×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (35) يظلهم الله في ظله

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:2770

المقدم:بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله مستمعينا الكرام إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة" والتي تأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، نحييكم ونرحب بكم في هذه الساعة ونتحدث في هذه الحلقة عن موضوع مهمٍّ ألا وهو عن السبعة الذين يظلهم الله في ظلِّه.

 يسعد بصحبتكم ويشرف في هذه الحلقة الإعداد والتقديم محدثُكم عبد الله الداني، وينفذ هذه الحلقة على الهواء الزميل حسن جعفري.

 يسرنا كذلك مستمعينا الكرام أن نرحب بضيفينا وضيفكم الدائم في هذا البرنامج صاحبِ الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح، المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، وأستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم.

 السلام عليكم ورحمة الله يا شيخ خالد.

الشيخ:- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا حيَّاك الله أخي عبد الله وأهلا وسهلًا بالإخوة والأخوات.

المقدم:- حيَّاكم الله شيخ خالد عندما نتحدث عن هؤلاء السبعة وعن هذا الحديث بشكلٍ عام من هم هؤلاء السبعة في البداية ولماذا حصل لهم هذا الأجر العظيم؟

الشيخ:- الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد..

فالسبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله هم قومٌ جمعوا خصالًا سبعة، خصالًا وأوصافًا جمعها حديثٌ واحد في سبعة أوصاف، لكن هذا ليس حصرًا ولا قصرًا، إنما هو ذكرٌ لجمع من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وإلا فإن الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ليسوا محصورين في هذا، بل هم أكثر من ذلك كما جاءت بذلك الأحاديث وصحَّت به الآثار عن النبي المختار صلوات الله وسلامه عليه.

والشأن في أن نعلم أن المؤمن في دنياه مطلوبٌ منه أن يبادر ويسارع إلى كل ما يكون سببًا لنجاته في الآخرة، وأن ما يعمله اليوم يكون بين يديه يوم القيامة على أكمل ما يكون حاجةً وأعظم ما يكون ضرورة؛ فإنه لا نجاة للعبد يوم القيامة إلا بصلاح حاله في معاشه، وصلاح حاله في حياته فما يعمله اليوم يلاقه غدًا، ولذلك كانت هذه الأعمال المذكورة هي نموذجًا لما يجنيه المؤمن من عمله الصالح في الآخرة.

 وإن من رحمة الله –تعالى- لعباده من رحمة الله –تعالى- بعباده أنه في الدنيا أقام لهم من شواهد العمل، من شواهد إثبات ما يكون في الآخرة من الجزاء والثواب ما يكون عونًا على مزيد تقرِّبٍ وبذل واجتهاد وجدٍّ في طاعة الله –عز وجل-.

فنحن نشاهد في الدنيا في آثار الطاعات على أهلها من استقامة الحال وصلاحه، وولاية الله تعالى للعبد ما هو عون لهم على أن يكونوا على طاعة وإحسان وبرٍّ، وقيام بما أمر الله تعالى به وشرَعه.

 لهذا نجد أن المؤمن يدرك بعمله الصالح في دنياه خيرًا وبرًّا قبل أن يدركه في الآخرة، فيدرك في الدنيا من أجل عمله الصالح وثوابه ما يكون عونًا له على الاستزادة والنشاط فيما يستقبل من الأعمال.

أضرب لذلك مثلا الله تعالى يقول: ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد: 28] وذكر الله هنا يشمل كلَّ طاعة وعبادة وليس فقط الطاعة المحصورة أو المقصورة بذكر اللسان، بل يشمل ذكرَ القلب، وذكر الجنان، وكله مما يدخل فيما ذكره الله –عز وجل- ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد: 28] فكل ساعة وقربى وكلُّ عبادة وتقرب إلى الله –عز وجل- يدرك به الإنسان خيرًا في هذه الدنيا، كما يدرك به خيرًا في الآخرة.

وفي المقابِل أيضًا السيئات والمعاصي يدرك الإنسان بها من الشؤم والسوء والشرِّ ما يكون عونًا له على أن ينكفَّ عن الخطأ والغلط، فإن للمعاصي شؤمًا ولها في القلب أثرًا وضررًا، فيكون هذا سببًا لانكفافه عن المعاصي قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي[طه: 124]، والإعراض ليس فقط عن ذكر اللسان كما ذكرنا قبل قليل في قوله تعالى: ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد: 28] ليس المقصود بالعمل هنا مجرد الإعراض عن الذكر القولي، بل يشمل كلَّ إعراض عن الله –عز وجل- سواءً كان إعراضًا بالقول أو إعراضًا عن الله –عز وجل- بالعمل.

والخلاصة: أن الإنسان في هذه الدنيا يشهد من ثمار طاعته، ومن آثار معصيته ما يكون حثًّا له على مزيد طاعة وعلى الانكفاف على المعصية.

المقدم:-يعني هو يا شيخ الإنسان عندما يأتي طاعةَ الله –سبحانه وتعالى- ويفعل هذه الطاعة ويؤدِّيها يعني يكسب بذلك خيرًا في الدنيا إذا حصل على هذا الخير الذي وعد به من قبل الله –سبحانه وتعالى- ورسوله –صلى الله عليه وسلم- في الآخرة، فهو يعمل لا لأجل أن يتحصل على هذا الثواب العظيم فقط في الآخرة، وإنما هو يجدُ هذا النعيمَ في الدنيا قبل الآخرة، وكما قال أحد السلف:" إن في هذه الحياة جنة من لم يدركها لم يدرك جنة الآخرة"[قول شيخ الإسلام ابن تيمية. الوابل الصيب:(ص48)]، وبالتالي فالإنسان ينال جزءًا من ثوابه وخير هذه الطاعة في الدنيا قبل أن يتحصل عليها في الآخرة كشيء من عاجل بشرى المؤمن.

الشيخ:-بالتأكيد ولهذا ينبغي للمؤمن أن يفرح بطاعته، وأن يتلمس أثر الطاعة في دنياه قبل أخراه، ولهذا ابن القيم لما ذكر تفسير قول الله –عز وجل- ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ[الانفطار: 13- 14] ذكر –رحمه الله- أن ما يدركه المؤمن في دنياه من النعيم القلبي هو مما يندرج في الآية، ومن السعادة والانشراح هو مما يندرج في الآية، كما أن في الدنيا من سبب شؤم معصيته هو من المنذر في قوله الله تعالى: ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ[الانفطار: 14] والفجار هنا يشمل كل من فجر بأي نوع من الفجور قليل أو كثير.[الجواب الكافي:121]

وعلى ذلك فجور أهل الكفر والنفاق والشرك، فإن الجحيم الذي يذيقهم لا يقارن بما يكون لأهل الإيمان.

المقدم:-هو عندما أيضًا الإنسان يسعى إلى هذا الأمر يجب أيضًا أن يعلم أن هؤلاء الذين أظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله ميَّزهم الله وخصهم بهذه الخصال، ولعلنا أيضًا نتساءل عندما نقرأ هذا الحديث الشريف عن النبي المصطفي –صلى الله عليه وسلم- والذي رواه أبو هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الأصناف السبعة الذين يدخلون ضمن هذا الحديث فيمن يظلهم الله في ظله لعلها فرصة أيضًا لحثِّ الناس على التخلق بهذه الأخلاق الواردة في هذه الأصناف السبعة المذكورة في هذا الحديث الشريف.

الشيخ:- بالتأكيد لذلك التماس هذه الصفات تنوعها ومعرفتها هو من فتح أبواب البر والخير للناس، فإن من شأنه إذا علم أن نيل هذا الأجر والثواب، ليس مقصورًا على باب واحد من أبواب البر، ولا على صورة واحدة من صور الطاعة كان هذا عونًا له على الاجتهاد وأن يضرب في كل بابٍ بسهم يقرِّبه إلى الله –عز وجل- يدركه به فضله وعطائه وإحسانه –سبحانه وبحمده-.

فلهذا ينبغي أن يتلمَّس المؤمن هذه الصفات، أن يجتهد في معرفتها أن يحرص على العلم بها؛ لأن معرفته وعلمه بها يفتح له من أبواب الأجر والثواب والعطاء والفضل ما يكون سببًا لمزيد سعادة في الدنيا وعظيم نعيم في الآخرة.

هذا الحديث تلمَّس بعض أهل العلم السرَّ والسبب في كون العامل ما هو الوصف الجامع لهذه الأصناف الثمانية التي جاءت في الحديث التي جمَعَها الحديث؟

 قبل ذلك نستقبل هذه الأوصاف التي جاءت في السنة سندرك الوصف الجامع النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: «سبعةٌ يظلُّهمُ اللَّهُ تحتَ ظلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلّا ظلُّهُ»[صحيح البخاري:660، مسلم:1031/91] وقوله: سبعة هذا ذكر لعدد، هذا العدد ليس حصرًا على هؤلاء فقط، بل هو جمع لفئةٍ ومجموعة من الذين يفوزون بهذا العطاء.

المقدم:-هل يمكن أن نقول: أنه مثل العشر المبشَّرين ليسوا فقط هم إنما أكثر من عشرة بشرهم النبي –صلى الله عليه وسلم- بدخول الجنة، ولكن هؤلاء ذكروا في هذا الحديث.

الشيخ:-نعم هم جاءوا في سياق واحد، يمكن أن يقال هذا، وعلى كل حال بما يتعلق بمسألة العادات الأصوليون عندهم ما يعرف بمفهوم العدد وأن هل العدد إذا جاء ذكره في النص هل هذا يفيد الحصر؟ [ذهب إلى أنه يفيد الحصر: الإمام أحمد، وأكثر أصحابه، ومالك، وداود، وبعض الشافعية. ونفاه الحنفية، والمعتزلة، والأشعرية، وأكثر الشافعية، واختاره القاضي أبو يعلى. انظر:التحبير شرح التحرير:6/2641]هل هذا يفيد قصر الفضل على هؤلاء السبعة؟ أم أن هذا من باب العدِّ الذي لا مفهوم له بمعنى أنه لا يفهم من قوله: «سبعةٌ يظلُّهمُ اللَّهُ تحتَ ظلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلّا ظلُّهُ» أنه لا ينال هذا الفضل غيرُهم، بل هذا ذكر للسبعة وبقية من يُعرف ممن يدرِك هذا الأمر يعرفون بالنصوص والأدلة من الكتاب والسنة.

المقصود أن الصحيح في هذه المسألة، أن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ليسوا محصورين بهؤلاء، بل هذا الفضل ينال هؤلاء ويدركه غيرُهم ممن جاءت الأخبار بنيلهم هذا الوصف وهذا الفضل من الله –عز وجل-.

فينبغي للمؤمن أن يجدَّ في طلب هذه الأوصاف ومعرفتها، حتى ينال الأجر والفضل المتعلق بهؤلاء السبعة.

 فيما يتصل بهؤلاء السبعة الذين ذكرهم الحديث: إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلَّق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين، هذه خمسة أوصاف، ورجل أنفق نفقةً فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، والآخر من هؤلاء السبعة المذكورين من هذا الحديث ورجلٌ ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه.

لو تأمَّلت هؤلاء السبعة لوجدنا أن هؤلاء السبعة غلَّبوا مقتضيات أهوائهم وما تقتضيه نفوسهم من المعصية والميل إلى الهوى، وتيسرت لهم أسباب المخالفة فخالفوا أهواءهم، ولم ينقادوا لشهواتهم بل خرجوا عن ذلك بتحقيق طاعة الله –عز وجل-

تأمَّل الإمام العادل، وهذا أول من ذكر؛ لأنه صاحب السلطة العليا التي تخولِّه وتمكِّنه من أن يصل إلى ما يشتهيه دون حسيب ولا رقيب إلا رب العالمين، وبالتالي لا يحجز الإمام عن الظلم، لا يحجز الإمامَ عن البغي، لا يحجز الإمام عن التجاوز بسائر أنواع التجاوز ألا أن يرقُبَ الله تعالى؛ فلذلك جعله الله مقدمة هؤلاء السبعة وهم الذين ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم- أنهم على منابر من نور من الرحمن وذاك أنهم عدلوا فيما وُلُّوا [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولُّوا»صحيح مسلم:1827/18]إن كانت الولاية الكبرى أو الولاية الصغرى.

الثاني من هؤلاء: شاب نشأ في طاعة الله، الشباب من مقتضياتهم ومن طبائعهم أن يكون الإنسان مائلًا إلى الرغبة، مائلًا إلى الشهوة، منجذبًا إلى الملذات، فإذا أحكم نفسه ومنعها في هذه الفترة العمرية التي هي فترةُ ثورة وفترة خروجٍ عن الاستقامة بكثرة الدواعي التي تدعو إلى الانحراف، سواء كان ذلك فيما يتعلق بشهوة الفرج، فيما يتعلق بشهوة الاعتداء والظلم، فيما يتعلق بشهوة المال في كل أنواع الشهوات، إذا حكم نفسه فإنه خرج عن المألوف فكان خروجه عن حرارة الشهوة التي تقوده إلى المعصية جُزيَ بها ظلًّا في يوم الحر الشديد يوم يقوم الناس لرب العالمين حُفاةً عُراةً غُرْلًا، غير مختونين.

المقدم:-لذلك عجب الله من شاب ليس له صبوة. [مسند أحمد:17371، وحسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد:17954]

الشيخ:-ليس له صبوة أي ليس له ميل إلى الملذات والشهوات والانحرافات، المقصود أن الإنسان كلَّما حقق طاعة الرحمن بخروجه عن مقتضيات الحال التي تقتضيها مثلا الانحراف من ميل إلى شهوة، من الاشتغال بملذة لاشك أن هذا من دواعي نجاحه وتوفيقه، ومن دواعي نجاته من عقوبة الله –عز وجل- وفوزه بمثل هذه العطايا والهبات.

إذًا هذا الثاني من السبعة شاب نشأ في طاعة الله، وهذا يندرج في كل من استقام في هذه الفترة سواء كان في كل شبابه أو كان في بعض فترات شبابه؛ لأنه لا يلزم أن يكون هذا في كل الشباب، لكن أن يكون مستصحَبًا، أن تكون استقامة مستصحبَةً وقادرة في هذه الفترة العمرية.

المقدم:-ويستحسن أن يذكر أن الإنسان الذي شب على شيء شاب عليه، وجميل أن يذكر أن الإنسان إذا ما أحسن بداياته يحسن أيضًا بإذن الله يعني ختامه إن شاء الله، يعني عندما يغلب الإنسان عبادة الله –سبحانه وتعالى- وطاعته –سبحانه وتعالى- في حياته وينشأ على ذلك هي فرصة أيضًا أن يستقيم الإنسان ويستمرَّ على هذه العبادة طول حياته وطول عمره بإذنه –سبحانه وتعالى-، سائلًا كذلك الله –سبحانه وتعالى- أن يقيمه على هذه الطاعة، وأن يديمه عليها، وأن يرزقه الثبات عليها كذلك.

 ومن حسن التنشئة كذلك أيضًا أن ينشأ الأب ابنه على طاعة الله –عز وجل- حتى تكون هذه التنشئة وسيلةً إلى أن يعين الإنسان نفسه أو يعين الله الإنسان على استمرارها على هذه الطاعة ودوامه عليها خاصة إذا ما نشأ على طاعة الله –عز وجل- فيكون من السهل كذلك الاستمرار عليها.

الشيخ:-وهنا تنبيه للوالدين أنه ينبغي أن نحرص على التسبُّبِ لأولادنا بهذا الفضل من خلال حسن التربية، من خلال جميل القيام على الأولاد على الطاعة والإحسان، من خلال تيسير سبل الطاعة، من خلال البرامج التي يستطيع من خلالها أن يحفظ نفسه من الانزلاق في انحراف إما بغلو تطرف أو بانحراف وتفلت؛ فكلاهما بلوى إذا أصيب بها الإنسان خرج عن الطريق القويم.

مما ينبغي للوالدين أن يعتنوا به وأن يكونوا على حرص وعناية في تنشئتهم على الاستقامة.

المقدم:-أيضًا يأتي في هذا السياق في هذا الحديث الشريف التي ذكرت فيه هذه الأوصاف السبعة رجل قلبه معلق في المساجد، ولعلَّ من الجميل أن يذكر في هذا السياق أن الإنسان إذا ما تعلق قلبه بالمساجد نستطيع أن نقول: أن هذا الإنسان يتعلق قلبه كذلك بكل العبادات التي تتعلق بهذه المساجد من صلاة ومن قراءة القرآن، ومن انتظار للصلاة وغيرها من الأعمال التي رتبت عليها الأعمال الفاضلة.

فهذه فرصة كذلك أن يذكر الإنسان كل ما يتعلق بهذه النواحي في كل وصف ذُكر ضمن هذا الحديث الشريف في هذه الأوصاف السبعة الذين يظلهم الله أو في هؤلاء الناس الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله، يوم تدنو الشمس من الأرض فيغرق الناس، فمن الناس من يبلغ عرقُه عاقبيه، ومنهم من يبلغ نصف الساق، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ العجُز، ومنهم من يبلغ الخاصرة، ومنهم من يبلغ منكبيه، ومنهم من يبلغ عنقَه، ومنهم من يبلغ وسطًا فيه، ومنهم من يغطيه عرقه كما جاء ذلك في رواية الإمام أحمد في مسنده.[صحيح مسلم:2864/62]

فهذه النقطة يا شيخ خالد عندما نذكرها ونأتي عليها يجب أيضًا أن نستذكر ونعرف ما هو الأجر المترتب على هذا العمل الجليل في كل وصف من هذه الأوصاف، وخصوصًا عندما نأتي الآن على مسألة تعلق القلب في المساجد، وكل ما يأتي ضمن هذه العبادات التي تأتي في المساجد.

الشيخ:- هو مثل ما ذكرت أخي الكريم هذه الصفات هي في الحقيقة مما يتوخَّى به الناس الشر وهو ذلك الموقف العظيم الذي وصف الله تعالى عظيمه بقوله في محكم كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ[الحج: 1-2] فهو ذلك اليوم لا حدَّ له ولا حصر، والكبرى العظيمة تطيش لها العقول والأكباد وتندرج لها النفوس، ومن ذلك دنوُّ الشمس على ما ذكرت، فينبغي أن نحرص على هذه الصفات ونحن ذكرنا صفتين من هذه الصفات.

وأما الوصف الثاني هو وصف رجل قلبه معلَّق بالمساجد من هو الرجل الذي قلبه معلق بالمساجد؟ الرجل الذي قلبه معلق بالمساجد هو ذاك الرجل الذي ينتظر الصلاة بعد الصلاة، ولا يلزم أن يكون قلبه أنه يقيم فيها بل قلبه معلق بالمساجد لأداء الفرائض التي لا تؤدَّى إلا في المساجد للقيام بالطاعة التي لا تكون إلا فيها، وتعلق القلب بالمساجد هو محبتها والرغبة في المجيء إليها والحرص على دوام الاتصال بها وما أشبه ذلك مما يحقق التعلق.

وأنا أذكر هنا مما يفعله بعض الناس أنه إذا جاء إلى المسجد وأراد الانصراف.

المقدم:-بعض الناس هذا الوصف الذي ذكرتموه في مسألة أن يكون الإنسان في دخوله إلى المسجد ربما ينقسم الناس إلى أقسام بحق وحقيقة في مثل هذا الموضوع منهم من يدخل المسجد مثلا في آخر ركعة من ركعات الصلاة أيًّا كانت هذه الصلاة، ومنهم من يبكِّر إلى المساجد، ومنهم من ينتظر الصلاة إلى الصلاة، ويحقق بذلك الأجر المرتب من الله –سبحانه وتعالى- على من ينتظر الصلاة إلى الصلاة فهو يأتي مبكرًا ويستعد للصلاة.

الشيخ:-يا أخي عبد الله في مسجد من المساجد ألاحظه بعد كل صلاة يفرغ منها إذا أراد الانصراف رفع عينه إلى ساعة معلقة في هذا المسجد ينظر كم سيكون وقت الصلاة القادمة؟ فيجتمع له هذا الفضل بهذه الهمة بل أقول إن قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ألا أدلُّكم على ما يكفِّرُ اللَّهُ بهِ الخطايا ويزيدُ بهِ في الحسناتِ» ثم ذكر «إسباغُ الوضوءِ على المكارِهِ وكثرةُ الخطا إلى المساجدِ وانتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ»[صحيح مسلم:251/41] هذه الخمسة حقيقتها أنه يبين هذا المعنى أنه هذا قلبه معلق بالمساجد، لكن انتظار الصلاة على الصلاة لا يلزم منه أن يكون باقيًا في مكانه لا يخرج، بل الانتظار هو انتظار سواء كان في مكانه ماكثًا أو كان في تنقلاته وذهابه ومجيئه.

فالمقصود أن تعلق القلب في المساجد ومحبتها والطمأنينة فيها هو كثرة الإقامة فيها، هو الاشتغال بالطاعة فيها، هو إقامة الفرائض التي لا تقام إلا فيها، وما إلى ذلك من العبادات والطاعات التي تتعلق بالمساجد.

أما رابع الصفات المذكورة هو رجل دعته امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين.

المقدم:-لعل  قبل ذلك رجلان تحابَّا في الله.

الشيخ:-رجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، هذا يتناول أوثق عرى الإيمان وهو أن يحبَّ الإنسان ما يحب الله –عز وجل-، فإن محبة العبد لما يحبه الله –عز وجل- تقربه إلى هذه المنزلة، تبلغه هذه المرتبة التي هي أن يكون في الظل الذي قال فيه الله –عز وجل-: يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. [المرفوع إلى رب العزة من ذلك قول النبيr: إن الله يقول يوم القيامة: «أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي»، أخرجه مسلم في صحيحه:2566/37]

هذا الظل يناله العبد بأن يكون منفعلًا في محبته لما يحبه الله، فيحب ما يحب الله ويبغض ما يبغضه الله، وبهذا يتحقق أوثق عرى الإيمان، فأوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، وقد جاء في الصحيح أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «ثَلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ بهِنَّ حَلاوَةَ الإيمانِ: مَن كانَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممّا سِواهُما، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ بَعْدَ أنْ أنْقَذَهُ اللَّهُ منه، كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النّارِ»[صحيح البخاري:16، صحيح مسلم:43/67] وهذا يبين أن هذه المنزلة هذه المرتبة تدرك بهذا العمل الجليل وهو أن يحب الله وأن يحب ما يحبه الله، فإن هذه ثمرة طبيعية.

ولهذا قال: أن يحب الرجل لا يحبه إلا لله، لا يحبه لمال ولا لمصلحة ولا لقضية شخصية، إنما يحبه لأجل أنه من أولياء الله، يحبه لأن الله يحبه بهذا يدرك هذه الفضيلة العظمى والمنزلة الكبرى التي بها تدرك الهبات، تدرك العطايا وتنال الجنان.

المقدم:-طيب استأذنك شيخ خالد قبل أن نستكمل الآن في بقية هذه الأوصاف نخرج فقط إلى فاصل ثم نعود كذلك لمواصلة هذه الأوصاف.

حياكم الله مستمعينا الكرام مجددًا إلى هذه الحلقة المباشرة لبرنامجكم الدين والحياة، وموضوعنا عن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، حديثنا متواصل مع ضيفنا وضيفكم فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه في جامعة القصيم، والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، يسرنا كذلك أيضًا مستمعينا الكرام أن تشاركون وأيضًا أن تطرحوا ما لديكم من استفسارات حول هذا الموضوع على الأرقام التالية؛ الرقم الأول هو:- 0126477117، والرقم الثاني هو:- 0126493028 ويمكنكم كذلك أن تراسلونا عبر الواتس أب على الرقم 0535918519 أعيد الرقم الخاص برسائل الواتس أب مرة أخرى الرقم هو 0535918519 كما يمكنكم كذلك مستمعينا الكرام أن تشاركونا في هذا البرنامج بالتغريد في هاشتاج البرنامج الدين والحياة على توتير.

شيخ خالد عندما نتكلم في هذا الموضوع الهام أيضًا تأتي هناك أوصافٌ هامة يمكن أن تذكر في هذا السياق ألا وهي سياق الحديث الوارد في هذا الحديث الشريف الذي ذكر هذه الأوصاف السبعة الذين خصهم الله –سبحانه وتعالى- وكذلك ميَّزهم بهذا الفضل العظيم عندما يظلهم –سبحانه وتعالى- في يوم القيامة في هذا اليوم الشديد العصيب يوم لا ظل إلا ظله، وذُكرت هذه الأوصاف في هذا الحديث.

نحن وصلنا إلى الوصف الخامس أيضًا الرجل الذي طلبته امرأته ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله عندما نتحدث عن هذا أيضًا نستذكر قصة يوسف عليه السلام في هذا العمل الجليل وفي هذه العفة المميزة.

نذكر أيضًا الرجل الذي طلبته امرأةٌ ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله لعل في ذلك أيضًا استذكار واستدعاء في قصة يوسف عليه السلام في عفته عليه السلام.

الشيخ:- هذا مثل ما ذكرت وهذا هو خامس من ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم- امرأةٌ ذات منصب أي سيأمن المخاوف وكما يرغبه، لأنه لو كانت قبيحة ولو كانت من غير منصب لن يكون الداعي قويًّا، لكن اجتمع داعيان؛ الداعي الأول هو الأمن، والداعي الثاني هو وجود ما يرغّب في المرأة ذاتها في الجمال مع هذا مع توفر هذين الوصفين إلا أنه كفَّ نفسه عن ذلك بطاعة الله –عز وجل- وخوفه ومراقبته فقال: إني أخاف الله رب العالمين.

المقدم:- بقيت ثلاثة أوصاف فقط نأخذ أستأذنك شيخ خالد إذا سمح الوقت نأخذ اتصالًا سريعًا من المستمع عبد العزيز الشريف من الرياض حياك الله عبد العزيز

المتصل:-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم:- عليكم السلام ورحمة الله.

المتصل:- كيف حالك أستاذ عبد الله؟

المقدم:-حياك الله أخي عبد العزيز يا مرحبًا فيك.

المتصل:-نحيي الشيخ خالد حياك الله يا شيخ كيف حالك؟

الشيخ:- حياك الله مرحبا

المتصل:-شكر الله لكم على هذا البرنامج الطيب، وجعله في ميزان حسناتكم.

المقدم:-الله يحييك يا مرحبا، اتفضل أخي عبد العزيز.

المتصل:-بارك الله فيك بالنسبة للتربية الآن نضع  كل الأشياء على الأب ونحن نعلم أن التربية نسبية وأن الهداية بيد الله –سبحانه وتعالى- إنك لا تهدي من أحببت، كيف ينجو الأب يوم القيامة من تبعات هذه التربية؟ إذا علمنا قول الله: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ *وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ[عبس: 34- 36] نستأذن من الشيخ أن يؤكد على هذه النقطة حيث أنَّا نحن الآباء نعاني من الأبناء، من طيشهم، من تهورهم كيف ننجو من  تبعات هذا الأمر يوم القيامة؟

 وجزاكم الله كل خير.

المقدم:- شكرا لك أخي عبد العزيز على هذه المداخلة وعلى هذا السؤال الجميل والرائع، طبعا عندما نتحدث يا شيخ عن هذا الجانب عن مسألة التربية لعل كثيرًا من الأوصاف تدخل في هذه أو تدخل ضمن هذا الإطار الكبير إطار تربية الإنسان يعني كيف ينشأ على التربية الإسلامية الصحيحة عندما يربي الأب ابنه؟، لكن لعل هناك بعض الخلل يحصل أحيانًا، فكيف ينجو المسلم من المسائلة أمام الله –عز وجل- من هذا القصور الذي قد يحصل أثناء التربية؟

الشيخ:- التربية على الوضع الديني ومراقبة الله والخوف من الله –عز وجل- تكون من الصغر بمسلك الأبوين، ثم بعد ذلك بخطورة الأمر وأنه يمكن أن تكون الغفلة عنها سببا للوقوع في مهالك لا حد لها ولا منتهى؛ فلذلك ينبغي للمؤمن أن يحرص على البعد عن كل هذه الأسباب التي تكون سببًا للهلاك في مسلكه وأن يربي أولاده على خشية الله، لاسيما مع هذا الافتتاح وتيسر ألوان المعاصي والسيئات، فالأمر يحتاج إلى تربية النشء على خوف من الله ومراقبته يقول الله –عز وجل- في محكم كتابه: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ[البقرة: 155] الله –عز وجل- يذكر في هذا أن الصحابة ابتلاهم الله وحرم عليهم الصيد ومع هذا كانوا يبتعدون.

المقدم:-يعني كانت تهيأ لهم هذه الأسباب والوسائل وكانوا يبتعدون عن هذا الأمر استجابة لأمر الله –عز وجل-.

الشيخ:-فتجد الصيد يسير الحصول، لكنهم لم يأخذوه خوفًا من الله –عز وجل-، ولذلك قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ[المائدة: 94] فالاختبار هنا اختبار شديد لتحقيق صدق الإيمان بالله –عز وجل-

المقدم:-نواصل أيضًا بعد أن أجبنا على سؤال الأخ عبد العزيز نواصل أيضًا استعراض هذه الأوصاف السبعة الذين ذكروا في هذا الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة عن النبي المصطفى –صلى الله عليه وسلم- وصلنا إلى وصف ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه.

الشيخ:-هذا على عبادة السرِّ وخوف الله –عز وجل- ومنقبته وأن يكون الإنسان على غاية التأهب والاستعداد لما يكون سببًا للنجاة من الهلاك، فهذا من شدة مبالغة خفاء الحسنة أنه يخفيها على هذا النحو لا تعلم يمينه ما تنفق شماله.

المقدم:-هذا أيضًا كما تفضلتم أن هذا الوصف يدخل فيه أن تعزيز مراقبة الله –سبحانه وتعالى- في السر والعلانية وكذلك أيضًا أن يعزِّز الإنسان الجوانب المتعلقة بالعبادات الخاصة التي يجريها الإنسان ويؤديها في السر، فيركِّز الإنسان ولعل ذلك أيضًا من علامات، مما يساعد ويعين بإذنه –سبحانه وتعالى- ويوفق الإنسان لحسن الخاتمة، إذا ما أحسن وإذا ما أكثر الأعمال التي يسرها بينه وبين الله –عز وجل- ويجعل بينه وبين الله خبيئةً.

الوصف في الحديث الشريف ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه.

 آخر هذه الأوصاف يا شيخ خالد ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ولعلنا أيضًا نختم بهذا الوصف معي شيخ خالد آخر هذه الأوصاف في حديث النبي –صلى الله عليه وسلم- في هذه الأوصاف السبعة الذين دخلوا في هذا الفضل العظيم الذي يتفضل به الله –سبحانه وتعالى- على عباده في يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله يظلهم الله –سبحانه وتعالى- في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.

هذا الوصف الجميل والجليل رجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، لعل مما يحسن الذكر أيضًا في هذا الجانب عندما نستذكر هذا الأمر قوله –صلى الله عليه وسلم-: ذكر الله أي بقلبه ولسانه، وخاليًا من الخلوِّ؛ لأنه يكون حينئذ أبعد من الرياء، والمراد خاليًا من الالتفات إلى غير الله، لعل هذا الوصف يشترك فيه مراقبة الله –سبحانه وتعالى- مراقبة الإنسان لله –عز وجل- ومراعاته، وكذلك أيضًا التركيز على مسألة أن يجري هذه أو يؤدي هذه العبادة في السر، فيذكر الله خاليًا، وكذلك أيضًا فاضت عيناه من هذا الذكر الذي ذكره الله –سبحانه وتعالى- في هذه الحالة فاضت عيناه من الدموع، وأسند الفيض إلى العين مبالغة كأنها هي التي فاضت.

لعلنا يا شيخ خالد نذكر هذا الجانب المهم عندما نستذكر ذكر الله –عز وجل- لعل البعض يظن أن ذكر الله –عز وجل- يحصل بأي وصف كان، يعني ربما بعض الناس عندما تجد أنه ممكن مثلا يمسك ما يسمى مثلا المسبحة أو بغيرها مثلا من العداد الذي يعين أيضًا على الذكر، يظن البعض أن هذا الذكر يكون على أي حال كان والبعض للأسف أحيانًا قد يتظاهر أمام الناس بأنه يذكر الله –عز وجل- ويكثر من الذكر كيف يمكن أن نذكر هذا الجانب؟

الشيخ:-هذا الجانب يبرز بأن ذكر الله –عز وجل- إذا كان ذكرًا يتواطأ فيه القلب مع اللسان فلابد أن يثمر أزهارًا، وهو ما يكون من دمع العين، ودمع العين قد يكون لكن يكون الإنسان خاليًا فإنه تنقطع كل الأسباب إلا السبب الحقيقي وهو خشية الله وخوفه والرغبة فيما عنده.

ولهذا قوله: ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه يشمل بكاءَ الخشية، يشمل بكاء الندم على الذنب، يشمل بكاء العظمة، عندما يذكر العبد عظمة الله –عز وجل- وما له من الأسماء والصفات، وما له من عظيم الأفعال الجليلة الجميلة كل هذا يوجب في القلب رقَّة وخشية فتدمع العين، دمع العين هو ثمرة ما في القلب من خشية الله، محبته، تعظيمه، خوفه، العلم به جل في علاه، فيبلغ هذه المنزلة ذكر الله خاليًا وذكر خاليًا لقطع كل داعٍ يدعو إلى أن يبكي الإنسان من موافقة لغيره أحيانًا، وإما رياء، وإما لسبب آخر من الأسباب غير الراجعة إلى معنى التعبد، لكن ذكر الله خاليًا هو ذكر محضٌ، ليس فيه رياء ولا له باعث إلا خشية الله ومحبته وتعظيمه.

وهذا يشمل البكاء عند قراءة القرآن، البكاء عند تسبيح رب العالمين، البكاء في الدعاء، الذكر هنا ليس المقصود به فقط صورة منه وهو التسبيح والتحميد والتمجيد، بل بمعناه الواسع الذي يشمل كل ذكر قولي بل حتى الذكر العملي، لمَّا يسجد ويبكي سيجمع هنا ذكر الفعل وذكر القول وذكر القلب وذكر اللسان، يكون في أعلى المراتب وأرفعها. نسأل الله أن يبلغنا هذه المنازل.

أرجع وأقول أن هذه الصفات جامعها ومعناها المشترك هو أنها دائرة على قوم جمعوا مجاهدةَ النفس والخروج عن مقتضى الهوى، فلما فازوا بذلك في كل هذه المعاني، بلغوا هذه المنزلة.

المقدم:-ويجدر أيضًا حديث أن مسألة هذه الأوصاف يدخل فيها الرجال والنساء، وليس فقط في الرجال.

الشيخ:- هو ذَكَرَ الرجل هنا يعني شخصًا، وليس المقصود رجل بمعنى أنه ذكرٌ بما يقابل الأنثى، قال الله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى[آل عمران: 195] وقال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ[النحل: 97] فالأجور والجزاء إما أن يأتي على الجميع الذكر والأنثى كهذه الآيات، وأما أن يأتي مذكورا بوصف الإيمان، وإما أن يأتي بوصف الرجل وتشترك فيه المرأة؛ لأن الأحكام لا تختلف في الرجال على النساء، لا الأحكام الدنيوية ولا الأحكام الأخروية ولا الأحكام الجزائية إلا بدليل.

فالنساء شقائق الرجال، وأنبه إلى لو نذكر أخي عبد الله قبل ننتقل إلى نهاية البرنامج أن النبي –صلى الله عليه وسلم- ذكر أعمالًا أخرى فمنها مثلا «من أنظر مُعسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله» [صحيح مسلم:3006/74]هذا معنى ليس مذكورًا في هذه الأحاديث، هو داخل في المعنى العام أن الإنسان يخرج عن مقتضى هواه كالهوى والنفس مجبولة على الرغبة في اكتفاء كل ما لها من الحقوق، فإذا وضع أو أنظر يعني أخر المعسر أو وضع عنه بمعنى أنه ما أكثر في المطالبة فإن هذا سيثمر الأجر والصواب.

في القرآن الكريم أيضًا ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم-: «اقرءوا سورةَ البقرةِ وآلِ عِمْرانَ فإنَّهما يجيئانِ يومَ القيامةِ كأنهما غَمامتانِ أو غَيايتانِ أو كفِرْقَيْنِ مِن طيرٍ صوافَّ يشفَعانِ لصاحبِهما يومَ القيامةِ» [صحيح مسلم:508/253]هذا يدل على أن هؤلاء الذين يقرءون البقرة وآل عمران يظَلُّون، وهو ظل هذه القراءة التي هي قراءة فهم وتدبُّرٍ وإيمان وعمل.

هذه كلها عطايا وصفات من الكريم المنان –جل وعلا- ومن ذلك أيضًا ما جاء في السنن الذي –صلى الله عليه وسلم- قال: «المؤمنُ يومَ القيامةِ في ظلِّ صدقتِه».[مسند أحمد:17333، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي. المستدرك:1517]

إذًا الخلاصة أن الأحاديث التي فيها الخبر عن نفع العمل الصالح وأن يستظل في ظل عمله يوم القيامة ليست محصورة في حديث أبي هريرة من السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله بل شاملة له ولغيره ممن جاءت بهم الأخبار، وكل عمل صالح يلقاه الإنسان بين يديه قال الله –عز وجل- قبل ذلك: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا[الإسراء: 13- 14].

المقدم:-نسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يجزيكم خير الجزاء، وشكر الله لكم صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم ونلقاكم بإذن الله تعالى في حلقة أسبوعية الأسبوع القادم.

الشيخ:-بارك الله فيكم وأشكرك وأسال الله تعالى لي ولكم القبول والإعانة والسداد وأن يجعلنا من الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم:-عليكم السلام ورحمة الله وبركاته وشكرًا جزيلًا لكم كذلك مستمعينا الكرام على حسن استماعكم لنا في هذه الحلقة، وتقبلوا في ختامها هذه التحية من محدثكم عبد الله الداني، ومن منفذ هذه الحلقة على الهواء الزميل حسن الجعفري، لقاؤنا يتجدد بكم بإذنه –سبحانه وتعالى- في حلقة الأسبوع المقبل في تمام الساعة الثانية ظهرًا من يوم الأحد حتى ذلكم الحين نستودعكم الله في أمان الله.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91418 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87222 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف