النَّذْرُ عِبادَةٌ وطاعَةٌ، وهُوَ عبادَةٌ وطاعَةٌ فيما إذا كانَ نَذْرًا لا مُجازاةً فيهِ، ليسَ لَهُ مُقابِلٌ، أمَّا إذا كانَ مُجازاةً لأمْرٍ أو مُكافَأةً لعَطاءٍ أو مُعلَّقًا عَلَى شَيءٍ، فهَذا نَذْرٌ مَكروهٌ نَهَى عَنْهُ النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ ـ لكِنَّهُ يَجِبُ الوفاءُ بِهِ، وهُوَ قَدْ وَردَ فيهِ مِنَ العُقوبَةِ ما ذَكرَهُ اللهُ ـ تَعالَى ـ في سُورَةِ التوبَةِ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾[التَّوبَةِ:75-77].
بَقيَّةُ أنواعِ النَّذْرِ وبَحثُها وتَفاصيلُها في كُتبِ الفَقْهِ ليسَ في كُتُبِ العَقائِدِ، لكِنْ عَلَى وَجْهِ الإجمالِ:
النَّذْرُ المُباحُ:الإنسانُ مُخيَّرٌ بَيْنَ أنْ يَفعَلَ ما نَذَرَ وبَيْنَ أنْ يُكفِّرَ عَنهُ كَفَّارَةَ يَمينٍ.
النَّذْرُ الَّذي هُوَ نَذرُ الطاعَةِ: يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَفيَ بما نَذَرَ، وذَلِكَ ؛ لقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «مَنْ نَذرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فليُطعْهُ»صحيحُ البُخاريِّ (6696)، وإذا عَجزَ عَنهُ فإنَّهُ يُكفِّرُ عَنهُ كَفَّارَةَ يَمينٍ ؛ لقَولِ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ـ: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمينٍ»صحيحُ مُسلمٍ (1645).
أمَّا النَّوْعُ الثالِثُ: النَّذْرُ المُطلَقُ الَّذي لم يُسَمَّ فيهِ ما نَذَرَ، وهَذا يَجري في ألسِنَةِ بَعضِ الناسِ، نَذْرٌ عَلَي أنْ كذا صارَ، أو أنْ كذا لم يَكُنْ، أو أنْ أفعَلَ ذَلِكَ، أو ما أشبَهَ ذَلِكَ دُونَ أن يُسمِّيَ: نَذْرَ ذَبحٍ، نَذْرَ صَدقةٍ، نَذْرَ صَلاةٍ، نَذرَ صَومٍ، في هذهِ الصُّورِ كُلِّها يَجِبُ عَلَيهِ إذا لم يُحدِّدِ المَنذورَ أن يُكفِّرَ كَفَّارةَ يَمينٍ.
إذا نَذرَ ما لا يَملِكُهُ كأنْ يَنذُرَ مَثلًا: أنْ يَتصَدَّقَ بسَيارةِ جارِهِ مَثلًا، أو بمالِ والِدِهِ، أو بمالٍ لا يَملِكُهُ فهَذا أيضًا كفَّارتُهُ كفارَةُ يَمينٍ، وذَلِكَ أنَّهُ لا نَذْرَ للإنسانِ فيما لا يَملِكُ.
هذهِ جُملَةٌ مِنَ المَسائِلِ فيما يَتعلَّقُ بالنَّذْرِ وأحكامِهِ.