قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" ثم ذكر أنه {وخلق الإنسان ضعيفا}،وسياق الكلام يدل على أنه ضعيف عن ترك الشهوات فلا بد له من شهوة مباحة يستغني بها عن المحرمة؛ ولهذا قال طاووس ومقاتل: ضعيف في قلة الصبر عن النساء . وقال الزجاج وابن كيسان : ضعيف العزم عن قهر الهوى . وقيل : ضعيف في أصل الخلقة ؛ لأنه خلق من ماء مهين ، يروى ذلك عن الحسن لكن لا بد أن يوجد مع ذلك أنه ضعيف عن الصبر ليناسب ما ذكر في الآية فإنه قال : {يريد الله أن يخفف عنكم }. وهو تسهيل التكليف بأن يبيح لكم ما تحتاجون إليه ولا تصبروا عنه . كما أباح نكاح الفتيات ؛ وقد قال قبل ذلك {لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم} . فهو سبحانه مع إباحته نكاح الإماء عند عدم الطول وخشية العنت قال : {وأن تصبروا خير لكم} فدل ذلك على أنه يمكن الصبر مع خشية العنت وأنه ليس النكاح كإباحة الميتة عند المخمصة فإن ذلك لا يمكن الصبر عنه . وكذلك من أباح " الاستمناء " عند الضرورة فالصبر عن الاستمناء أفضل . فقد روي عن ابن عباس :"أن نكاح الإماء خير منه وهو خير من الزنا"، فإذا كان الصبر عن نكاح الإماء أفضل فعن الاستمناء بطريق الأولى أفضل . لاسيما وكثير من العلماء أو أكثرهم يجزمون بتحريمه مطلقا وهو أحد الأقوال في مذهب أحمد . واختاره ابن عقيل في المفردات ، والمشهور عنه - يعني عن أحمد - أنه محرم إلا إذا خشي العنت . والثالث أنه مكروه إلا إذا خشي العنت . فإذا كان الله قد قال في نكاح الإماء : {وأن تصبروا خير لكم} ففيه أولى، وذلك يدل على أن الصبر عن كليهما ممكن . فإذا كان قد أباح ما يمكن الصبر عنه فذلك لتسهيل التكليف كما قال تعالى : { يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا } . و " الاستمناء " لا يباح عند أكثر العلماء سلفا وخلفا سواء خشي العنت أو لم يخش ذلك . وكلام ابن عباس وما روي عن أحمد فيه إنما هو لمن خشي " العنت "، وهو الزنا واللواط خشية شديدة خاف على نفسه من الوقوع في ذلك فأبيح له ذلك لتكسير شدة عنته وشهوته . وأما من فعل ذلك تلذذا أو تذكرا أو عادة ؛ بأن يتذكر في حال استمنائه صورة كأنه يجامعها فهذا كله محرم لا يقول به أحمد ولا غيره وقد أوجب فيه بعضهم الحد، والصبر عن هذا من الواجبات لا من المستحبات". "مجموع الفتاوى" ( 10/572- 574).