×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

صوتيات المصلح / محاضرات / وما جعل عليكم في الدين من حرج

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
وما جعل عليكم في الدين من حرج
00:00:01
707.40

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم مالك يوم الدين أحمده حق حمده لا أحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا داعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة حتى تركها على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فصلى الله عليه، اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد أما بعد: فإن الله سبحانه وبحمده يسر لعباده طرق الوصول إليه فليس في تحقيق العبادة، وطاعة الله عز وجل عسر ولا مشقة بل إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال فيما جاء عنه في المسند بإسناد جيد من حديث عبد الله بن عباس، ونظيره ما جاء عن عائشة أنه قال صلى الله عليه وسلم: «بعثت بالحليفية السمحة»، وهذا الخبر النبوي يفيد وصف الشريعة المباركة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم وصف الدين في اعتقاده، وعمله، فالاعتقاد حليف، والعمل سمح، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى بالتوحيد، وعبادة الله وحده لا شريك له، وهذا فيما يتعلق بالاعتقاد وهو الحليفية التي بعث بها صلى الله عليه وسلم، وهي ما كان عليه إبراهيم عليه السلام ﴿إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين﴾+++النحل:120---، فلما كان إبراهيم عليه السلام على هذا النحو كانت شرائع الأنبياء بعده على هذا النحو، وأتم ذلك ما جاء به النبي محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه هذا فيما يتعلق بالاعتقاد، وأما فيما يتعلق بالعمل فإن هذه الشريعة شريعة سمحة، والسماحة هي ما لا مشقة فيه ولا عناء، ولا عسر، ولا مشقة تخرج عن المعتاد، ولذلك يقول الله تعالى في الامتنان على الأمة بما بعث به محمد بن عبد الله: ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم﴾+++التوبة:128---أي يشق عليه ما يشق عليكم ﴿حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم﴾+++التوبة:128---. ولهذا كانت هذه الشريعة على نحو ما ذكر الله تعالى في محكم كتابه ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾+++القمر:17---. وكما قال جل وعلا: ﴿وما جعل عليكم في الدين من حرج﴾+++الحج:78---، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه:         «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه»، وهذا لا يعني أن دين الله تعالى لا تكليف فيه بل لابد فيه من تكاليف، وذلك أن بناء الشريعة على تكليف لكنه تكليف لا مشقة فيه، ولا عناء تكليف تحصل به للبشرية السعادة في الدنيا والآخرة، تكليف يجمع مصالح الدنيا والآخرة فما من شيء أمر الله تعالى به الناس إلا وفيه صلاحهم سواء كان ذلك فيما يتعلق بالعبادات المحضة أو ما يتعلق بإصلاح المعاملات والعلاقات بين الناس كما أنه لم ينهى الله تعالى عن شيء في الكتاب ولا في السنة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم إلا وفيه مضرة لهم، ليست مضرتهم فقط في الآخرة بل مضرتهم في الآخرة وفي العاجل، في الدين والدنيا، في الحاضر والمستقبل؛ لذلك كان العاقل البصير الناصح الفطين لا يلتفت إلى تزيين الشيطان ما يزينه من المعاصي والسيئات، فإنها مهما زانت في أعين أصحابها إنما هي طريق إلى النار، إنما هي طريق إلى الهلاك وليست فقط النار في الآخرة بل ما يلقاه من شؤم المعصية في دنياه لا يقل في التنفير، والصد عن المعاصي عما ذكره الله تعالى من الوعيد في الآخرة، وإن كان عذاب الآخرة أشد وأبقى لكن ما يدركه الإنسان بمعصيته في الدنيا من أعظم ما يزجره عن المضي في العصيان، وسيء الأعمال؛ لذلك من رحمة الله بعباده أن يذيق الطائعين شيئا من نعيم طاعتهم، وأن يذيق العاصين شيئا من عقوبات معاصيهم وشؤمها في دنياهم؛ ليكون ذلك حاملا لأهل الطاعة على الاستزادة، وحاملا لأهل الإساءة على الكف، والاقتصار، والتوبة، والمراجعة فلذلك من رحمة الله بعباده أنه لم يشرع لهم إلا ما يسعدهم قال الله تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾+++الأنبياء:107---، إدراك هذه المعاني يا إخواني مما يشرح الله تعالى به صدر العبد؛ للإقبال على الطاعة، والانصراف على المعصية؛ لأنه يعرف أن الله ما أمره بشيء إلا لإصلاحه، ولا نهاه عن شيء إلا لما فيه من هلاك وفساد، فالبصير العاقل يكف نفسه على المعاصي؛ لأنها تهلكه، ولها من الشؤم الحاضر والمستقبل ما ينبغي للمؤمن أن ينزجر عنه، وأن يتجنبه ويتوقاه، وفي الطاعات من السعادة والانشراح ما يحمله على الإقبال على رب الأرض والسماوات بكل ما يستطيع فإنه سيجد من طاعة الله لذة، سيجد من طاعة الله طمأنينة، سيجد من طاعة الله سكنا، سيجد من طاعة الله انشراحا. قال الله تعالى: ﴿من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن﴾+++النحل:97---إيش؟ إيش الجزاء؟ ﴿فلنحيينه حياة طيبة﴾+++النحل:97---، هذا جزاء معجل يدركه كل من عمل صالحامن ذكر أو أنثى طائعا لله عز وجل أصلح الباطل بالإيمان، وأصلح الظاهر بصالح الأعمال فلنجد ولنجتهد أيها الإخوة في الأخذ بالطاعات، ولنعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في كلمة جامعة تبين المآلات والنهايات للأعمال حفت الجنة بالمكاره فمهما شق عليك شيء من طاعة الله فأقبل وأقدم، واعلم أن العاقبة حميدة، ومهما زادت لك المعاصي فقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «وحفت النار بالشهوات» أي: الملذات التي تشوقك، وتجلبك، وتحفزك على الإقبال عليها لكنه عسل ملأ سما فما أقرب الهلاك لذلك يجد الإنسان بالمعصية من شتات القلب، وظلمته، وفساد الأمر، وتعكس الحال ما لا يهنأ معه بمعصية مهما لذت وطابت لا يهنأ بها إنما يجد شؤمها كما قال الله تعالى في بيان مآل الفريقين: ﴿إن الأبرار لفي نعيم﴾+++الانفطار:13---﴿وإن الفجار لفي جحيم﴾+++الانفطار:14---. كثير من الناس يقول هذا في الآخرة في نعيم يعني في الجنة، وفي الجحيم يعني في النار، وهذا صحيح لكن ثمت نعيم يدركه الإنسان في الدنيا، وهو ما يلقيه الله في قلوب أوليائه أهل الطاعة والإحسان من الإنشراح، والبهجة، والسرور لا تقارن بكل ملذات المعاصي، ولذلك الله تعالى يقول: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم﴾+++النور:30---، ثم ماذا قال ﴿ذلك﴾+++النور:30---، أي: قيامهم بذلك الأمر ﴿ ذلك أزكى لهم﴾+++النور:30---أي: أطيب لقلوبهم فمهما متعوا أبصارهم بالنظر المحرم إذا كفوا أبصارهم عن هذه المرائي المحرمة كان ذلك بهجة، وزكائا، وسكنا لقلوبهم، فلذلك كل من أطاع الله، وخالف هواه لابد أن يجد نعيما ﴿إن الأبرار لفي نعيم﴾+++الانفطار:13---. ليس فقط في الآخرة بل في الدنيا، وفي البرزخ، ويوم البعث والنشور، وفي المستقر والمآل، فإن الله لم يحدد أين النعيم ﴿إن الأبرار﴾+++الانفطار:13---أهل البر والطاعة والإحسان ﴿لفي نعيم﴾+++الانفطار:13---، قي دنياهم، وفي قبورهم، ويوم بعثهم ونشورهم، وعندما يدخلون الجنة العزيز الغفار نسأل الله أن نكون منهم كما أن المقابل أهل الفجور، وأهل المعصية، وأهل الخطأ والذلل الذين يصرون على أخطائهم، ولا يستعتبون ويتوبون، قال الله تعالى: ﴿إن الأبرار لفي نعيم﴾+++الانفطار:13---﴿وإن الفجار لفي جحيم﴾+++الانفطار:14---، وهو ما يكون في القلوب في الدنيا من شتات، وضيق، وكدر، وما يكون في القبور من عذاب لأهلها، وما يكون قي البعث والنشور من الفزع، وما يئول منه الحال من العقوبة من النار إلا لم يغفر الله عز وجل لأهل الإساءة والمعصية. فنسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من أهل البر والتقوى، والصلاح والسداد في السر والعلن، وأن يغفر لنا الخطأ والذلل، وان يرزقنا البصيرة في الدين، والعمل في التنزيل، وأن يوفقنا على ما يحب ويرضى من القول والعمل الله الموفق إلى السداد والصواب.

المشاهدات:3795

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم مالك يوم الدين أحمده حق حمده لا أُحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرا داعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرا بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة حتى تركها على محجةٍ بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فصلى الله عليه، اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد أما بعد:

فإن الله سبحانه وبحمده يسر لعباده طرق الوصول إليه فليس في تحقيق العبادة، وطاعة الله عز وجل عسرٌ ولا مشقة بل إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال فيما جاء عنه في المسند بإسنادٍ جيد من حديث عبد الله بن عباس، ونظيره ما جاء عن عائشة أنه قال صلى الله عليه وسلم: «بُعثت بالحليفية السمحة»، وهذا الخبر النبوي يُفيد وصف الشريعة المباركة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم وصف الدين في اعتقاده، وعمله، فالاعتقاد حليف، والعمل سمح، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى بالتوحيد، وعبادة الله وحده لا شريك له، وهذا فيما يتعلق بالاعتقاد وهو الحليفية التي بُعث بها صلى الله عليه وسلم، وهي ما كان عليه إبراهيم عليه السلام ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾النحل:120، فلما كان إبراهيم عليه السلام على هذا النحو كانت شرائع الأنبياء بعده على هذا النحو، وأتم ذلك ما جاء به النبي محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه هذا فيما يتعلق بالاعتقاد، وأما فيما يتعلق بالعمل فإن هذه الشريعة شريعةٌ سمحة، والسماحة هي ما لا مشقة فيه ولا عناء، ولا عسر، ولا مشقة تخرج عن المعتاد، ولذلك يقول الله تعالى في الامتنان على الأمة بما بعث به محمد بن عبد الله: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾التوبة:128أي يشق عليه ما يشق عليكم ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾التوبة:128.

ولهذا كانت هذه الشريعة على نحو ما ذكر الله تعالى في محكم كتابه ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾القمر:17.

وكما قال جل وعلا: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾الحج:78، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه:         «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه»، وهذا لا يعني أن دين الله تعالى لا تكليف فيه بل لابد فيه من تكاليف، وذلك أن بناء الشريعة على تكليف لكنه تكليف لا مشقة فيه، ولا عناء تكليفٌ تحصل به للبشرية السعادة في الدنيا والآخرة، تكليفٌ يجمع مصالح الدنيا والآخرة فما من شيءٍ أمر الله تعالى به الناس إلا وفيه صلاحهم سواءً كان ذلك فيما يتعلق بالعبادات المحضة أو ما يتعلق بإصلاح المعاملات والعلاقات بين الناس كما أنه لم ينهى الله تعالى عن شيء في الكتاب ولا في السنة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم إلا وفيه مضرة لهم، ليست مضرتهم فقط في الآخرة بل مضرتهم في الآخرة وفي العاجل، في الدين والدنيا، في الحاضر والمستقبل؛ لذلك كان العاقل البصير الناصح الفطين لا يلتفت إلى تزيين الشيطان ما يُزينه من المعاصي والسيئات، فإنها مهما زانت في أعين أصحابها إنما هي طريقٌ إلى النار، إنما هي طريقٌ إلى الهلاك وليست فقط النار في الآخرة بل ما يلقاه من شُؤم المعصية في دنياه لا يقل في التنفير، والصد عن المعاصي عما ذكره الله تعالى من الوعيد في الآخرة، وإن كان عذاب الآخرة أشد وأبقى لكن ما يُدركه الإنسان بمعصيته في الدنيا من أعظم ما يزجره عن المضي في العصيان، وسيء الأعمال؛ لذلك من رحمة الله بعباده أن يُذيق الطائعين شيئًا من نعيم طاعتهم، وأن يُذيق العاصين شيئًا من عقوبات معاصيهم وشؤمها في دنياهم؛ ليكون ذلك حاملًا لأهل الطاعة على الاستزادة، وحاملًا لأهل الإساءة على الكف، والاقتصار، والتوبة، والمراجعة فلذلك من رحمة الله بعباده أنه لم يشرع لهم إلا ما يُسعدهم قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾الأنبياء:107، إدراك هذه المعاني يا إخواني مما يشرح الله تعالى به صدر العبد؛ للإقبال على الطاعة، والانصراف على المعصية؛ لأنه يعرف أن الله ما أمره بشيء إلا لإصلاحه، ولا نهاه عن شيء إلا لما فيه من هلاك وفساد، فالبصير العاقل يكف نفسه على المعاصي؛ لأنها تُهلكه، ولها من الشؤم الحاضر والمستقبل ما ينبغي للمؤمن أن ينزجر عنه، وأن يتجنبه ويتوقاه، وفي الطاعات من السعادة والانشراح ما يحمله على الإقبال على رب الأرض والسماوات بكل ما يستطيع فإنه سيجد من طاعة الله لذة، سيجد من طاعة الله طمأنينة، سيجد من طاعة الله سكنًا، سيجد من طاعة الله انشراحًا.

قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾النحل:97إيش؟ إيش الجزاء؟ ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾النحل:97، هذا جزاء معجل يُدركه كل من عمل صالحًامن ذكرٍ أو أنثى طائعًا لله عز وجل أصلح الباطل بالإيمان، وأصلح الظاهر بصالح الأعمال فلنجّد ولنجتهد أيها الإخوة في الأخذ بالطاعات، ولنعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في كلمةٍ جامعة تُبين المآلات والنهايات للأعمال حُفت الجنة بالمكاره فمهما شق عليك شيءٌ من طاعة الله فأقبل وأقدم، واعلم أن العاقبة حميدة، ومهما زادت لك المعاصي فقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «وحُفت النار بالشهوات» أي: الملذات التي تشوقك، وتجلبك، وتُحفزك على الإقبال عليها لكنه عسلٌ مُلأ سُمًا فما أقرب الهلاك لذلك يجد الإنسان بالمعصية من شتات القلب، وظلمته، وفساد الأمر، وتعكس الحال ما لا يهنأ معه بمعصية مهما لذت وطابت لا يهنأ بها إنما يجد شؤمها كما قال الله تعالى في بيان مآل الفريقين: ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾الانفطار:13﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾الانفطار:14.

كثير من الناس يقول هذا في الآخرة في نعيم يعني في الجنة، وفي الجحيم يعني في النار، وهذا صحيح لكن ثمت نعيمٌ يُدركه الإنسان في الدنيا، وهو ما يُلقيه الله في قلوب أوليائه أهل الطاعة والإحسان من الإنشراح، والبهجة، والسرور لا تُقارن بكل ملذات المعاصي، ولذلك الله تعالى يقول: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾النور:30، ثم ماذا قال ﴿ذَلِكَ﴾النور:30، أي: قيامهم بذلك الأمر ﴿ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾النور:30أي: أطيب لقلوبهم فمهما متعوا أبصارهم بالنظر المحرم إذا كفوا أبصارهم عن هذه المرائي المحرمة كان ذلك بهجةً، وزكائًا، وسكنًا لقلوبهم، فلذلك كل من أطاع الله، وخالف هواه لابد أن يجد نعيمًا ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾الانفطار:13.

ليس فقط في الآخرة بل في الدنيا، وفي البرزخ، ويوم البعث والنشور، وفي المستقر والمآل، فإن الله لم يحدد أين النعيم ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ﴾الانفطار:13أهل البر والطاعة والإحسان ﴿لَفِي نَعِيمٍ﴾الانفطار:13، قي دنياهم، وفي قبورهم، ويوم بعثهم ونشورهم، وعندما يدخلون الجنة العزيز الغفار نسأل الله أن نكون منهم كما أن المقابل أهل الفجور، وأهل المعصية، وأهل الخطأ والذلل الذين يُصرون على أخطائهم، ولا يستعتبون ويتوبون، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾الانفطار:13﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾الانفطار:14، وهو ما يكون في القلوب في الدنيا من شتاتٍ، وضيقٍ، وكدر، وما يكون في القبور من عذابٍ لأهلها، وما يكون قي البعث والنشور من الفزع، وما يئول منه الحال من العقوبة من النار إلا لم يغفر الله عز وجل لأهل الإساءة والمعصية.

فنسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من أهل البر والتقوى، والصلاح والسداد في السر والعلن، وأن يغفر لنا الخطأ والذلل، وان يرزقنا البصيرة في الدين، والعمل في التنزيل، وأن يُوفقنا على ما يحب ويرضى من القول والعمل الله الموفق إلى السداد والصواب.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات19193 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات12365 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9955 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8464 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف