×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (37) آداب المجالس

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:4681

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكم مستمعينا الكرام إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامج الدين والحياة، والتي تأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، نرحب بكم في هذه الحلقة ونسعد بصحبتكم من خلال الإعداد والتقديم، هذا محدثكم "عبد الله الداني"، وكذلك من تنفيذ الحلقة على الهواء أجمل تحية لكم من الزميل "صالح سالم".
في هذه الحلقة مستمعينا الكرام حديثنا عن (آداب المجالس)، سوف نتحدث عن العديد من المحاور التي تندرج تحت هذا الموضوع الهام، ويسرنا في مطلع هذه الحلقة أن نرحب بضيفنا وضيفكم الدائم في هذا البرنامج صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور :خالد بن عبد الله المصلح، أستاذ الفقه بجامعة القصيم، والمشرف العام على فرع "الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء" في "منطقة القصيم" السلام عليكم ورحمة الله شيخ خالد.
الشيخ:- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبا بك أخي عبد الله،وحيا الله الإخوة والأخوات، نسأل الله تعالى أن يكون هذا المجلس مجلسًا مباركًا نافعًا.
المقدم:- اللهم آمين، شيخ خالد عندما نتحدث في البداية عن هذا الموضوع لعل البعض يذهب إلى أن تكون هذه المجالس فقط محصورة في صور معينة، لكن قبل أن نتحدث في هذا الموضوع الكبير والهام جدًّا، لعلنا نُجَلِّي معنى أو معاني هذه المجالس هل يقصد بها شيء معين، صورة معينة، أو نموذج معين؟ أو أنه هناك العديد من الصور التي تدخل ضمن هذا الإطار.
الشيخ:- الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد..
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية لك أخي عبد الله وتحية للإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات.
ما يتعلق بموضوع المجالس، عندما يطلق هذا اللفظ يتبادر إلى الذهن المجالس المعتادة التي تكون في البيوت، أو تكون في الأماكن المهيَّأة للجلوس على نحو معتاد مألوف، والحقيقة أن المجالس التي نتحدث عنها في هذه الحلقة بغض النظر عما يتصل بمدلولها اللغوي من عدمه، أو مدلولها العرفي من عدمه، المجالس نقصد بها كل أوجه الالتقاء الذي يكون بين الناس سواء كان ذلك في أماكن مهيأة للجلوس أو كان ذلك في مجالس عابرة أو كان ذلك في مصاحبة عبر وسائل الاتصال كمجلسنا هذا الذي نحن الآن نتحدث فيه، فنحن ومن معنا من المستمعين والمستمعات يشبه أن نكون في مجلس، وإن كانت قد تفرقت بنا الأماكن وتنوعت بنا الانشغالات والهيئات والأحوال، لكننا نجتمع على قضية معينة نتحدث فيها ونتبادل فيها الحوار، ومثله أيضًا المجالس التي تكون عابرة في أماكن الانتظار على سبيل المثال في المستشفيات أو في أماكن المراجعة في الدوائر أو المؤسسات، وما أشبه ذلك من أماكن الالتقاء بين الناس.
ولهذا يمكن أن يقال: أدب اللقاء ليشمل كل ما يمكن أن يكون من الآداب المتعلقة بالمخالطة التي تتخذ صورًا عديدة، سواء كانت هذه الصور من خلال المباشرة أو من خلال الجلوس في أماكن مُعدَّة أو من خلال المصاحبة بنوع من الحديث، أو كان ذلك حتى من طريق المجالس الإلكترونية التي هي شائعة وكثيرة سواء كان ذلك بشكل مباشر، أو كان ذلك عبر الاتصال المرئي، أو كان ذلك عبر الاتصال الصوتي كل ذلك يندرج فيما نحن فيه من حديث.
ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها المؤمن؟ ما هي الآداب التي يجب أن يستحضرها المؤمن ليفوز بهذه المجالس بالخير ويتوقى ما يمكن أن يكون من شرٍّ فيها؟
المقدم:- شيخ خالد أيضًا لعل البارز في هذا الجانب وفي هذا الحديث أن الشريعة الإسلامية جاءت بالكثير من الآداب في هذا السياق في موضوعنا هذا عن آداب المجالس، وبصراحة لم تكن أيضًا في موضع واحد وإنما في مواضع كثيرة جدًا، سواء في الكتاب أو في السنة النبوية المطهرة وكذلك أيضًا جاءت سواء تتحدث عن ما ينبغي أن يلتزم به المسلم من آداب في داخل المجلس، وكذلك في داخل المجلس للمُجالِسين أنفسهم أو لمن هم في خارج هذا المجلس، وعلى سبيل المثال للمارة أو غير ذلك نريد أن نتحدث في البداية لماذا كان هذا الحرص الشديد على تنظيم هذه المجالس وفرض هذه الآداب عليها؟ هل هناك حكمة معينة؟
الشيخ:- الجواب على هذا السؤال وهو ما هو السبب في هذه الحفاوة الشرعية في الكتاب والسنة، القرآن الكريم والسنة المطهرة جاءت بجملة من الآداب التي تنظِّم لقاء الناس وتتحدث حتى عن تفاصيل دقيقة فيما يتعلق بلقاءاتهم على سبيل المثال ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْالمجادلة: 11  وما أشبه ذلك من النصوص العديدة التي تطرقت لتفاصيل تتصل بما يتعلق بهذه السنة النبوية قال النبي: «فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّه، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذى»صحيح البخاري (2465)، وصحيح مسلم (2121) .
فهذا النوع من التنظيم الشرعي لهذه القضايا يندرج تحت مفهوم يمكن أن يغيب عن كثير من الناس، وهو أن الشريعة لم تأتِ فقط لتنظيم ما بين العبد وربه، لم تأت لتنظيم الصلة بين الإنسان والخالق الله -جل في علاه-، بل إن الشريعة المطهرة جاءت بما هو أوسع من ذلك دائرةًلتنظم ما بين الإنسان والله –عز وجل- علاقة العبد بربه، علاقة الإنسان بالإنسان، بل علاقة الإنسان بالحيوان، بل علاقة الإنسان بالبيئة.
الشريعة لم تأت في إطار ضيق، تُحدُّ بصلة الإنسان بالله –عز وجل-، بل بكل الصلات، ومنها الصلة بين الناس وهي الأكثر والأهم والأعظم حقًّا، صلة الإنسان بجنسه، صلة الإنسان بمن يخالطهم ممن يتفقون معهم بالجنس بني آدم، بل حتى يا أخي الشريعة جاءت بتنظيم علاقة الإنسان بالجن، يعني الشريعة لما نهى النبي –صلى الله عليه وسلم- عن الاستنجاء برَوَث وعَظْمٍ قرَّر ذلك بأنه طعام الجن ودوابهمصحيح البخاري (3860).

