المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحبًا بكم جميعًا مستمعينا الكرام إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة" والتي تأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة يسعد بصحبتكم في هذه الحلقة إعدادًا وتقديمًا "عبد الله الداني" وأيضًا ينفذ هذه الحلقة على الهواء الزميلين "محمد باصويلح" و"سعود إسحاق" وأيضًا نتواصل معكم في هذه الحلقة وفي هذا البرنامج وعبر موضوعاته المتعددة ونسعد كذلك بالترحيب بضيفنا الدائم في هذا البرنامج فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: "خالد بن عبد الله المصلح" أستاذ الفقه في "كلية الشريعة" في "جامعة القصيم"، والمشرف العام على فرع "الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم"، والذي نسعد بالترحيب بفضيلته معنا في هذه الحلقة السلام عليكم ورحمة الله وحياكم الله يا شيخ خالد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك أخي عبد الله، حياك الله وحيَّا الله الإخوة والأخوات وأسأل الله أن يكون لقاءً نافعًا مباركًا.
المقدم: اللهم آمين، مستمعينا الكرام شيوع وسائل الاتصال الجديدة ومواقع التواصل الاجتماعي فتحت مجالات واسعةً للتدوين والكتابة لم تكن متوفرة من قبل، وساعدت هذه الوسائل المختلفة بشكلٍ كبير على سهولة التواصل بين البشر، فبعض الصفحات على تويتر مثلاً أو الفيس بوك وغيرها يتابعها الملايين لكن وللأسف الشديد صاحَبَ هذه الطفرة في مواقع التواصل الاجتماعي فوضى كبيرةٌ فيما يُدوَّن من كلمات دون مراعاة لأمانة الكلمة التي تكتب، في هذا اليوم وفي هذه الحلقة نتحدث عن موضوعنا وهو عن حديث الأنامل، وتحديدًا فيما نتحدث به عن هذه المواقع المختلفة مواقع التواصل وتطبيقات التواصل المختلفة أين كانت، سواء كانت على الأجهزة الحديثة وغيرها فيما يمكن أن يدخل في باب الانتشار الواسع لهذه الكلمات، أو التدوينات التي يكتبها الناس بمختلف شرائحهم ومستوياتهم وطبقاتهم.
شيخ خالد عندما نتحدث في البداية عن حديث الأنامل لماذا؟ هناك بعض الناس ربما يسأل فيقول: لماذا أنتم تُشدِّدون فيما يتعلق بما نكتبه؟ دعونا نكتب بكل حرية وأَرْيحيَّةٍ، نكتب كما نشاء، نكتب ما يحلو لنا وما يأتي في أذهاننا كيفما اتفق هل يمكن أن يكون هذا الشيء صحيحًا؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد.
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياك الله أخي عبد الله، وحيَّا الله الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، وأسأل الله- جل في علاه- أن يجعلنا وإياكم من المباركين المسدَّدين في الأقوال والأعمال، في اللسان والبيان والبنان، الحقيقة الإجابة على هذا السؤال لماذا هذه القيود فيما يتصل بما يكتب وبما يمارس من كلمات تصدر من الناس، سواءً كانت بألسنتهم أو كانت مكتوبةً مرسومة بأقلامهم أو كانت بأناملهم كتابةً على وسائل الكتابة الحديثة، الجواب على هذا يعني يمكن أن ينطلق من أن الله -جل في علاه- عظَّم شأنَ الكتابة.
فالله -جل وعلا- أقسم بالقلم، وهو آلة الكتابة، قال الله تعالى: ﴿ن * وَالْقَلَمِ﴾القلم:1 وهو قسمٌ بما جعله الله تعالى وسيلةً من وسائل البيان، وسيلة من وسائل الإفصاح عما في الضمير، وسيلة من وسائل الإيصال لما في النفس والتواصل مع الناس.
ولذلك امتنَّ الله تعالى على الناس بهذه النعمة في ذكر أن تعليم الناس الكتابة التي بها يتواصلون من دلائل عظمة الله -عز وجل-، بل إن الله -عز وجل- أول ما ذكر من الصفات المعرفة به في هذه الرسالة التي افتتحت باقرأ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ *اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ﴾ العلق:1-3، ثم قال: ﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ العلق:4 ، مع أن القوم الذين خاطبهم القرآن والنبي الذي أرسل إليه القرآن لم يكن يكتب -صلوات الله وسلامه عليه-، لكن ذلك من الوسائل الأساس التي تُعتمد في التواصل بين البشر؛ لأن اللسان مدى وصولِه لا سيما في الزمن السابق محدود فهو ينتهي بانتهاء مدى الصوت الذي يصل إليه.
لكن وأيضًا ينقضي بانقضاء صدور الكلمة من صاحبها، لكن الكتابة على خلاف هذا، فالكتابة من حيث الوصول لا حدود لها؛ فهي تصل إلى آفاق الدنيا بإرسالها وببعثها، هذا في الزمن السابق لما كانوا يستعملون وسائل محدودةً في نقل الكلمة وإيصالها عبر وسائل النقل، لكن اليوم الأمر على وجهٍ مختلف، فإن الإنسان يكتب الكلمة وتطير في الآفاق وتبقى، هذا من حيث الوصول المكاني، ومن حيث البقاء الزماني تبقى زمنًا لا يبقى معه مدى الصوت.
ولهذا كان التأثير للكتابة أعظم من التأثير للقول وما يصدر من اللسان، وقد قال الشاعر في بيان خطورة المكتوب وأنه يكون في منزلة أعلى من غيره قال:
وما من كاتب إلا سيفنى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه.
فلا تكتب بخطك غيرَ شيءٍ ** يسرُّك في القيامة أن تراه.
فالمكتوب من حيث التأثير أكبر وأعظم أثرًا، ولذلك أقسم الله تعالى بالمكتوب أيضًا بعد أن قسم بأداة الكتابة فقال: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ القلم:1 ، هذا أيضًا قسم بما يصدره الناس وبما يكتبونه من المعارف والأمور العظيمة التي بها تُدرك المصالح، وتبلغ المنافع، وتتوقى الأخطار والأشرار، وفيها من الفتوحات والخيرات ما لا يدرك بغيره.
ولك أن تستمع إلى هذه الكلمات التي قالها ابن القيم رحمه الله في تعليقه على قوله تعالى: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ القلم:1 يقول رحمه الله:" ثم أقسم -سبحانه- ب {وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} فأقسم بالكتاب وآلته، وهو القلم الذي هو إحدى آياته وأول مخلوقاته الذي جرى به قَدَرُه وشرعه، وكتب به الوحيَ، وقيَّد به الدين، وأثبتت به الشريعة، وحفظت به العلوم، وقامت به مصالح العباد في المعاش والمعاد فوطِّدت به الممالك، وأُمِّنت به السبل والمسالك، وأقام في الناس أبلغ خطيب وأفصحه وأنفعه لهم وأنصحه وواعظاً تشفي مواعظه القلوب من السقم، وطبيباً يبرئ بإذنه من أنواع الألم، يكسر العساكر العظيمة على أنه الضعيف الوحيد، ويخاف سطوته وبأسَه ذو البأس الشديد، بالأقلام تدبَّر الأقاليم، وتساس الممالك، والعلم لسان الضمير يناجيه بما استتر عن الأسماع فينسج حلل المعاني في الطرفين فتعود أحسن من الوشي المرقوم"التبيان في أقسام القرآن (ص206) . إلى آخر ما ذكر رحمه الله في بيان مكانة الكتابة وعظيم تأثيرها على نحوٍ يفسِّر هذا الاحتفاء القرآني الإلهي بالقلم قسمًا به وامتنانًا بتعليمه، وقسمًا بما يكتبه الناس من المكتوبات التي يدركون بها مصالحَهم، ويدركون بها منافعهم".
كل هذا يبين أن الكتابة وأن حديث الأنامل كتابةً أو طباعةً ليس حديثًا لا قيمة له أو لا تأثير له، بل هو في الغاية من الأهمية والمكانة ما بوَّأه هذه المنزلة أن رب العالمين يُقسِم بآلته ويقسم بالمكتوب؛ لعظيم شأنه وكبير قدره، إذا كان كذلك، إذا كان الله -جل وعلا- عظَّم شأن الكتابة على هذا النحو فإن من حق أهل الإيمان أن يُعظِّموا ما عظمه الله- عز وجل-، فيتقوا الله -عز وجل- فيما يكتبونه وما يسطِّرونه، وما يصدر من بنانهم، وما يصدر من أقلامهم، فلا يكتبون إلا هدىً، ولا يكتبون إلا حقًّا، ولا يكتبون إلا خيرًا.
إذا كان النبي ﷺ يقول في اللسان مع أن تأثيره كما ذكرتُ محدودٌ مكانًا، وقد يكون محدودًا زمانًا ما لم يُنقَل وهو يحفظ يقول النبي ﷺ «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ »صحيح البخاري (6018)، ومسلم (47) ، ويقول ﷺ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ !وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّار عَلَى وُجُوهِهِمْ أَو عَلَى مَنَاخِرهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهمْ»سنن الترمذي (2616) وقال: هذا حديث حسن صحيح نعم إنها حصائد الألسن، ولكن أيضًا حصائد الأنامل لا تَقِلُّ تأثيرًا وأثرًا في الخير وفي الشر عن حصائد الألسن، فينبغي للمؤمن أن يعتني بما يصدر عنه وليس الشأن كما يظنه البعض هي أنامل تحرَّك، وأقلام تُدار، وكلمات تُرسم، ولوحات مفاتيح تجري عليها الأصابع، وانتهت السالفة، وانتهى الموضوع بهذا.
بل إن هذا مبدأ أمر ينبغي أن يكون له من العناية والاهتمام والبصر والاستعناء ما ينبغي أن يكون حاضرًا في قلوب المؤمنين على وعيٍ منهم في الدقيق والجليل، فإنه لا يصدر من الإنسان شيءٌ إلا وهو في قيدٍ قد سُجِّل وحُسب، قال الله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ ق:18 ، ويقول جل وعلا: ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ الجاثية:29 ، ومنه ما كتبته الأيدي وجرت به الأقلام وسطَّرته الأنام، فهذا كله في قيد وهو إما أن يكون سعادةً لهم في الدنيا والآخرة، وإما أن يكون شقاءً عليهم في الدارين، لهذا لابدَّ من العناية بالمكتوب، ولهذا تتكرر تلك الكلمات التي تنبِّه إلى ضرورة التحرِّي فيما يكتبه الإنسان، وأن يكون على وعيٍ وحيطةً في ما يصدر عنه.
