×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة الجمعة: كلنا إلى الله فقراء

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:11858

إِنَّ الحَمْدُ للهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، لَهُ الحَمْدُ كُلُّهُ أَوُّلُهُ وَآخِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرينَ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَفِيَّهُ وَخَلِيلُهُ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ- وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ
فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ، اتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى؛ فَقَدْ خَلَقَكُمْ مِنْ عَدَمٍ وَأَمَدَّكُمْ بِكُلِّ ما تَأْمَلُونَ مِنْ عَطائِهِ وَرِزْقِهِ، وَتَقْواهُ تَجْلِبُ لَكُمُ الخَيْراتِ وَتَدْفَعُ عَنْكُمَ المساءاتِ، مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجِدْ خَيْرًا عَظِيمًا، قالَ اللهُ -تَعالَى-:﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ * وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًاالطلاق:4:2.
فاتَّقُوا الله في السِّرِّ وَالعَلَنِ، في المنْشَطِ وَالمكْرِهِ، في كُلِّ شَأْنٍ في الدَّقِيقِ وَالجَلِيلِ، وَأَبْشِرُوا بِالعَطاءِ مِمَّنْ لا يُخْلِفُ المِيعادَ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ عِبادَ اللهِ, يَقُولُ اللهُ في مُحْكَمِ كِتابِهِ:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُفاطر:15قِفْ عَبْدَ اللهِ، قِفْ يَرْعاكَ اللهُ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ، وَتَأَمَّلْ ما فِيها مِنْ عَظِيمِ وَصْفِ رَبِّكَ، وَعَظِيمِ فاقَتِكَ وَحاجَتِكَ وَافْتِقارِكَ إِلَيْهِ، فَإِنَّ اللهَ –سُبْحانَهُ- خاطَبَ النَّاسَ جَمِيًعا بِهَذا الأَمْرِ، الَّذي أَخْبَرَ فِيهِ–جَلَّ في عُلاهُ- عَنْ حَقِيقَةٍ يَجِدُها كُلُّ إِنْسانٍ في نَفْسِهِ، يَلْحَظُها مُنْذُ عَدَمِهِ إِلَى وُجُودِهِ، إَلَى مَمَاتِهِ وَارْتِحالِهِ إِلَى الدَّارِ الآخِرَةِ، فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَى اللهِ فُقَراءُ، فَكُلُّ ما سُوَى اللهِ فَقِيرٌ إِلَيْهِ لا يَسْتَغْنِي عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَهُوَ الصَّمَدُ-جَلَّ في عُلاهُ-:﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُالإخلاص:2:1 . فَهُوَ الَّذي تَصْمُدُ إِلَيْهِ الخَلائِقُ كُلُّها في حَوائِجِها، فَما مَنْ أَحَدٍ في السَّماءِ وَالأَرْضِ إِلَّا وَإِلَى اللهِ مُحْتاجٌ وَاللهُ –تَعالَى- مُسْتَغْنٍ عَنِ الجَمِيعِ، كانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ.
تَأَمَّلْ يَرْعاكَ اللهُ؛ تَأَمَّلْ في نَفْسِكَ، وَخَلْقِكَ وَحالِكَ؛ تَكْتَشِفْ عَظِيمَ فَقْرِكَ وَشِدَّةَ فاقَتِكَ إِلَى رَبِّكَ وَإِنْ سَتَرَ ذَلِكَ ما سَتَرَ، مِنْ نِعَمِ اللهِ الَّتي تَوالَتْ عَلَيْكَ فَظَنَنْتَ أَنَّكَ عَنْهُ اسْتَغْنَيْتَ, قَدْ خَلَقَكَ اللهُ مِنْ عَدَمٍ:﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًاالإنسان:1.﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًاالإنسان:2.
تَفَضَّلَ عَلَيْكَ بِالخَلْقِ والوُجُودِ، فَاللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، أَوْجَدَكَ وَخَلَقَكَ،وَمَتَّعَكَ بِما مَتَّعَكَ بِهِ مِنَ الآلاتِ الَّتي تُدْرِكُ بِها المصالحَ، فَجَعَلَ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا، كُنْتَ أَيُّها الإِنْسانُ قَدْ خَرَجْتَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ لا بِحَوْلٍ مِنْكَ وَلا قُوَّةٍ، بَلِ اللهُ هُوَ الَّذي أَخْرَجَكَ:﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْالنحل:78 ،ثُمَّ حالَكَ عِنْدَما خَرَجْتَ تُفَكِّرُ فِيها وَإِنْ نَسِيتَ فانْظُرْ في حالِ الرُّضَّعِ وَالأَطْفالِ الَّذينَ خَرَجُوا لِلتَّوِّ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتَهمْ، لِتَنْظُرَ حالَكَ في ذَلِكَ الزَّمانِ، وَكَيْفَ أَتَيْتَ إِلَى هَذِهِ الدُّنْيا: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَالنحل:78.
تَكَفَّلَ اللهُ بِرِزْقِكَ فَرَزَقَكَ في بَطْنِ أُمِّكَ حَتَّى أُمُّكَ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُوصِلَ إِلَيْكَ الرِّزْقَ، ساقَهُ اللهُ إِلَيْكَ فَأَطْعَمَكَ مِنْ طعامِها، وَكَفاك مِنْ غِذائِها، فَلَهُ الحَمْدُ -جَلَّ في عُلاهُ-، أَنْتَ الفَقِيرُ إِلَيْهِ -سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ-، ثُمَّ خَرَجْتَ فَيَسَّرَ لَكَ مأَكْلًا وَمَشْرَبًا مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ وَلا طَوْلٍ، رَقَّقَ قَلْبَ أُمِّكَ عَلَيْكَ، فَحَنَّتْ عَلَيْكَ، وَأَطْعَمَتْكَ، وَسَقَتْكَ، وَرَعَتْكَ حَتَّى اكْتَمَلْتَ، فَدَبَبْتَ عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ أَكَلْتَ، وَمِنْ كُلِّ طَعامٍ ساقَ اللهُ -تَعالَى- إِلَيْكَ رَزَقَكَ، هُوَ الَّذي تَكَفَّلَ بِرِزْقِكَ، فَجَمِيعُ الخَلْقِ أَرْزاقُهُمْ عَلَيْهِ -جَلّ في عُلاهُ-، سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ ،كُلُّ مَخْلُوقٍ لَهُ رِزْقٌ مُقَدَّرٌ: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍهود:6. وَيَقُولُ -جَلَّ في عُلاهُ-: ﴿وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَاالعنكبوت:60.
لا تَقْوَى عَلَى أَنْ تَحْمِلَ رِزْقَها وَأَنْ تَنْقُلَهُ مِنْ مَكانٍ إِلَى مَكانٍ، لَكِنَّ اللهَ -جَلَّ في عُلاهُ- بِلُطْفِهِ يُيَسِرْ لَها مِنْ أَسْبابِ الرِّزْقِ ما يُغْنِيها: ﴿اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُالعنكبوت:60.
إِنَّ اللهَ -جَلَّ في عُلاهُ- يَسُوقُ الأَرْزاقَ لِكُلِّ حَيٍّ في السَّماءِ وَالأَرْضِ، في البَرِّ وَالبَحْرِ، فَهُوَ -جَلَّ في عُلاهُ- الَّذي تَكَفَّلَ بِأَرْزاقِ عِبادِهِ، فَخَلَقَكَ اللهُ لِغايَةٍ عُظْمَى وَهِيَ عِبادَتُهُ -جَلَّ في عُلاهُ-، وَتَكَفَّلَ لَكَ بِرِزْقِهِ، يَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلا-:﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُالذاريات:56: 58 .
كُلُّنا يا عِبادَ اللهِ كُلُّنا إِلَى اللهِ فُقَيرٌ، غَنيُّنا وّفَقيرُنا إِلَى اللهِ فَقِيرٌ، صَحِيحُنا وَمَرِيضُنا إِلَى اللهِ فَقِيرٌ، قَوِيُّنا وَضَعِيفُنا إِلَى اللهِ فَقِيرٌ، ذَكَرُنا وَأُنْثانا إِلَى اللهِ فَقَيرٌ، فَما مِنَّا وَإِلَّا وَهُوَ مَفْتَقِرٌ إِلَى رَبِّهِ، تَأَمَّلْ حالَ ذَاكَ الَّذِي أَعْطاهُ اللهُ ما أَعْطاهُ مِنَ الدُّنْيا فاتَّسَعَ رِزْقُهُ وَمَلَكَ ما مَلَكَ مِنَ المالِ أَتَظُنُّ أَنَّهُ غَنِيٌ عَنِ اللهِ؟ لا وَاللهِ؛ فَاللهُ هُوَ الَّذِي رَزَقَهُ ثُمَّ إِنَّهُ مِنْ أَدِلَّةِ عَظِيمِ فَقْرِهِ أَنَّهُ لا غِنَى بِهِ عَنِ الخَلْقِ، فَذاكَ الغِنَي مُحْتاجٌ إِلَى زَوْجَةٍ، مُحْتاجٌ إِلىَ وَلَدٍ، مُحْتاجٌ إِلَى عامِلٍ، مُحْتاجٌ إِلَى حاكِمٍ، مُحْتاجٌ إِلَى طَبِيبٍ، فَلَيْسَ بِالخَلْقِ مَهْما كانَتْ أَحْوالُهُمْ لَيْسَ بِالخَلْقِ غِنًا عَنْ رَبِّهِمْ بَلْ كُلُّنا إِلَى اللهِ فَقِيرٌ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ أَعْظَمَ ما يُحَصِّلُ بِهِ لِلعَبْدِ الغِنَى، وَأَعْظَمُ ما يُحَصِّلُ لَهُ بِهِ الاكْتِفاءَ، أَنْ يُحَقِّقَ الغايَةَ مِنْ وُجُودِهِ؛ فَاللهُ لمْ يَخْلُقْنا لِنَكْتَسِبَ رِزْقًا بَلْ تَكَفَّلَ بِرِزْقِنا، إِنَّما خَلَقَنا لِعِبادَتِهِ فَإِذا حَقَّقْنا ذَلِكَ؛ فَتَحَ لَنا مِنْ أَبْوابِ الخَيْرِ وَالرِّزْقِ مِنْ بَركاتِ السَّماءِ وَالأَرْضِ ما يُغْنينا عَنْ كُلِّ مَنْ سِواهُ يَقُولُ رَبَّنا -جَلَّ في عُلاهُ-:﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِالأعراف:96.
وَأَعْظَمُ رَزْقٍ يَسُوقُهُ اللهُ –تَعالَى-إِلَيْكَ أَنْ يَهْدِيَكَ الصِّراطَ المسْتَقيمَ لِذَلِكَ أَمَرَكَ بِسُؤالِهِ في كِتابِهِ في كُلِّ صَلاةٍ بَلْ في كُلِّ رَكْعَةٍ أَنْ تَسْأَلَهُ الهِدايَةَ إِلَى الصِّراطِ المسْتَقِيمِ فَهِيَ أَعْظَمُ ما يَحْصُلُ بِهِ الغِنَى، أَنَّ طاعَةَ اللهِ وَلُزُومَ الطَّرِيقِ المسْتَقِيمِ يَفْتَحُ لَكَ أَبْوابَ الخَيْراتِ، سَعادَةَ الدُّنْيا وَفَوْزَ الآخِرَةِ، إِذا حَصَّلْتَ الهُدَى، إِذا وُفِّقْتَ إِلَى سُلُوكِ الطَّرِيقِ المسْتَقِيمِ؛ حَصَلَ لَكَ النَّصْرُ وَتَحَقَّقَ لَكَ الرِّزْقُ وَساقَ اللهُ -تَعالَى- لَكَ ما تَطْلُبُ مِنْ أَسْبابِ السَّعادَةِ وَالفَوْزِ.

عِبادَ اللهِ, كُلُّنا إِلَى اللهِ فَقِيرٌ، كُلُّنا إِلَيْهِ فَقِيرٌ في إِجابَتِنا، فَقِيرٌ في بَقائِنا، فَقِيرٌ في إِمْدادِنا فَلْنَسْأَلُهُ -جَلَّ وَعَلا- أَنْ تَصْلُحَ بِهِ أَحْوالُنا.
رَوَىَ الإِمامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ- قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ اللهُ: حَدِيثٌ إِلَهِيٌّ يَتَكَلَّمُ فِيهِ

ِرَبُّنا وَيَنْقُلُهُ رَسُولُنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ، إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ، إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ»مسلم(2577). هَكَذا رَبُّكَ يَعْرِضُ عَلَيْكَ العَطاءَ وَيَقُولُ لَكَ: سَلْني أُعْطِكَ، أُدْعُنِي أُجِبْكَ، فَإِنَّهُ الكَريمُ المنَّانُ الَّذي بِيَدِهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ، وَأَعْظَمُ ما تَسْأَلُهُ اللهَ سَلْهُ الهِدايةَ لِذَلِكَ قَالَ اللهُ في أَوَّلِ ما ذَكَرَ مِنَ الحَوائِجِ الَّتي تَصْلُحُ بِها الدُّنْيا «يا عِبادِي كُلّكُمْ ضالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوني أَهْدِكُمْ»، ثُمَّ بَعْد ذَلِكَ ذَكَرَ كِفايَةَ البَدَنِ؛ فَإِنَّ الِهدايَةَ: كِفايَةُ القَلْبِ وَالرُّوحِ، وَالطَّعامِ وَالشَّرابِ: كِفايةُ الأَبْدانِ، وَكِفايَةُ القُلُوبِ وَصَلاحُها يُغْنِي عَنْ كُلِّ حاجَةٍ؛ فَإِنَّ اللهَ يَسُوقُ لِعَبْدِهِ المؤْمِنِ مِنْ أَسْبابِ الخَيْرِ وَالسَّعادَةِ في الدَّارَيْنِ ما يَكْفِيهِ عَنْ كُلِّ حاجَةٍ، هَذا لا يَعْنِي أَنْ تَقْعُدَ عَنْ طَلَبِ رِزْقٍ بَلِ اللهُ قالَ:«اسْتَطْعِمُوني» وَهَذا سَبَبٌ لِإدْرِاكِ الطَّعامِ،«وَاسْتَكْسُوني»وَهَذا سَبَبٌ لِإِدْراكِ الكَسْىِ وَهُوَ فِعْلٌ مِنْكَ فَلَيْسَ في هَذا تَعْطِيلٌ للأَسْبابِ؛ بَل ابْذُلِ السَّبَبَ وَسَلِ اللهَ بُلُوغَ ما تُؤَمِّلُ فَرَبُّكَ كَرِيٌم مَنَّانٌ يُعْطِي كَثِيرًا وَيُجْزِلُ في إِحْسانِهِ -سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ- ابْتْدَأَنا بِالإِحْسانِ قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ، فَلاحُ الإِنْسانِ في دِينِهِ ودُنْياهُ في افْتِقارِهِ إِلَى رَبِّه وَمَوْلاهُ، فَلاحُ الإِنْسانِ في أَنْ يَدُومَ قَلْبُهُ مُسْتَشْعِرًا ثَقَتَهُ إِلَى اللهِ أَرَأَيْتَ ذاكَ الَّذي في لُجَّةِ البَحْرِ تَقاذَفُهُ الأَمْواجُ عَلَى خَشَبَةٍ قَدْ انْقَطَعَ عَنْهُ كُلُّ سَبَبٍ لِلنَّجاةِ إِلَّا تَعَلُّقُهُ بِرَبِّهِ، ذَلِكَ القَلْبُ الَّذي انْقَطَعَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ يَرْجُوا اللهَ النَّجاةَ لا يَرْجُو سِواهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ هَذا هُوَ الَّذي يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ قُلُوبُنا في كُلِّ أَحْوالِنا، فَإِنَّنا هَلْكَى غَرْقَى لَوْلا رَحْمَةُ اللهِ وَفَضْلُهُ، وَلِذَلِكَ فَلاَحُكَ في أَنْ تُدِيمَ افْتِقارَكَ إِلَى رَبِّكَ، قالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ التَّسْتُرِيُّ:" لَيْسَ بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّه طَرِيقٌ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنَ الافْتِقارِ".صِفَةُ الصَّفْوَةِ(2/ 272)، أَظْهِرْ إِلَى اللهِ فَقْرَكَ؛ تَنَلْ مِنَ اللهِ العَطاءَ، أَظْهِرْ إِلَى اللهِ حاجَتَكَ؛ تَنَلْ مِنْهُ -سُبْحانَهُ وَتَعالَى- كُلَّ ما تُؤَمِّلُ، لا عَجَبَ يا عِبادَ اللهِ «الدُّعاءُ هُوَ العِبادَةُ» هَكَذا قالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-الترمِذِيُّ(2969), وَقالَ: حَسَنٌ صَحيحٌ؛ لأَنَّهُ يُشْعِرُ القَلْبَ بِعَظيمِ فاقَتِهِ إِلَى الرَّبِّ، فالدُّعاءُ يَسْتَدْعِي حُضُورَ القَلْبِ مَعَ اللهِ وَذَلِكَ مُنْتَهَى العِباداتِ، فالدُّعاءُ يَرُدُّ قَلْبَكَ إِلَى مَوْلاكَ وَيُعَلِّمُكَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لا يَكُونُ إِلَّا بِهِ، لا مانِعَ لما أَعْطَى وَلا مُعْطِيَ لما مَنَعَ -جَلَّ في عُلاهُ- فَإِذا دَعَوْتَ اللهَ أَبْشِرْ فَقَدْ قالَ اللهُ -جَلَّ في عُلاهُ- فِيما رَواهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنا مَعَهُ إِذا دَعانِي»مُسْلِمٌ(2675).، أَلا تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ اللهُ مَعَكَ؟ مَنْ مِنَّا يَكْرَهُ ذَلِكَ؟ مَنْ مِنَّا يَرْغَبُ عَنْ ذَلِكَ؟ الأَمْرُ يَسِيرٌ عَلِّقْ قَلْبَكَ بِاللهِ، أَنْزِلْ بِهِ حَوائِجَكَ، سَلِ اللهَ كُلَّ حاجاتكَ حَتَّى الدَّقِيقَ، حَتَّى شَرْبَةَ الماءِ، عَلَّقْ قَلْبَكَ بِاللهِ وَلا تَلْتَفِتْ إِلَى سِواهُ وَأَمِّلْ مِنْهُ العَطاءَ؛ فَالدُّعاءُ يَعْمُرُ قَلْبَكَ بِالافْتِقارِ إِلَيْهِ وَيُحَقِّقُ الغايَةَ مِنَ الوُجُودِ وَقَدْ تَكَفَّلَ لَكَ بِالعَطاءِ وَالرِّزْقِ، اللَّهُمَّ أَلْهِمْنا رُشْدَنا، قِنا شَرَّ أَنْفُسِنا، ارْزُقْنا صِدْقَ ذِكْرِكَ وَشُكْرَكَ وَحُسْنَ عِبادَتِكَ، وَأَعِنَّا عَلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ وَأَقُولُ هَذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:                                                             

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَالأنعام:1أَحْمَدُهُ حَقَّ حَمْدِهِ, لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْهِ هُوَ كَما أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -وَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ- وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ, أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ اتَّقُوا اللهَ -تَعالَى- وَاعْلَمُوا عَظِيمَ قَدْرِ رَبِّكُمْ, فَهُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ، هُوَ اللهُ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، هُوَ اللهُ الَّذي لَهُ الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ؛ وَإِذا عَرَفْتَمْ قَدْرَ رَبِّكُمْ لَنْ تَثِقُوا بِسِواهُ وَلمْ تَلْتَفِتُوا إِلَى غَيْرِهِ وَإِنْ تَعاطَيْتُمْ شَيْئًا مِنَ الأَسْبابِ لأَدْرَكَ المطالِبَ فَقُلُوبُكُمْ بِهِ مُعَلَّقَةٌ، وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ما شاءَ كانَ وَما لَمْ يَشْأَ لمْ يَكُنْ, فَلَوْ فَعَلْتَ ما فَعَلْتَ مِنْ إِدْراكِ مَطْلُوبِكَ وَتَحْصيِلِ مَرْغُوبِكَ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ اللهُ لَكَ فَلَنْ يَكُونَ، وَلَوْ فَعَلْتَ ما فَعَلْتَ وَفَعَلَ غَيْرُكَ ما فَعَلَ في دَفْعِ شَيْءٍ قَدَّرَهُ اللهُ لَكَ أَنْ يَأْتِيَكَ وَمَنَعَكَ مَنْ مَنَعَكَ فَإِنَّهُ سَيَأْتِيكَ؛ فاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَهُوَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ -جَلَّ في عُلاهُ-، عَلِّقْ قَلْبَكَ بِاللهِ؛ تَجِدْ سَعادَةً، طُمْأْنِينَةً، بَهْجَةً، انْشِراحاً، سُرُورًا تُدَاوِي كُلَّ أَسْقامَ قَلْبِكَ؛ لَصَدَقَكَ في الُّلجُوءِ إِلَى رَبِّكَ -جَلَّ في عُلاهُ-، الدُّعاءُ أَنْفَعُ الأَدْوِيَّةِ لِلقُلُوبِ وَالأَعْمالِ, هُوَ عَدُوُّ البَلاءِ يَدْفَعُهُ وَيُعالِجُهُ وَبِهِ تُدْرَكُ الأَمانِيُّ وَتَحْصُلُ المطالِبُ، وَبِهِ يَفُوزُ العَبْدُ بِخَيْرٍ كَثِيرٍ وَعَطاءٍ كَبِيرٍ، كُلُّنا يَخْشَىَ ما يَخْشاهُ مِنْ نَوازِلَ الدَّهْرِ فَيَسْتَدْفِعُ ذَلِكَ بِسُؤالِ اللهِ السَّلامَةَ وَالعافِيَةَ بِالدُّعاءِ قَبْلَ نُزُولِ المصائِبِ وَالكُرَبِ، فَإِذا نَزَلَتْ المصائِبُ وَالكُرَبُ فَلا تَغْفُلْ عَنْ دُعاءِ رَبِّكَ لَكِنْ ثِقْ أَنَّكَ إِذا دَعَوْتَهُ في الرَّخاءِ سَتَجِدُهُ قَرِيبَ الِإجابَةِ في الشَّدَّةِ،« تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ»مُسْنَدُ أَحْمَد(2803), وَهُوَ: حَدِيثٌ صَحيحٌ، فَلا تَغْفُلُ عَنِ اللهِ وَأَنْتَ صَحيحٌ مُعافَى، وَأَنْتَ غَنِيٌّ مُسْتَكْفٌ لا تَغْفُلُ عَنِ اللهِ، سَلْ اللهَ كُلَّ حَوائِجِكَ، ثِقْ بِاللهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لا يَأْتِي بِالحَسَناتِ إِلَّا هُوَ وَلا يَدْفَعُ السَّيِّئاتِ إِلَّا هُوَ -جَلَّ في عُلاهُ-، وَإِذا نَزَلَ بِكَ ما تَكْرَهُ أَوْ خَشِيتَ ما لا تُحِبُّ فَافْزَعْ إِلَى الدُّعاءِ في كُلِّ أَحْوالِكَ قائِمًا وَقاعِدًا؛ فَقَدْ أَراكَ اللهُ في كِتابِهِ مِنْ إِجابَةِ أَوْلِيائِهِ الدَّاعِينَ ما يُصَدِّقُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّهُ ما شاءَ كانَ وَما لمْ يَشَأْ لمْ يَكُنْ، وَأَنَّهُ مَنْ دَعا اللهَ فَلابُدَّ أَنْ يُدْرِكَ مِنْهُ جَوابًا لا رَيْبَ في ذَلِكَ وَلا شَكَّ، وَمِنْ أَعْظَمِ ما تُدْفَعُ بِهِ المقْضِيَّاتُ المكْرُوهَةُ قَبْلَ حُصُولِها وَتُرْفَعُ بِهِ بَعْدَ نُزُولِها أَن يَدْعُو الإِنْسانُ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- بِقَلْبٍ صادِقٍ فَإِنَّهُ «لا يَرُدَّ القَضاءَ إِلَّا الدُّعاءَ»التَّرْمِذِيُّ(2139), وَقالَ: حَسَنٌ هَكَذا قالَ سَيِّدُ الوَرَى -صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ-، فالدُّعاءُ يَدْفَعُ ما تَكْرَهُ في نَفْسِكَ، وَأَهْلِكَ، وَمالِكَ، وَبَلَدِكَ، في دِينِكَ وَدُنْياكَ، في شَأْنِكَ الخَاصِّ وَفي شَأْنِكَ العامِّ فَفَزِعَ إِلَى الدُّعاءِ في كُلِّ ما يُحِيطُ بِكَ، واعْلَمْ أَنَّكَ عِنْدَما تَسْتَوِفي شُروطَ إِجابَةِ الدُّعاءِ وَيَكُونُ دُعاؤُكَ مُجَنَّبًا الاعْتِداءَ فَأَبْشِرْ بِالجَوابِ؛ فَإِنَّهُ ما مِنْ مُسْلمٍ يَدْعُو اللهَ في غَيْرِ إِثمٍ وَلا قَطِيعَةِ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطاهُ اللهُ إِحْدَى ثَلاثِ خِصالٍ:
•    
إِمَّا أَنْ يُجِيبَهُ إِلَى سُؤالِهِ.
•    
وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ مِنَ الشَّرِّ مِثْلَما سَأَلَ.
•    
وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَها لَهُ في الآخِرَةِ.
قالُوا:"يا رَسُولَ اللهِ إِذًا نُكْثِرُ" إِذا كانَ الدَّاعِي لا يَخْلُو مِنْ إِجابَةٍ بِواحِدٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوُرِ إِذًا نُكْثِرُ الدُّعاءَ، قالَ:«اللهُ أَكْثَرُ»هكَذا أَجابَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العالِمُ بِرَبِّهِ أَجابَ أَصحابُهُ عِنْدَما قَالُوا طَمَعًا في الاسْتِكْثارِ مِنَ الخَيْرِ قالُوا: "إذًا نُكْثِرُ" قالَ: «اللهُ أَكْثَرُ»أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ(11133)بإِسْنادٍ:جَيِّدٍشَأْنُ اللهِ عَظِيمٌ، «يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا»مسلم(2577).-سُبْحانَهُ-، الآنَ لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْكَ اثْنانِ يَسْألانِكَ وَأَنْتَ قادِرٌ غَنِيٌّ يُمْكِنُ تَعْجَزُ أَنْ تَوَفِّيهِمْ؛ لأَنَّكَ تَسْمَعُ هَذا أَوْ تَسْمَعُ ذا ما تَدْرِي مَنْ تُجِيبُ، اللهُ يَسْأَلُهُ خَلْقُهُ كُلُّ مَنْ في السَّماواتِ وَالأَرْضِ إِلَيْهِ فَقَيرٌ سَؤُالَ لِسانٍ أَوْ سُؤالَ حالٍ وَهُوَ -جَلَّ وَعَلا- يَسْوقُ الأَرْزاقَ، يُجِيبُ الدَّعواتِ، يُغْيثُ اللَّهَفاتِ، يَكْشِفُ الكُروباتِ، يُعْطِي السُّؤالاتِ ذَاكَ اللهُ شَأْنُهُ عَظِيمٌ -سٌبْحانَهُ وَبِحَمْْدِهِ- وَمَنْ عَلِمَ ما للهِ مِنْ كَمالٍ عَرَفَ أَنَّ قَدْرَ رَبِّهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحِيطَ بِهِ خَيالٌ، ﴿ وما قدر الله حق قدرهالأنعام:91 -سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ- شَأْنُهُ عَظِيمٌ سَلُوهُ كُلَّ حاجاتِكُمْ، سَلُوهُ لأَنْفُسِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ وَوالِدِيكُمْ وَأَهْلِيكُمْ وَجِيرانِكُمْ وَأَهْلُ بَلَدِكُمْ وَالمسْلِمينَ، سَلُوهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ لهَؤُلاءِ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَسْأَلُوا عَظِيمًا مِنَ الشَّيْءِ إِلَّا يَتَلاشَىَ أَمامَ عَطاءِ العَظِيمِ الكَرِيمِ المنَّانِ -جَلَّ في عُلاهُ- لِذَلِكَ يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«لا يَقُولُ أَحَدُكُمْ اللَّهُمَّ أَعْطِني إِنْ شِئْتَ بَلْ لِيعْزِمِ المسْأَلَةَ »أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ البُخارِيُّ(6338), وَمُسْلِمٌ (2678) وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرِةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ البُخاريُّ(6339), وَمُسْلِمٌ(2679). يَعْنِي يَسْأَلُ سُؤْالًا عَظِيمًا « فَإِنَّ اللهَ لا مُكْرِهَ لَهُ»هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ -جَلَّ في عُلاهُ-.
سُلُوهُ يِا إِخْوانُ في كُلِّ حَوائِجِكُمْ، ما مَنَّا إِلَّا وَلَهُ حاجَةٌ، غَنِيُّنا وَفَقِيرُنا لَهُ حاجَةٌ، فَسَلُوهُ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَأَحْسِنُوا في السِّؤالِ، وَأَبْشِرُوا بِالعَطاءِ وَالنَّوالِ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ عِبادَ اللهِ, لا يَخْفَى أَنَّ أُمَّتَكُمْ تَمُرُّ بِأَزماتٍ مُتلاحِقَةٍ، وَهَذِهِ الأَزْماتُ هِيَ قَدَرُ اللهُ عَلَى أَوْلِيائِهِ، لَكِنَّ هَذا القَدَرَ لَهُ فِيهِ مِنَ الحِكْمَةِ والمصْلَحَةِ وَالمنْفَعَةِ لِعِبادِهِ في دُنْياهُمْ وَأُخْراهُمْ ما يُبْصِرُهُ أُولُوا البَصائِرِ.
﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَالعنكبوت: 2 . فَالفِتَنُ تَتَوالَى عَلَى النَّاسِ في أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ. أُخْرِجَ سَيِّدُ الوَرَى مِنْ بَلْدَتِهِ طَرِيدًا شَرِيدًا مَطْلُوبًا لِلقَتْلِ، فَأَعادَهُ اللهُ وَأَظْفَرَهُ بَعْدَ أَنْ مَيَّزَ اللهُ بِهَذا الإِخْراجِ ما مَيَّزَ. أَهْلَ الإيمانِ سَائرِونَ عَلَى نَفْسِ الطَّريِقِ، فَأُمَّةُ الإِسْلامِ يَجْرِي عَلَيْها مِنَ البَلاءِ وَالتَّسَلُّطِ وَالاعْتِداءِ ما يَكُونُ تَمْحِيصًا وَتَمْييزًا لِلخَبِيثِ مِنَ الطَّيِّبِ، ما تَعْلُو بِهِ الدَّرَجاتُ، ما يَصْطَفِي اللهُ بِهِ مِنَ الشُّهداءِ مَنْ يَصْطَفِي, ما يَتَمَيَّزُ بِهِ الصَفَّ وَيَتَّضِحُ صِدْقُ الإيمانِ مِنَ النِّفاقِ. فَيَنْبَغِي لِلمُؤْمِنِ أَلَّا تُعْمِيهِ تِلْكَ البلايا وَالمصائِبُ وَالنَّوازِلُ وَالكُروبُ عَنْ أَنَّ﴿ اللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (يوسف:21).

ما يَجْرِي مِنْ تَسَلُّطِ الكُفَّارِ عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ، وَمِنْ تَسَلُّطِ أَهْلِ الفَسادِ وَالنِّفاقِ وَالبِدْعَةِ وَالشَّرِّ في كَثِيرٍ مِنْ بِقاعِ الأُمَّةِ, لَيْسَ هَذا نِهايَةُ المطافِ، فَقَدْ جَرَىَ نَظِيرُهُ وَاللهُ غالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَاللهُ يَبْتَلِي وَيَمْتَحِنُ, وَقَدْ قَصَّ اللهُ عَلَيْنا في كِتابِهِ ما تَطْمَئِنُّ بِهِ القُلُوبُ لِصِدْقِ مَوْعُوِدِ رَبِّ العالَمِينَ، وَتَبْذُلُ ما تَسْتَطِيعُ في نُصْرَةِ المؤْمِنينَ وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنْ أَهْلِ الإِسْلامِ. يَقُولُ اللهُ -تَعالَى-: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُإبراهيم: 46 . مَكْرٌ عَظيمٌ كَبِيرٌ إِلَى دَرَجَةِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْقُلَ الِجبالَ عَنْ أَماكِنِها لِشِدَّتِهِ وَإِحكامِهِ، لَكِنَّ هَذا المَكْرَ تَوارَى وَاضْمَحَلَّ وَأَصْبَحَ أَهْلُهُ عِبْرَةً لِمَنْ خَلْفَهُمْ. فَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ رَبُّنا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ العِبْرَةَ في مَساكِنِ أُولئِكَ، قالَ -تَعالَى-: ﴿وَسَكَنْتُمْ في مَساكِنِ الَّذينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيِّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الأَمْثالَ، وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبالُإبراهيم: 45 - 46 .
يَأْتِي الوَعْدُ ﴿فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍإبراهيمُ:47 . هَكَذا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ المؤْمِنُ واثِقًا بِوَعْدِ اللهِ وَنَصْرِهِ، وَأَنَّهُ -جَلَّ في عُلاهُ- يُجْرِي الأُمُورَ وَفْقَ ما تَقْتَضِيهِ حِكْمَتُهُ لا وَفْقَ ما يُحِبُّهُ النَّاسُ وَيَشْتَهُونَهُ. وَلِذَلِكَ إِذا أَنْزَلَ اللهُ بِكَ مُصابًا، فاعْلَمْ أَنَّ اللهَ أَرادَ أَنْ يَمْتَحِنَكَ، فَإِنْ كُنْتَ صابِرًا، لازِمًا الطَّرِيقَ، مُسْتَمْسِكًا بِالوَحْيِ، فَأَبْشِرْ فَإِنَّ اللهَ -تَعالَى- سَيُأْجُرُكَ وَسَيُخْرِجُكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ.
إِخْوانُنا أُصِيبُوا فَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ، قُتِلُوا وَأُوذُوا وَشُرِّدُوا وَنالَهُمْ مِنَ الأَذَى ما نالَهُمْ، أَقَلُّ حُقُوقِهِمْ عَلَى عامَّةِ أَهْلِ الِإسْلامِ وَهُوَ المقْدُورُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ أَنْ نَدْعُوَ لَهُمْ، فَادْعُو لَهُمْ بِصِدْقٍ، وَلا تَسْتَهِينُوا وَلا تَسْتَخِفُّوا بِالدُّعاءِ فَبِالدُّعاءِ يَحْصُلُ النَّصْرُ. وَقَدْ قالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّما يَنْصُرُ اللهُ هَذِهِ الأُمَّةَ بِضَعِيفِها بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلاتِهِمْ وَإِخْلاصِهِمِ»أَخْرَجَهُ النَّسائِيُّ(3178) بِإِسْنادٍ صَحيحٍ. وَلماَّ كانَ الصَّحابَةُ -رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُمْ- قَدْ أَدْرَكُوا هَذا، كانَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ- يَسْتَنْصِرُ عَلَى أَعْدائِهِ وَعَلَى خُصُومِهِ بِالدُّعاءِ، وَيَقُولُ لأَصْحابِهِ: "لَسْتُمْ تُنْصَرُونَ بِكَثْرَةٍ؛ وَإِنَّما تُنْصَرُونَ مِنَ السَّماءِ" الدَّاءُ وَالدَّواءُ لابْنِ القَيِّمِ ص(21), وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مُسْنَدًا.فابْذُلِ السَّبَبَ المطاقَ، وَسَلِ اللهَ الفَرَجَ وَالنَّصْرَ، وَعِنْدَ اللهِ مَفاتِيحُ خَزائِنِ السَّماءِ وَالأَرْضِ، وَهُوَ -جَلَّ وَعَلا- القائِلُ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَالمدثر: 31 . فَثِقْ بِاللهِ وَسَلْهُ -جَلَّ في عُلاهُ- لإِخْوانِكَ نَصْرًا وَتَمْكِينًا، سَلْهُ أَنْ يُنَجِّيَ المسْتَضْعَفِينَ، أَنْ يَرْحَمَ الضُّعفاءَ، وَسَلْهُ في كُلِّ أَحْوالِكَ -قائِمًا وَقاعِدًا وَأَنْتَ في صَلاتِكَ وَفي قُنُوتِكَ وَفي سُجُودِكَ وَفي أَدْبارِ الصَّلَواتِ وَفي أَسْحارِ اللَّيْلِ- وَاعْلَمْ أَنَّ دَعَواتِكَ لَنْ تَذْهَبَ سُدًى. الأُمَّةُ فِيها مِنَ الخَيْرِ ما يُبَشِّرُ وَفِيها مِنَ الصَّلاحِ ما وَعَدَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقالَ : «لا تَزالُ طائِفَةٌ مِنْ أُمَّتي عَلَى الحَقِّ ظاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خالَفَهُمْ وَلا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»مِنْ حَدِيثِ مُعاوِيَةَ البُخارِيُّ(71), وَمُسْلِمٌ(1037), وَعَنْ جابِرٍمسلم(156), وَعَنْ ثَوْبانَ مُسْلِم(1920). وَهَؤُلاءِ فِيهِمُ الَّذينَ قالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَإِنَّ مِنْ عِبادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ»البُخارِيُّ(2703), وَمُسْلِمٌ(1675) مَعْناهُ أَنَّ مِنْ عِبادِ اللهِ مَنْ لَوْ قالَ يا رَبُّ أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذا لَفَعَلَ -جَلَّ في عُلاهُ-. لا لِزَهْوٍ بِنْفَسٍ، وَلا لِعُجْبٍ بِعَمَلٍ، إِنَّما ثِقَةٌ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّهُ الغَنِيٌّ الحَمِيدُ، وَأَنَّهُ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(يس:82).
سَلُوا اللهَ لِإخْوانِكُمْ، كَما لا تَغْفَلُوا أَنْ تَسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُعِينَكُمْ عَلَى شُكْرِ ما أَمَدَّكُمْ بِهِ مِنَ النِّعَمِ، فَإِنَّ النِّعَمَ تَدُومُ بِالشُّكْرِ, وَسَلُوهُ أَنْ يَحْفَظَ اللهُ بِلادَكُمْ وَبِلادَ المسْلِمينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَشَرٍّ، فَإِنَّ هَذا مِمَّا يَدْفَعُ اللهُ بِهِ البَلاءَ، وَأَنْتُمْ غَيْرُ خافٍ عَلَيْكُمْ أَنَّ في حَدِّكُمُ الجَنُوبِيِّ وَفي بَعْضِ جِهاتِكُمْ مَنْ يَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ، وَيَتَلَمَّسُ الغَفْلَةَ، لِيُصِيبَ مِنْكُمْ ما يُصِيبُ، وَلِينالَ مِنْكُمْ ما نالَ مِنْ غَيْرِكُمْ فَكُونُوا عَلَى وَعْيٍ وَحَذَرٍ، وَجِدُّوا في صَلاحِ العَمَلِ، وَسَلُوا اللهَ أَنْ يَدْفَعْ عَنْكُمْ البَلاءَ وَالشَّرَّ وَالأَعْداءَ، فَإِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اُدْعُوا اللهَ أَنْ يُصْلَحَ أَحْوالَكُمْ، وَأَنْ يُقِيمَكُمْ عَلَى الجادَّةِ وَالكِتابِ وَالسُّنَّةِ فَبِهِ تُنْصَرُونَ. سَلُوا اللهَ لِلجُنُودِ الَّذِينَ يُدافِعُونَ عَنْكُمْ إِخْوانُكُمُ الَّذينَ يُرابِطُونَ لِلدِّفاعِ عَنْكُمْ يَبْذُلُونَ دِماءَهُمْ، وَيُضَحُّونَ بِأَنْفُسِهِمْ وَقَدْ هَجَرُوا أَوْلادَهُمْ وَأَوْطانَهُمْ، فَأَنْتُمْ لَهُمْ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ وَبَلَدٌ، لَكِنَّهُمْ خَرَجُوا أَداءً لِلوَاجِبِ وَطاعَةً لِوَلِيِّ الأَمْرِ، وَدِفاعًا عَنْ بِلادِ المسْلِمِينَ، وَعَنْ قِبْلَةِ أَهْلِ الإِسْلامِ عَنِ الحرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، فَكُونُوا عَلَى مُشارَكَةٍ لهَؤُلاءِ بِالدُّعاءِ لَهُمْ، فَأَقَلُّ حُقُوقِهِمْ أَنْ نَدْعُوَ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ في حاجةٍ إِلَى الدُّعاءِ، «إِنَّما تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ بِضُعفائِكُمْ بِدُعائِهِمْ وَصَلاتِهِمْ وَإِخْلاصِهِمْ»أَخْرَجَهُ: أَبُو داود(2594), وَزادَ النَّسائِيُّ(3178)"بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ"بِإِسْنادٍ صَحيحٍ. سَلُوا اللهَ أَنْ يَحْمِيَ بِلادَكُمْ وَبِلادَ المسْلِمينَ فَالأُمَّةُ تَمُرُّ بِأَخْطارٍ، وَيُحِيطُ بِها أَنْواعٌ مِنَ البَلاءِ، وَاللهُ غالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.
الَّلهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَحْفَظَ بِلادَنا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَشَرٍّ, اللَّهُمَّ احْفَظْ بِلادَ الحَرَمَيْنِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَشَرٍّ, اللَّهُمَّ مَنْ أَرادَ بِهَذِهِ البِلادِ المبارَكَةِ شَرًّا أَوْ سُوءًا في الدَّاخِلِ وَالخارَجِ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَكُفَّ شَرَّهُ عَنْ أَهْلِنا يا رَبَّ العالمينَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَدْرَأُ بِكَ في نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهِمْ, اللَّهُمَّ وَفِّقْ رِجالَنا المقاتِلينَ في سَبِيلِكِ الَّذينَ يَذُودُونَ عَنِ الحَرَمَيْنِ، وَيُدافِعُونَ عَنْ أَعْراضِ المسْلِمينَ, اللَّهُمَّ أَيِّدْهُمْ بِنَصْرِكَ وَأَمِدَّهُمْ بِعَوْنِكَ، وَوَفِّقْهُمْ إِلَى كُلِّ خَيْرِ، احْفَظْهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ يا رَبَّ العالَمِينَ. عَجِّلْ بِنَصْرِهِمْ، مَكِّنْهُمْ مِنْ عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ يا ذا الجَلالَ وَالإِكْرامِ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أَمْرِنا إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى، سَدِّدْهُمْ في القَوْلِ وَالعَمَلِ، وَاجْعَلْهُمْ رَحْمَةً لِلعِبادِ، وَسَدَّدْهُمْ فِيما فِيهِ خَيْرُ العِبادِ وَالبِلادِ، وَانْصُرْ بِهِمُ الإِسْلامَ، وَأَعِزَّ بِهِمْ أَوْلِياءَكَ، وَاكْفِهِمْ شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِهِ.

اللَهُّمَّ اجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطانًا نَصِيرًا يا رَبَّ العالمينَ.

الَّلهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِ المسْلِمينَ في كُلِّ مَكانِ إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى، خُذْ بِنَواصِيِهِمْ رَبَّنا إِلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى، اجْعَلْهُمْ رَحْمَةً عَلَى رَعاياهُمْ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَعُمَّ بِلادَ الإِسْلامِ بِالبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالتَّوْفِيقِ وَالأَمْنِ وَالسَّلامِ وَالإِسْلامِ وَأَنْ تَدْفَعَ عَنْهُمْ كَيْدَ الأَعْداءِ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.

رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ.

اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُمُورِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فِيمَنْ خافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا رَبَّ العالمينَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَلِلمُؤْمِنينَ وَللِمُؤْمِناتِ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْواتِ. ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(الأعراف:23). اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94049 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89968 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف