المقدم:بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حلقة جديدة من برنامجكم الفقهي الإفتائي المباشر [يستفتونك] على شاشة قناة الرسالة الفضائية، باسمكم واسم زملائي أرحب بضيفي الكريم صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ خالد بن عبد الله المصلح المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، وأستاذ الفقه في جامعة القصيم، أهلًا وسهلًا بكم يا شيخ.
الشيخ:حياكم الله، أهلًا وسهلًا بك وبالإخوة والأخوات، وأسأل الله أن يكون لقاءًا نافعًا ومباركًا.
المقدم:اللهم آمين، وأهلًا وسهلًا بكم وبتواصلكم على الأرقام التي تظهر على الشاشة أو عبر حسابي على تويتر فحياكم الله.
مشاهدي الكرام نحمد الله ـ سبحانه وتعالى ـ على ما منّ به على هذه البلاد من أمن وأمان واطمئنان ورخاء، نحن نتقلب في نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، نحمد الله سبحانه وتعالى عليها.
ما تم الإعلان عنه بالأمس صاحب الفضيلة من وزارة الداخلية من إنجاز أمني يُحسب لهؤلاء الرجال، ونحمد الله ـ سبحانه وتعالى ـ على ما تم هو إنجاز يا شيخ كبير، أحبطت عمليات إرهابية كبيرة مرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي، يعني كانوا يستهدفون العلماء، ويستهدفون المواطنين، ويستهدفون المنشئات، ويستهدفون رجال الأمن، وتم بحمد الله القبض على هؤلاء المجرمين، تعليقكم حفظكم الله يا شيخ.
الشيخ:الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد...
فمفتاح شكر النعم معرفتها، وإدراكها، ولا شك أن من غفل عن النعمة من حيث هي لم يشكرها؛ لأنه لا يقدرها ولا يعرف لها وزنًا حتى يقوم بحقها.
نعمة الأمن نعمة عظمى، ولا يدرك ذلك إلا من أدرك وعرف ماذا ينتج عن عدم الأمن، الله ـ جل وعلا ـ جعل من أبرز ما منّ به على أهل الحرم أنه أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، فحقق لهم الأمن الغذائي، والأمن على أنفسهم، وأموالهم، ودورهم، وأحوالهم.
فلا شك أن نعمة الأمن نعمة عظمى، والأمن لا يمكن أن يتحقق إلا بأسباب، أعظم أسبابه صدق التوجه إلى الله ـ عز وجل ـ والاعتصام به ـ جل في علاه ـ في الدنيا وكذلك يدرك به الأمن في الآخرة، قال الله ـ تعالى ـ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾[الأنعام:82].
فالله ـ جل وعلا ـ يقذف في قلوب أوليائه، وينزل عليهم من الأمن والسكينة والرحمة والطمأنينة ما تنعم به قلوبهم في الدنيا، وما يتبين به فضلهم وعظيم مكانتهم، وكبير سبقهم في الآخرة، فإن الله ـ تعالى ـ جعل الأمن يوم العرض عليه ـ جل في علاه ـ لمن جاء بقلب سليم ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ[88] إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾[الشعراء:88-89].
الأمن الذي يتحقق في البلدان كما أن له أسبابًا شرعية بالإقبال على الله وتوحيده، له أسباب من كسب الإنسان فإن فعل الإنسان بتأمين نفسه، وأخذ أسباب الحيطة والأمان التي يقي بها نفسه الشرور والأخطاء هو مما يحقق الأمن، ويسر الله ـ تعالى ـ في هذه البلاد المباركة "المملكة العربية السعودية" أجهزة أمنية تبذل قصارى جهدها في حفظ أمن هذه البلاد، وأمن هذه البلاد يهم كل مسلم حيثما كان إذا كان صادقًا في إسلامه، ويفرح باستقرار هذه البلاد، وأمنها، ورغدها، واجتماع أمرها على ولاة أمرها، وصلاح حال أهلها، هذا مما يبهج أهل الإسلام في كل مكان.
ذلك أن هذه البلاد حاضنة الحرمين الشريفين، فالأمن الذي فيها لا شك أنه ينعكس على هاتين البقعتين المباركتين اللتين هما في قلب كل مسلم، وكل اختلال أو خلل في أي جزء من هذه البلاد ينعكس على الحرمين، وبالتالي يصيب هذه البقعة المباركة من الاختلال في الأمن ما يزعج المؤمنين. كما أن جزيرة العرب على وجه الإجمال هي حصن الإسلام، وهي مأرزه الذي يأوي إليها كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيان مأرز الإيمان بين مكة والمدينة، وهذه حماها، وحمى هذه البقعة المباركة.
هذه الأجهزة الأمنية التي حققت هذه الضربات الإستباقية لهؤلاء المفسدين الذين جندوا أنفسهم لخدمة الشيطان وأعوانه، وإن تلبسوا بما تلبسوا به من رايات أو لُبس عليهم بشعارات كاذبة، لا شك أنه من أعظم النعم التي تستوجب شكرًا لله ـ عز وجل ـ على الجميع، على كل أفراد المجتمع؛ لأن المستهدف بمثل هذه التصرفات، وهذه الاعتداءات، وهذه المخططات ليس جهة من الجهات في هذه البلاد بل المستهدف هو جميع مكونات هذا البلد.
بل لا أبالغ أن المستهدف هم أهل الإسلام حيثما كانوا فإن إصابة هذه البلاد هي إصابة لكل مسلم حيثما كان إذا كان صادقًا في إسلامه. لذلك ينبغي أن يؤخذ الأمر بهذا الاتساع لإدراك المخاطر التي تنجم عن اختلال الأمن في هذه البلاد المباركة، اختلال الأمن لا شك أنه مما يترتب عليه مفاسد كبرى، وقد شهدنا تجمع أمم عظيمة من جهات عديدة في الموسم القريب من موسم الحج من أقطار عدة، أدوا نسكهم، اجتمعوا في أعمال الحج في مواطن عديدة، تنقلوا بين مكة والمدينة، وبين المشاعر على نحو من الوئام والطمأنينة والسكن.
هذا لو لم يكن ثمة عين تحرس، وأفئدة تبذل من مواجهة للدفاع عن الحرمين، والدفاع عن أمن هؤلاء ما تحقق هذا الأمن. وبذلك يتبين أن أمن هذه البلاد لا يختص أهل هذه البلاد بل الجميع، والتهديدات التي تتوجه لهذه البلاد سواء من الداخل أو من الخارج لا تختص هذه البلاد بل هي عامة لكل أهل الإسلام.
هؤلاء المفسدون الذين قُبض عليهم من الإرهابيين المجرمين لا شك أن خطرهم لا يقتصر على من سموا إليهم، لأنه سمي أن هناك استهداف لرجال أمن، لمواطنين، لعملاء، لجهات حيوية، الحقيقة أن تخطيطهم يمس كل فرد في هذه البلاد. ولذلك شف المخططات الخبيثة أعُلن أنهم كانوا يستهدفون تفجير شريان وأنبوب يمثل من أهم أنابيب النفط أو مصادر الدخل لهذه البلاد، وهذا بالتأكيد أنه سيطال كل أحد صغير وكبير، ذكر وأنثى.
ولهذا أنا أقول: الحقيقة أن من واجب الجميع أن يشعر بالمسئولية، وأن يكون حصنًا منيعًا لصد هذه الهجمات المتوالية من هؤلاء، الهجمات الفكرية المفسدة، والهجمات التخطيطية التي تسعى للنيل من أمن هذه البلاد، والطعن في ولاتها، وانتهاك وزعزعة أمن مواطنيها. غير غائب عن هذا الفساد الذي يسر الله كشفه من رجال أرجو أن يعلي الله منازلهم، وأن يثيبهم، وأن يحفظهم من بين يديهم من رجال الأمن في الداخلية، ثمة إخوة لهم في القوات المسلحة تصد هجمات المعتدين من الحوسة أذناب إيران الذين يسعون بكل ما أوتوا من قوة أن يتقدموا خطوة واحدة أو شبرًا واحدًا في بلاد الحرمين، وخيب الله سعيهم وردهم خائبين، والعاقبة للمتقين، ولا شك أن أهل التوحيد وأهل النجدة الذين بادروا لمحاصرة أذناب إيران في اليمن من أهل التقوى المبادرين إلى البر والخير، والذين يرجى أن تكون لهم العاقبة.
فلا شك أن هذا وذاك يمثل نعم، الحقيقة يعني اليوم أقرأ هذه الصواريخ البلاستية التي يطلقها هؤلاء بدعم من ملال إيران، ومباركة من أعداء الإسلام، لا شك أنها توجع قلوب المؤمنين لكن الذي يبهج ويفرح هو ما نشهده من يقظة ولله الحمد على مر هذه الحرب التي امتدت أكثر من سنة ونصف إلا أن الله ـ تعالى ـ وقى هذه البلاد بفضله ـ جل في علاه ـ ثم بهذه السواعد الباذلة واليقظة التامة من ولاة الأمر، والراصدين لهؤلاء بفضل الله رد الله ـ تعالى ـ هذه الشرور المتعاقبة التي يسعى هؤلاء من خلالها أن ينالوا من أمن هذه البلاد المباركة.
نحمد الله وأنا أدعو نفسي وجميع إخواني أن يجدوا وأن يجتهدوا في سؤال الله ـ عز وجل ـ أن يوطد أمن هذه البلاد، وأن يعزها، وأن ينصرها، وأن يجمع كلمتها على الحق والهدى، وأن يوفق ولاتها إلى ما فيه الخير والبر، لا نعلم بلادًا في الدنيا فيها من الخير والتقوى والإيمان والإظهار لشعائر الإسلام على النحو الذي يرضاه الله ورسوله في الكتاب والسنة كما هو في هذه البلاد مهما شغب المشاغبون، ومهما حاول المعتدون من النيل منه أو من ما تقوم عليه من الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، إلا أن كل ذلك باطل، كل ذلك يذهب أدراج الرياح أمام ما نشهده من خيرات متتابعة على هذه البلاد.
أسأل الله أن يتابع الخير عليها، وأن يحفظها، وأن ينصرها، وأن يمكن لولاة أمرنا، وأن يعزهم، وأن يجعل لهم من لدنه سلطانًا نصيرًا، وأن يخذل كل من سعى في بلادنا بالفساد، وأن يرد كيده في نحره، وأن يكفي المسلمين شره. كما نسأله الفرج العاجل لإخواننا في العراق، وفي سوريا، وفي اليمن، وفي سائر البلدان، وفي فلسطين، وأن يجعل العاقبة لأوليائه وعباده.
المقدم:اللهم آمين، أحسن الله إليكم يا شيخ وجزاكم خيرًا.