المقدم: نتواصل معكم مستمعينا الكرام ومع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح، موضوع حلقتنا في هذا اليوم من برنامج "الدين والحياة" عن حديث الأنامل، ويمكنكم مشاركتنا بالاتصال على الرقمين أو على أحد الرقمين الرقم الأول 0126477117، و0126493028، وبالتغريد على هشتاج البرنامج "الدين والحياة"، شيخ خالد لعل البعض يتحدث أيضًا عندما يسمع إلى هذا الحديث وإلى هذه المقدمة يقول: يعني أنا أريد أن أُعبِّر عما في داخلي، وأريد أن أُنَفِّس عما في نفسي، وأتكلم بما أشاء، ولا شأن لي بالآخرين كيف ما فهموا أو كيف ما فسَّروا كلامي، أنا عليَّ بما أكتبه، وأنا أتحمَّل ما أكتبه، ويقول: إني أعبر عن آرائي الشخصية، تحت هذه الادعاءات أو تحت هذه الحجج يبدأ يكتب، هل يمكن للإنسان أن يكون يعني بما يطلق عليه البعض بأنه حرية يكتب كيفما شاء، دون أن يكون هناك أي تَبِعاتٍ ربما تحصل من وراء هذا الكلام.
الشيخ: أخي الكريم، الذي يتكلم بهذا الكلام وهو يقول: سأكتب ما شئت دون حسيب ولا رقيب، يقال لهذا: هذا المنطق بالتعاطي مع القلم، بالتعاطي مع الكتابة هو منطق غير مقبول؛ لأن ثمة حدودًا لابد أن تُراعى، وحدودًا لابد أن تستحضر في أي كتابة، في أي زمان، وفي أي مكان، وفي أي مجتمع، وفي ظل أي اعتقاد يعتقده الناس، فمثلاً لا يمكن أن يكتب الإنسان مثلاً بما يجرح الآخرين ويتعدَّى على حقوقهم وحدودهم، وما يتصل بهم، ويقول: أنا حرٌّ أُعبِّر عما في ضميري، وذلك أن هذه الحرية التي يزعمها البعض مُطلقةً في كل شيء هي حرية لا وجود لها في الواقع، لا وجود لحرية عاريةٍ من كل قيد، كل الحريات الممنوحة للبشر في كل العقائد، وفي كل الديانات، وفي كل الثقافات، وفي كل المجتمعات هي حرية مقيدة، مقيدة بقيود، هذه القيود تختلف من ثقافة إلى ثقافة، من دين إلى دين، من شعب إلى شعب، لكن يبقى أن ثمة قيودًا لابد أن تُراعى وتُصان.
أفضل ما جاءت به الشرائع والأديان من القيود هو ما جاء به شرع سيد المرسلين، دين رب العالمين الذي فيه تحصيل مصالح المعاش والمعاد، فلا بد من مراعاة ما جاءت به الشريعة من قيود، فلا يكتب الإنسان ما يحصل به الضرر وما يحصل به شرٌّ وفساد، فإن ذلك مما ينافي ما أمر الله تعالى به وما هو موضوع الحياة، يعني لمَّا يقول إنسان: أنا دعوني أكتب ما أشاء، وأفعل ما أشاء، ولا تقيدوا حُرِّيَتي، يقال له: أنت لم تخلق لهذا، لم تخلق لتكون هملاً ولا سُدًى.
بل من نعمة الله تعالى على عباده أن خلقهم وبيَّن لهم غاية الخلق، ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ الملك:2 ، فموضوع الحياة ليس الحرية التي يمارس فيها الإنسان ما يشاء مما يحب ويشتهي بغير قيد ولا ضبط، بل موضوع الحياة هو الابتلاء والاختبار الذي به تُمتَحَن فيما أعطاك الله من النعم، وتُمتحن بما أجراه الله تعالى من الأقدار التي تَكْره، فالإنسان مبتلًى بالخير والشر، ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ الأنبياء:35 ، أي اختبارًا، هذا حال بني آدم، هذا هو موضوع الحياة.
إذا كان كذلك فأنت أيضًا مبتلًى وممتحنٌ فيما وهبك الله تعالى من نعمة الكتابة، هذه الكتابة نعمة أنعم الله تعالى بها على الإنسان، وعلم الإنسان ما لم يعلم، كما قال تعالى: ﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ العلق:4 في سياق ذكر نعمه وإحسانه وموجبات عبادته -جل في علاه- الذي علَّم بالقلم، وذلك أن القلم مفتاح المعارف، ومفتاح الخيرات، كما أنه مفتاح الشرور والصدِّ عن سبيل الله على نحو ما يستعمل فيه تكون عواقبه إما حميدة وإما رديئة، فإذا كان الإنسان على هذه الحال أنه مُبتلًى بالنعم التي أنعم الله تعالى بها عليه، فهو مما ينبغي أن يسخِّر هذه النعم في مرضات الله أن يحفظها مما يغضب الله -جل وعلا- لئلا يتورط في سوءٍ وشرٍّ، فقد قال الله -جل وعلا-: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ ق:18 ، وأخبر -جل وعلا- أن كل ما يصدر عن الإنسان فهو محفوظٌ عليه، ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ الطارق:4 ، فما من نفسٍ إلا وعليها حافظ يقيد أعمالها ويسجِّل ما كان منها، فلا يغيب عن الله -عز وجل- شيء من أعمال بني آدم، بل كله في كتاب حفيظ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها كما قال الله تعالى: ﴿وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ الكهف:48 .
يقول -جل وعلا- في إحصاء الكتاب للصغير والكبير من أحوال بني آدم، قال -جل وعلا- فيما ذكره أهل الكفر: ﴿يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ ثم يقول -جل وعلا-: ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ الكهف:49 .
وفي موعظة لقمان لابنه قال: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ﴾ لقمان:16 ، وهذا يدل على أن كل شيءٍ مما يتصل ببني آدم فإنه محصِىٌّ على أدق ما يكون، ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ لقمان:16 .
المقدم: وفي موضع آخر: ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ﴾المجادلة:6 ، والله -سبحانه وتعالى- يحصي كل ما يصدر من العبد رغم أن بعض الناس تقادُم السنين ينسيه ما كان منه في السابق، ويظن بذلك أنه يعني ربما مُحيَ عنه ما كان قد صدر منه في السابق بتقادم السنين.
الشيخ: نعم هذا أيضًا تشير إلى هذا المعنى ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا﴾ المجادلة:6 ، كل ما كان من أعمالهم يكون بين أيديهم ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ﴾أي عدَّه وحسبه، والإحصاء يتضمن الحفظ والعناية بالشيء، ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ المجادلة:6 من دقيق ومن جليل، الصغير والكبير، الخَفيُّ والمعلن.
ولذلك النبي ﷺ ذكر الآية الحاسبة الجامعة ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾ الزلزلة:7-8 ، إذا كان الإنسان على هذه الحال من هذه الدقة في الإحصاء والحساب والإحاطة فإنه ينبغي له أن يعتنيَ بكل ما يصدر عنه، فإنه لن يكون عن هذا الذي صدر منه غائبًا، بل هو مقيد كما قال الله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾ ثم إيش؟ ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا﴾ الإسراء:13 ، ولم يكتف الأمر على هذا الذي ذكر الله -جل وعلا- في الإحصاء بل ذلك يتضمن الشهادة عليه بما اجترحته يداه، وبما كان من عمل، لكن لما يغيب عن الإنسان أنه يُحصَى عليه ما يكون منه ينطلق في أنواع من الفساد والشر ما نبه إليه قوله تعالى في سورة فصلت ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ﴾ فصلت:22 ، يعني الإنسان لما يأتي معصية ما يستخفي من الناس، لكن ما يستخفي من أعضائه، ما يستخفي من جلده، ولا يتمكن حتى لو أراد الاستخفاء لا يتمكن أن يستتر ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ﴾ المشكلة ﴿وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ فصلت:22 .
فلما يغيب عن الإنسان استحضارُ هذه المعاني يأتي بمثل هذا الكلام؛ أقول ما أشاء، وأكتب ما أشاء، وأفعل ما أشاء مع أنه ليس ثمة شيءٌ إلا وهو مُحصى بين يدي الله -عز وجل- يحاسب عليه الإنسان ويسأل عنه؛ فحريٌّ به أن يكون على غاية الاحتياط في مثل هذه الأمور كانت منطوقة أو كانت مكتوبة.
المقدم: يجب على الإنسان أيضًا أن يستحضر، يستحضر الإنسان كلَّ وقتٍ وكل حين ما يأتي في هذا السياق، يستحضر مراقبة الله -سبحانه وتعالى-، أيضًا يستحضر أن هذه الأعضاء التي يحرِّكها في معصية الله -عز وجل- سواءً كتابةً وغيرها تشهد عليه يوم القيامة، إضافةً إلى أنه يجب أن يضع نُصب عينيه أن كل ما يكتبه يحصيه الله -سبحانه وتعالى- ويعرض عليه في كتابه في أعماله التي تعرض في يوم القيامة، فينبغي للإنسان أن يقدم لنفسه ما يسرُّه أن يراه يوم القيامة، نتواصل مع مستمعينا الكرام ومع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح في برنامج "الدين والحياة"، حديثنا مستمعينا الكرام وموضوعنا في هذه الحلقة عن حديث الأنامل، شاركونا بالاتصال على الرقم 0126477117، و0126493028 وبالتغريد على هشتاج البرنامج "الدين والحياة"، أستأذنكم يا شيخ خالد في أول اتصال معنا عبد العزيز من الرياض تفضل يا عبد العزيز.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: حيَّ الله الأستاذ عبد الله الداني، مساك الله بالخير.
المقدم: مساك الله بالنور، حياك الله.
المتصل: حياكم الله يا شيخ خالد مساك الله بالخير.
الشيخ: مساك الله بالخير، حياك الله، وأهلاً وسهلاً.
المتصل: بارك الله فيك، الموضوع طيب وجميل، لكن أنا أركِّز على استشعار المسئولية من قِبَل هذا الشخص الذي يكتب لو استشعر مسئوليةَ الكلمة التي تخرج كما قال النبي ﷺ «وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم»صحيح البخاري (6478) وهناك أحاديث وآيات قرآنية تعظِّم شأن الكلمة، وتبين أن هذه الكلمة إما أن تؤدِّي بك إلى جهنم أو تؤدي بك إلى الجنة، والنبي ﷺ حذَّر وبيَّن أن اللسان هذه الآلة التي في جسم الإنسان إما أن يتكلم بها خيرًا أو يتكلم بها شرًّا، قال: « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّار عَلَى وُجُوهِهِمْ أَو عَلَى مَنَاخِرهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهمْ».[أخرجه الترمذي في سننه:ح2616، وقال:«هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»]
استشعار المسئولية من قبل الفرد والمجتمع تجاه هذه الكلمة كيف نوعِّي المجتمع، لو بَذَلتَ النصيحة أو التوجيه يقول لك: أبُعِثتَ عليَّ رقيبًا؟ ويأتي بأدلة، ويستدل ويقول: ذلك الرجل الذي انكب على المعاصي، وانكب على الذنوب وتنصحه يقول: أبُعثتَ عليَّ رقيبًا؟ دعني وربي[أصل الحديث في صحيح مسلم:ح2621، وأخرج هذا اللفظ أبو داود في سننه:ح4901]، نريد من الشيخ أن يبين أهمية النصيحة، وأن النصيحة التي يَنصحُ بها الإنسان هي من صالحه، وبارك الله فيكم.
المقدم: شكر الله لك، شكرًا يا أخ عبد العزيز، عبد العزيز أيضًا من تبوك تفضل.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، حياك الله، اسمعنا من الهاتف.
المتصل: أنا أسأل أولاً عن كتابة النقد؟ لو أكتب نقدًا، النقد لابدَّ أنه أحيانًا تعرف الناس الذين يكتبون النقد ممكن شيء ما صار أو أنه حتى يتجنَّب كتابة سلبيات، ما مُعتَني بكتابة الشعر، أنا لو أكتب شعرًا أو أقول أنه شعر أهجو فيه أشخاصًا حتى لو شيء كان فيهم، الأشخاص المسيئين الذين يكتبون المَحاضر، محاضر في أشخاص أحيانًا يكتبوا بأشخاص ويتركوا أشخاصًا وهم ما أخذوا كل الخطأ، يعني خطأ واحد.
المقدم: طيب يا أخ عبد العزيز إن شاء الله نعرض سؤالك على الشيخ.
المتصل: برضو بعد أذنك أبِّي أسأل عن كتابة المخالفات؟ يعني لو مثال أنا أكتب مخالفات، عندي مخالفة على محلٍّ، عندي مخالفة على شخص، على كذا، أنا سجَّلتُ مخالفة، الشخص الثاني أُسلوبه طيِّب وكلامه حلو جاءني بالأسلوب، جاءني بالكلام صدقت عليه، هل علي شيء أنا.
المقدم: أنت كموظف مثلاً؟
المتصل: أيوه، يعني أتكلَّم عن الموظفين أنه لو سجل مخالفة على شخص.
المقدم: وتراجع يعني مثلاً.
المتصل: لا، ما تراجع، على الثاني ذاك الثاني أسلوبه طيب حلو، قال صار في كذا كذا وما سجل عليه، هل يعود عليه إثم؟
المقدم: طيب شكرًا جزيلاً لك أخ عبد العزيز، شكرًا لك حياك الله.
شيخ خالد في سؤال الأخ عبد العزيز لعله نقطة مهمَّة جدًّا من النقاط التي كنا سنأتي عليها في هذا الحديث عن حديث الأنامل، مسألة أنه بعض الناس عندما تنصحهم أو توجهم ربما يقول: دعني وشأني هل أنت رقيب علىَّ؟ ويبدأ يكيل بعض الألفاظ والشتائم، بعضها عبارات أحيانًا تكون قاسية، كذلك بمجرَّد أن تنصح شخصًا بألا يكتب ما يمكن أن يعود بالضرر عليه وعلى المجتمع بشكلٍ عام.
الشيخ: هو يا أخي الكريم قضيَّة معالجة الكتابات الرديئة والكتابات التي يترتب عليها فسادٌ له سُبُلٌ وطرق متعددة، ومنها النصح، أما قول من يقول: دعني وشأني، لستَ عليَّ برقيب، وما أشبه ذلك، فهذا الحقيقة مَنطق مثل ما ذكرنا في قضية الحرية ودعوني أفعل ما أشاء، وأكتب ما أشاء هذا ليس مقبولاً، كذلك فيما يتعلق بهذه القضية وهي أنه لست عليَّ برقيب، نعم أنا لستُ عليك برقيب، بل الله عليَّ وعليك رقيب، لكن الله أمرنا بأن نأتمر بالمعروف وننتهيَ عن المنكر.
والله -جل وعلا- يقول: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ آل عمران:110 فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مُقوِّمات المجتمع المسلم الذي به تتحقق الخيرية، وهو من صفات المؤمنين، والله -عز وجل- يقول: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ ومقتضى هذه الآية ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ التوبة:71 ، ولذلك يجب على من رأى منكرًا أن يغيِّرَه بما يسَّر الله تعالى له من سُبل التغيير التي تتحقق بها المصلحة.
لكن يجب عليه في سياق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يستحضر أن الرِّفق ما كان في شيءٍ إلا زَانه، ولا نُزع من شيءٍ إلا شانه، وأن يكون على بَصيرة بما يُنكر، فلا ينكر ما ليس بصحيح، لا ينكر ما ليس موضعًا للإنكار، وإنما ينكر ما هو موضع للإنكار، وينكره على وِفق الشريعة بالكلمات المناسبة ويستحضر الرحمة والشفقة لمن ينكر عليهم، وهذا سيحمله على سحب الأسلوب، وعلى التحري في المعلوم،
وعلى الصبر على ما يمكن أن يكون من أذى كما قال الله تعالى في ذكر وصية لقمان لابنه: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ لقمان:17 ، فلا بد من صبر، ولا بد من سعة صدر، وأنا لا أرى أن تقابل الإساءة بالإساءة ولا السَّفَه بالسفه؛ لأن ثمة الآن في وسائل الاتصال نوعًا من الإفساد في المقابلة للخطأ، أحيانًا ينكر خطأً فيرد عليه ردًّا رديئًا، فتنتقل المسألة من معالجة قضية وخطأ إلى نوع من المهاترات الكلامية التي لا يتحقَّق بها خير لا للآمِر ولا للناهي، ولا للمجتمع.
لكن أقول: من نعمة الله ما يسَّر الله تعالى من الضوابط التي صدرت فيما يتعلق بنظام جرائم المعلوماتية، وهذا فيه وسيلة نافعة وناجعة لكبح كثيرٍ من الشرور التي كان يتورَّط فيها كثير من الناس دون وعي، ودون استفسار في خطورة ما هم فيه.
المقدم: شيخ خالد لعلك من خلال هذا الحديث عن هذه النقطة أثَرتَ موضوعًا مهمًّا ربما ذكره بعض الناس على مواقع التواصل هو أن، هم يقولون: أن كثرة المواعظ لم تنفع هذا الجيل كثيرًا؛ حيث أنهم ما زالوا يستمرون في طريق الخطأ خاصة فيما يتعلق بمواقع التواصل وغيرها، وأنه حان الوقت ليكون هناك نظامٌ صارم لمعاقبة كلِّ من يخطئ وكل من يتنكَّب الطريق، هل هذا؟ بعض الناس ربما يستغلُّ مثل هذه المواقف لأن ربما يدُسُّ السمَّ في العسل في تناول ونقاش مثل هذه الموضوعات، هل يمكن أن نجمع بين الأمرين، ونتحدث بشكل واضح حيال هذه القضية؟
الشيخ: هو بالتأكيد كل موعظةٍ لا يُسنِدُها نظام يردع المخطِئ ويكفُّ الشر قد لا تُؤتي بثمار مرجوَّة أو لا تأتي بالثمار المرجوة؛ لأنه ليس كل أحد يردعه الوعظ، ويردعه التنبيه، ويردعه القول الحسن، من الناس من لا يردعه إلا العقوبة والسلطان القائم بالإصلاح، «إن الله لَيَزَعُ بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»[أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة:3/988موقوفا على عثمانt، ومن حديث عمرtأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد:5/172، والأثر ضعيف. والله أعلم]، وهذه قضية معلومة، وهي يعني شواهدها في حياة الناس قائمة، الآن المجتمعات يا أخي التي لا تحكمها شرائع مطهَّرة ولا ديانات ولا دين قوي تجد أنه قد تستقيم أموره في جوانب من حياتهم لعدالة النظام والحزم في تطبيقه، وهذا يأتينا على جواب أخ سائل إذا كان كَتَب مخالفاتٍ وجاء أحد بلسان طيب ومعاملة هل هذا مدعاة لإسقاط العقوبة، كل ما كانت العقوبة على الخطأ لا تُفرِّق بين المخطئين، كان ذلك أدعى لتحقيق العدالة بين الناس.
وأيضًا أن يكون النظام ناجحًا قويًّا في تحقيق مقاصده وغاياته، المقصود أن الموعظة بالتأكيد لها نتيجة وهي تنفع، وإن كان قد يبدو من السامع أو يتظاهر السامع بعدم الانتفاع أحيانًا مُراغمةً ومعاندة لكن الكلمات الصادقة والمواعظ المنطلقة من نور القرآن وهدي سيد الأنام لابد أن تؤثِّر، ولذلك الله -جل وعلا- ذكر المنافقين وما هم عليه من صدود وكِبر واستكبار يقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ النساء:61 ، ثم يذكر يقول فيهم: ﴿فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ النساء:62-63 .
ثم يقول الله تعالى لرسوله موجِّهًا في معالجة هؤلاء المنافقين المُتلَوِّنين المُتقلِّبين الذين يصدون في حال الاستغناء، وقد يأتون بلسان جميل ونفس منكسرة في حال الضعف يقول: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ ثم يقول: ﴿وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا﴾ النساء:63 ، هذا مما يؤكد أن الوعظ ينفع مع كل مخاطب ولو كان المخاطب فيما يظهر من حاله عدم الاتباع، عدم الانتباه، عدم القبول للموعظة إلا أنه يوعظ، ولكن هذا لا يغني عن أن يكون هناك ما يردعه، ولذلك جاءت العقوبات في الشريعة على نحو ٍمن الإتقان لما يتعلق بالحدود المقدَّر عقوباتها على الكبائر، وفيما يتعلق بالتعزير على الجرائم سواء كان التعذير في المال، أو التعزير في النفس، أو التعزير بكل الوسائل التي يتحقَّق بها ردع المخالف، وصيانة مصالح الأمة، وحفظ معاشها ووقايتها الشرور، كل هذا مما يمكن أن يجتمع ويحصل به خير لعموم المسلمين.
المقدم: أخونا عبد العزيز أيضًا من تبوك ذكر أيضًا ناحية كتابة الشعر الهجاء والنقد كذلك كيف يمكن أن، هو يذكر أيضًا الهجاء هذا ربما يكون في صفات لم تكن متوفِّرة فيمن يهجوه مثلاً، وكذلك فيما يتعلق بالنقد على مواقع التواصل هل هناك نقدٌ مذموم وممدوح أو كل النقد مذموم في مواقع التواصل؟ يذكر عن مسألة كتابة النقد وكتابة الشعر الهجائي، يعني يهجو مثلاً شخصًا بصفات ليست فيه، وأيضًا في شقِّ النقد ربما هناك نقد أحيانًا يكون فيه نوع من التجنِّي، هل النقد بكل أنواعه ممنوع أو ربما يكون هناك نقدٌ يعني يُفضَّل أن يكتب مثلاً بوسائط معينة مختلفة، ونقد ربما يتاح أن يكتب مثلاً في مواقع التواصل.
الشيخ: شوف يا أخي هو فيما يتعلق بالجزئية الأولى فيما يتصل بأن يذم شخص شخصًا بغير حقٍّ أو يذمه بما ليس فيه، لا شك أن هذا مما يدخل في قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ الأحزاب:58 ، هذا يبين خطورة أن يتكلم الإنسان بشخص بما ليس فيه، فالبُهتان هو أن تصف الشخص بما ليس فيه مما يُعاب ويُذمُّ به، وقد ذكرت الغيبة عند النبي ﷺ فقال رجل: أرأيت يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتَبتَه، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهتَّه»صحيح مسلم (2589) فالبهتان أمره خطير، ولا يجوز لأحد أن يتورط فيه، بل أمر الله تعالى ببيعة النساء وبيعة أهل الإيمان بأن لا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهم وأرجلهم، هذا في بيعة الرجال وهو في النساء يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، الواجب على المؤمن أن يتقيَ الله في قوله، وألا يبهت مؤمنًا، هذا في الجزئية الأول.
في الجزئية الأخرى النقد يعني يختلف باختلاف السياق الذي وردت فيه، والشخص المقصود، ومصلحة النقد، فمثلاً نقد الجهات، نقد ولي الأمر مثلاً على سبيل المثال هذا ليس محلَّه المنتديات العامة والكتابات العامة، من كان صادقًا في نُصحه وفي تبيين خطأ معين، فثمة طرقٌ يجب أن يراعيَها في تحقيق غرضه وغايته، ولذلك شيخ الإسلام -رحمه الله- في الواسطية لما تكلم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن هذا مذلَّة قدم يتورط فيها كثير من الناس فيبررون التشهير بالأخطاء وتنفير الناس من ولاة الأمر، وإشاعة عدم الثقة.
المقدم: يستدلون ببعض الوقائع التي حصلت في التاريخ.
الشيخ: ذكر -رحمه الله- كلمة قال: "أهل السنة والجماعة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة[العقيدة الواسطية:ص129] يعني وفق ما تقتضيه الشريعة، وليس وفق ما تقتضيه الحماسات والثورات والمبادرات، أو ما قد يكون سببًا لاكتساب المؤيِّدين أو ما أشبه ذلك، مما قد يقصده البعض وقد لا يقصده البعض لكن يسلك مسلكًا خطأً لتقويم المعوجّ وإصلاحه، المقصود أن الكتابة شأنها خطير، كم بقي معنا من وقت؟
المقدم: بقي يمكن سبع دقائق إن شاء الله يا شيخ.
الشيخ: عندنا قضية وهي مهمة فيما يتصل بالكتابة، وقفة مع قول الله -عز وجل- في سورة البقرة :﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ البقرة:79 ، أسألك يا أخ عبد الله هذه الآية كم جاء فيها من مرة، كم ذكر فيها الويل من مرة؟ ثلاث مرات في صدرها ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ وفي وسطها ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ وفي آخرها ﴿وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ هذا الوعيد الشديد المتكرِّر في شأن الكتابة هو مما يجعل المؤمن يفطن لما يصدر عنه من مكتوبات، سواء كانت المكتوبات تغريدات، أو كانت المكتوبات مدوَّناتٍ، أو كانت المكتوبات ريتويتات، هذا التغريد وهذا التدوين؛ لأن بعض الناس يقول: أنا ما كتبت أنا فقط أَعدتُ أو كانت المكتوبات قصًّا ولصقًا كما يفعلونه مثلاً في شبكات التواصل من الواتس أب وغيره، ويكتفي بمنقول أو يقال أو ما أشبه ذلك، هؤلاء كلهم كتبة يدخلون في قول الله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ إن كتبوا سوءًا أو شرًّا.
لذلك من الضروري للمؤمن أن يعيَ خطورة المكتوب وأن المكتوب له وزنٌ كبير في صلاح حال الإنسان ومستقبله، في صلاح دينه ودنياه، وضرورة العناية بالمكتوب مهمة وبالغة، لذلك الله -جل وعلا- ذكر لليهود هذا الوعيد وليس خاصًّا بهم، بل هو شامل لكل من كتب زورًا أو فجورًا أو شرًّا أو فسادًا خاصًّا أو عامًّا، فإنه مهدَّدٌ بالويل ولذلك يقول:﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾، يتضاعف الأمر خطورة ويعظم الإثم عندما يكون هذه الكتابة الفاسدة التي يُزيِّن بها الشر ويزين بها الفساد والضرَّ مصدرًا للتكسب ولذلك قال: ﴿وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ أي تلك الأقلام التي يستعملونها في ترويج الباطل وتزيينه وإفساد المسلمين أو تفريق جماعتهم أو ما إلى ذلك.
هنا تتأكد ضرورة العناية بما يكتبه الإعلاميون سواء كان ذلك في صفحات الجرائد، أو في زوايا المجلات، أو ما إلى ذلك مما يكتب مقابل أجر، فإنه ينبغي له أن يكون على وعيٍ مما يكتب، وهنا يتكلم ابن القيم -رحمه الله- كلمات الحقيقة تصفُ خطورة الكتابة في جوانب عدة يقول -رحمه الله- في شأن هذا، قال -رحمه الله- في بيان من يدخلون في الويل قال: "ويلٌ وهلاكٌ عظيم لأولئك العلماء الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ويُودِعونَه آراءهم، ويحمِلون الناسَ على التعبَّد به قائلين: أن ما فيها هو من عند الله، ويمكن الاستغناء بها عن الكتاب الذي نفهمه، الذي يزعمون أنهم يفهمون منه ما لا يفهمه غيرهم، ويخبِّئون الحق الذي جاءت به، أو يكتبون شيئًا يبتغون به الجاهَ والمنزلة بين الناس، ويأكلون به أموالهم، هذا جزء من الكتابة التي تتعلق بفساد الدين وهو أن يدعو الناس إلى ضلالة، أن يدعو الناس إلى شرٍّ، أن يدعو الناس إلى باطل.
أيضًا فيما يتعلق بفساد العلاقات والمعاش يقول: ومنه كتابة الزور أي الكذب والظلم والحكم الجائر والقذف، ومنه التشبيب بالنساء الأجانب أي إفسادهن على أزواجهن، وهذا يحصل الآن في شبكات التواصل بشكل كبير تجد بعض الناس يستعمل من الكلمات المعسولة في مخاطبة النساء ما يستدرجهن به إلى السوء والشر، وتجده قد يشين يعني يُقبِّح في نظرها حال زوجها، وقد يبدأ الأمر من محاولة استيعاب وسماع مشكلة ثم يتطور الأمر إلى أشياء كثيرة، وكله يندرج في ما، من المكاتبات التي تندرج في قوله تعالى:﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾، فإن التشبيب بالنساء وتَخبِيبَهنَّ، وكذلك النساء مع الرجال بعض النساء يستعملن الكتابة للتكسب شريحة جوال، شحن، تحويلات مادية، هدايا، مقابل إيه؟ مقابل إما كلمات معسولة أو عروض خبيثة وما أشبه ذلك مما هو مشاهد ومعلوم، ومما يغري فيه كل أحد من الأطراف الآخر بالوقوع في الفساد من خلال هذه الكتابة.
أيضًا من الكتابة ما يكون مثيرًا للناس على ولاة أمرهم مفرِّقًا لجماعتهم، يتتبع ما يمكن أن يكون من خلل ويشهره على وجه يفرق ولا يجمع، ويفسد ولا يصلح، وقد يكون كثير مما يكتب هو من جملة الاختراع واختلاق المساوئ ونقل الأكاذيب المتعلقة بالأشخاص من ولاة الأمر أو غيرهم أو متعلقة بتصرفات الجهات المسئولة دون تحرٍّ ولا نظر، ومنه أيضًا تغيير الشريعة، فإن الذي يكتب في الأحكام الشرعية يجوز أو لا يجوز وهو مما يخالف حكم الله -عز وجل-، ولا اجتهاد فيه لصاحبه، وصاحبه ليس أهلاً للاجتهاد، فإنه يدخل في قوله تعالى:﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾.
كل هذا وأشباهه مندرج في هذا الوعيد الذي تضمنته هذه الآية العظيمة التي أكدت ضرورة العناية بالمكتوب، ولذلك نصيحتي لكل من يكتب شيئًا أو يغرِّد أو يدوِّن أو يرتويت أو يرسل عبر وسائل الاتصال أن يتذكر بين يدي كتابته قول الحق -جل في علاه-: ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾.
المقدم: ربما أختم يا شيخ بنقطة في دقيقة عندما يتعلق الأمر ربما آثار هذه الكلمة وقوة تأثيرها وقوة الضرر الذي يمكن أن تنتجه وتُحدِثُه مثل هذه الكلمات التي تكتب أو تتناقل الذنوب وتناسبها مع حجم الأثر يقال: إن الكلمة أقوى، وقع الكلمة أقوى أحيانًا من وقع الرصاص أحيانًا خاصةً فيما يتعلق بالافتراء على الناس والدخول في ذمِّهم والحديث في أعراضهم وخصوصًا محاربة الصالحين والناصحين هي نقطة أثارها أحد المغرِّدين عندنا في تويتر على هشتاج البرنامج.
الشيخ: بالتأكيد يعني خطورة الكلمة مكتوبة أو مسموعة لا شك أنها في منزلة كبرى، وقد تكلمنا عن هذا في أول الحديث، لكن لا مانع من أن نشير إلى أن الكلام مما يترتب عليه خيرٌ عظيم إذا كان في الحق والهدى، ويترتب عليه شرٌّ كبير إذا كان في الفساد والضر، ولذلك يقول الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ نسأل الله أن يجعلنا من أهلها، ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا ﴾إبراهيم:24-25 أي نفعها وخيرها وأجرها وثوابها، ﴿كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ إبراهيم:25 ، هذا مثل الكلمة الطيبة.
ومثل الكلمة الخبيثة ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ * يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ إبراهيم:26-27 ، والله -عز وجل- يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ الأحزاب:70 ، وإذا قال قولاً سديدًا فتح له صلاح العمل ومغفرة الذنب ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب:71 .
وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إنَّ العبدَ لَيَتَكلَّم بالكلمة من رضوان الله لا يُلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات» هذا إذا كانت في الخير، «إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله» أي غضبه، «لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم»سبق وفي رواية «يهوي بها أبعد ما بين المشرق والمغرب»بهذا اللفظ صحيح البخاري (6477) ولذلك يجب أن يتقيَ الإنسان ما يصدر عنه من كلام سواء كان مكتوبًا أو مسموعًا، وقد قال النبي في ختم توصيته لمعاذ: «ألا أخبرك بملاك ذلك كلِّه» أي الذي تملك به الخير، وتتوقَّى به الشر، وتدخل به الجنة، وتتوقى به النار، قال: بلى يا رسول الله، قال: «كُفَّ عليك هذا» وأشار إلى لسانه، قال: أو إنا لمؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله، قال: «وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم»سبق .
المقدم: شكر الله لكم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح، المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، وأستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم على ما تفضلتم به من حديث شيق وماتع من خلال هذا الحديث والموضوع المهم عن حديث الأنامل، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن ينفعنا بما ذكرتم وتفضلتم به في هذه الحلقة.
الشيخ: آمين، اللهم آمين، وأسأل الله -عز وجل- أن يحفظنا وإياكم من كل سوء، وأن يحفظ بلادنا من الأشرار، وأن ينصر جنودنا المقاتلين في كل مكان، وأن يحفظ المرابطين وأن ينصرهم وأن يوفِّق ولاة أمورنا إلى ما يحب ويرضى، وأن يؤيدهم بنصره وتأييده، وأن يعم الخير بلاد المسلمين، ونلقاكم إن شاء الله في حلقة قادمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.