  هذا من الآداب المتعلقة بغائب لا علاقة لك به.
المقدم:- ليس هناك تعامل مباشر صحيح.
الشيخ:- لا تدرك حقيقة هذا الأمر، ومع هذا جاءت الشريعة بتنظيمه وترتيبه على هذا النحو الواسع، السبب هو أن هذه الشريعة كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أحمد بإسناد جيد من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إنَّما بعثتُ لأتمِّمَ مَكارِمَ الأخلاقِ»مسند أحمد (8952)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (273)  المعنى وهو أن الشريعة جاءت بتميم صالح الأخلاق، يؤكد على قضية تغيب عن كثير من الناس، ولا يتنبَّه لها كثير من الناس وهي منزلة الأخلاق وطيب المعاملة وحسن الخلق للشريعة، حيث يظنون أن المهم والمدار على تحقيق الإسلام القيام بالشعائر والشرائع التي هي حق الله –عز وجل-، ثم قد لا يبالي بما يكون من حقوق الخلق في حين أن الله –عز وجل- نظم كل تلك الحقوق بأمر واحد فقال: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوْا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِهاالنساء:58 .
وهذا الأمر لا يوقف الأمر على ما يتعلق بحقوق بني آدم، بل هو واسع لا يقتصر فيما يتعلق بالحكم لله –عز وجل-، بل هو واسع وشامل لحق الله –عز وجل- وحق الخلق، لهذا ينبغي للمؤمن أن يستحضر هذا المعنى وأن يصاحبه في ذهنه في كل المواطن التي تتعرض له، فإن هذه الشريعة لم تأتِ بأمر يتعلق بالعبادة والطاعة دون ما يتصل بحقوق الخلق.
ثانيًا: ما يتعلق برسول الله –صلى الله عليه وسلم- أول ما جاء آمرًا به أَمَرَ بأمور تتعلق بحسن المعاملة والصِّلة، صلة الرحم بين الناس، ففي حديث هرقل لما جاء سفيان سألهم ما يأمركم؟ مستفسرًا عن ما الذي جاء به –صلى الله عليه وسلم- من الأوامر قال: "يأمرنا بالصلاة والصدقة"، قال: "العفاف والصلة"، والعفاف معني لا يقتصر فقط على عِفَّة الفرج وعدم المواقعة لما يتصل بالشهوات، بل العفاف معني أوسع من هذا بكثير، فهو يتصل بكل ما يتعلق بِرَدِّ النفس عن الرذائل، أو كان ذلك في الشهوات أو كان ذلك في المعاملة، أو كان ذلك فيما كان من شئون الناس.
ولهذا ينبغي أن يستحضر الإنسان هذا المعنى، ولتأكيد هذا الأمر كان هرقل يسأل أبا سفيان عن قضايا تتعلق بالأخلاق؟ فيقول فهل كنتم تتَّهمونه بالكذب قبل هذا؟ قال أبا سفيان: لا قال: فهل يغدِر؟ قلت: لا. صحيح البخاري (7)، وصحيح مسلم (1773) .
المقدم:- وكل هذه الأسئلة لها مغزى معين ويريد أن يتوصل إليه من خلال هذه الأسئلة؟
الشيخ:- نعم بالتأكيد وهو بيان الصفات التي جاءت في كتابهم عن هذا الرسول الكريم الذي جاء بهذا النور، وهم ينتظرون وكانوا يرقُبون خروجَه لكن صدَّهم عن ذلك استكبارهم وعنادهم، والمقصود مما نتكلم به أخي الكريم أنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقتصر في أمره الناسَ في أوائل بعثته على جوانب من العبادة والصلة بين العبد وربه، بل أمرهم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة، كل هذا مما أمر به في أوائل البعثة ومما أخبر به أبو سفيان هرقل وجعله هرقل دليلًا على صفة الأنبياء.
في رواية عن عبد الله بن عباس قال أبو سفيان لعبد الله بن عباس، يقول: أخبره أبو سفيان أن هرقل قال له: سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت (انتبه لهذا الكلام هذا هرقل يوجه الخطاب لأبي سفيان) يقول: سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه يأمر بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة، قال هرقل: معقِّبًا على هذه الإجابة قال: وهذه صفة نبيٍّ.
إذًا هذه الأخلاق الكريمة التي تنظم صلة الإنسان بالناس في كل شئونه وفي كل مقاصد حياته هي من الشريعة والدين الذي جاء به النبي –صلى الله عليه وسلم- بل لا عجب أن تسمع قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍالمجادلة: 11  فجعل الامتثال لهذه الأوامر والعلم بها هي من موجبات الرفعة في الدنيا والآخرة، وجعلها من خصال الإيمان وخلاله.
فينبغي للمؤمن أن يراعيَ هذه الأمور مراعاةً يحقِّق بها المقاصد الشرعية، المجالس هي من الأمور التي لا انفكاك للناس عنها.
المقدم:- وكنت أسأل يا شيخ خالد في هذا السياق لماذا نفرد الحديث عن مثل هذه الآداب وخاصة آداب المجالس وهناك الكثير من الآداب المتعلقة بالعديد من الأمور التي تلامس حياة الإنسان، لكن لماذا خصَّصنا المجالس بهذه الآداب للحديث عنها؟ وكذلك تسجيلنا ما يمكن أن يدخل ضمن هذا الإطار.
الشيخ:- أخي الكريم السبب في هذا أن الناس لا غنى لهم عن مجالس يستمتعون بها، يدلُّك لهذا ما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: «إِيّاكُمْ والجُلُوسَ على الطُّرُقاتِ.

هذا تحذير نبويٌّ عن الجلوس على الطرقات والجلوس في الطرقات هي من أوجه اجتماع الناس وأماكن تجمُّعاتهم، وجلوسهم سواء كان عارضًا أو أحيانًا جلوسًا مقصودًا يحتاجونه لعدم توفر الأماكن المناسبة للجلوس، لاسيما في ذلك الزمان الذي هو البيوت فيه ضيِّقة، والأحوال فيه على ضيق وقلَّة ذاتِ يدٍ، فكانوا يجلسون في الطرقات.
قال لهم النبي –صلى الله عليه وسلم- «إِيّاكُمْ والجُلُوسَ على الطُّرُقاتِ» لما في ذلك من المفاسد والأذيَّة والمترتِّبات التي قد يترتَّب عليها الإثم والمؤاخذة، فماذا قال الصحابة قالوا: «ما لَنا بُدٌّ، إنَّما هي مَجالِسُنا نَتَحَدَّثُ فِيها» كيف أجاب الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- بهذا الجواب الذي يدل على أنه لا انفكاك للناس عن مجالسَ يجتمعون فيها، مجالس يتحدثون فيها، مجالس ينضمُّ بعضهم إلى بعض، ففي هذه الحال إذا لم يتمكن الإنسان من تجنب المجالس التي فيها مؤاخذات أو فيها مَظِنَّة الزَّلَل، فليأخذ بما أوصى به النبي –صلى الله عليه وسلم- لمَّا أجابوا له النبيَّ –صلى الله عليه وسلم- بهذا الجواب فقالوا: «ما لَنا بُدٌّ، إنَّما هي مَجالِسُنا نَتَحَدَّثُ فِيها» وفي رواية أخرى قالوا: ما لنا بدٌّ إنما نتحدث بها قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «فَإِذا أَبَيْتُمْ إِلّا المَجالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّها».
إذًا إذا كان ولابدَّ أنكم جالسون في هذه الأماكن، ولابد أنكم مستمعون في هذه الأماكن، فأعطوا الطريق حقَّه ومن شاء المبادرة إلى القتال في الممكن من الأمر «قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ»صحيح البخاري (2465)، وصحيح مسلم (2121) 
هذا يبين لنا أن قضية المجالس وما يتصل بها ليست قضيةً ترفيهية والحديث عنها هامشي أو لا يُؤبَه له، بل إنه أمر مهم ينبغي أن نعتني به حتى نَشيع الأدب النبوي، ونأخذ الخير الذي جاء به النبي –صلى الله عليه وسلم- في اجتماعنا.
المقدم:- في هذا السياق أيضًا شيخ خالد يبرز سؤال مهم جدًّا، عندما حدَّد النبي –صلى الله عليه وسلم- حقوق الطريق التي ينبغي أن يلتزم بها كلُّ سالكي الطريق وكذلك أيضًا الجالسين على هذا الطريق كنوع من آداب المجالس بدأ بغضِّ البصر، لعل في بدايته بهذا الأدب كثير من المَضامِين التي يمكن أن تدخل في هذا السياق فيما يمكن أن يؤدِّي إليه غضُّ البصر من حفظ لحقوق الناس، وكذلك أيضًا محارمُهم في الطرقات يأخذون حقوقهم كاملة دون أن يتعدَّى عليها أي إنسان سواء كان جالسًا أو كان ماشيًا.
الشيخ:- بالتأكيد إن غض البصر له أهمية ومنزلة كبرى خصَّه الله تعالى بالأمر، ولم يكتفِ به على أمر فئة من الناس، بل وجَّه فيه الأمر للمؤمنين استقلالًا، وللمؤمنات استقلالًا قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّالنور: 30- 31  مع أن الأمر في الأصل يوجَّه للرجال أو للنساء يشترك فيه الجنسان إلا أن يأتي دليل على تخصيص أحد الفريقين بما يختصُّ به.
فالمقصود أن الله –عز وجل- لأهمية هذا الأمر لم يُقتصر فيه على أمر واحد، بل فصل به الأمر للفريقين، غضُّ البصر سواء كنا في الطرقات أو حتى كنا في البيوت لأنه معلوم إذا دخل الإنسان بيته فإنه يطلع على حال هذا البيت وقد يكشف له شيء لا يرغب صاحب البيت في انكشافه.
المقدم:- يعني ليس غض البصر فقط عن العورات أو المحارم وإنما ممكن يكون يشمل هذا الأمر لأكثر من موضوع في ضمن هذا الإطار، ضمن هذا الأمر.
الشيخ:- هو غض البصر مقصودُه كف البصر عن كل ما يُكره الاطلاع عليه، فكان هذا فيما يتعلق بالمحرَّمات من المحارم، أو كان ذلك فيما يتعلق بلطيف الأدب، أحيانًا تجد البعض يدخل مجلسا يجدُ مثلا ورقا على الطاولة فيبدأ يُقلِّب هذه الأوراق ويقرؤها ويشوف، أو يدخل مكتبةً والمراجعات والأعمال تجده يعبث في بعض مقتنيات المكتبة على وجه التجسُّس، على وجه العبث والفضول هو مأمور بأن يغضَّ بصره عن كل شيء، يا أخي إذا كانت مجالس العلم يحتاط فيها أهل العلم بشيء مما يوصف أحيانًا بأنه نوع من التشدُّد الذي نراه نحن تشددًا وكانوا يرونه هراء.
يعني العلماء كانوا يقولون: إذا نظر الإنسان في كتاب صاحبِه دون إذنه لا يجوز، ونظر في كتاب، فكيف بالذي يأتي وتجده لا يترك شيئًا في المجلس إلا نظر إليه، ينظر في المكيِّفات، ينظر في الأثاث، ويمكن يقوم يشوف ما ماركة هذا الكرسي؟ أو ما ماركة هذه الفرشات؟.
المقدم:- والله يا شيخ فضلا من أن البعض للأسف يتجاوز كل هذا إلى مُنتهى الوقاحة ويبدأ بتصوير بعض الجوانب في البيوت، وهذا شيء ملاحظ.
الشيخ:- وهذا زائد على البصر انتهاك الحرمات، تجده يصور فعلا، هذا حاصل إذا أعجبه مثلا كنب أعجبه دون استئذان ولا بأس إذا أذن لك صاحب البيت بأن تصوِّره فهذا شأنه، لكن الكلام على حصول هذا دون إِذنِ صاحبه أو أنك أحيانًا قد يضعه تحت أمرٍ واقع يصوره ترى يصور كذا، في نوع من الإحراج أحيانًا وأذيَّة الناس بطريقة مُزعِجة تجعل الإنسان يعرف هذا مخالف للآداب التي جاءت بها الشريعة، ولو لم نستحضر نصًّا من النصوص، إن الشريعة جاءت بتأويل الأمر فيما يتعلق بالنظر والاطلاع على شأن الإنسان وهو غير عالم، فجاء أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان قد اطلع على رجلٍ ينظر من خَلَلٍ في الباب، فجعل النبي –صلى الله عليه وسلم- يطلب غَفلتَه ليرميَه بسهم في عينه، وهذا يدل على أن هذا الاطلاع من وراء ستر الباب، ومن وراء الإغلاق مما نهت عنه الشريعة، وهو مما أوجب هذه العقوبة المُغَلَّظة، كون النبي –صلى الله عليه وسلم- يَتَحيَّن ويطلب غفلة هذا الرجل ليتمكن منه.
لاشك أن ذلك مما يدل على أنه مما يوجب العقوبة.
المقدم:- ولعله جاء حديث صريح في هذا الجانب في مسألة فقء عين هذا المُتَجسِّس من خلال الخلل في الباب[أخرج البخاري في صحيحه(ح6902) بسنده إلى أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ»]، وما يسمى في هذه العصور بالعين السِّحْرية مثلا إذا ما كان هناكشخص مثلا يتجسَّس من نافذة أو من شيء معين إلى بيوت الآخرين، إذا ما تم مثلا ألحق به الضرر فلا حق له.
الشيخ:- عينه هَدَر لأجل أن ذلك من باب العقوبة المأذون فيها شرعًا حتى لو قيل: إن هذا الإنسان يمكن أن يدفع المُعتَدِي بما هو دون ذلك، لكن هو من باب العقوبة لمن آذى الناسَ على عوراتهم بمحاولة الوصول إلى ما سُتِر، ما جُعل الاستئذان إلا من أجل البَصَر، فإذا نظر الإنسان من ثُقب الباب فإنه يكون بذلك قد اعتدى على صاحب المكان، ولم يحفظ حرمته.
أيضًا أن يصور شيئًا دون علم صاحبه هذا من الاعتداء عليه الذي قد يلحق بهذا.
المقدم:- وهذا البعض يقول في الأزمنة المتأخرة لعله من الدارج الذي يقال في مثل هذا الحديث أن الإنسان ينصح بأن "يدخل بيوت الناس أعمى ويخرج منها أبكم" هكذا يقول بعض العامة في هذا السياق، يعني كناية عن الحرص الشديد على حفظ أعراض المسلمين وكذلك أيضًا عدم انتهاك حقوقهم داخل منازلهم وحفظها كذلك.

 هذا شيء جميل لكن أسأل أيضًا في ذات الجانب أن النبي –صلى الله عليه وسلم- عندما ذكر هذه الأوامر غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ألا يدل ذلك أيضًا على أن النبي –صلى الله عليه وسلم- في كل أوامره وفي كل أحاديثه وكلامه كان حديثه من جوامع الكلم؟ فكان يجمع بالكلمة البسيطة ما يمكن، ما يشمل أشياء كثيرة ويدخل فيها ضمن كلامه عليه الصلاة والسلام.
الشيخ:- بلى، وهذا مما خصه الله تعالى به -صلى الله عليه وآله وسلم- فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة قال: «فُضِّلتُ على الأنبياءِ بسِتٍّ قال: أُعطيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ»صحيح مسلم (523) ، جوامع الكلم هي الكلمات المختصرة التي تحمل معانيَ كثيرة، فهي كلمة موجزة، لكنها من حيث الدلالة والمفهوم والمعنى حوت شيئًا غزيرًا، فهذا مما خصه الله تعالى به، ولذلك تجد كلماته –صلى الله عليه وسلم- وجيزة لكن معانيها أو دلالاتها عظيمة.
ينبغي أن يعلم فيما يتعلق بآداب المجالس أن المجالس لها آداب قبل الدخول، ولها آداب عند الدخول، ولها آداب أثناء الجلوس، ولها آداب عند الانصراف، وهذه الآداب منها ما هو مستحب ومنها ما هو واجب يأثم به الإنسان، سواء هذه الآداب إذا روعيت كان ذلك من تحقق الصلابة وتحقق الخير، فإذا أراد الإنسان أن يدخل فينبغي له أن يستأذن قبل الدخول، والاستئذان هو كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَاالنور: 27.

  فأمر الله تعالى بالسلام عند الدخول وذلك من أجل الاستئذان، فإن المقصود بالسلام -إضافة إلى أنه تحية لصاحب البيت- إلا أنه أيضًا إذن لصاحب البيت من يريد الدخول، فمن يريد أن يغشى هذا المكان فيسلم تنبيها حتى يأذن له.
المقدم:- لعل هذا شيء من الاستئذان ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَاالنور: 27  عندما يسلم قبل أن يدخل.
الشيخ:- نعم ولذلك جاءت منصوصة ﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا﴾ فالاستئناس للوحشة وزوال ما يُكره، وأما السلام فوسيلة لتحقيق هذا المطلوب الشرعي.
المقدم:- طيب السنة في الاستئذان يا شيخ، وكذلك في قول الله –سبحانه وتعالى-: ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌالنور: 28.

  مسألة الرجوع والاستئذان، وكذلك أيضًا حصول الزكاة من خلال هذا الأمر الرباني.
الشيخ:- الله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَالنور: 27  ثم قال: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌالنور: 28  هو أتى بالصورة الصريحة في الرد لكن هو في الأصل قال ﴿فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾، فلا يجب الدخول حتى يؤذن، لكن إن جاء رد باعتذار عن الاستقبال طُلب الانصراف ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌالنور: 28  هذا يدل على الترتيب والتنظيم لهذه القضية، وهي قضية استئذان المجالس والدخول أن ذلك ينبغي أن يكون على نحو من الأدب يحفظ للناس حقوقهم، ويحفظ للداخل حقه، ويؤمِّنه، ويحفظ لصاحب المكان ألَّا يُعتدى عليه، وألا يُطَّلع على ما يكره مما يتصل بأهله ومحارمه.
المقدم:- الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه [تقدم]عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فيما يتعلق بهذه الحقوق الخاصة بالطريق لعلنا أيضًا نَستَشِفُّ منها، ونستفيد منها أن يكون هناك ضرورة لاختيار المكان المناسب للمجلس، لا يجلس الإنسان مثلا في الأبواب والطرقات والسكك مثلا أو كذلك أماكن العبادة والراحة، يدخل البعض فيها ويجلس ويتكلم، ويؤذي الناس، ويؤذي المصلِّين، ويؤذي أيضًا من يطلبون الراحة يعني اختيار المكان ما ضرورته في هذا الجانب؟
الشيخ:- بالتأكيد أن اختيار المكان من المهمِّات التي ينبغي للإنسان أن يعتني بها؛ فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- لم ينهَ عن المجالس بالكلية بل قال: «إِيّاكُمْ والجُلُوسَ على الطُّرُقاتِ» لمظنَّة حصول أذيَّةٍ، لمظنة حصول اعتداء، لمظنة حصول تجاوز؛ لذلك نهى النبي –صلى الله عليه وسلم- عن الجلوس في الطرقات، والنهي هنا نهيٌ للكراهة، ولذلك لما ذكروا حاجتهم إليها أذن فيها ووجَّههم إلى ما ينبغي أن يصون المجالس، كذلك الجلوس مثلا أحيانًا يكون الجلوس في أماكن لا يصح فيها الجلوس، رجل في عمل في مكتب ويقول: أنا جاي أزورك، ويطيل المقام، وليس الزيارة بمعنى أنه سلام عابر لا يَشغله عن عمله ولا عن مَهامِّه، بل تجده يجلس ويتوسع في الوقت، وقد يُمضي ساعات أو وقتًا طويلًا على حساب المُراجعين، على حساب أصحاب الحوائج، على حساب الوقت الذي اؤتمن عليه هذا الموظف في عمله الذي يعمل فيه، فلهذا ينبغي الاعتناء بمثل هذا ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُواالنور: 28  أن يَعتذر عن استقبال الناس في أماكن العمل على هذا النحو الذي يضرُّ بالعمل، على هذا النحو الذي هو تضيع للأمانة التي أُمر بحفظها.
المقدم:- ننتقل أيضًا إلى جزء من الآداب المذكورة في السنة النبوية في آداب المجالس، ألا وهو الجلوس حيث ينتهي المجلس بالداخل إليه، قبل ذلك السلام، لو أخذنا جزءًا بشكل مختصر عن آداب السلام، وأحكام السلام؟

 يعني هل يكفي أن يُسَلِّم فيرد عليه أحد الجالسين أو كلهم يردُّون السلام، وكذلك أيضًا بالنسبة للمصافحة وغير ذلك، وكذلك أيضًا حيث ينتهي به المجلس.
الشيخ:- أخي الكريم إذا دخل الإنسان أولًا مثل ما ذكرنا الآداب المتعلقة بالمجالس لا تقتصر على وقتها وزمانها، فهذه تكون قبلها:
أولًا: ينبغي الإنسان أن يتخيَّر الجليس الصالح، والجليس الصالح لا يكون إلا في المجالس الصالحة، فينبغي أن يتخيَّر الجليس الصالح وكل من يدلُّك إلى خير في دينك ودنياك، وأما من يضرُّك في دينك ودنياك فهذا ليس صالحًا، بل هذا ينبغي أن يتجنبها المؤمن، وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ الجَلِيسِ الصّالِحِ والسَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ»صحيح البخاري (5534)، وصحيح مسلم (2628)  فينبغي أن يتخير ابتداء الجليسَ الصالح، وأن يحرص على أن تكون مجالِسُه ومجالسوه على هذا النحو من الخير الذي تصلح به أموره وتستقيم به أحواله.
الأمر الثاني: الذي يتعلق بآدابه أنه إذا أراد الدخول فليُسلِّم ولذلك قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إذا انتَهى أحدُكُم إلى المجلِسِ فليُسلِّم، فإن بَدا لهُ أن يجلِسَ فليَجلِسْ، ثمَّ إذا قامَ فليسلِّم، فليستِ الأولى بأحقَّ مِنَ الآخرةِ» هذا الحديث رواه أحمد وأصحاب السننمسند أحمد (7142)، وسنن أبي داود (5208)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (379)،  وفيه بيان حقٍّ من حقوق المجالس، وهو أن يسَلِّم الإنسان عند الدخول كما دلت عليه الآية، مما ينبغي أن يراعى أن يُكرَم الناس في أماكن جلوسهم، فينبغي أن تُفسَح الأماكن للداخل، وألا يضيَّق عليه كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْالمجادلة: 11 .
أيضًا بالنسبة للداخل ينبغي أن يحرص على التواضع، وعلى إبداء البِشْر لمن يدخل عليهم حتى يأنسوا به و«تبسُّمُك في وَجْه أخيك صدقة»[أخرجه الترمذي في سننه:ح1956، وقال: حسن غريب]، وينبغي له أيضًا أن يحرص على الجلوس حيث انتهى به المجلس كما جاء ذلك في ما أوصى به النبي –صلى الله عليه وسلم- كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر الله، لا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها[أخرج أبو داود في سننه:ح862، وأحمد في مسنده:ح15533 من حديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ ، وَافْتِرَاشِ السَّبْعِ ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ " وقد حسنه الألباني بشواهده في " السلسلة الصحيحة:ح1168]، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، وهو سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه، فيجلس حيث انتهى به المجلس، وهذا إذا كان المجلس لم يهيِّئ فيه الإنسانُ للشخص مكانًا، أما إذا هيأ له مكانا بأن قيل له هذا مكانك، في هذه الحال ينقاد لصاحب المجلس؛ لأن صاحب المجلس هو صاحب الحق فيما يتصل بترتيب هيئة الجلوس وصفة الجلوس.
ولا يخالف في ذلك لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ولا يجلس على تَكْرِمَتِه في بيته إلا بإذنه كما في صحيح الإمام مسلمصحيح مسلم (673) ، وينبغي إذا دخل الإنسان ولم يكن هناك محل، يعني محل مهيؤٌ له أن يجلس حيث انتهى كما فعل النبي –صلى الله عليه وسلم-، وقد كان أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- يفعلون هذا قال جابر بن سمُرة: وكنا إذا أتينا –صلى الله عليه وسلم- جلسنا حيث ننتهي. مسند الطيالسي (817)، ومن طريقه البيهقي في الآداب (249)، وصححه النووي في خلاصة الأحكام:2/786  أي حيث تيسَّر لنا الجلوس.
المقدم:- كذلك أيضًا يجدر بالمسلم أن يتبع هذه الآداب، ومن ضمنها كذلك، من ضمن آداب المجالس اختيار الجلسة المناسبة في هذه المجالس بحيث ألا تنكشف عورتُه أو لا يجلس الجلسة التي فيها أيضًا إساءة للآخرين كمدِّ الأرجل وغير ذلك من الأمور.
الشيخ:- هذه من الآداب التي نقول مراعاة الأعراف أمر مهمٌّ فيما يتصل باللقاء بالناس والاجتماع بهم، ولهذا من فقه شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- أنه ذكر في مسألة القيام للقادم أنه إذا عدَّ الناس عدمَ القيام للقادم تنقُّصًا له في السلام عليه وتحيته، فإنه ينبغي أن يقوم الإنسان، مع أن الهدي النبوي وهدي الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- وهو أحسن الهدي لم يكونوا يقومون فيما إذا دخل أحدهم لدخوله، لكن إذا كان هذا في عرف قومٍ كما هو حال بعض الجهات الآن، يعني إذا دخل داخل ولم يقم له الناس عُدَّ ذلك نوعا من التنقُّص أو عُد ذلك -وقد لا يعد- لكن عُدَّ في نظر الناس أن ذلك نوع من التنقص له، فهنا ينبغي أن يُراعى في مثل هذه ما يخالف الشريعة في صفة الجلوس كما ذكرت في طريقته، وألا يكون مُهدِرًا للمروءة والأدب، وتُفضي إلى انكشاف عروة ونحو هذا ينبغي أن يراعيه الإنسان.
المقدم:- ومراعاة التقاليد يا شيخ هل يؤخذ بها في مثل هذه؟
الشيخ:- نعم، هذا الذي أشرت إليه قبل قليل مراعاة الأعراف حتى لا يخالف الشريعة لا بأس به، وإن كان قد يفوِّت سنة لكن تأليف القلوب ومراعاتها أولى من عمل بسنة تكون سببًا للتفرقة والضَّغينة بين الناس، وهذه من القواعد الشرعية التي تخفى على كثير من الناس، لا يعني هذا أن تُغيَّب السنة، لا، تبين للناس السنة ويعرفون بها، لكن يتفرق بهم في الارتقاء إليها، كما أنه ينبغي ألا يتخذ الإنسان بين الجالسين بأن يجلس بين اثنين فيفرق بينهما فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يَحِلُّ لرجُلٍ أن يُفرِّقَ بين اثنَيْنِ إلّا بإذنِهما»مسند أحمد (6999)، وسنن أبي داود (4845)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7656)  وعدم إقامة أحد من المجلس لأجل أن يجلس فإن هذا يتضمن ما يتعلق بامتهانه وهو خارج كلام الله تعالى من التفسُّح في المجالس، وكذلك« نهى النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر، قال –صلى الله عليه وسلم-: لكن تفسَّحوا وتوسَّعوا وكان ابن عمر رضي الله عنه على رِفعةِ منزله بين الناس يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يُؤخذ مكانهصحيح البخاري (6270)، ومسلم (2170) ولم يذكر مسلم فعل ابن عمر .
المقدم:- لكن إذا كان صاحب المجلس هذا قام إلى شيء ما ومجالس عامة بصورتها العامة سواء كانت داخل مسجد أو في حلقة علمية أو في غير هذه الأماكن مثلا الإنسان يجلس ثم يخرج إلى حاجة إلى دورة المياه وغير ذلك من الضرورات ثم يعود.
*
السؤال الأول هل يجوز له أن يحجز هذا المكان؟
الشيء الثاني هل يجوز لغيره أن يحتلَّ مكانه، يجلس مكانه، وهل يجوز له أن يُقيمَه فيجلس مكانه؟
الشيخ:- هو إذا جلس الإنسان في مكان ثم قام منه لعارض ومعلوم أنه سيرجع إليه، أو ظاهر الحال أنه سيرجع إليه فهو أحقُّ به، فلو جلس أحد في هذا إما لكون ما درى أو لم يعلم فإن لصاحب المجلس أن يُقيمَه، وقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا قامَ أحدُكم من مجلِسِهِ ثم رجَعَ إليهِ فهو أحَقُّ بِهِ»صحيح مسلم (2179)  يعني من غيره، سواء ممن علم بجلوسه سابقًا أو لم يعلم.
المقدم:- يعني يجوز له أن يقيمه وما يتعارض مع حديث المنع.
الشيخ:- نعم ما يتعارض، لأن هنا ثمة استحقاقا سابقا، فذلك في حال عدم الاستحقاق، أما هنا فهو استحقاق متقدِّم، وهو كونه جلس قبله في هذا المكان.
المقدم:- في سؤال مهمٌّ جدًّا يا شيخ خالد ما يكثر السؤال عنه في مثل هذه الموضوعات، يكثُر للأسف الشديد في مثل هذه المجالس الغيبة والنميمة، وما يغضب الله –عز وجل- في هذه المجالس، وكذلك أيضًا عدم ذكر الله ماذا يمكن أن نوجِّه من رسالة في هذا السياق؟
الشيخ:- المطلوب في مثل هذا أن يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فالوصاية التي أوصى بها النبي –صلى الله عليه وسلم- للصحابة لما قال: «إِيّاكُمْ والجُلُوسَ على الطُّرُقاتِ ما لَنا بُدٌّ، إنَّما هي مَجالِسُنا نَتَحَدَّثُ فِيها» قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «فَإِذا أَبَيْتُمْ إِلّا المَجالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّها قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ»سبق.

  لكن الأمر المعروف للمتجالسين سواء كان الجلوس في أماكن الطرقات، أو كان جلوسا في أي موضع من المواضع؛ لأن الله تعالى ذكر المؤمنين بهذا فقال: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِالتوبة: 71  وقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِآل عمران: 110  وقال –جل وعلا-: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِالنساء: 140 
المقدم:- كنت أسألك يا شيخ حول هذا الجانب إذا ما تضمن المجلس كذلك أيضًا تنقُّصًا وسخرية بآيات الله، أو بالدين، أو بالشريعة، بالسنة النبوية المطهرة، أو بما يتصل بها، ماذا ينبغي على المسلم أن يفعل وبشكل عام إذا ما كانت هناك مُنكرات، ما ينبغي على المسلم أن يتبع في هذا الجانب.
الشيخ:- أولًا معروف النهي عن المنكر بمراتبه التي بيَّنَتْها الشريعة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما تقتضيه الشريعة، وليس على ما يقتضيه الهوى، فلابد من علم وبصيرة وصبر وحِلم حتى يحقق الإنسان مقصودَه ويراعى المراتب الشرعية فيبتدئ بما ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم- «مَن رَأى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ» وهذا إذا كان صاحبَ ولاية كأن يكون صاحب المجلس مثلا، «فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ» وهذا في حق من له إذن يعني يسمعه الناس ويستطيع أن يُنكِر بلسانه يعني كل من كانت له القدرة في إنكار المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة وتحقيق المقصود فإنه مندرج في هذا الذي أمر الله تعالى به، بعد هذا إن لم يستطيع أن يغيِّرَه لا بيده أو لسانه، فلنأت للمرتبة الثالثة أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وذلك بقلبه «فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ»صحيح مسلم (49) .
الإنكار بالقلب يتضمن مرتبتين:

 المرتبة الأولى: التي لا يُعذر أحدٌ بتركها وأن يكثر ما حرمه الله ورسوله من غيبة أو ما إلى ذلك مما يكون في بعض المذاهب.
الأمر الثاني: أن يغادر ويفارق المجلس إذا كان مستطيعًا؛ لقول الله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًاالنساء: 140  فبينت الآية الكريمة أن الواجب على من حضر مُنكرًا أن يغيِّرَه ولو بالمفارقة إذا كان لا يستطيع أن يغيره بيده ولا بلسانه، فأقل المراتب الإنكار بالقلب الذي يقترِن معه المفارقة، لكن إذا لم يستطع فعند ذلك يسقط وجوب المفارقة ويبقى كما هو.
المقدم:- الآداب كثيرة يا شيخ خالد لكن لعلنا نأتي على الأبرز منها وخصوصًا مما يكثر الحديث عنه أو يجدر أن نتحدث وننبه عليه، وكذلك بعد أن ننتهي من هذا ندخل في الجانب الذي يمكن أن يخرج عن جانب الافتراضي، المجالس الافتراضية اللي هي المجالس الإلكترونية التي أيضًا تحتاج منا نوعا من الحديث.
الشيخ:- الآداب ليست قليلة، الآداب كثيرة والجامع لها أن يتحلَّى الإنسان بكل خلق فاضل يقرب إلى الله ويحبِّبُه إلى الناس، وأن يكرم الناس وينزلهم منازلهَم، ولذلك جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أن رجلًا دخل مجلسًا فلم يفتح له المكان وكان الرجل كبير السن فقال النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ليس منّا مَن لم يُوقِّرِ الكبيرَ ويرحَمِ الصَّغيرَ ويأمُرْ بالمعروفِ ويَنْهَ عن المنكَرِ»سنن الترمذي (1919)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5445) .

وقد جاء من ذلك مسلم وحامل القرآن غير المغالي فيه وإكرام ذي سلطان المقسط، هذه كلها من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان من الناس منازلهم وإكرام من يستحق الانتظار بحسن المعاملة ولطافة المعاشرة سواء كان ذلك بعدم اشتغال هذا الرجل بالمشكلات.

 اليوم تدخل بعض المجالس وتجد أحدهم يتحدث والآخر يعبث في جهاز أو يطَّلع على شيء من البرامج، أو ما إلى ذلك مما يخلُّ بالأدب الذي ينبغي أن يكون عليه الإنسان في تعامله مع الناس.
بعض الناس يقول: ما في شيء الحقيقة أن حتى ولو لم يكن مؤكدًا، الإنسان يتحلى بالفضائل لا ليكون الآخر ينفعه أو ما ينفعه، يرضى أو ما يرضى يتحلى بالفضائل لأنه يسمو بها ويعلو بطيب الأخلاق، ويجرى الله تعالى عليه من الأجور بحسن خلقه ما يؤجر به وتحسن به سيرته وذكره في الدنيا وفي الآخرة.
مما ينبغي أن يحرص عليه الإنسان فيما يتعلق بالذهاب إلى المجالس أن يحذر من تتبع الأعراض، بعض الناس إذا جلس ليس له هم إلا فلان فعل وفلان عمل، والجماعة الفلانية ثوبهم كده، والقبيلة الفلانية كيف، وكل كلامه وسائر حديثه على التنقص في الناس، الوقيعة فيهم لا يسلم أحد من لسانه لا قريب ولا بعيد، لا بَرٌّ ولا فاجر، لا عدل ولا مائل، لا حاكم ولا محكوم، يعني بطريقة مُؤذية فمثل هؤلاء ينبغي يتجنَّب مجالسهم وأن يتوقَّاهم الإنسان، فمجالسهم توقع فيما يغضب الله.
المقدم:- هذا يا شيخ خالد ينسحب أيضًا على من هو هذا ديدنهم وهذا صفتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
الشيخ:- بالتأكيد مثل ألا تتخير الصاحب الطيب، كذلك ما يتعلق بموضوع المتابعة بوسائل التواصل، ينبغي للإنسان أن يتجنب متابعة أصحاب الألفاظ البذيئة، أصاحب الأفكار الرديئة، أصحاب الآمال السيئة، أصحاب الأفكار الهابطة، أصحاب الكلمات النابية، ينبغي أن يتخير كل من يكون سببًا لقربه من الله، سببًا لانتفاعه في أمر دينه أو في أمر دنياه، ومن حرص على هذا سلم من آفات هذه الشبكات.

 طبعا ثمة مواقع أيضًا تحرِّض الناسَ على حُكَّامِها وليس لها من مسائل عدا ما يرونه من نواقص في العلماء والأمراء وشحن النفوس والتحريض.
كل هذا مما ينبغي على الإنسان أن يبتعد عنه، قد يأتي أحيانا هذا بفضل نصيحة ليس هذا سبيل النصيحة، كل ما أدَّى إلى فُرقة ليس هو طريق أهل العلم أهل البصر، أهل الخير، أهل الإيمان، أهل التقوى؛ لأن الإيمان يجمع ولا يفرق.
المقدم:- يكثر في هذه الأيام أيضًا هذه ما تسمى بمجموعات الواتس أب فيها الكثير أحيانًا يكون فيها من المنكرات سواء مما تفضلتم بذكره وحذَّرتم منه الغيبة والنميمة ونشر الصور المحرمة والمقاطع المحرمة وأيضًا الصوتيات والمسامع المحرمة وغيرها مما يمكن التنبيه عليه في هذا الجانب، إضافة أحيانا يكون الشخص لا يأذن بإضافته في بعض المجموعات فيُجبَر على ذلك ويجبر على ألا يستحي ممن قد لا يستحي منه من أقاربه أو أصحابه.

              الشيخ:- صحيح هذا من الأشياء المؤسفة أن بعض الناس يقوم بإضافة أعداد كبيرة أحيانًا قد يكون شخصًا مجهولًا ويضيف ناسًا شتَّى متفرِّقين، وقد يكون بينهم مُلاسنة أو مُشاتَمة أو مُسابَّة فيبوء بإثمها من تسبب فيها، ينبغي للإنسان ألا يوقع الناس في مثل هذا، بل يفعله بعضهم على وجه العبث، بعضهم على وجه الوقيعة بين الناس، وبعضهم على وجه الإفساد ومثل ما ذكرت أحيانًا قد يجبر الإنسان بأن يضم في مجموعة من هذه المجاميع التي فيها من يستحي من أصحاب، أو يستحي ألا يكون معهم فيقع في حرج وقد ينُهك وقته ثم تتطور المسألة إلى أن يشارك، ولماذا ما شاركت؟ وبعض الأعضاء غير فاعلين، وما إلى ذلك من الكلام الذي هو في غنى عنه.

لا تدخل أحدًا ولا تنشىء مجموعة إلا وقد سلمت من أعضائها على نحو لا إحراج فيه، وأن يكون المجتمع الذي من أجله أُقيمت هذه المجموعة مُفيدة في أمر دينه، أيضًا أخطر من إشاعة بعض المنكرات في وسائل التواصل سواء في المجموعات أو عبر التغريديات والتدوينات وما إلى ذلك وحتى الشاتات أو أوجه التواصل الأخرى، ثمة إشارة يشكك في كتاب ثم يطعن في دلالة النصوص ويتطرَّق لمسائل ليس له فيها علم ولا معرفة ولا إحاطة من أحكام الشريعة أو قواعدها أو أصولها ويشوشِّ على الناس، ويشبِّه عليهم في أمور لا علم له فيها، ويوقع من يجتمع إليه ويتابعه بأنواع من الالتباس والاشتباه الذي هو في غني عنه فيكون تسبَّب في تَشَوُّش للناس، ينبغي الاحتياط والتنبه لمثل هذه الأعمال التي تجرُّ على الإنسان شرًّا عظيمًا في دنياه وأخراه.
المقدم:- نسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يجعل مجالسنا مجالس خير، وأن يصرف عنا مجالس السوء والفساد والمنكرات والضلال، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه، أشكركم صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: خالد بن عبد الله المصلح، أستاذ الفقه بـ"كلية الشريعة" في "جامعة القصيم"، والمشرف العام على فرع "الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء" في "منطقة القصيم" وأساله –سبحانه وتعالى- أن يجعل ما تفضلتم به في هذه الحلقة في موازين حسناتكم.
الشيخ:- آمين، بارك الله فيك يا أخي "عبد الله" وأشكر الإخوة والأخوات على الإنصات والاستماع، وأسال الله لي ولهم القبول وأن يعمر قلوبنا ومجالسنا واجتماعاتنا بما فيه خير الدنيا والآخرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94000 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف