×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

زاد الحاج والمعتمر / دروس الحج / مواعظ وتوجيهات / صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير، السراج المنير نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:- فإن الله تعالى خص يوم الجمعة بخصائص عديدة، وله فضائل كثيرة؛ منها ما هو قدري كوني، ومنها ما هو شرعي ديني، ومن الخصائص التي خص الله تعالى بها هذا اليوم المبارك، الذي جعله جامعا لفضائل الأيام فهو سيدها، وخيرها كما قال-صلوات الله وسلامه عليه-(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) هذا اليوم من خصائصه الشرعية استحباب كثرة الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيه، فإن الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- جاء فيها أمر الله تعالى بعد خبره، حيث قال -جل وعلا- ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي﴾+++ [الأحزاب:56]--- هذا خبر من الله تعالى عن صلاته، وصلاة ملائكته على النبي-صلوات الله وسلامه عليه- ثم عقب ذلك بذكر أمره أهل الإيمان بأن يصلوا على نبيه-صلوات الله وسلامه عليه- ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾+++ [الأحزاب:56]--- فأمر الله تعالى أهل الإيمان بأن يصلوا على سيد الأنام-صلوات الله وسلامه عليه- بعد خبره عن صلاته، وصلاة ملائكته؛ أما صلاة الملائكة، فصلاة الملائكة، أما صلاة الله-عز وجل- على نبيه فقيل هي: رحمته له، وقيل هي ذكره في الملأ الأعلى، كما قال ذلك أبو العالية فيما رواه البخاري -رحمه الله- في صحيحه، وقيل في معنى صلاة الله على نبيه إنها إعطاؤه الخير الكثير-صلوات الله وسلامه عليه- إعطاؤه الخير الكثير، وهذا المعنى الأخير هو أوسع المعاني في بيان المقصود بصلاة الله على نبيه، فمعنى - ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي﴾+++ [الأحزاب:56]--- صلاة الله على نبيه هو إعطاؤه الخير الكثير في الدنيا والآخرة، في حياته، وبعد موته، ويوم بعثه، ونشوره، وفي الجنة كما قال الله-جل وعلا-:﴿إنا أعطيناك الكوثر﴾+++ [الكوثر:1]--- فالكوثر هو خير كثير يسوقه الله للنبي الكريم-صلوات الله وسلامه عليه- ليس فقط الحوض المورود، ولا النهر المذكور في السنة مما يكون للنبي-صلى الله عليه وسلم- بل هو أوسع من ذلك فيشمل نصره، والذب عنه، وإظهار سنته، وإعلاء دينه، ونصر محبيه، وأتباعه كل هذا مما يندرج في الخير الكثير الذي أعطيه في الدنيا، وفي الآخرة شيء عظيم كثير من فضل الله يسوقه إلى رسوله-صلوات الله وسلامه عليه-، وأما صلاة ملائكته على النبي-صلى الله عليه وسلم-، والصلاة التي أمر الله تعالى المؤمنين بها أن يصلوا على النبي-صلى الله عليه وسلم- فمعناها سؤال الله أن يعطي رسوله خيرا كثيرا، فإذا قلت اللهم صلي على محمد فأنت تسأل الله-عز وجل- لرسوله خيرا كثيرا، وليس فقط أن يذكره في الملأ الأعلى بل ذاك مثال، وصورة من صور الخير الكثير الذي يسوقه الله تعالى للنبي الكريم-صلوات الله وسلامه عليه-، وقد ذكر الله -عز وجل- صلاته، وصلاة ملائكته؛ حثا للناس على امتثال أمره، وبيان أن صلاتهم عليه-صلوات الله وسلامه عليه- إنما هي لنفعهم هم، وأما رسولنا-صلوات الله وسلامه عليه-فإنه أدرك الفضل بصلاة الله، وصلاة ملائكته بصلاة الله أولا، وصلاة أشرف الخلق، أو من هم أشرف الخلق وهم الملائكة فصلاة الناس بعد ذلك  هي مزيد فضل يعود إليهم؛ ولذلك جاء فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث سعد ابن أبي وقاص-رضي الله تعالى عنه- أن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-قال: (من صلى عليا صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرة) فتبين بهذا أن المنتفع، والمستفيد من صلاته على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو المشتغل بالعبادة، هو المصلي نفسه فإن صلاته تعود بالنفع عليه إذ يدرك من صلاته على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مضاعفة الأجر والمثوبة عشر مرات فمن صلى عليه -صلى الله عليه وسلم- صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرة، ومن فضائل الصلاة على رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن الله يكشف بها الهموم، ويغفر بها الذنوب، فقد جاء في المسند، والسنن من حديث أبي ابن كعب-رضي الله تعالى عنه- أنه قال:(يا رسول الله، إني أصلي فكم أجعل لك من صلاتي، فقال له-صلى الله عليه وسلم- ما شئت قال الربع، قال: ما شئت وإن زدت فهو خيرا لك قال: النصف قال: ما شئت، النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول لأبي: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: أجعل لك صلاتي كلها فقال-صلوات الله وسلامه عليه-: إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك) فلك مصلحتين معجلة، ومؤجلة. المصلحة المعجلة: كفاية الهموم، وقوله: (تكفى همك) أي: يدفع الله تعالى عنك ما أهمك، والهم: هو ما ألحق بالإنسان ضيقا، وخوفا لأمر يكون في المستقبل، وهو مقابل للغم، فالغم يكون خوف، الغم هو ألم من حدث ماضي، وأما الهم: فهو ألم مما يكون في المستقبل، فقوله: (تكفى همك) أي: يدفع الله تعالى عنك ما تخشى ضرره، ومتى تتوقى شره فيما تستقبل من أيامك سواءكان ذلك في خاصة نفسك، أو في شأن من يهمك في ولدك، أو أهلك، أو مالك، أو بلدك، أو غير ذلك، فإن في ذلك جميعا مندرج في قوله-صلى الله عليه وسلم-(تكفى همك) فالهم هنا: مفرد مضاف، يفيد العموم، يشمل كل ما يهم الإنسان في خاصة نفسه، أو أهله، أو ولده، أو ماله، أو بلده، أو غير ذلك مما يهتم له الإنسان من حوادث الزمان المتوقعة والمستقبلة. وأما الفائدة الثانية التي يجنيها من الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فهي: مغفرة الذنوب قال-صلى الله عليه وسلم-: (ويغفر ذنبك)، ومغفرة الذنب ستره، والتجاوز عنه، هذا معنى المغفرة ، فالمغفرة تفيد فائدتين؛ الفائدة الأولى محو الذنب، وإزالته من الصحائف، والثاني: ستره فلا يخزيك الله تعالى بسيئة أو ذنب بل يسبغ عليك ستره، ويضع عليك كنفك فلا يعرف لك سوء، ولا تفضح بشيء من سيء عملك، فإن الذنب الذي يغفر ينال به الإنسان فائدتين؛  الفائدة الأولى: المحو والإزالة، والفائدة الثانية: الستر. فقوله-صلى الله عليه وسلم-:(يغفر ذنبك) أي: يغفر الله تعالى لك ذنوبك، والذنوب هنا تشمل الصغائر والكبائر، والسر والعلن، فإنه مفرد مضاف، والمفرد المضاف يفيد العموم في قواعد أهل العلم، وما جرى به اللسان، وهذا يبين عظيم الفضل المترتب على الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذ يدرك بها الإنسان هذا العطاء الجزيل، وهذا الفضل الكبير على العمل اليسير، وهو كثرة الصلاة على البشير النذير-صلوات الله وسلامه عليه-، وينبغي أن يعلم أن الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تحصل بكل صيغة يسأل بها المؤمن الله-عز وجل- الصلاة عليه-صلى الله عليه وسلم-، فإذا قال اللهم صلي على محمد، أو قال صلى الله على محمد، أو قال اللهم، أو قال عليه الصلاة، أو الصلاة على محمد، أو عليه الصلاة والسلام، أو ما إلى ذلك  من الصيغ والعبارات، كل ذلك يؤدي المقصود في الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلا أنه ينبغي أن يعلم أن أكمل صيغ الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم، وأشرفها، وأعلاها، وأوفاها، وأعظمها أجرا هو ما علمه أصحابه-صلوات الله وسلامه عليه- كما في الصحيح من حديث كعب ابن عجرة أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال له أصحابه: يا، رسول الله عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك فقال لهم-صلوات الله وسلامه عليه- معلما كيف يصلون عليه فقال قولوا: ( اللهم صلي على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) فهذه أكمل الصيغ، أكمل صيغ الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هذه الصلاة التي تسمى الصلاة الإبراهيمية، وإنما سميت الصلاة الإبراهيمية؛ لأن المسئول فيها هو أن يصلي على محمد، وعلى آل محمد كما صلى على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ فلذلك سميت الصلاة الإبراهيمية، وقد جاءت هذه الصلاة بصيغ عديدة هذا أوفاها، وأشملها، وأوسعها، ومنه قوله-صلى الله عليه وسلم- في ما رواه مسلم في صحيحه في صيغة الصلاة عليه قال: ( اللهم صلي على محمد، وعلى أزواجه، وذريته)، وهذا بيان لمعنى الآل في قوله: (اللهم صلي على محمد، وعلى آل محمد) فقد جاء بيان من هم الآل في قوله فيما رواه في الرواية الثانية(اللهم صلي على محمد، وأزواجه، وذريته) فأزواجه-رضي الله تعالى عنهن- من آل بيته بنص القرآن، وببيان سيد الأنام-صلوات الله وسلامه عليه- فمن أخرج أزواجه من آله، فإنه أجحف في حقهن-رضي الله تعالى عنهن- قال الله-جل وعلا- ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾+++ [الأحزاب:33]--- والمقصود بهذا على وجه لا خلاف فيه بين أهل العلم المقصود به أزواجه؛ لأن الخطاب كان موجها إليهن في قوله:  ﴿يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا﴾+++ [الأحزاب:32]--- ﴿وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ﴾+++ ثم بعد ذلك قال بعد تلك الآيات ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾+++[الأحزاب:33]--- فأهل البيت: فمن أهل البيت أزواجه-صلوات الله وسلامه عليه- المقصود أن أكمل الصيغ، وأوفاها في الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يقول:(اللهم صلي على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، وهذه الصلاة هي من أذكار الصلاة المعهودة المفتتحة بالتكبير، والمختتمة بالتسليم، فقد كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يختم صلاته بالصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ ولذلك قال الصحابة-رضي الله تعالى عنهم- عرفناكيف نسلم عليك، وكيف نصلي عليك، وهم يشيرون بذلك إلى ما جاء في لفظ التحيات التشهد التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته هذا والسلام عليك-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فسألوه كيف يصلون عليه فعلمهم كيف يصلون عليه كما تقدم  في صيغة الصلاة الإبراهيمية، هذا بعض ما يتعلق بهذه الصلاة فيما يتصل بفضلها، ومعناها، وأوفى صيغها، وأنها من أذكار الصلاة، والعلماء في الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم- في الصلاة لهم أقوال؛ منهم من قال: أنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها، وهذا مذهب الإمام أحمد، ومنهم من قال إنها واجبة من واجبات الصلاة، وهذا قول جمهور العلماء، ومنهم من قال إنها سنة من سنن الصلاة، والأقرب من هذه الأقوال أن الصلاة عليه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من واجبات الصلاة، فيجب على المصلي ألا يترك ذلك بعد التحيات عند ختم صلاته، والصلاة في هذا اليوم المبارك لها منزلة مميزة، وخاصية ليست كالصلاة عليه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في سائر الأيام، وذلك أنه جاء عنه-صلى الله عليه وسلم- في حديث أوس أنه قال-صلى الله عليه وسلم- (إن يوم الجمعة من خير أيامكم)، وفي رواية من أفضل أيامكم (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة) فأكثروا فيه من الصلاة عليه، فأمر النبي-صلى الله عليه وسلم- بالإكثار من الصلاة عليه في هذا اليوم تحريا لفضل هذا اليوم، ثم قال فإن صلاتكم معروضة علي وهذه ميزة أخرى غير الميزة السابقة، الميزة السابقة أن الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم- في يوم الجمعة  أفضل من الصلاة عليه في سائر الأيام لماذا؟ لأن يوم الجمعة سيد الأيام كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم- (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) فالصلاة على سيد الأنام فيه مما يعظم بها الأجر، ويكثر بها العطاء؛ ولذلك أمر به-صلى الله عليه وسلم- في هذا اليوم على وجه الخصوص، ولأن العمل الصالح في الزمان المبارك يعظم أجره، فإن الصالحات في الأيام والزمان المبارك يكثر فيه الأجر، ويعظم فيه العطاء من الله-عز وجل-، وأما الميزة الثانية أن الصلاة عليه-صلى الله عليه وسلم-في يوم الجمعة لها مزيد عناية في عرضها عليه-صلوات الله وسلامه عليه-، ولذلك قال فإنها معروضة علي، وكل صلاة يصليها مصل على النبي-صلى الله عليه وسلم- فإنه يبلغ ذلك-صلى الله عليه وسلم- فما من أحد يصلي عليه ويسلم إلا رد الله عليه روحه-صلى الله عليه وسلم- فيرد السلام على من سلم عليه-صلى الله عليه وسلم- لكن في هذا اليوم ثمة ميزة للصلاة عليه، وهي أنها تعرف عليه فيقال له-صلى الله عليه وسلم- صلى عليك فلان، وهذا من الفضل والخير الذي ينبغي أن يحرص عليه المؤمن، ولذلك قال-صلى الله عليه وسلم-(فإن صلاتكم معروضة عليه )أي: في هذا اليوم قالوا كيف تعرض عليك وقد أرمت يعني أكلتك الأرض بعد موتك، فقال النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء-صلوات الله وسلامه عليهم-) فبين أنه لا يفنى جسده الطاهر-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بل هو باق على نحو ما كان عليه في حياته من حيث عدم تسلط الآفات عليه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وهذا من كرامة الله لأنبيائه-صلوات الله وسلامه عليهم-، وقد يكون لغير الأنبياء أيضا، فإنه جاء في قصص عديدة عن الصحابة وغيرهم أن منهم من نبش قبره، أو انكشف قبره لسبب من الأسباب، فتبين بقاؤه على نحو ما مات، على نحو ما دفن-رضي الله تعالى عنهم- فالمقصود أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أخبر بهذه الميزة، وهذه الخاصية للصلاة عليه في هذا اليوم المبارك، وهي أن الصلاة في هذا اليوم معروضة عليه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وهذا في كل صلاة يصليها المؤمن على النبي-صلى الله عليه وسلم- في هذا اليوم كله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وقد جاء في حديث في إسناده بعض الظاهر أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (أكثروا من الصلاة علي في يوم الجمعة وليلتها) لكن في إسناده مقالا، والثابت هو ما في حديث أوس من أنه أمر بالصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم-أمر بالإكثار من الصلاة عليه-صلى الله عليه وسلم- في يوم الجمعة، فأكثروا من الصلاة عليه فبها تدركون مضاعفة الأجور، والخير العظيم، ومن أعظم ذلك صلاة الله عليكم، وكذلك كفايتكم ما أهمكم، وكذلك مغفرة ذنوبكم، نسأل الله -عز وجل- أن يبلغنا فضله، وأن يعيننا على ذكره وشكره، وأن يرزقنا إتباع سنته-صلى الله عليه وسلم-، وأن يعمر ألسنتنا بالصلاة عليه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هذا تنبيه لخاصية من خصائص يوم الجمعة فينبغي للمؤمن أن يحرص على ذلك، وقد تكلم أهل العلم عن خصائص يوم الجمعة كلاما مستفيضا، ومن أوسع من تكلم في خصائص يوم الجمعة  وعدها ابن القيم الجوزي-رحمه الله- في كتابه زاد الميعاد-رحمه الله- وأنا أنصح باقتناء هذا الكتاب زاد الميعاد في هدي سيد العباد-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقد جمع فيه من خصال النبي-صلى الله عليه وسلم-، وأعماله، وأحواله، وما يتصل بذلك ما يحتاجه المؤمن لمعرفة هدي سيد الأنام-صلى الله عليه وسلم-.

المشاهدات:10118

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير، السراج المنير نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:-

فإن الله تعالى خص يوم الجمعة بخصائص عديدة، وله فضائل كثيرة؛ منها ما هو قدري كوني، ومنها ما هو شرعي ديني، ومن الخصائص التي خص الله تعالى بها هذا اليوم المبارك، الذي جعله جامعا لفضائل الأيام فهو سيدها، وخيرها كما قال-صلوات الله وسلامه عليه-(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) هذا اليوم من خصائصه الشرعية استحباب كثرة الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيه، فإن الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- جاء فيها أمر الله تعالى بعد خبره، حيث قال -جل وعلا- ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب:56] هذا خبر من الله تعالى عن صلاته، وصلاة ملائكته على النبي-صلوات الله وسلامه عليه- ثم عقب ذلك بذكر أمره أهل الإيمان بأن يصلوا على نبيه-صلوات الله وسلامه عليه- ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56] فأمر الله تعالى أهل الإيمان بأن يصلوا على سيد الأنام-صلوات الله وسلامه عليه- بعد خبره عن صلاته، وصلاة ملائكته؛ أما صلاة الملائكة، فصلاة الملائكة، أما صلاة الله-عز وجل- على نبيه فقيل هي: رحمته له، وقيل هي ذكره في الملأ الأعلى، كما قال ذلك أبو العالية فيما رواه البخاري -رحمه الله- في صحيحه، وقيل في معنى صلاة الله على نبيه إنها إعطاؤه الخير الكثير-صلوات الله وسلامه عليه- إعطاؤه الخير الكثير، وهذا المعنى الأخير هو أوسع المعاني في بيان المقصود بصلاة الله على نبيه، فمعنى - ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب:56] صلاة الله على نبيه هو إعطاؤه الخير الكثير في الدنيا والآخرة، في حياته، وبعد موته، ويوم بعثه، ونشوره، وفي الجنة كما قال الله-جل وعلا-:﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ [الكوثر:1] فالكوثر هو خير كثير يسوقه الله للنبي الكريم-صلوات الله وسلامه عليه- ليس فقط الحوض المورود، ولا النهر المذكور في السنة مما يكون للنبي-صلى الله عليه وسلم- بل هو أوسع من ذلك فيشمل نصره، والذب عنه، وإظهار سنته، وإعلاء دينه، ونصر محبيه، وأتباعه كل هذا مما يندرج في الخير الكثير الذي أعطيه في الدنيا، وفي الآخرة شيء عظيم كثير من فضل الله يسوقه إلى رسوله-صلوات الله وسلامه عليه-، وأما صلاة ملائكته على النبي-صلى الله عليه وسلم-، والصلاة التي أمر الله تعالى المؤمنين بها أن يصلوا على النبي-صلى الله عليه وسلم- فمعناها سؤال الله أن يعطي رسوله خيرا كثيرا، فإذا قلت اللهم صلي على محمد فأنت تسأل الله-عز وجل- لرسوله خيرا كثيرا، وليس فقط أن يذكره في الملأ الأعلى بل ذاك مثال، وصورة من صور الخير الكثير الذي يسوقه الله تعالى للنبي الكريم-صلوات الله وسلامه عليه-، وقد ذكر الله -عز وجل- صلاته، وصلاة ملائكته؛ حثًا للناس على امتثال أمره، وبيان أن صلاتهم عليه-صلوات الله وسلامه عليه- إنما هي لنفعهم هم، وأما رسولنا-صلوات الله وسلامه عليه-فإنه أدرك الفضل بصلاة الله، وصلاة ملائكته بصلاة الله أولا، وصلاة أشرف الخلق، أو من هم أشرف الخلق وهم الملائكة فصلاة الناس بعد ذلك  هي مزيد فضل يعود إليهم؛ ولذلك جاء فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث سعد ابن أبي وقاص-رضي الله تعالى عنه- أن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-قال: (من صلى عليا صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرة) فتبين بهذا أن المنتفع، والمستفيد من صلاته على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو المشتغل بالعبادة، هو المصلي نفسه فإن صلاته تعود بالنفع عليه إذ يدرك من صلاته على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مضاعفة الأجر والمثوبة عشر مرات فمن صلى عليه -صلى الله عليه وسلم- صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرة، ومن فضائل الصلاة على رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن الله يكشف بها الهموم، ويغفر بها الذنوب، فقد جاء في المسند، والسنن من حديث أبي ابن كعب-رضي الله تعالى عنه- أنه قال:(يا رسول الله، إني أصلي فكم أجعل لك من صلاتي، فقال له-صلى الله عليه وسلم- ما شئت قال الربع، قال: ما شئت وإن زدت فهو خيرا لك قال: النصف قال: ما شئت، النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول لأبي: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: أجعل لك صلاتي كلها فقال-صلوات الله وسلامه عليه-: إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك) فلك مصلحتين معجلة، ومؤجلة.

المصلحة المعجلة: كفاية الهموم، وقوله: (تكفى همك) أي: يدفع الله تعالى عنك ما أهمك، والهم: هو ما ألحق بالإنسان ضيقا، وخوفا لأمر يكون في المستقبل، وهو مقابل للغم، فالغم يكون خوف، الغم هو ألم من حدث ماضي، وأما الهم: فهو ألم مما يكون في المستقبل، فقوله: (تكفى همك) أي: يدفع الله تعالى عنك ما تخشى ضرره، ومتى تتوقى شره فيما تستقبل من أيامك سواءكان ذلك في خاصة نفسك، أو في شأن من يهمك في ولدك، أو أهلك، أو مالك، أو بلدك، أو غير ذلك، فإن في ذلك جميعا مندرج في قوله-صلى الله عليه وسلم-(تكفى همك) فالهم هنا: مفرد مضاف، يفيد العموم، يشمل كل ما يهم الإنسان في خاصة نفسه، أو أهله، أو ولده، أو ماله، أو بلده، أو غير ذلك مما يهتم له الإنسان من حوادث الزمان المتوقعة والمستقبلة.

وأما الفائدة الثانية التي يجنيها من الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فهي: مغفرة الذنوب قال-صلى الله عليه وسلم-: (ويغفر ذنبك)، ومغفرة الذنب ستره، والتجاوز عنه، هذا معنى المغفرة ، فالمغفرة تفيد فائدتين؛ الفائدة الأولى محو الذنب، وإزالته من الصحائف، والثاني: ستره فلا يخزيك الله تعالى بسيئة أو ذنب بل يسبغ عليك ستره، ويضع عليك كنفك فلا يعرف لك سوء، ولا تفضح بشيء من سيء عملك، فإن الذنب الذي يغفر ينال به الإنسان فائدتين؛

 الفائدة الأولى: المحو والإزالة، والفائدة الثانية: الستر.

فقوله-صلى الله عليه وسلم-:(يغفر ذنبك) أي: يغفر الله تعالى لك ذنوبك، والذنوب هنا تشمل الصغائر والكبائر، والسر والعلن، فإنه مفرد مضاف، والمفرد المضاف يفيد العموم في قواعد أهل العلم، وما جرى به اللسان، وهذا يبين عظيم الفضل المترتب على الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذ يدرك بها الإنسان هذا العطاء الجزيل، وهذا الفضل الكبير على العمل اليسير، وهو كثرة الصلاة على البشير النذير-صلوات الله وسلامه عليه-، وينبغي أن يعلم أن الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تحصل بكل صيغة يسأل بها المؤمن الله-عز وجل- الصلاة عليه-صلى الله عليه وسلم-، فإذا قال اللهم صلي على محمد، أو قال صلى الله على محمد، أو قال اللهم، أو قال عليه الصلاة، أو الصلاة على محمد، أو عليه الصلاة والسلام، أو ما إلى ذلك  من الصيغ والعبارات، كل ذلك يؤدي المقصود في الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلا أنه ينبغي أن يعلم أن أكمل صيغ الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم، وأشرفها، وأعلاها، وأوفاها، وأعظمها أجرا هو ما علمه أصحابه-صلوات الله وسلامه عليه- كما في الصحيح من حديث كعب ابن عجرة أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال له أصحابه: يا، رسول الله عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك فقال لهم-صلوات الله وسلامه عليه- معلما كيف يصلون عليه فقال قولوا: ( اللهم صلي على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) فهذه أكمل الصيغ، أكمل صيغ الصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هذه الصلاة التي تسمى الصلاة الإبراهيمية، وإنما سميت الصلاة الإبراهيمية؛ لأن المسئول فيها هو أن يصلي على محمد، وعلى آل محمد كما صلى على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ فلذلك سميت الصلاة الإبراهيمية، وقد جاءت هذه الصلاة بصيغ عديدة هذا أوفاها، وأشملها، وأوسعها، ومنه قوله-صلى الله عليه وسلم- في ما رواه مسلم في صحيحه في صيغة الصلاة عليه قال: ( اللهم صلي على محمد، وعلى أزواجه، وذريته)، وهذا بيان لمعنى الآل في قوله: (اللهم صلي على محمد، وعلى آل محمد) فقد جاء بيان من هم الآل في قوله فيما رواه في الرواية الثانية(اللهم صلي على محمد، وأزواجه، وذريته) فأزواجه-رضي الله تعالى عنهن- من آل بيته بنص القرآن، وببيان سيد الأنام-صلوات الله وسلامه عليه- فمن أخرج أزواجه من آله، فإنه أجحف في حقهن-رضي الله تعالى عنهن- قال الله-جل وعلا- ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب:33] والمقصود بهذا على وجه لا خلاف فيه بين أهل العلم المقصود به أزواجه؛ لأن الخطاب كان موجها إليهن في قوله:

 ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب:32] ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ ثم بعد ذلك قال بعد تلك الآيات

﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[الأحزاب:33] فأهل البيت: فمن أهل البيت أزواجه-صلوات الله وسلامه عليه- المقصود أن أكمل الصيغ، وأوفاها في الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يقول:(اللهم صلي على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، وهذه الصلاة هي من أذكار الصلاة المعهودة المفتتحة بالتكبير، والمختتمة بالتسليم، فقد كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يختم صلاته بالصلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ ولذلك قال الصحابة-رضي الله تعالى عنهم- عرفناكيف نسلم عليك، وكيف نصلي عليك، وهم يشيرون بذلك إلى ما جاء في لفظ التحيات التشهد التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته هذا والسلام عليك-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فسألوه كيف يصلون عليه فعلمهم كيف يصلون عليه كما تقدم  في صيغة الصلاة الإبراهيمية، هذا بعض ما يتعلق بهذه الصلاة فيما يتصل بفضلها، ومعناها، وأوفى صيغها، وأنها من أذكار الصلاة، والعلماء في الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم- في الصلاة لهم أقوال؛ منهم من قال: أنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها، وهذا مذهب الإمام أحمد، ومنهم من قال إنها واجبة من واجبات الصلاة، وهذا قول جمهور العلماء، ومنهم من قال إنها سنة من سنن الصلاة، والأقرب من هذه الأقوال أن الصلاة عليه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من واجبات الصلاة، فيجب على المصلي ألا يترك ذلك بعد التحيات عند ختم صلاته، والصلاة في هذا اليوم المبارك لها منزلة مميزة، وخاصية ليست كالصلاة عليه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في سائر الأيام، وذلك أنه جاء عنه-صلى الله عليه وسلم- في حديث أوس أنه قال-صلى الله عليه وسلم- (إن يوم الجمعة من خير أيامكم)، وفي رواية من أفضل أيامكم (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة) فأكثروا فيه من الصلاة عليه، فأمر النبي-صلى الله عليه وسلم- بالإكثار من الصلاة عليه في هذا اليوم تحريا لفضل هذا اليوم، ثم قال فإن صلاتكم معروضة علي وهذه ميزة أخرى غير الميزة السابقة، الميزة السابقة أن الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم- في يوم الجمعة  أفضل من الصلاة عليه في سائر الأيام لماذا؟ لأن يوم الجمعة سيد الأيام كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم- (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) فالصلاة على سيد الأنام فيه مما يعظم بها الأجر، ويكثر بها العطاء؛ ولذلك أمر به-صلى الله عليه وسلم- في هذا اليوم على وجه الخصوص، ولأن العمل الصالح في الزمان المبارك يعظم أجره، فإن الصالحات في الأيام والزمان المبارك يكثر فيه الأجر، ويعظم فيه العطاء من الله-عز وجل-، وأما الميزة الثانية أن الصلاة عليه-صلى الله عليه وسلم-في يوم الجمعة لها مزيد عناية في عرضها عليه-صلوات الله وسلامه عليه-، ولذلك قال فإنها معروضة علي، وكل صلاة يصليها مصل على النبي-صلى الله عليه وسلم- فإنه يبلغ ذلك-صلى الله عليه وسلم- فما من أحد يصلي عليه ويسلم إلا رد الله عليه روحه-صلى الله عليه وسلم- فيرد السلام على من سلم عليه-صلى الله عليه وسلم- لكن في هذا اليوم ثمة ميزة للصلاة عليه، وهي أنها تعرف عليه فيقال له-صلى الله عليه وسلم- صلى عليك فلان، وهذا من الفضل والخير الذي ينبغي أن يحرص عليه المؤمن، ولذلك قال-صلى الله عليه وسلم-(فإن صلاتكم معروضة عليه )أي: في هذا اليوم قالوا كيف تعرض عليك وقد أرمت يعني أكلتك الأرض بعد موتك، فقال النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء-صلوات الله وسلامه عليهم-) فبين أنه لا يفنى جسده الطاهر-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بل هو باق على نحو ما كان عليه في حياته من حيث عدم تسلط الآفات عليه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وهذا من كرامة الله لأنبيائه-صلوات الله وسلامه عليهم-، وقد يكون لغير الأنبياء أيضا، فإنه جاء في قصص عديدة عن الصحابة وغيرهم أن منهم من نبش قبره، أو انكشف قبره لسبب من الأسباب، فتبين بقاؤه على نحو ما مات، على نحو ما دفن-رضي الله تعالى عنهم- فالمقصود أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أخبر بهذه الميزة، وهذه الخاصية للصلاة عليه في هذا اليوم المبارك، وهي أن الصلاة في هذا اليوم معروضة عليه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وهذا في كل صلاة يصليها المؤمن على النبي-صلى الله عليه وسلم- في هذا اليوم كله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وقد جاء في حديث في إسناده بعض الظاهر أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (أكثروا من الصلاة علي في يوم الجمعة وليلتها) لكن في إسناده مقالا، والثابت هو ما في حديث أوس من أنه أمر بالصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم-أمر بالإكثار من الصلاة عليه-صلى الله عليه وسلم- في يوم الجمعة، فأكثروا من الصلاة عليه فبها تدركون مضاعفة الأجور، والخير العظيم، ومن أعظم ذلك صلاة الله عليكم، وكذلك كفايتكم ما أهمكم، وكذلك مغفرة ذنوبكم، نسأل الله -عز وجل- أن يبلغنا فضله، وأن يعيننا على ذكره وشكره، وأن يرزقنا إتباع سنته-صلى الله عليه وسلم-، وأن يعمر ألسنتنا بالصلاة عليه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هذا تنبيه لخاصية من خصائص يوم الجمعة فينبغي للمؤمن أن يحرص على ذلك، وقد تكلم أهل العلم عن خصائص يوم الجمعة كلاما مستفيضا، ومن أوسع من تكلم في خصائص يوم الجمعة  وعدها ابن القيم الجوزي-رحمه الله- في كتابه زاد الميعاد-رحمه الله- وأنا أنصح باقتناء هذا الكتاب زاد الميعاد في هدي سيد العباد-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقد جمع فيه من خصال النبي-صلى الله عليه وسلم-، وأعماله، وأحواله، وما يتصل بذلك ما يحتاجه المؤمن لمعرفة هدي سيد الأنام-صلى الله عليه وسلم-.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93795 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89655 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف