×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (45) حول اعتداء الحوثي على مكة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:2758

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلًا ومرحبًا بكم مستمعينا الكرام إلى هذه الحلقة من برنامجكم "الدين والحياة"، والتي تأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة.
نرحب بكم ونحيكم في مطلع هذا اللقاء الذي يجمعنا بضيفنا وضيفكم الدائم في هذا البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور:خالد بن عبد الله المصلح أستاذة الفقه بجامعة القصيم، والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، والذي نسعد بالترحيب بفضيلته في هذا اللقاء.

 فالسلام عليكم ورحمة الله، وحياكم الله يا شيخ خالد.
الشيخ: وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته، حياك الله مرحبًا أخ عبد الله، وحيا الله الإخوة والأخوات نسأل الله أن يكون لقاءًا نافعًا ومباركًا.
المقدم: اللهم آمين، وأيضًا أنا أسعد بصحبتكم من خلال هذه الحلقة خلال هذه الساعة من الإعداد والتقديم محدثكم عبد الله الداني، وهذه أيضًا تحية من التنفيذ على الهواء من الزميل مصطفي الصحافي.
في هذه الحلقة مستمعينا الكرام سوف نتناول موضوعًا مهمًّا ألا وهو موضوع الساعة والحدث الذي كان قبل يومٍ أو قبل يومين، وهو الاعتداء الغاشم، ومحاولة المساس بأرض الحرمين من خلال إطلاق المليشيات التي تسمى بمليشيات "الحوثي"، وصالح إطلاقهم للصاروخ اتجاه مكة المكرمة، وهو ما تم وصفه بالحماقة الكبيرة التي تصدر من جماعةٍ لا تعبؤ بمشاعر المسلمين ومقدساتهم في هذا السياق من الاعتداء المحرَّم على مَهبِط الوحي وقِبلة المسلمين، وذلك لما لهذه البقاع المباركة من قدسيةٍ وتعظيم.

هذا الأمر يدفعنا إلى استنكار هذا الاعتداء بالإضافة إلى ما يمكن أن يكون من دورنا إعلاميًّا وثقافيًّا ودينيًّا اتجاه ما يكون من اعتداءٍ غاشمٍ، ومحاولاتٍ للإساءة إلى هذه البلاد المباركة. وبالتأكيد كانت هناك الكثير من ردود الأفعال التي تشجُب وتُدين وتستنكر هذا الاعتداء الغاشم.
أرحب بكل المستمعين والمستمعات معنا في هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة"، وفي مطلعها نسعد بأن تكون معنا من خلال هذه الساعة فأهلًا ومرحبًا بكم.
عندما نتكلم مستمعينا الكرام عن هذا الموضوع فإننا لسنا بحاجةٍ إلى استعراض التاريخ القريب أو البعيد، اتفقنا عليه أو اختلافنا، فإن الواقعة الذي تشهده صحته الوقائع كثيرٌ أن يجعل لضمير العقل الإيماني وقفةً مع الحق في جرأة الشمس في زوالها، ويصرخ في وجه الباطل صيحةً ما لها من فواق.

هذه الأفعال، وهذا الخبث، وهذا الباطل لا يكفي أيضًا أن نستنكره بل الواجب علينا جميعًا أن نقف وقفةً واحدة ضد هذه الأيدي العابثة التي توهَّمت دين الله وبلدَه الحرام لُقمةً سائغةً وهدفًا سهلًا،سوف تَلقى جزاءها بإذنه تعالى، وتندحر قواها، وترجع القهقرى، وتجرُّ أذيال الخيبة والحسرة والندامة وهي لا تملك شيئًا من خُفَّي حُنينٍ بإذن الله –عزَّ وجل-، خائبةً كما هو العهد بها دائمًا في هذه المحاولات الآثمة التي تبوء دائمًا بالخسران.
شيخ خالد أبدأ حديثي معك ربما في هذا السياق وفي هذا الموضوع، ماذا يمكن أن يوصف مثل هذا العمل، ومثل هذه المحاولات ماذا يمكن أن توصف به؟ وهي ربما يعني اختصرت هذا العنوان وأيضًا جلَّت هذا الخبث الذي تُضمره نفوسهم، ولا أعتقد أن مسلمًا ربما يوافقهم في هذا المذهب أو في هذا المذهب الباطل، وهو يرى هذا الاعتداء الغاشم الواضح، وهذا الطغيان البيِّن؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياك الله أخ عبد الله، وحيا الله الإخوة والأخوات، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحفظ الإسلام وأهله، وأن ينصر هذه البلاد على من عاداها، وأن يُزلَّ من سعى فيها بفسادٍ أو شرٍّ أو فُرقةٍ أو شقاق 
المقدم: اللهم آمين.
الشيخ: وكذلك أسأل الله تعالى أن يؤمِّن سائر بلاد المسلمين، وأن يجمع كلمة الجميع على الحق والهدى.
أخي الكريم القضية التي تشير إليها وهي هذا الحادث النشاذ الذي كشف زيفَ دعاوى هؤلاء المُبطلين الحوثي ومن معه، ومن وراءه مِنْ مَنْ يمدُّه بكل أنواع الدعم المادي، والدعم المعنوي، والدعم بالسلاح، بل قد يكون هو الذي يدير رحى القتال والحرب والتخطيط لذلك، وما الحوثي وأتباعه إلا أداة لتحقيق أطماع أولئك الصفَويين الذين حفظ التاريخ سيرةَ أسلافهم، والمفسدين في الأرض.

وأثبت الواقع الحاضر اليوم عظيم شرِّهم على أهل الإسلام، وعظيم حقدهم على الإسلام والمسلمين، فشرُّهم وفسادهم ليس مقتصرًا على بقعة ولا على منزلة، بل إنهم أشاعوا الفساد والشرَّ في غالب البلاد التي وطأتها أقدامهم، وما لم تطؤه أقدامهم فإنهم لا يألون جُهدًا في نشر الفرقة والشرِّ والفساد، والأذى لأهل الإسلام، فهم أعظم أعداء أهل الإسلام في هذا الزمان كما كانوا عبر سائر الأزمان حيث إنهم لا يتوجهون لقتال أحدٍ إلا قتال أهل السنة (أهل السلام) الذين يعظِّمون الكتاب والسنة، ويسيرون على ما كان عليه خِيار القرون فضلًا من الصحابة والتابعين وتابعهم.
هذا الحدث الذي جرى من إطلاق الحوثي وجماعته صاروخًا اتجاه مكة يبين بكل وضوح ما تُكنُّه قلوب هؤلاء وصدورهم، وما انطوت عليه أفئدتهم من عظيم الحقد والمكر والكيد للإسلام وأهله، فإن مكة البلد الحرام عظمها الله –جلَّ وعلا-، وتعظيمها وتحريمها ليس شيئًا حادثًا بل هو منذ أن خلق الله تعالى السماوات والأرض قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن مكة حرَّمها الله ولم يحرِّمها الناس»[صحيح البخاري:104، مسلم:1354/446]،«إن مكة حرمها الله» فتحريمها وهو إثبات حُرمَتِها وعَظمةِ مكانتها، وتخصيصها دون سائر البقاع ليس شيئًا طارئًا أو شيئًا في البشرية حادثًا، بل هو منذ أن خلق الله السماوات والأرض، وبقيت حرمتها قائمةً إلى أن جاء هذا الإسلام، وجاء هذا الرسول الكريم فأضاف إلى ذلك التحريم الإلهي الذي قدَّسته قلوب الناس حتى كان المشرك الكافر الذي يعبد الأصنام يرى قاتلَ أبيه في الحرم ولا يتعرَّض له بشيء على عظيم ما كانوا عليه من نعرات، وعلى كبير ماكانوا عليه من عصبيَّات، وعلى جليل ما كانوا عليه من خلافات لا تسقط ولا يصطلحون عليها إلا بسيل الدماء، مع هذا كان يرى قاتل أبيه ولا يتعرض له، وهو في الحرم؛ لما قذفه الله في قلوبهم من تعظيم هذه البقعة الباركة.

ولما جاء الإسلام، وجاء النبي الكريم -صلوات الله وسلامه عليه- أظهر هذه الحرمة وبيَّنها وجلَّاها، وكانت مضافة كانت على وجهٍ بيِّن لا يلتبس، فالله تعالى أظهر على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم حرمةَ هذه البقعة المباركة فهي حرامٌ بحرمة الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وتحريمها يشمل كلَّ جهاتها، فهي:
-حرامٌ لا يحل فيها رفع سلاح.

-حرامٌ لا يحل فيها قتال.
-
حرامٌ لا يحل فيها مال أحدٍ، ولا تحلُّ لُقَطَتُها إلا لمُنشِدٍ.
-
حرامٌ لا يُنفَّر صيدُها، فالحيوان مؤمَّن فيها لا يُقتل بل لا يُنفَّر وهو أقلُّ من القتل؛ وذلك بتهييجه وإثارته لإزاحته عن مكانه أو ما إلى ذلك.
-
وكما أنه قد حرَّم أيضًا نباتَها فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يُعضَد شجرُه ولا يُختلى خلاه».[من حديث ابن عباس أخرجه البخاري في صحيحه:ح2090]
كل هذه النصوص تبيِّن عظيم ما اختصَّ الله –تعالى- بهذه البُقعة المباركة من هذا التعظيم والتحريم الذي استقرَّ في نفوس المؤمنين، فكان التعدِّي على هذا الموقع المبارك، وهذه البقعة العظيمة مما تضجُّ له قلوب المؤمنين، ومما يجِدُ له المؤمن ألمًا وأسًى أن تُنال هذه البقعة بشيءٍ مما نهى الله تعالى ورسوله عنه.

هذا نبينا صلى الله عليه وسلم يوم الفتح الذي فتح الله -تعالى- فيه مكة، وكان تطهيرًا لهذه البقعة من كل ما يمكن أن يُدَنِّسَها ويخرج بها عما قضاه الله تعالى قدرًا وشرعًا من أن لا يعبد إلا هو، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم الفتح:« إنَّ هذا البلد حرَّمه الله يوم خَلَق السماوات والأرض، فهو حرامٌ بحرمة الله»؛ أي: تحريمه ملازم ومصاحب وناتج عن تحريم الله –تعالى- إلى يوم القيامة، فلا يمكن أن يستبيحَه، ولا أن يستحله أحد فحرمته ثابتة لا تُرفع ولا تزول وإنما قرَّر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك المعنى في ذلك اليوم الذي فُتحت فيه مكَّة ببيان أن هذا الدخول العسكري المسلَّح الذي كان من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يتطرق إلى شيءٍ من انتهاك هذه البقعة المباركة أو إزالة حُرمتها؛ بل ما كان إلا لتعظيمها، وتطهيرها، وتنقيتها من كل ما يشوبها، وهو لعمارتها بالتوحيد وإزالة مظاهر الشرك عنها؛ ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وإِنَّه لم يحلَّ القتال فيها لأحدٍ قبلي، ولم يحلَّ لي إلا ساعةٍ من نهار، فهو حرامٌ بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُعضَد شوكُه، ولا ينفَّر صيده، ولا يَلتَقِط لُقَطَتَه إلا من عرَّفها، ولا يُخْتَلي خلاه إلا الإِذْخِر»[أخرجه البخاري في صحيحه:ح1834]، فإنه استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرر وبيَّن هذا المعنى، وأن هذا الدخول لم يكن إلا لتعظيم هذه البقعة المباركة وإجلالها، وبيان عظيم منزلتها عند الله –عزَّ وجل-، وإقامة التوحيد فيها؛ ولهذا لما قال سعد ابن عبادة -رضي الله تعالى عنه- وهو في يوم الفتح مُتَّجِهًا على سريَّة وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال كلمةً قال: "اليوم يومُ المَلْحَمَة، اليوم تُستباح الكعبة" مباشرة بلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فلما بَلَغه هذه المقولة أمر بِعَزْل سعد -رضي الله تعالى عنه- وولى ابنَه على السرية، وقال: «اليومَ يومُ المرحمة، اليوم تُعظَّم الكعْبَة».[أخرج القصة البخاري في صحيحه:ح4280] فشتان بين الرؤيتين، فهي رؤية تتبنَّي أن هذا الدخول هو لتعظيم هذه البقعة، وإقامة الحقِّ فيها، ونصرة الله ورسوله، ونصرة أهل الإيمان عبر الزمان؛ لذلك قال صلى الله عليه وسلم إيذانًا منه بأن هذا الفتح فتحٌ دائمٌ لهذه البقعة، يحفظ الله تعالى به هذه البلاد من كل سوءٍ وشرٍّ قال صلى الله عليه وسلم: «لا هِجرةَ بعد الفَتح، ولكن جِهادٌ ونِيَّة»[أخرجه البخاري في صحيحه:ح1834]، فهذا يبين عظيم ما خص الله –تعالى- في هذه البقعة من هذه المنزلة.

هذه المنزلة ملأت وعمَّرت صدور المؤمنين عبر التاريخ، وما كان من تجاوزات حفظها التاريخ على مَن تَجاوز، فلما رمى الحَجَّاج الكعبةَ بالمنجنيق في قتاله مع عبد الله بن الزبير -رضي الله تعالى عنه- كان هذا من مثالبه
المقدم: مما أُخذ عليه.
الشيخ: ومما يُذَمُّ به مع أنه كان قتالًا على مُلك، ثم جاء بعد ذلك ما هو أدهى وأمرُّ، ومما لا يُغَيِّبُه تاريخ ولا يُنسيه زمانٌ ما فعله "القرامطة" عليهم من الله ما يستحقون، وكانوا من رعايا الدولة الفاطمية الرافضية التي قامت في الشمال الإفريقي، وانشقَّت عنها، ولكنها لم تنشق عنها فِكرًا وحقدًا على الإسلام إنما كان خلافًا على الملك والولاية فجاء أبو طاهر الفاطميُّ القُرمطيُّ، وجرى منه من الفظائع والفساد في الأرض ما هو معلوم، فقد أفسد الفسادَ العظيم بمجيئه إلى هذه البقعة المباركة حيث دخل مكة وأظهر فيها الفجور، وسفك الدماء، واستباح القتل والتهكُّم بالشرائع وبالقرآن، «والله تعالى يُملي للظالم حتى إذا أَخَذَه لم يُفلِتْه»[أخرجه البخاري في صحيحه:ح4686، ومسلم:ح2583/61]، وكان ذلك في القرن الرابع الهجري، في أوائل القرن الرابع الهجري، ولا يزال المسلمون وكتب التاريخ حافلةً بذكر ما فعله أولئك الظالمون المفسدون في الأرض من انتهاك هذه البقعة المباركة مما فعله هذا المجرم أو هذا الطاغية المفسد من خيانة للإسلام وأهله، واستباحة لهذه البقعة المباركة؛ لقتل الطُّوَّاف والحُجَّاج يوم التروية، والتحكم بالشرائع، والتحدي مما حفظته الأُمَّة ولازال ثابتًا على هؤلاء كشفًا لضلالهم حتى أذن الله تعالى بتطهير هذه البقعة من شرِّهم ورجزهم فعادوا الخائبين، وعادت هذه البقعة عزيزةً محفوظةً مصونة والله –تعالى- يقضي ما يشاء، ويحكم ما يريد فإنه في السنة السابعة عشرة، في العام السابع عشر والثلاثمائة من الهجرة خرج القرامطة إلى مكة في يوم "التروية" فقتلوا الحُجَّاج في رحاب مكة وشعابها، وفي المسجد الحرام بل وفي جوف الكعبة، وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا حتى قام هذا الطاغية المجرم أبو طاهر القرمطي على باب الكعبة، والقتل قد استحرَّ في الناس من أتباعه والهمج الذين كانوا معه، وكان يتكلم بكلامٍ خبيثٍ يتهكَّم فيه بالطير الأبابيل، وبالحجارة من سجيل، وما ذاك إلا لكُفره، وعظيم طغيانه «والله –تعالى- يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلِتْه»[تقدم].

 هذا المشهد لازال عالقًا في أذهان الأُمَّة لم ينس، ولن يغفر للجناة الذين قاموا به.

مرَّت عصور ودهور، وكان هذا البيت محفوظًا بحفظ الله وما حباه الله –تعالى- من ذَبِّ أهل الإسلام عنه، وجاءت هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية في أدوارها، وفي دورها الثالث على وجه الخصوص بكل ما يمكنها من الأسباب التي تُحفظ بها هذه البقعة وتصان وتؤمَّن، ويظهر فيها الأمن، ويُعزُّ فيها القادم حتى يصلها الإنسان في أمنٍ وأمان، وصيانةٍ، وراحة بال وبُعدٍ عن كل ما يضرُّ، وكل ما يمكن أن يكون سببًا لشرٍّ أو هلاك أو فساد.

جاءت هذه الدولة، وبذَلَت كل ما تستطيع في سبيل عمارة هذه البقعة المباركة (العمارة الحسية، والعمارة المعنوية) فلم يشهد التاريخ عمارةً حسيَّة يُعظَّم فيها البيت، ويُيسَّر فيها الوصول للبقعة المباركة، وتقام فيها الشعائر كما هو قائم في زماننا هذا. كما أنا هذه البقعة المباركة عُمِّرت بالتوحيد فليس فيها شعارات.       
المقدم: دعوات طائفية.
الشيخ: ولا عبادة غير الله –عزَّ وجل-، ولا يخرج عن التوحيد الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت أكمل ما يكون عمارةً في الحسِّ والبناء، وعمارةً في المعنى بالتوحيد وإجلال الله –عزَّ وجل-، والقيام بحقه سبحانه وبحمد.

وقد يسَّر الله -تعالى- هذا الأمن الوارف الذي يتفيَّؤ ظلالَه كلُّ من قصد هذه البقعة المباركة من أهل الإسلام في كل مكان أو من كل مكان، فإنهم يأتون إلى هذه البقعة وهم على أمنٍ وطمأنينةٍ، وبُعدٍ عن كل ما يكون من أسباب الخوف، يأتون من أقاصي الدنيا لا يحمِلون زادًا، ولا يخافون عدوًّا، يأتون فيقضون حاجتَهم من هذا البيت بعبادة الله –عزَّ وجل-، والقيام بحقه، وتعظيم بيته، والتقرب إليه -جلَّ وعلا- بأنواع القربات، ينصرفون وهم في غاية الراحة والطمأنينة، وهذا من فضل الله –عزَّ وجل- ثم ما يسَّره الله –تعالى- من هذا الجهد المبارك الذي حفظ هذه البقعة، ووطَّد أمنَها، وأظهر للناس عظيم مكانتها، ومما يَشهَد لهذا ما يشاهده المسلمون في البثِّ المباشر الذي يستمرُّ على مدار الساعة على الحرمين الشريفين لإظهار الأمن والطمأنينة، والاجتماع والائتلاف، وتعظيم الله –عزَّ وجل-، وتعظيم ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث.

 هذا وهل الموقف الأخير الذي جرى في إطلاق هؤلاء الخبثاء المجرمين عملاء الصفويين الإيرانيين من إطلاقهم هذا الصاروخ على مكَّة بالتأكيد كشف الوجهَ الخبيث الذي طالما حاول هؤلاء أن يواروه، وأن يخفوه وراء شعاراتٍ فارغة، هؤلاء لا هُم ولا مَن وراءهم مِن إيران الذي أصمُّوا أذانَ الناس فيما يدَّعونه من تبنِّي قضايا المسلمين، ونصرة القدس، وها هم اليوم الذين يزعمون أنهم أنصارٌ لله، ويدعون أنهم حِزب الله، ويلزمون أنهم أرباب الشريعة والمدافعون عن الإسلام يصوِّبون اتهامهم، ويوجهون أسلحتهم لقِبلة المسلمين، يوجهونها لمكة البلد الحرام الذي حرَّمه الله –جلَّ وعلا- يوم خلق السماوات والأرض، وسلِمَت منهم كل البقاع التي فيها اعتداء على الإسلام وأهله ولم يسلم أو لم تسلم منهم بلاد المسلمين ولا قِبلة المسلمين بهذا الكيد، وفي سبيل تهوين هذه المصيبة التي لازالوا يكررون كيدَهم لهذه البقعة المباركة ومنذ الثورة الشيطانية "ثورة الخُمَيني" عليه من الله ما يستحق وهم يحاولون على تتابع السنوات إثارةَ الفوضى، إثارة الشَّغَب، إثارة الشر، التكدير لصفو الأمن في هذه البقعة المباركة، لاسيما في موسم الحج وما يستطيعونه في غير ذلك. فجاءت هذه الحادثة لتكتمل المنظومة فيتضح أن هؤلاء وإن كانوا جهاتٍ مختلفة إلا أن قلبَهم واحد في الكيد للمسلمين، والحقد على كل ما هو من شعائر الله –عز وجل- بما يسوِّلونه ويسوِّغونه من هذه الأفعال الظالمة.

 ثم يأتي ناطقهم الكاذب زورًا ويدَّعي أن الصاروخ ليس متَّجِهًا على مكة، وكأنه متجه إلى تل أبيب، ويقول: "نحن لا نقصد مكة وإنما قصدنا آثار جدة"، ويعلم كل مسلمٍ في الأرض أن جدَّة بوابةُ مكة، فإن كل من قصد هذه البقعة المباركة إنما يقصِدُها عبر المطار الذي يستقبل ملايين قصَّاد البيت الحرام من الدنيا كلها، وهذا من زورهم وكذبهم، ولما ردَّة الفعل العالمي الإسلامية شهدت على كذِبِهم أرادوا أن يستتروا مما هو فضيحة، وإلا فما الفرق بين استهداف الحرم أو استهداف الطريق الموصِّل إليه جدة؟ لكن فضحهم الله –عزَّ وجل-، ولا يزال هؤلاء في فضائح متواصلة.

نحن سَمِعنا الدنيا كلَّها تستنكر هذا الفعل القبيح، وهذا الجُرم الشنيع، وماتكلَّم أحد من إيران من ضُلَّالهم وعمائمهم المفسدة، ولا من سياسييهم، ولم يستنكر أحدٌ منهم ذلك، وهذا يبين المشاركة
المقدم: والرضى.
الشيخ: والقبول بمثل هذا التصرفات التي ستسعى إلى إصابة المسلمين والنيل منهم.

لا شك أخي الكريم أن المصاب عظيم، ويجب على كل مؤمن أن يستشعر عظيمَ البلاء الحاصل بهذا الاستهداف، وأنه كشفٌ للوجه السافر القبيح الذي تتوارى خلفه هذه الشعارات الكاذبة: الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، الموت لما يزعمونه من كذب وزور، والحقيقة أنهم سَلِم منهم كلُّ أحد إلا بيوت الله –عزَّ وجل-.

وفي أول ظهورهم لما كانوا يعيثون في اليمن الفساد إذا رأيت صنيعهم في بيوت الله –عزَّ وجل- بالهدم والتدمير.
المقدم: نسف المنائر والمساجد.
الشيخ: ونسف المساجد وتسلط على الناس وأهل الإسلام، وهدم دور القرآن، عرفت أن هؤلاء هم حربٌ على الإسلام وأهله، وهم مهما ادعوا أنهم ينصرون دينَك فإنهم لا ينصرون إلا باطلًا وزورًا.
يا أخي الكريم في حج هذا العام لما مَنَعت إيران رعاياها من أن تأتي إلى بيت الله الحرام استبدَلَتْ يومَ عرفة بمجمعٍ بدعيٍّ ضالٍّ يضاهون فيه شرائعَ الإسلام بحجِّ قبرٍ في العراق، وما ذاك إلا للتضليل وستر سوآتهم، وإشغال الناس بهذه الكفريات وهذه البدع المُضِلَّة عن تعظيم الله –عزَّ وجل- وتعظيم شريعته.

إنه من المهم أن ندرك أن هؤلاء عداؤهم متمكِّن، ومهما حاولوا أن يستروه لمصلحةٍ، مهما حاولوا أن يتظاهروا بخلافه؛ لتحقيق مأربٍ عارض فإنهم لا يتمكنون من خداع الناس على طول الزمان، إن خدعوا الناس يومًا أو يومين، أو سنة أو سنتين لكنَّهم لا يستطيعون ولا يتمكنون من الاستمرار في الخداع وستر ما هم عليه من زور وباطل وكذب وإفساد.

 أسأل الله -عزَّ وجل- أن يفضحهم على الملأ، وأن يكشف خباياهم، وأن يكفيَ المسلمين شرَّهم.

كما لا يفوت أن نُثْنِي على الله –عزَّ وجل- ونشكره على ما يسَّر من هذه اليقظة، وهذا التنبُّه القائم من الجهات الحافظة لهذه البلاد من الدفاع الجوي، والجيش السعودي ومعه التحالف العربي الذي لم يكن غافلًا عن خبث هؤلاء، وقبيح صُنعهم فكانوا على غاية الاستعداد والتأهُّب لحماية هذه البقعة المباركة وصد هذا الصاروخ الذي لو امتدَّ ووصل إلى البلد الحرام كان بلاءً عظيمًا، ونازلةً كبرى على الإسلام وأهله؛ ولذلك ينبغي أن يُحمد الله –جلَّا وعلا-، وأن يُشكر على ما يسَّر من هذا الأمن، ومن هذه اليقظة، ومن هذا التنبه من رجال الدفاع الجوي وعامة أفراد الجيش، والمشاركين في التحالف.

 كما أنه ينبغي أن يُعلم أن القضية لم تَعُد قضيةً خاصة
المقدم: سياسية.
الشيخ: انتقلت وتحوَّلت إلى قضية تهمُّ العالم الإسلامي كله، وهذا ما كنت أقوله ويقوله الناس، ويقوله الناصحون منذ البداية: الاعتداء على البلاد السعودية ليس إلا اعتداءً على الحرمين؛ فإن البلاد السعودية في كل أطرافها، وفي كل جهاتها حامية لهذا البلد وهي في حمى الحرم، والإخلال بأمن أي جهةٍ من جهات هذه البلاد ينعكس على الحرمين الشريفين تأثيرًا.

 وإذا رأيت استهداف هؤلاء المفسدين الحوثيين الرافضة ومن وراءهم من عمائمهم إيران على البلد الحرام تتذكر أن هذه البلاد مستهدفة من كل مُفسد، فهؤلاء الدواعش التكفيريون الذين هم أداة أخرى لعمائم إيران لإصابة أهل الإسلام فعلوا ما فعلوا من التفجير الذي كان في المسجد النبوي.

 ونحمد الله على هذه اليقظة التي قطعت على هؤلاء أطماعَهم، وخيَّبت سعيهم، وأبطلت ما يكيدونه لبلاد الإسلام، فنسأل الله أن يحفظ هذه البلاد، وأن يحفظ أولادها وشعبها وعقيدتها، وأن يحفظ المسلمين من كل سوءٍ وشر، وأن يدفع عن بلاد الحرمين ما يتهدَّدها من الأخطار.
المقدم: اللهم آمين، طبعًا أيضًا كما تفضلتم شيخ خالد في حديثكم عن أن هؤلاء هم يعني أتوا بعد سلسلةٍ من الاعتداءات الآثمة التي كان يفعلها أجدادهم من القرامطة، وهذه الأفعال والخبث الذي كانوا يُبطنونه في السابق، والآن بات كل يومٍ هو أكثر منه ظهورًا، وأيضًا بيانًا ووضوحًا للناس وخاصةً لمن كان غُرِّر في السابق بهذه الدعوات الباطلة التي كانوا يعني يحاولون الاستتار خلفها والاختباء وراءها لكنها اليوم باتت أكثر وضوحًا من ذي قبل، وأن هؤلاء أحفاد القرامطة كما امتدت أيدي أجدادهم بالإثم والعدوان على هذه الانتهاكات، وعلى بيت الله الحرام، ومعصية الله -سبحانه وتعالى- ورسوله، نقول: إنه ما أشبه يعني خبث تلك السيرة بأُختها، كل واحدةٍ منها أشدُّ لعنةً من الأخرى، والحجر الأسود خير شاهدٍ على ذلك بالإضافة إلى ما كان قد حصل قبل عامين من حادثة الطريق المؤدِّي إلى الجمرات، وأيضًا التهديدات الفارغة التي كان يطلقونها قبل الانطلاق كل موسم حجٍ لهو خير شاهدٍ على هذا الخبث الذي يعني ينطوي في نفوسهم.

لكنه كما تفضلتم أصبح الآن أكثر وضوحًا، لكن الإشكال يا شيخ يعني ربما نتحدث عن نقطة مهمة جدًّا فيما يتعلق بدورنا نحن كمسلمين بشكلٍ عامٍّ، ويعني منتمين ومنتسبين إلى هذه البلاد المباركة.
ما هو الدور الذي ينبغي أن نبذله لفضح هذه الألاعيب؟ وخاصةً فيما يتعلق بالوسائل المجتمعية والشعبية التي تضمُّ العدد الكبير والغفير من الناس، وفيما يتعلق خاصةً برد ودحض كل الشبهات، وكل الألاعيب، والأباطيل التي يحاولون أن يضللوا بها الآخرين، ويحاولون أيضًا من خلالها أن يعموا بصائر الناس ويكذبوا عليهم، يكذبون الكذبة تلوَ الأخرى حتى يحاولوا أن يخدعوا أنفسهم بالتزييف على الناس لكنهم مفضوحين.

 ما هو الدور الذي يجب علينا؟       
الشيخ: هو يا أخي الكريم فيما يتعلق بالموقف القضية لا تختص هذه البلاد، لكن ما فيه شك أن أهل هذه البلاد حكومةً وشعبًا، قيادةً ورعية مسئوليتهم أعظم من غيرهم؛ فهم المتولون  عن هذه البلاد، وصيانة الحرمين الشريفين، والمسلمون كلهم يؤمِّلون في هذه القيادة المباركة، وفي هذا الشعب الأبيّ أن يبذل كل ما في وسعه لصيانة والذَّبِّ عن هذين البلدين المباركين مكة البلد الحرام، وطيبة الطيبة، مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لا شك أن الواجب علينا جميعًا أن نتقي الله –عزَّ وجل-، وتقوى الله –عزَّ وجل- تجلِب الخيرات وتدفع عن الأمة المساءات والشرور، والله تعالى يقول: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ[الطلاق2-3].

فوصية لكل مؤمن ومؤمنة، أن يتقي الله –عزَّ وجل-، وأن يقيم شرع الله –عزَّ وجل- في نفسه ما استطاع وأن يبادر إلى إصلاح عمله؛ فإنه بالتقوى ستجلب الخيرات وتستدفع البليات.

 كما أوصي الجميع أن يتقوا الله –عزَّ وجل- في معرفة حق هذه البقعة المباركة، وهذا حق المسلم يا أخي، ما فيه مسلم في أي جهةٍ من الأرض يريد أن يصلي إلا ويتوجَّه إلى هذه البقعة المباركة في صلاته، ولو توجَّه إلى غيره لم تُقبل له صلاة، ولم تصلح له عبادة، فهذه البقعة ارتبطت عبادات المؤمنين بها، وارتبطت قلوبهم بها فحقٌّ على كل مسلم في كل بقعةٍ من الأرض أن يشعر بالأسى لكل ما يمكن أن يتهدَّد هذه البقعة المباركة، وأن يستشعر المسئولية تجاه هذه البقعة المباركة بنصرتها، وإعلان معاداة كل ما تسوِّل له نفسه أن يمسَّها بسوءٍ أو شر، وذلك ببذل كل ما يستطيع من إمكانات قوليَّة وإعلامية وعملية تحفظ بها هذه البقعة المباركة من كل سوءٍ وشر.

ومن أعظم ما ينبغي على أهل الإيمان أن يعوا خطر الرافضة الصفوية؛ وذلك لأن الشر الحاصل على الأمة من الصفويين الإيرانيين الذين يسعون في الأرض فسادًا ظاهر لكل ذي عين، ظاهر في العراق، ظاهر في سوريا، ظاهر في اليمن، ظاهر في كل بقعة تطؤها أقدامهم بنشر الفساد والشر، وبثِّ روح الفُرقة بين المسلمين، ظاهر أيضًا في هذه الحرب التي تدور رحاها على أرض اليمن من خلال أدواتهم، وأحزابهم التي ومليشياتهم التي سعت في الأرض فسادًا وحولت البلد الواحد إلى     
المقدم: دويلات.
الشيخ: شراذم وشيع يطحن بعضها بعضًا، ويقتل بعضها بعضًا بلا هدف، أنت لو سألت ما الهدف من هذا؟ ليس من مصلحة لأهل البلد في هذا الاقتتال الدائر في اليمن.

 ما مصلحة البلد في سوريا، وفي العراق، وفي سائر البلدان التي وطأت أقدامهم من هذا الاقتتال الدائم؟
المصلحة فيها لأولئك الذين يوقدون نار هذه الحرب، ويسعون لإذكاء جذوتها، وامتداد أضرارها حتى تحقق ما يريدون من امتداد نفوذهم، والاستيلاء على أكبر رقعة من بلاد المسلمين؛ لتمكين أعداء الإسلام، لم يحققوا في البلدان التي دخلوها لا نصرًا.    
المقدم: ولا عزًّا.
الشيخ: ولا عزًّا، ولا تمكينًا، ولا شيئا من المصالح والمكاسب التي يصبوا إليها كل البشر؛ لذلك من  المهم.
المقدم: شيخ خالد عفوًا هو الواضح من ذلك أيضًا هو كل بلدةٍ يدخلون فيها يعيثون فيها فسادًا، وهذا ما فضحته وسائل الإعلام وكشفته وبيَّنته، ولعلَّهم أيضًا في ذاك الوقت يسعون بكامل قواهم وجهودهم وطبعًا بالتأكيد بالاستعانة بأعداء الله من الكفرة وهذا الشيء واضح جدًّا، وهم يكونون فيه أداةً لتنفيذ هذه المخطَّطات وفي نفس الوقت أيضًا تفتيت لُحمة المسلمين؛ لتسهيل الانقضاض على المسلمين بالإضافة أيضًا إلى تشتيتهم، وتهجيرهم، وإذاقتهم سوء العذاب.
الشيخ: هذا هو الواقع، وهذا هو المشاهد، ومما يبين كذب دعوة هؤلاء ما يشهده أهل إيران أنفسُهم من الظلم الواقع عليهم بجميع طوائفهم، وبجميع شرائحهم، وبجميع انتماءاتهم؛ ولذلك تظاهُر هذه الحكومة التي تعتمد هذا المنهج بالإفساد في الأرض بأنها تنصر الشيعة هو كذب وزور يدركه كل العقلاء.

يا أخي ما يعانيه الأحوازيون وهم من الشيعة من الظلم، وسلب الحقوق، والقتل والتشريد؛ لأنهم فقط لم يسيروا في ركاب المنهج الصّفَوي، ولم يرتضوا التخلي عن عروبتهم ينالهم من الشر ما ينبغي أن يكون عبرة لهؤلاء الذين تستعملهم هذه القيادات الفاسدة؛ لتحقيق مآربهم ومصالحهم.
يا أخي أقول وبكل وضوح: هؤلاء فعلوا بالمسلمين شرورًا عظيمة، وفسادًا كبير والآن هم تدخَّلوا في سوريا بسبب ما يزعمون من أنه حماية للعتَبَات المقدَّسة طيب يا أخي أنتم الآن تزعمون أنك تحمون العتبات المقدسة، وتنتهكون أقدس مقدسات أهل الإسلام؛ بتوجيه صواريخكم وأذاكم على أهل الإسلام من خلال هذه الصواريخ التي يقذفونها على مكَّة البلد الحرام، وعلى سائر بقاع البلاد المباركة المملكة العربية السعودية. هذا لا شكَّ أنه يكشف أن هؤلاء لا دين لهم، أن هؤلاء لا نصرة للإسلام في قلوبهم ولا تعظيمًا للقرآن، ولا لسيد الأنامr، وما يدعونه من نصرة آل البيت إنما هو كذب وزور وتضليل لترويج باطلهم وأطماعهم التي يخفونها من العداء للعرب، من العداء للمسلمين وراء هذا الستار الكاذب.

وفي الأمس القريب الحشد العظيم الذي تُشرف عليه وتأذن به هذه الجهات الموبوءة في إيران باجتماعٍ حول قبر لملكٍ من ملوك الفرس أصحاب الحُكم البائد الذي مزَّقه الله –تعالى- على أيدي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح الله هذه البلاد، ودخَلَت في دين الإسلام حتى جاء هؤلاء أحفاد أولئك ليعيدوا أمجاد سالفيهم من الضلال المفسدين الذين أذهب الله –تعالى- دولتهم، وكفى الله البشرية شرَّهم.
على كل حال الذي ينبغي أن يُعلم أن كل مراقِب للحقائق والوقائع الظاهرة، وليست الخفايا المستترة والأوراق التي لا يطَّلع عليها إلا أفراد الناس، بل العيان مما يشاهد ويُرى عبر التاريخ هذه الثورة المشئومة التي جاءت برعاية من أعداء الإسلام، ودعم من أعداء الإسلام ما لا يُشكُّ فيه أنها رمحٌ في صدر آل الإسلام تسعى للنيل منه، ولكن البُشرى من الله –عزَّ وجل- بحفظ دينه، وإعلاء كلمته، والذَّبِّ عن كتابه وسنة رسوله وأوليائه مستقرة في نفوس أهله الإيمان ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ[التوبة:32]، ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ[الصف:8].

 فينبغي أن نستبشر خيرًا، وأن نبذل ما نستطيع، وأقول: مما يجب علينا اتجاه أُمَّتنا، أو اتجاه هذه البقاع المقدسة أن نعي الخطر الذي يشكله هؤلاء، وأن نقطع عليهم الطريق؛ لأن لهم  من الأساليب في الكذب والتزوير ما قد ينطوي على بعض الناس أو يروج شيئ من الأكاذيب التي يروجونها ويكررونها؛ ليصدق ما يدَّعونه وما يزورنه من حقائق مكذوبة مغلوطة مقلوبة لا واقع لها.
يا أخي هذه البلاد المباركة، وأيضًا من معها من التحالف إنما هبُّوا لنجدة إخوانهم في اليمن لنصرة الحق، وكفِّ أيدي المعتدين المفسدين الذين تباشروا باحتلال صنعاء، وعدوا أن ذلك امتدادًا لقوتهم ونصرتهم من الحرس الثوري والإيرانيين المفسدين في الأرض فجاء الله -تعالى- بهذه الفزعة من القادة العرب والمسلمين؛ لنجدة إخوانهم في اليمن من تسلُّط الإيرانيين وتحويل هذه البلاد الآمنة إلى بؤرة من الاقتتال، وهذا الحاصل الآن، هؤلاء لا يسعون لحلفٍ، ولا لهدنةٍ، ولا لأمانٍ، ولا طمأنينة، سعيهم هو في نشر الفساد في الأرض، وقتل الناس، وإشاعة الفوضى هذا عملهم وهذا كيدهم أصلًا.

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يخيَّب سعيهم، وأن يرينا فيهم ما تشفى به قلوب المؤمنين.  
المقدم: اللهم آمين، كما يا شيخ لا يخفى أن هؤلاء كما هو العهد بأجدادهم أتوا على نفس النَّسَق والسياق فيما يتعلق بنقض العهود والمواثيق، يعني ربما أقرب شاهد ما قاموا به من خرقٍ للهدنة التي يُتَّفق عليها بين فترةٍ وأخرى، ويعني يسارعون مباشرةً بعد الاتفاق إلى نقض هذه الهدنة، وربما يعني أسلوب من الأساليب الخبيثة التي يتصفون بها، والتي أيضًا فاحَ شرُّهم من خلالها أو ربما هو يعني الأمر الآن أصبح أكثر وضوحًا، وربما هي فرصة إلى أن نحذِّر من الأساليب الأخرى التي ربما كل ما أغلق عليهم منها باب لجئوا إلى بابٍ آخر أو إلى طريقٍ أو إلى سبيلٍ آخر يلجئون أحيانًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يسمون أحيانًا بأسماء محلية أو غير ذلك فيحاولون من خلال هذه الألاعيب أن يتسللوا إلى الداخل عبر هذه الوسائل بأسماء مستعارة أو غيرها، لكنها يعني دعوة إلى اليقظة والحذر من كل هذه الألاعيب التي أحيانًا تتسمى بأسماء، تعطي أسماء ربما يأتي إلى الإنسان أو ربما يتبادر إلى ذهن الإنسان الوهلة الأولى أنها قضايا صادقة أو قضايا ربما قضايا فيها نوع من الحق أو غير ذلك، وإنما هي خيرٌ أو حقٌّ يراد به باطل، وهو واضح هذا الأمر لكننا جميل أن نذكِّر بهذا الأمر في هذا الحديث وفي هذا المجال مادام أن السياق هو هذا الحديث الذي نتحدث عنه عن الخبث والألاعيب التي يعني ينتهجها هؤلاء الروافض وخاصةً هؤلاء الحوثيون الذين هم أداة واضحة لإيران المجوثية.
الشيخ:  والله يا أخي بالتأكيد أنا أقول: لن يهزم أحدٌ من الناس إلا إذا هزم من داخله، إذا كانت النفوس مليئة بالثقة بالله –عزَّ وجل- مليئة بالوعي والفطنة لكيد الأعداء ومكرهم فإن هذا من أعظم الأسلحة التي يقابل بها كيد هؤلاء، ومكر هؤلاء المفسدين في الأرض؛ لذلك من المهم أن نبذل ما نستطيع في التأكيد على ما أمر الله به تعالى المؤمنين ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا[آل عمران:103]، ضروري أن نُحيي هذا في أنفسنا، وفي وسائل اتصالنا، وفي كل أحوالنا أن نعتصم بالله –عزَّ وجل- بالتزام شرعه، والقيام بحقه، والاجتماع على ولاة الأمر الذين هم حصنٌ حصين، ودرعٌ نتقي به شرور المفسدين. ومن الضروري قطع الطريق، ثمة إشاعات كثيرة، ثمة كلام مُغرِض، ثمة استغلال للأحداث والوقائع بطريقة تشقُّ الصف.
يجب على كل مؤمن أن يعي أن بلاد الحرمين بلاد خط أحمر عند كل مسلم، وعندنا نحن أهل هذه البلاد بالتأكيد أعظم خطورة؛ لأن جميع النعم التي نعيشها ونتنعم بها إذ لم نحافظ عليها فإنه سيختطفها أعداؤنا، قد يختطفونها بكلمة، قد يختطفونها بإشاعة، قد يختطفونها بقلب الحقائق، قد يختطفونها باستغلال مواقف، قد يختطفونها بإشاعة الفرقة؛ فيجب أن نكون يدًا واحدة، وأن نجتمع على الحق، وأن نقطع دابر كل من يحاول أن يفرق صفَّنا أو أن يوجد فجوةً بيننا وبين ولاة أمرنا، بيننا وبين علمائنا، بيننا وبين أبنائنا، بيننا وبين بلادنا ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:21]. نوقن أنَّ هذه البلاد أن بقاءها والدفاع عنها من أوجب الواجبات لردِّ كيد المعتدين، وحفظ قبلة المسلمين، وإبطال المكر للكفار الذي يسعى إليه المفسدون في الأرض على اختلاف توجهاتهم، وعلى اختلاف دياناتهم، وما هؤلاء إلا أدوات لتحقيق الأهداف الإفسادية التي يخطط لها أعداء الإسلام القريب والبعيد.

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه أن يحفظ بلاد المسلمين! وأن يحفظ الحرمين الشرفيين من كل معتدٍ، وأن ينصر جنودنا المقاتلين في الحدود الجنوبية وفي سائر الجهات على من عاداهم، وأن يردَّ الحوثيَّ وأعوانه وأنصاره ومَن وراءه خائبين خاسرين، وأن يكفي المسلمين في اليمن شرَّ هذا العدوَّ الخائن الذي طال شره الحرم الشريف بما وجهه من صواريخ للنيل من هذه البلاد ولكنّ ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ[يوسف:21]
المقدم: شكر الله لكم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم، والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، أسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل هذا الحديث في موازين حسناتكم، وأن ينفعنا به جميعًا.
الشيخ: آمين، اللهم صلِّ على محمد، وأعود وأقول: أعظم الأسلحة التي يدفع الله بها عنَّا وعن بلادنا، وعن ولاتنا، وعن أمتنا السوء والشر الدعاء واليقظة والتنبه فلندعوا الله –عزَّ وجل- بصدق في صلواتنا أن يدفع الله عن الحرمين، وعن البلاد السعودية، وعن سائر المسلمين الشرَّ، وأن يعجل بفضح هؤلاء ورد كيدهم في نحورهم.
المقدم: آمين، شكر الله لك.
الشيخ: وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94001 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف