوي، عن ابن كنانة لكن الذي في رواية الطبراني لم يسمى ابن كنانة، وابن كنانة قيل: هو "عبد الله" كما جاء في رواية "عبد الله" في زوائد المسند، وقيل: "نعيم" كما سيأتي في بعض الروايات الأخرى فهو لم يسمى في رواية الطبراني؛ ولذلك قال البيهقي وأخرجه البيهقي في السنني، ولفظه كلفظ رواية الطبراني، وفي أكثر الروايات التي عند الطبراني وكذلك عند البيهقي لم يسمى ابن كنانة. وقد سماه بعضهم عن عبد القاهر بن السري طبعا والتسمية مهمة؛ لأنه يختلف به الحكم على الرجل فهل هو نعيم بن كنانة أم هو عبد الله بن كنانة؟ وأكثر الروايات على أنه عبد الله بن كنانة كما جاء ذلك في زوائد المسند. وذكر المصنف –رحمه الله- طريقة البيهقي، وفيه موافقة البيهقي لزوائد المسند بتسمية ابن كنانة بأنه "عبد الله بن كنانة" حيث قال فيما أخرجه قال –رحمه الله-: حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي. قال: حدثنا عبد القاهر بن السري، وعليه مدار الحديث السلمي حدثنا. قال: حدثنا عبد الله بن كنانة، وذكر الحديث قريبا من حديث عبد الله بن أحمد في المسند.  - ثم ذكر رواية بن عدي، ورواية بن عدي فيها تسميت ابن كنانة وأنه عبد الله، وليس فيها زيادة على ما تقدم، ومثله رواية أبي داود إلا أن رواية أبي داود لم يسمي فيها ابن كنانة، ولم يذكر الحديث بطوله إنما ذكر طرفا منه، وقد أشار الحافظ بن حجر –رحمه الله- إلى أن الذي أخرجه أبو داود هو طرف من الحديث الذي أخرجه أبو داود فقط جزء من الحديث، وليس كل الحديث وهو قول النبي  صلى الله عليه وسلم  قول أبي بكر وعمر للنبي  صلى الله عليه وسلم : أضحك الله سنك دون ذكر القصة بتمامها. • ملخص ما تقدم من الطرق: مداره على عبد القاهر بن السري عن ابن كنانة عن أبيه عن عباس بن مرداس –رضي الله عنه-. الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.. أتلخص لن مما تقدم أن الطرق التي عدها المصنف –رحمه الله- دائرة على عبد القاهرة بن السري، عن ابن كنانة، عن أبيه، عن عباس بن مرداس –رضي الله عنه-. يعلق المصنف –رحمه الله- على هذه الروايات ولاسيما الرواية الأخيرة التي ذكرها أبو داود وهي طرف من الحديث. يقول: وسكت عليه أبي داود فهو صالح عنده. (سكت عليه): أي سكت على هذا الإسناد على هذا الحديث، سكوت أبي داود يدل على أنه صالح عنده، وهذا المعنى مشهور بين أهل الحديث، وهو أن سكوت أبي داود عن حديث أخرجه في سننه يجعله صالحا عنده، والمعنى الصالح معنى وصفهم الحديث بأنه صالح؛ يعني يصلح للاحتجاج والاعتضاد به، وبعضهم يقول: إنه حسن. وقد كتب ذلك الحافظ أبو داود –رحمه الله- في رسالته لأهل مكة تضمن الإفادة بأن ما سكت عنه في سننه بأنه صالح للاحتجاج. وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- فيما ذكره أبي داود. هل هو كما وصف بأنه صالح أو لا؟ وهذه المسألة مسألة نسبية؛ لأن الاجتهاد في النظر في الأسانيد، هو معلوم عند أهل العلم، وتتفاوت نظراتهم في الرجال قوة وضعفا، وتقوية وتوهيه لكن في الجملة الذي يتلخص فيما يتعلق فيما سكت عنه أبو داود أنه متفاوت، وليس على درجة واحدة كما ذكر الحافظ بن الحجر –رحمه الله- في (النكت على ابن الصلاح) فإنه تعرض لهذه المسألة، وقال: ما سكته عنه أبو داود منه ما هو في الصحيحين، ومنه ما هو على شرط الصحيح، ومنه ما هو يصلح للاعتضاد والاحتجاج، ومنه ما هو ضعيف لكن لا يصل إلى درجة الموضوعات أو شديد الضعف هذا ما يتبين به أن ما ذكره أبو داود لا ينزل عن درجة الاستشهاد به والاحتجاج للتقوية، ولا يفيد هذا ثبوت الحديث مطلقا لسكوت أبي داود عنه، ولا يفيد أيضا ضعف الحديث بل منه ما في مرتبة ما في الصحيحين، ومنه ما هو صحيح على شرط الصحيح، ومنه ما هو صالح للاحتجاج، ومنه ما هو ضعيف لكنه ليس بشديد الضعف، وهذا قد ينضم إلى المرتبة الثالثة. في كل الأحوال (قولهم صالح) يدل على أنه يصلح للاعتضاد والاحتجاج به، وتقوية الروايات الأخرى إذا جاءت من طرق، ومن أوجه آخر فإنه يصلح أن يحتج به للتقوية. قال –رحمه الله-: (وسكت عليه أبي داود) فهو صالح عنده ثم عاد إلى ذكر من أخرج الحديث، وسياق طرق حديث مغفرة التبعات يقول –رحمه الله- وقد أخرجه. •وقد أخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في (الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين) من طرق عن عبد القاهر بن السري. فمدار الحديث على "عبد القاهر بن السري". كل ما تقدم الآن من روايات وطرق مدارها على "عبد القاهر بن السري". الآن ينتقل المصنف –رحمه الله- إلى ذكر طرق أخرى غير هذا الطريق الذي مداره على عبد القاهر فيقول –رحمه الله-: قال البيهقي • قال البيهقي: هذا الحديث له شواهد كثيرة قد ذكرناها في كتاب "البعث" فأن صح في شواهده ففيه الحجة. يعني إن قوية شواهده على إثباته ففيه الحجة على ماذا؟ على مغفرة التابعات بالحج، على أن المغفرة بالحج تشمل حقوق العباد هذا كلام البيهقي -رحمه الله-، ولعله لم يجزم واضح إنه لم يجزم -رحمه الله- هنا؛ لأن المسألة محل نظر ومحط تأمل وقد يتبين فيها للعالم ما يجزم به في موقف؛ ولذلك أناط الحجية والثبوت بصحة الشواهد. قال: فإن صح بشواهده ففيه الحجة. قلت: هذا كلام ابن حجر -رحمه الله- • قلت: جاء أيضا عن عبادة بن الصامت، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبي هريرة، وزيد جد عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد. هذا كم طريق؟  الآن هذه الطرق عن جماعة من الصحابة تعددت مخارج هذا الحديث، فرواه من الصحابة عباس بن مرداس في (تقدمت الطرق)، ورواه أيضا عبادة بن الصامت، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، ورواه أيضا أبي هريرة، وزيد جد عبد الرحمن بن زيد بن عبد الله بن زيد فهذه الطرق سيأتي الآن فيما نستقبل كلام المصنف على كل طريق من هذه الطرق، وهنا نعرف إنه الآن الحديث تعددت مخارجه لو بقى على ما هو عليه في الطرق السابقة كان للحديث مخرج واحد وهو "طريق عبد القاهر عن بن كنانة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: الحديث. لكن الآن تعددت الطرق فعندنا حديث عبادة، وحديث أنس، وحديث عبد الله إلى آخر ما ذكر المصنف -رحمه الله-. - يبدأ بذكر هذه الطرق طريقا طريقا. يقول: أما حديث عبادة بن الصامت • أما حديث عبادة بن الصامت فأخرجه عبد الرزاق في مصنفه، والطبراني في المعجم الكبير من طريقه عن معمر، عن من سمع قتادة يقول: حدثنا خلاس بن عمرو، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم «أيها الناس إن الله عز وجل تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم إلا التبعات فيما بينكم، ووهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، فادفعوا بسم الله». هذا في "عرفة" فلما كان  • فلما كان بجمع قال: «إن الله قد غفر لصالحيكم، وشفع صالحيكم في طالحيكم، ينزل المغفرة فيعمهم، ويفرق المغفرة في الأرض فتقع على كل تائب ممن حفظ لسانه ويده، وإبليس وجنوده على جبال "عرفات"، ينظرون ما يصنع الله بهم، فإذا نزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل، يقول: كنت أستفزهم حقبا من الدهر، ثم جاءت المغفرة فغشيتهم؟ فيتفرقون وهم يدعون بالويل والثبور». ورجال هذا السند ثقات، إلا الذي سمع "قتادة"، ولم يسمه "معمر" فإنه إن كان ثقة فهو شرط الصحيح؛ وإن كان ضعيفا فهو عاضد للسند الذي قبله، وقد سمع معمر من قتادة كثيرا، لكنه بين أن بينه وبين "قتادة" فيه واسطة. وهذا يضعف فيه الحديث بأن الذي بين معمر وقتادة مجهول، وافتراض أن يكون صحيحا فيصح الحديث أو ضعيفا فيضعف الحديث هذه افتراضات عقلية لكن من حيث الحكم على الإسناد هذا إسناد منقطع ضعيف؛ لأن الراوي بين معمر وقتادة مجهول فلا يعلم حاله. هل هو ضعيف؟ هل هو قوي؟ هل هو متوسط الحال؟ فإذا كان صحيح فهو صحيح، وإن لم يكن صحيحا فهو ضعيف قوله –رحمه الله- فيما ذكر: وإن كان ضعيفا فهو عاضد للسند الذي قبله هذا محل تأمل؛ يعني لأنه لا يصح أن يقال: إنه عاضد، والإسناد مجهول لا يعلم صاحبه. هل هو شديد الضعف؟ هل هو كذاب؟ لكن يبعد هم يستبعدون في مثل هذا أن يروي مثل معمر على جلالة قدره، ومكانته عن وضاع ولا يبين لكن أيضا لا يمكن أن يعتمد على مثل هذا في إثبات أنه عاضد لمجرد كونه قد روي دون معرفة حال الراوي. ففي قوله –رحمه الله-: وإن كان ضعيفا فهو عاضد يحتاج إلى تأمل؛ لأنه إذا كان مجهولا فهو لا يعلم حاله، وما درجة ضعفه، ومن شرط العاضد أن يكون الضعف غير قوي ولا شديد. واضح يا إخوان واضح الكلام. الآن هو إشكالية الإسناد (إسناد حديث عبادة) –رضي الله عنه- في جهالة الراوي بين معمر وقتادة. فقال الحافظ في سياق تقوية الحديث والاحتجاج به قال:  إن كان صحيحا فهو يكون صحيحا مثبتا برأسه، ويكون حديث عباس بن مرداس -رضي الله عنه- عاضدا له فإن كان ضعيفا (الراوي ضعيفا). قال: وإن كان ضعيفا فهو عاضد للسند الذي قبله كونه عاضد للسند الذي قبله يحتاج إلى أن نطبق شروط تقوية الحديث بتعدد الطرق، وشرط ذلك أن يكون رواة الحديث ممن لم يشتد ضعفهم، وهذا غير بين ولا واضح في حديث راويه مجهول، وبالتالي لا نستطيع أن نقول: إن هذا يصلح أن يكون عاضدا على وجه الإطلاق حتى يتبين من هو المجهول. واضح. وأما حديث أنس الحديث الثاني • وأما حديث أنس فأخرجه أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي في (مسنده) قال: حدثنا إبراهيم بن حجاج، والسامي البصري. أنبأنا صالح المري، عن يزيد الرقاشي عن أنس: سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله تطول على أهل عرفات يباهي بهم الملائكة يقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي شعثا غبرا، أقبلوا يضربون إلي من كل فج عميق، فأشهدكم أني قد أجبت دعاءهم، وشفعت رغبتهم، ووهبت مسيئهم لمحسنهم، وأعطيت محسنيهم جميع ما سألوني؛ غير التبعات التي بينهم. فإذا أفاض القوم إلى جمع، ودفعوا وعادوا في الرغبة والطلب إلى الله تعالى فيقول الله تعالى: "يا ملائكتي عبادي وقفوا، فعادوا في الرغبة والطلب، فأشهدكم أني قد أجبت دعاءهم، وشفعت رغبتهم ، ووهبت مسيئهم لمحسنهم، وأعطيت محسنيهم جميع ما سألوني، وكفلت عنهم التبعات التي بينهم» وهذا السند ضعيف، فإن صالحا المري وشيخه ضعيفان. شيخه هو يزيد الرقاشي، وبهذا يكون هذا الإسناد ضعيف؛ لضعف هذه لكنه ضعف ليس بشديد فإن مثل هذا يصلح في الشواهد. • وقد أخرجه أحمد بن منيع في مسنده من وجه آخر عن صالح المري، وذكره الحافظ المنذري في الترغيب من رواية عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك قال: وقف النبي  صلى الله عليه وسلم ب"عرفات" وقد كادت الشمس أن تغرب، فقال: "يا بلال، أنصت الناس. فقال: أنصتوا لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  فصنت الناس. فقال: «معاشر الناس، أتاني جبرائيل آنفا، وأقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله -عز وجل- غفر لأهل "عرفات" وأهل "المشعر" وضمن عنهم التبعات» فقام عمر، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاصة؟ قال: «هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة». فقال عمر: كثر والله خير الله وطاب. • قلت: إن ثبت سنده إلى "عبد الله بن المبارك" فهو على شرط الصحيح فقد أخرج "البخاري" من رواية "الزبير بن عدي" حديثا، و"مسلم" من روايته حديثا آخر، وقد أخرج "مسدد بن مسرهد" في مسنده لهذه الطريق شاهدا من وجه آخر مرسل رجاله ثقات، ولكنه ليس بتمامه. إذا ذكر الآن هنا شاهدين لكنه أناط ذلك بسلامة السند من الحافظ المنذر إلى "عبد الله بن المبارك" فقد قال: وقد أخرج "أحمد بن منيع" في مسنده من وجه آخر عن "الصالح المري"، وذكره الحافظ في الترغيب من رواية عبد الله، فمن رواية عبد الله بن المبارك إلى منتهى السند لا بأس به إسناده صحيح وهو على شرط الصحيح، وقد أخرج له البخاري كما ذكر له المصنف -رحمه الله- من رواية الزبير بن عدي لكن الشأن في النظر فيما دون ذلك فيما دون عبد الله بن مبارك الإسناد، وهذا لم يذكر فيه المصنف –رحمه الله- ثبوتا إنما قال: إن صحح. • وأما حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿واستغفروا الله ۚ إن الله غفور رحيم﴾ [البقرة:199]. • عن مجاهد قال: إذا كان يوم "عرفة" هبط الله إلى السماء الدنيا في ملائكة فيقول لهم: "عبادي أمنوا بوعدي وصدقوا رسولي ما جزائهم؟ فيقال: أن تغفر لهم كذلك قوله تعالى: ﴿ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم﴾ [البقرة:199]". • ثم قال: حدثني مسلم بن حاتم الأنصاري. حدثنا بشار بن بكير الحنفي. أنبأنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع، عن ابن عمر قال: خطبنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم عشية "عرفة"، فقال: «أيها الناس إن الله تطول عليكم في مقامكم هذا، فقبل من محسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، ووهب سيئكم لمحسنكم، إلا التبعات فيما بينكم، أفيضوا على اسم الله». فلما كان غداة جمع قال: «أيها الناس، إن الله قد تطول عليكم في مقامكم، فقبل من محسنكم، ووهب سيئكم لمحسنكم، والتبعات عوضها من عنده أفيضوا على اسم الله». فقال أصحابه: يا رسول الله، أفضت بنا بالأمس حزينا، وأفضت بنا اليوم فرحا مسرورا! قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «إني سألت ربي بالأمس شيئا لم يجد لي به، سألته التبعات فأبى علي، فلما كان اليوم أتاني جبريل فقال: "إن ربك يقرئك السلام ويقول: ضمنت التبعات، وعوضتها من عند». وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن محمد بن عبد الرحمن بن مخلد، عن سهل بن موسى. حدثنا مسلم بن حاتم الأنصاري، وأخرجه أبو نعيم أيضا من مسند الحسن بن سفيان قال: حدثنا إسماعيل بن هود. قال: حدثنا أبو هشام. قال: حدثنا عبد الرحيم بن هارون الغساني، عن عبد العزيز بن أبي رواد فذكره باختصار. • ولحديث ابن عمر طرق أخرى أخرجها أبو حاتم بن حبان في (كتاب الضعفاء) من رواية "يحي بن عنبسة"، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: وقف بنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم عشية "عرفات"، فلما كان عند الدفعة استنصت الناس. فأنصتوا. فقال: «أيها الناس، إن ربكم تطول عليكم في يومكم هذا» فذكر الرواية السابقة بطولها إلى قوله: «ادفعوا بسم الله». وزاد: فقام أعرابي فأخذ بزمام الناقة فقال: يا رسول الله. والذي بعثك بالحق ما من عمل إلا عملته، وإني لا أحلف على اليمين الفاجرة، فهل أدخل فيمن وقف. فقال: «يا أعرابي. أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟» قال: نعم بأبي أنت. فقال: «يا أعرابي. إنك إن تحسن فيما تستأنف يغفر لك». وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو حاتم ابن حبان أيضا في (كتاب الضعفاء) هذا المخرج الرابع تقدم حديث عبادة، وأنس، وعبد الله بن عمر –رضي الله عنه-، وهذا حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-. • وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو حاتم ابن حبان أيضا في (كتاب الضعفاء)، والدارقطني في (غرائب مالك مما ليس في الموطأ) من رواية أبي عبد الغني الحسن بن على الأردني، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان يوم "عرفة" غفر الله للحاج، وإذا كان ليلة "المزدلفة" غفر الله للتجار، فإذا كان يوم "منى" غفر الله للحمالين، فإذا كان يوم جمرة "العقبة" غفر الله للسؤال  • غفر الله للسؤال، فلا يشهد ذلك الموضع أحد إلا غفر له». قال ابن حبان في الضعفاء، وقال الدارقطني: هذا حديث باطل، وضعه أبو عبد الغني على عبد الرازق. وأما حديث زيد فأخرجه يقصد بقوله: أبو عبد الغني وضعه أبو عبد الغني إلي هو "الحسن بن على الورداني"، ومثل هذا لا يصلح في المتابعات، ولا في التقوية والاعتضاد. • وأما حديث زيد فأخرجه "أبو عبد الله ابن منده" في (كتاب الصحابة) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن صالح بن عبد الله بن صالح، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد، عن أبيه، عن جده قال: وقف النبي  صلى الله عليه وسلم  عشية "عرفة" فقال: «يا أيها الناس، قد تطول الله عليكم في يومكم هذا، فوهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، وغفر لكم ما كان بينكم». وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات من حديث العباس بن مرداس، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة الآن فرغ المؤلف -رحمه الله- من ذكر الروايات، ذكر مخارج الحديث التي أشار إليها، وساقها؛ لتقوية حديث العباس بن مرداس. الآن يعود المصنف -رحمه الله- لبيان ماذا قال العلماء في هذه الروايات؟ - ابتدأ بذكر ما صنعوا "بن الجوزي" من ذكر هذه الأحاديث في كتاب (الموضوعات) حيث قال –رحمه الله- وقد أورد "ابن الجوزي" هذا الحديث حديث "العباس بن مرداس" الذي هو أصل هذه الرسالة، وعليه ورد السؤال في الموضوعات يقول –رحمه الله- • وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات من حديث العباس بن مرداس، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث عبادة بن الصامت. يعني من كل الطرق القائمة طالب: سوى طريق ابن زيد سوى طريق ابن زيد، وطريق أيضا أنس • وقال: قال ابن حبان كنانة منكر الحديث جدا، ولا أدري التخليط منه أو من ولده، وقال في حديث بن عمر من ولده: إلي هو إما أن يكون "عبد الله" أو يكون "ابن معين". نقف على هذا نستكمل إن شاء الله القراءة في الدرس القادم، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المشاهدات:4904

تقدم أن البحث في مسألة "مغفرة التبعات"، وهو ما أشار إليه بقوله:(قوة الحِجَاج في عموم المغفرة للحُجَاج)، وتقدم تحرير محل النزاع، وقلنا: المتفق عليه في المغفرة هو الصغائر. لا خلاف بين أهل العلم في أن الحج يكفر الصغائر لما جاء في الصحيحين من حديث أبي حازم عن أبي هريرة: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» والحديث بروايته يفيد هذا المعنى.

- بقي موضع النزاع في أمرين:

الأمر الأول: في مغفرة الحج للكبائر، وفي مغفرة الحج للتبعات.

- الفرق بين الكبائر والتبعات:

أن (الكبائر): ذنوبٌ في حق الله -عز وجل- من عظائم الإثم، و(التابعات): حقوق الخلق. وحقوق الخلق يشمل كل حقوقهم سواءٌ في أنفسهم أو في أموالهم أو في أعراضهم أو في دمائهم كل هذا يندرج فيما يتعلق بالتابعات.

فيما يتصل بـ(الكبائر) جمهور العلماء على أن الكبائر لا تتدخل في المغفرة، وإنما أحاديث المغفرة تشمل الصغائر فقط، وذهب طائفة من أهل العلم إلى إعمال الإطلاق، وتكلمنا عن هذا في الدرس السابق، ويضيق دائرة الخلاف في التبعات.

فعامة العلماء على أن التبعات لا تغفر بمكفرات الذنوب بل لا بد من استباحة أصحابه، ويستدلون لذلك بالأحاديث التي فيها ما يدل على أن الحقوق لا تسقط إلا بالتحلل والاستباحة. من ذلك ما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من كان عنده لأخيه مظلمة فليتحلله منها قبل أن لا يكون درهمٌ ولا دينار، إنما هي الحسنات فيأخذ من حسناته، ويعطى أو إذا فنيت حسناته أُخذ من سيئاتهم فوضعت عليه» هذا يدل على أن حقوق العباد ليست داخله في المغفرة؛ لأن النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موجه فيها إلى التحلل والاستباحة، وأيضًا استدلوا لذلك بما في الصحيح من حديث عبد الله بن عمر أن النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يغفر للشهيد كل شيءٍ إلا الدين»، وفي رواية قتله في سبيل الله «يغفر كل شيء إلا الدين»، وقالوا: إذا كان الدين لا يغفر وهو من (التبعات)، ومن حقوق الخلق فما هو أعظم منه من باب أولى؛ لأن الدين حقٌ لغيرك عليك، والغالب أنه يثبت برضاه فكيف بدمه وعرضه، وسائر حقوقه التي أُخذت منه بغير حق الأمر فيها عظم، فإذا كان الجهاد، والشهادة في سبيل الله لا تقوى على مغفرة الدين مع أنه مالًا خرج من يد صاحبه برضاه فكيف بغيره عمد المغفرة به من باب أولى هكذا قالوا، وماذا تروه؟ وجيه لكن يبقى النظر في ثبوت هذا الحديث. 

إذا ثبت هذا الحديث روايات حديث عباس ابن مرداس الذي فيه مغفرةُ الله –عز وجل- التبعات لعباده فعند ذلك يقال: إن هذا فضل ثبت للحج، والله –عز وجل- سيُرضي صاحب الحق بما يرضيه به من عطائه؛ ولهذا نضيف ما رواه في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من أخذ أموال الناس يريد أدائها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله» فجعل النية مؤثرة في إيش؟

في المؤاخذة وعدمه، في الإعانة على الوفاء وتحمل رب العالمين فلما كان القصد سليمًا صحيحًا تحمل الله تعالى عن العبد (فـمن أخذها يريد أدائها أد الله عنه) إما في "الدنيا" بإعانته على الوفاء، وإما في "الآخرة" بأن يعوض صاحب الحق حقه؛ ولذلك التابعات إذا تاب منها العبد، وصح قصده ونيته في وفاء أصحاب الحقوق وعجز فإن كرم الله وفضله يستوعبه، ويشمله فيؤدي الله تعالى عنه الحق استنادًا إلى هذا الحديث؛ لأن أخذ أموال الناس هنا هو نوعٌ من الحقوق التي لهم فإذا أخذها يريد أدائها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها النية فاسدة ليس مراده رد الحقوق إلى أهلها إنما جحده حقوق الناس فهذا عقوبتهم ذكر النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «أتلفه الله في الدنيا وفي الآخرة». أتلفه الله في محك بركت المال الذي أخذه، وأتلفه في الآخرة بتحمل الأوزار التي يتحملها بسبب حقوق الناس وأموالهم.

إذًا: مسألة مغفرة التبعات هي منوطه بالحديث إذا ثبت الحديث قيل: لمقتضاه، ويكون مبينًا لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«رجع كيوم ولدته» وأنه يشمل الصغائر والكبائر والتبعات، وإذا لم يصح الحديث يبقى الأمر مترددًا؛ لأن التبعات دلالة النصوص فيها الأصل أنها لا تغفر ولا تمحى إلا بالاستباحة؛ ولهذا كتب ابن رجب –رحمه الله- هذه الرسالة لتحقيق عفوًا.

ولذلك كتب لبن حجر رحمه الله هذه الرسالة؛ لتحقيق ثبوت الروايات، والذي يتضح من عرض ابن حجر رحمه الله للروايات أنه يقوي الحديث فيرى أن حديث التبعات، وإن كان ضعيفًا لكن تعدد طرقه يوجب ثبوته، ويقوي الاحتجاج به في عموم المغفرة للحجاج، ولو كان ذلك في التبعات.

نرجع نقرأ الآن الرسالة التي أول المتن هو ذي حكاية للروايات التي وردت في ذلك ثم تعليق على الروايات ببيان الرجال وأحوالهم من الذي جاء ذكرهم في الروايات، والإشارة إلى بعض المعني فليست برسالة مطولة مختصرة يمكن أن تقرأ في مجلسٍ واحد.

"بسم الله الرحمن الرحيم"، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد..

• فقال الحافظ بن حجر رحمه الله في رسالته الموسومة "بقوة الحِجَاج في عموم المغفرة للحُجاج"،:" وهذا حينا الشروع في المقصود فيما قصدت، وعلى الله الكريم اعتمدت، وبتيسيره اعتضدت.

أما حديث عباس ابن مرداس فقال عبد الله بن أحمد بن حنبل في (زيادة المسند) مسند أبيه: حدثنا "إبراهيم بن الحجاج" حدثنا "عبد القاهر بن السَّري" حدثنا "عبد الله بن كنانة بن العباس بن مرداس" عن أبيه أن أباه حدثه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- دعا عشية "عرفة" لأمته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدعاء فأجابه الله –عز وجل-: (أن قد فعلتُ وغفرت لأمتك إلا ظلم بعضهم بعضا)، فقال: " يا رب"، إنك قادرٌ أن تغفر للظالم، وتثيب المظلوم خيرًا من مظلمته فلم يكن تلك العشيةُ إلا ذا

يعني إلا هذا العطاء، لم يكن تلك العشية إلا أن الله تعالى قال: (قد غفرت لأمتك إلا ظلم بعضهم لبعض) وهذا يفيد: أن الذي أعطاه في عشية عرفة مغفرة الذنوب الصغائر والكبائر دون التبعات؛ ولذلك قال: (فلم يكن تلك العشية إلا ذا): أي إلا ما تقدم من عطاء الله ومغفرته للذنوب صغيرها وكبيرها نسال الله من فضله فلما كان 

• فلما كان غُدو غداة المزدلفة فعاد يدعو لأمته، فما لبس النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تبسم، فقال بعض أصحابه: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي ضحكت في ساعةٍ لم تكن تضحك فيها فما أضحكك أضحك الله سنك؟ قال: «تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله عز وجل-  قد استجابة لي في أمتي وغفر للظالم، أفوا يدعو بالثبور والويل، ويحثو التراب على وجهه ورأسه فتبسمت مما يصنع من جزعه».

• وقال الطبراني في المعجم الكبير حدثنا مُعاذ بن المثنى وآخرون قالوا: أنبأنا أبو الوليد الطيالسي (زاد معاذ)، وأنبأنا عيسى بن إبراهيم قال: "حدثنا عبد القاهر بن السري" عن "ابن كنانة بن عباسٍ بن مرداسٍ السلمي" عن أبيه عن جده عباس بن مرداس، وذكره.

وقال في روايته: (إلا ظلم بعضهم بعضًا، فأما ما بيني وبينهم فقد غفرتها).

وقال فيها: «فلما كانت غداة المزدلفة» أعاد الدعاء، فأجابه: إني قد غفرت.

قال: فتبسم

فذكره مثله إلى قوله على رأسه. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، ولفظه كلفظ رواية الطبراني، وفي أكثر الروايات لم يُسمى بابن كنانة، وقد سماه بعضهم عن "عبد القاهر بن السري". فقال: ابن ماجة حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي. حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي. حدثنا عبد الله بن كنانة عباس بن مرداس السُلمي أنَّ أباه أخبره عن أبيه أن رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب: (إني قد غفرت لهم ما خلا الظالم، فإني آخذ للمظلوم منه). فقال: «أي ربِّ إن شئت أعطيت المظلوم الجنة وغفرت للظالم». فلم يجب عشية عرفة، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأُجيب إلى ما سأل، قال: فضحك رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو قال سُرَّ. فقال له أبو بكر وعمر –رضي الله عنهما-، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إن هذه لساعةٌ ما كنت تضحك فيها؛ فما الذي أضحكك؟ أضحك الله سنك. قال: «إن عدو الله "إبليس" لما علم أن الله قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور، فضحكت لما رأيته من جزعه».  وأخرج ابن عدي، عن علي بن سعيد، عن أيوب بن محمد بهذا السند، وسمي ابن كنانة (عبد الله) كما عند ابن ماجة، وقال في سياقه عن أبيه العباس بن مرداس، وفيه دعا ربَّه، وفيه: (أن الله أجابه بالمغفرة لأمته إلَّا ظلم بعضهما بعضًا، فإنه يأخذ للمظلوم من الظالم)، فأعاد الدعاء، فقال: «أي ربَّ إنك قادر أن تثيب المظلوم خيرًا من مظلمته الجنَّة، وتغفر لهذا الظالم».

وفيه: فأجابه الله –عز وجلَّ-: (إني قد فعلتُ) ولم يَقُل: أو سُرَّ.

وفيه: ضحكت أن الخبيث إبليس حين علم أن الله استجاب دعائي. وأخرج أبو داود هذا الحديث في السنن فقال في كتاب الأدب: حدثنا عيسى بن إبراهيم البِركي. حدثنا عبد القاهر بن السري، عن ابن كنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه عن جده: ضحك رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقال أبو بكر أو عمر: أضحك الله سنك، وساق الحديث وسكت عليه أبو داود 

هذه الروايات التي ساقها المصنف –رحمه الله- عن الحديث عن عباس بن مرداس –رضي الله عنه- في بيان مغفرة الحج لعموم الذنوب، ومنه التبعات روايات متعددة:

- أولها: بدأ بما ذكره الإمام بما ذُكِر في مُسند الإمام أحمد في زوائد "عبد الله" وفيه دعاء النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشية "عرفة" رواية بطولها مذكورة في مُسند الإمام أحمد من طريق "عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس" عن أبيه أن أبيه حدثه عن أبيه؛ أي: (كنانة) أن أباه: أي أبا كنانة وهو عباس بن مرداس فهو الصحابي، أنَّ أباه حدثه أن النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا عشية عرفة إلى آخر ما ذكر في الحديث، وهذا الحديث قد يقول قائل فيه غرابة من حيث إن النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قال له أصحابه لما تبسم: يا رسول الله "بأبي أنت وأمي" ضحكت في ساعةً لم تكن تضحك فيها فما أضحكك؟ أضحك الله سنك.

هذه الساعة. هل قولهم في ساعةٍ لم تكن تضحك فيها هل هذا بالنظر إلى الوقت في سائر الأيام أو الوقت في تلك الحال؟

الذي يظهر أنه ذلك الوقت في سائر الأيام، وليس الوقت في ذلك المكان؛ لأن النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  لم يكن مع أصحابه في مزدلفة إلا ذلك اليوم فليس شيئًا معهودًا حتى يقولوا له لم تكن تفعله قبل ذلك، إنما هو لم يكن يفعله في سائر أيامه أو في تلك الحال حال كونه داعيًا ومتضرعًا إلى ربه، وليس المقصود (لم تكن تفعله في ذلك) المكان؛ لأن ذلك المكان ليس معهودًا فيه شئنٌ للنبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى يقال: لم تكن تضحك فيها. فما أضحكك؟

والحديث فيه أيضًا شؤم إبليس، وعظيم عداوته لبني آدم حيث إن كل ما يسر بني آدم وكل ما ينفعهم يغيظه، ويدخل الحزن عليه، وهذه قاعدة مطردة فكل ما يكون خيرًا للناس في دينهم أو دنياهم هو مما يدخل به السوء والشر على الشيطان؛ ولذلك جاء في الصحيح من حديث "الأعمش" عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قال: «إذا قرأ ابن آدم فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله أُمر ابن آدم فسجد وأُمرت بالسجود فلم اسجد» وهذا يدل على شدة الغيظ الذي يصيبه من استقامة الإنسان، وإنعام الله تعالى علي، ومنه هذا الذي أخبر به النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الشيطان لمَّا علم بمغفرة الله تعالى لعباده التابعات أهو يدعو بالثبور والويل ويحثو التراب على وجهه ورأسه فتبسم النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  مما يصنع من جزعه وعظيم فضل الله –عز وجلَّ- على بني آدم. هذه هي الرواية الأولى.

- أما الرواية الثانية: فذكرها في معجم الطبراني، وساقها بطريقٍ غير الطريق السابق يلتقي في عبد القاهر بن السري، عن الراوي، عن ابن كنانة لكن الذي في رواية الطبراني لم يسمى ابن كنانة، وابن كنانة قيل: هو "عبد الله" كما جاء في رواية "عبد الله" في زوائد المسند، وقيل: "نُعيم" كما سيأتي في بعض الروايات الأخرى فهو لم يسمى في رواية الطبراني؛ ولذلك قال البيهقي وأخرجه البيهقي في السنني، ولفظه كلفظ رواية الطبراني، وفي أكثر الروايات التي عند الطبراني وكذلك عند البيهقي لم يسمى ابن كنانة. وقد سماه بعضهم عن عبد القاهر بن السري طبعًا والتسمية مهمة؛ لأنه يختلف به الحكم على الرجل فهل هو نُعيم بن كنانة أم هو عبد الله بن كنانة؟ وأكثر الروايات على أنه عبد الله بن كنانة كما جاء ذلك في زوائد المسند.

وذكر المصنف –رحمه الله- طريقة البيهقي، وفيه موافقة البيهقي لزوائد المسند بتسمية ابن كنانة بأنه "عبد الله بن كنانة" حيث قال فيما أخرجه قال –رحمه الله-: حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي. قال: حدثنا عبد القاهر بن السري، وعليه مدار الحديث السلمي حدثنا. قال: حدثنا عبد الله بن كنانة، وذكر الحديث قريبًا من حديث عبد الله بن أحمد في المسند. 

- ثم ذكر رواية بن عدي، ورواية بن عدي فيها تسميت ابن كنانة وأنه عبد الله، وليس فيها زيادة على ما تقدم، ومثله رواية أبي داود إلا أن رواية أبي داود لم يسمي فيها ابن كنانة، ولم يذكر الحديث بطوله إنما ذكر طرفًا منه، وقد أشار الحافظ بن حجر –رحمه الله- إلى أن الذي أخرجه أبو داود هو طرفٌ من الحديث الذي أخرجه أبو داود فقط جزء من الحديث، وليس كل الحديث وهو قول النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قول أبي بكر وعمر للنبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أضحك الله سنك دون ذكر القصة بتمامها.

• ملخص ما تقدم من الطرق:

مداره على عبد القاهر بن السري عن ابن كنانة عن أبيه عن عباس بن مرداس –رضي الله عنه-.

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد..

أتلخص لن مما تقدم أن الطرق التي عدها المصنف –رحمه الله- دائرة على عبد القاهرة بن السري، عن ابن كنانة، عن أبيه، عن عباس بن مرداس –رضي الله عنه-.

يعلق المصنف –رحمه الله- على هذه الروايات ولاسيما الرواية الأخيرة التي ذكرها أبو داود وهي طرفٌ من الحديث.

يقول: وسكت عليه أبي داود فهو صالحٌ عنده. (سكت عليه): أي سكت على هذا الإسناد على هذا الحديث، سكوت أبي داود يدل على أنه صالحٌ عنده، وهذا المعنى مشهور بين أهل الحديث، وهو أن سكوت أبي داود عن حديثٍ أخرجه في سننه يجعله صالحًا عنده، والمعنى الصالح معنى وصفهم الحديث بأنه صالح؛ يعني يصلح للاحتجاج والاعتضاد به، وبعضهم يقول: إنه حسن. وقد كتب ذلك الحافظ أبو داود –رحمه الله- في رسالته لأهل مكة تضمن الإفادة بأن ما سكت عنه في سننه بأنه صالح للاحتجاج.

وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- فيما ذكره أبي داود. هل هو كما وصف بأنه صالح أو لا؟ وهذه المسألة مسألة نسبية؛ لأن الاجتهاد في النظر في الأسانيد، هو معلوم عند أهل العلم، وتتفاوت نظراتهم في الرجال قوةً وضعفًا، وتقويةً وتوهيه لكن في الجملة الذي يتلخص فيما يتعلق فيما سكت عنه أبو داود أنه متفاوت، وليس على درجةٍ واحدة كما ذكر الحافظ بن الحجر –رحمه الله- في (النكت على ابن الصلاح) فإنه تعرض لهذه المسألة، وقال: ما سكته عنه أبو داود منه ما هو في الصحيحين، ومنه ما هو على شرط الصحيح، ومنه ما هو يصلح للاعتضاد والاحتجاج، ومنه ما هو ضعيف لكن لا يصل إلى درجة الموضوعات أو شديد الضعف هذا ما يتبين به أن ما ذكره أبو داود لا ينزل عن درجة الاستشهاد به والاحتجاج للتقوية، ولا يفيد هذا ثبوت الحديث مطلقًا لسكوت أبي داود عنه، ولا يفيد أيضًا ضعف الحديث بل منه ما في مرتبة ما في الصحيحين، ومنه ما هو صحيح على شرط الصحيح، ومنه ما هو صالح للاحتجاج، ومنه ما هو ضعيف لكنه ليس بشديد الضعف، وهذا قد ينضم إلى المرتبة الثالثة.

في كل الأحوال (قولهم صالح) يدل على أنه يصلح للاعتضاد والاحتجاج به، وتقوية الروايات الأخرى إذا جاءت من طرق، ومن أوجه آخر فإنه يصلح أن يُحتج به للتقوية.

قال –رحمه الله-: (وسكت عليه أبي داود) فهو صالحٌ عنده ثم عاد إلى ذكر من أخرج الحديث، وسياق طرق حديث مغفرة التبعات يقول –رحمه الله- وقد أخرجه.

•وقد أخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في (الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين) من طرقٍ عن عبد القاهر بن السري.

فمدار الحديث على "عبد القاهر بن السري". كل ما تقدم الآن من روايات وطرق مدارها على "عبد القاهر بن السري".

الآن ينتقل المصنف –رحمه الله- إلى ذكر طرق أخرى غير هذا الطريق الذي مداره على عبد القاهر فيقول –رحمه الله-: قال البيهقي

• قال البيهقي: هذا الحديث له شواهد كثيرة قد ذكرناها في كتاب "البعث" فأن صح في شواهده ففيه الحُجة.

يعني إن قوية شواهده على إثباته ففيه الحجة على ماذا؟

على مغفرة التابعات بالحج، على أن المغفرة بالحج تشمل حقوق العباد هذا كلام البيهقي -رحمه الله-، ولعله لم يجزم واضح إنه لم يجزم -رحمه الله- هنا؛ لأن المسألة محل نظر ومحط تأمل وقد يتبين فيها للعالم ما يجزم به في موقف؛ ولذلك أناط الحُجية والثبوت بصحة الشواهد. قال: فإن صح بشواهده ففيه الحجة. قلت: هذا كلام ابن حجر -رحمه الله-

• قلت: جاء أيضًا عن عبادة بن الصامت، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبي هريرة، وزيد جد عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد.

هذا كم طريق؟ 

الآن هذه الطرق عن جماعة من الصحابة تعددت مخارج هذا الحديث، فرواه من الصحابة عباس بن مرداس في (تقدمت الطرق)، ورواه أيضًا عُبادة بن الصامت، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، ورواه أيضًا أبي هريرة، وزيد جد عبد الرحمن بن زيد بن عبد الله بن زيد فهذه الطرق سيأتي الآن فيما نستقبل كلام المصنف على كل طريقٍ من هذه الطرق، وهنا نعرف إنه الآن الحديث تعددت مخارجه لو بقى على ما هو عليه في الطرق السابقة كان للحديث مخرجٌ واحدٌ وهو "طريق عبد القاهر عن بن كنانة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: الحديث. لكن الآن تعددت الطرق فعندنا حديث عبادة، وحديث أنس، وحديث عبد الله إلى آخر ما ذكر المصنف -رحمه الله-.

- يبدأ بذكر هذه الطرق طريقًا طريقًا. يقول: أما حديث عبادة بن الصامت

• أما حديث عبادة بن الصامت فأخرجه عبد الرزاق في مصنفه، والطبراني في المعجم الكبير من طريقه عن معمر، عن من سمع قتادة يقول: حدثنا خلاس بن عمرو، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أيها الناس إن الله عز وجل تطوَّل عليكم في هذا اليوم فغفر لكم إلا التبعات فيما بينكم، ووهب مُسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، فادفعوا بسم الله».

هذا في "عرفة" فلما كان

 • فلما كان بجمعٍ قال: «إن الله قد غفر لصالحيكم، وشفَّع صالحيكم في طالحيكم، يُنزل المغفرة فيعمهم، ويفرق المغفرة في الأرض فتقع على كل تائبٍ ممن حفظ لسانه ويده، وإبليس وجنوده على جبال "عرفات"، ينظرون ما يصنع الله بهم، فإذا نزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل، يقول: كنت أستفزهم حقبًا من الدهر، ثم جاءت المغفرة فغشيتهم؟ فيتفرقون وهم يدعون بالويل والثبور».

ورجال هذا السند ثقات، إلا الذي سمع "قتادة"، ولم يسمه "مَعمر" فإنه إن كان ثقةً فهو شرط الصحيح؛ وإن كان ضعيفًا فهو عاضد للسند الذي قبله، وقد سمع معمر من قتادة كثيرًا، لكنه بيَّن أن بينه وبين "قتادة" فيه واسطة.

وهذا يضعف فيه الحديث بأن الذي بين معمر وقتادة مجهول، وافتراض أن يكون صحيحًا فيصح الحديث أو ضعيفًا فيضعف الحديث هذه افتراضات عقلية لكن من حيث الحكم على الإسناد هذا إسنادٍ منقطع ضعيف؛ لأن الراوي بين معمر وقتادة مجهول فلا يُعلم حاله. هل هو ضعيف؟ هل هو قوي؟ هل هو متوسط الحال؟

فإذا كان صحيحً فهو صحيح، وإن لم يكن صحيحًا فهو ضعيف قوله –رحمه الله- فيما ذكر: وإن كان ضعيفًا فهو عاضدٌ للسند الذي قبله هذا محل تأمل؛ يعني لأنه لا يصح أن يقال: إنه عاضد، والإسناد مجهول لا يعلم صاحبه. هل هو شديد الضعف؟ هل هو كذاب؟ لكن يبعد هم يستبعدون في مثل هذا أن يروي مثل معمر على جلالة قدره، ومكانته عن وضَّاع ولا يبين لكن أيضًا لا يمكن أن يعتمد على مثل هذا في إثبات أنه عاضد لمجرد كونه قد روي دون معرفة حال الراوي.

ففي قوله –رحمه الله-: وإن كان ضعيفًا فهو عاضد يحتاج إلى تأمل؛ لأنه إذا كان مجهولًا فهو لا يعلم حاله، وما درجة ضعفه، ومن شرط العاضد أن يكون الضعف غير قويٍ ولا شديد. واضح يا إخوان واضح الكلام.

الآن هو إشكالية الإسناد (إسناد حديث عبادة) –رضي الله عنه- في جهالة الراوي بين معمر وقتادة. فقال الحافظ في سياق تقوية الحديث والاحتجاج به قال: 

إن كان صحيحًا فهو يكون صحيحًا مثبتًا برأسه، ويكون حديث عباس بن مرداس -رضي الله عنه- عاضدًا له فإن كان ضعيفًا (الراوي ضعيفًا).

قال: وإن كان ضعيفًا فهو عاضدٌ للسند الذي قبله كونه عاضد للسند الذي قبله يحتاج إلى أن نطبق شروط تقوية الحديث بتعدد الطرق، وشرط ذلك أن يكون رواة الحديث ممن لم يشتد ضعفهم، وهذا غير بيِّن ولا واضح في حديثٍ راويه مجهول، وبالتالي لا نستطيع أن نقول: إن هذا يصلح أن يكون عاضدًا على وجه الإطلاق حتى يتبين من هو المجهول. واضح. وأما حديثُ أنس الحديث الثاني

• وأما حديثُ أنس فأخرجه أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي في (مسنده) قال: حدثنا إبراهيم بن حجاج، والسامي البصري. أنبأنا صالح المري، عن يزيد الرقاشي عن أنسٍ: سمعت رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «إن الله تطول على أهل عرفات يباهي بهم الملائكة يقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي شُعثًا غبرا، أقبلوا يضربون إلي من كل فجٍ عميق، فأشهدكم أني قد أجبت دعاءهم، وشفعت رغبتهم، ووهبت مُسيئهم لمحسنهم، وأعطيت مُحسنيهم جميع ما سألوني؛ غير التبعات التي بينهم. فإذا أفاض القوم إلى جمع، ودفعوا وعادوا في الرغبة والطلب إلى الله تعالى فيقول الله تعالى: "يا ملائكتي عبادي وقفوا، فعادوا في الرغبة والطلب، فأُشهدكم أني قد أجبت دعاءهم، وشفعت رغبتهم ، ووهبت مُسيئهم لمحسنهم، وأعطيت محسنيهم جميع ما سألوني، وكفلت عنهم التبعات التي بينهم» وهذا السند ضعيف، فإن صالحًا المري وشيخه ضعيفان.

شيخه هو يزيد الرقاشي، وبهذا يكون هذا الإسناد ضعيف؛ لضعف هذه لكنه ضعفٌ ليس بشديد فإن مثل هذا يصلح في الشواهد.

• وقد أخرجه أحمد بن منيع في مسنده من وجهٍ آخر عن صالح المُري، وذكره الحافظ المنذري في الترغيب من رواية عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك قال: وقف النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـ"عرفات" وقد كادت الشمس أن تغرب، فقال: "يا بلال، أنصت الناس. فقال: أنصتوا لرسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فصنت الناس. فقال: «معاشر الناس، أتاني جبرائيل آنفًا، وأقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله -عز وجل- غفر لأهل "عرفات" وأهل "المشعر" وضمن عنهم التبعات» فقام عمر، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاصة؟ قال: «هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة». فقال عمر: كثر والله خير الله وطاب.

• قلت: إن ثبت سنده إلى "عبد الله بن المبارك" فهو على شرط الصحيح فقد أخرج "البخاري" من رواية "الزبير بن عدي" حديثًا، و"مسلم" من روايته حديثًا آخر، وقد أخرج "مسدد بن مسرهد" في مسنده لهذه الطريق شاهدًا من وجهٍ آخر مرسل رجاله ثقات، ولكنه ليس بتمامه.

إذًا ذكر الآن هنا شاهدين لكنه أناط ذلك بسلامة السند من الحافظ المنذر إلى "عبد الله بن المبارك" فقد قال: وقد أخرج "أحمد بن منيع" في مسنده من وجهٍ آخر عن "الصالح المري"، وذكره الحافظ في الترغيب من رواية عبد الله، فمن رواية عبد الله بن المبارك إلى منتهى السند لا بأس به إسناده صحيح وهو على شرط الصحيح، وقد أخرج له البخاري كما ذكر له المصنف -رحمه الله- من رواية الزبير بن عدي لكن الشأن في النظر فيما دون ذلك فيما دون عبد الله بن مبارك الإسناد، وهذا لم يذكر فيه المصنف –رحمه الله- ثبوتًا إنما قال: إن صحح.

• وأما حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [البقرة:199].

• عن مجاهدٍ قال: إذا كان يوم "عرفة" هبط الله إلى السماء الدنيا في ملائكة فيقول لهم: "عبادي أمنوا بوعدي وصدقوا رسولي ما جزائهم؟ فيقال: أن تغفر لهم كذلك قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة:199]".

• ثم قال: حدثني مسلم بن حاتم الأنصاري. حدثنا بشار بن بكير الحنفي. أنبأنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع، عن ابن عُمر قال: خطبنا رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشية "عرفة"، فقال: «أيها الناس إن الله تطول عليكم في مقامكم هذا، فقبل من محسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، ووهب سيئكم لمحسنكم، إلا التبعات فيما بينكم، أفيضوا على اسم الله». فلما كان غداة جمع قال: «أيها الناس، إن الله قد تطول عليكم في مقامكم، فقبل من محسنكم، ووهب سيئكم لمحسنكم، والتبعات عوضها من عنده أفيضوا على اسم الله». فقال أصحابه: يا رسول الله، أفضت بنا بالأمس حزينا، وأفضت بنا اليوم فرحًا مسرورًا! قال رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إني سألت ربي بالأمس شيئًا لم يجُد لي به، سألته التبعات فأبى علي، فلما كان اليوم أتاني جبريل فقال: "إن ربك يقرئك السلام ويقول: ضمنت التبعات، وعوضتها من عند».

وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن محمد بن عبد الرحمن بن مخلد، عن سهل بن موسى. حدثنا مسلم بن حاتم الأنصاري، وأخرجه أبو نُعيم أيضًا من مُسند الحسن بن سفيان قال: حدثنا إسماعيل بن هود. قال: حدثنا أبو هُشام. قال: حدثنا عبد الرحيم بن هارون الغساني، عن عبد العزيز بن أبي رواد فذكره باختصار.

• ولحديث ابن عمر طرقٌ أخرى أخرجها أبو حاتم بن حِبّان في (كتاب الضعفاء) من رواية "يحي بن عنبسة"، عن مالكٍ، عن نافع، عن ابن عمر قال: وقف بنا رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشية "عرفات"، فلما كان عند الدفعة استنصت الناس. فأنصتوا. فقال: «أيها الناس، إن ربكم تطول عليكم في يومكم هذا» فذكر الرواية السابقة بطولها إلى قوله: «ادفعوا بسم الله». وزاد: فقام أعرابي فأخذ بزمام الناقة فقال: يا رسول الله. والذي بعثك بالحق ما من عمل إلا عملته، وإني لا أحلف على اليمين الفاجرة، فهل أدخل فيمن وقف. فقال: «يا أعرابي. أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟» قال: نعم بأبي أنت. فقال: «يا أعرابي. إنك إن تُحسن فيما تستأنف يغفر لك».

وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو حاتم ابن حِبّان أيضًا في (كتاب الضعفاء)

هذا المخرج الرابع تقدم حديث عُبادة، وأنس، وعبد الله بن عُمر –رضي الله عنه-، وهذا حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.

• وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو حاتم ابن حِبّان أيضًا في (كتاب الضعفاء)، والدارقطني في (غرائب مالك مما ليس في الموطأ) من رواية أبي عبد الغني الحسن بن على الأردني، عن مالكٍ، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان يوم "عرفة" غفر الله للحاج، وإذا كان ليلة "المزدلفة" غفر الله للتجُار، فإذا كان يوم "منى" غفر الله للحمَّالين، فإذا كان يوم جمرة "العقبة" غفر الله

للسؤال

 • غفر الله للسؤال، فلا يُشهد ذلك الموضع أحدٌ إلا غُفر له».

قال ابن حِبّان في الضعفاء، وقال الدارقطني: هذا حديثٌ باطل، وضعه أبو عبد الغني على عبد الرازق. وأما حديث زيد فأخرجه

يقصد بقوله: أبو عبد الغني وضعه أبو عبد الغني إلي هو "الحسن بن على الورداني"، ومثل هذا لا يصلح في المتابعات، ولا في التقوية والاعتضاد.

• وأما حديثُ زيد فأخرجه "أبو عبد الله ابن منده" في (كتاب الصحابة) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن صالح بن عبد الله بن صالح، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن زيدٍ، عن أبيه، عن جده قال: وقف النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  عشية "عرفة" فقال: «يا أيها الناس، قد تطول الله عليكم في يومكم هذا، فوهب مُسيئكم لمحسنكم، وأعطى مُحسنكم ما سأل، وغفر لكم ما كان بينكم».

وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات من حديث العباس بن مرداس، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة

الآن فرغ المؤلف -رحمه الله- من ذكر الروايات، ذِكر مخارج الحديث التي أشار إليها، وساقها؛ لتقوية حديث العباس بن مرداس. الآن يعود المصنف -رحمه الله- لبيان ماذا قال العلماء في هذه الروايات؟

- ابتدأ بذكر ما صنعوا "بن الجوزي" من ذكر هذه الأحاديث في كتاب (الموضوعات) حيث قال –رحمه الله- وقد أورد "ابن الجوزي" هذا الحديث حديث "العباس بن مرداس" الذي هو أصل هذه الرسالة، وعليه ورد السؤال في الموضوعات يقول –رحمه الله-

• وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات من حديث العباس بن مرداس، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث عبادة بن الصامت.

يعني من كل الطرق القائمة

طالب: سوى طريق ابن زيد

سوى طريق ابن زيد، وطريق أيضًا أنس

• وقال: قال ابن حِبّان كنانة منكر الحديث جدًا، ولا أدري التخليط منه أو من ولده، وقال في حديث بن عمر

من ولده: إلي هو إما أن يكون "عبد الله" أو يكون "ابن معين".

نقف على هذا نستكمل إن شاء الله القراءة في الدرس القادم، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94004 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف