الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
بادئ ذي بدء نشكر الله ـ تعالى ـ على ما منَّ به من العملية المباركة التي أثمرت الإيقاع بخفافيش الظلام الذين يسعون في الأرض فسادًا يفسدون، ولا يصلحون من أتباع الفئات الضالة والأفكار المنحرفة من داعش وغيرها، فهذه نعمة من الله تعالى تستوجب شكرًا وحمدًا وثناءً؛ فهو المتفضل به ـ جل في علاه ـ كما أنه مما ينبغي أن يُذكر ويشكر، هو ما تقوم به قيادة هذه البلاد المباركة من الرعاية الدائمة المستمرة التي لا تنقطع بالمتابعة والنظر فيما يحقق الأمن لكل من علا ثرى هذه البلاد المباركة التي تحوي الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي، وفيها من آثار النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وصحابته ما ميَّزها الله ـ تعالى ـ به عن سائر البلاد.
فهذه القيادة -جزاها الله خيرًا- تدأب بما تستطيع في حفظ الأمن ودفع الأذى عن أهل هذه البلاد، وعن كل من يقصدها من خارجها من الوافدين والزائرين والحجَّاج والمعتمرين، فجزاهم الله ـ تعالى ـ خيرًا على ما يبذلون، وهذه النجاحات هي ثمرة جهود متواصلة من هذه القيادة المباركة، ومن رجال الأمن الذين يقدمون أرواحهم بكل ما يستطيعون للحفظ على أمن هذه البلاد، وتنفيذ التوجيهات الكريمة من ولاة الأمر لصيانة هذه البلاد وحماية ثراها من كل مفسدٍ ومتربص، سواء كان من داخلها أو من خارجها.
وينبغي أن يُشكر هؤلاء الرجال الذين يقدمون أنفسهم لحمايتنا، وحماية أمننا، وحماية الحرمين الشريفين، فجزاهم الله خيرًا، وأسأل الله ن يُثقل بذلك موازينهم، وأن يدفع عنهم كل بلاءٍ وشرٍّ وسوء، كما أنه ينبغي لنا جميعًا أن نستشعر عظم المسؤولية في الالتفاف حول ولاة الأمر وجمع الكلمة وقطع كل ما يمكن أن يكون سببًا للتفريق فنحن نعيش بين مخاوف تتهدَّد الناس في أمنهم ودينهم ومكتسباتهم، لا يمكن تجاوز وعبور هذه التحديات وهذه الصعوبات إلا بالاجتماع على الكتاب والسنة، واللزوم للتقوى، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم، فإن ذلك ضمانة تدفع عن السوء والشر، فهؤلاء الحوثيون مفسدون في الأرض يسعون للنيل من أمن بلادنا في الحد الجنوبي، وهذا الحشد الشيعي الخبيث الصفوي الذي يتحرش بتصرفات رعناء في الحد الشمالي.
كما أن هؤلاء الذين سخروا أنفسهم لخدمة الشيطان وأعداء الإسلام في الداخل ممن غُرِّر بهم، كل هذه المخاوف تستدعي منا تضافرًا واجتماعًا وتوكيدًا لاتحادنا، واجتماع كلمتنا وراء إمامنا وولي أمرنا، وهذا من أقوى الردود على كل مفسد، ومن أقوى الأسلحة أمام كل تحدي، فإن الاجتماع في الحق وعلى ولاة الأمر وطاعة الله ورسوله ومن أمر الله بطاعتهم من ولاة الأمر، كل ذلك يحقق مصالح كبرى، والله ـ تعالى ـ يقول:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[النساء:59]، ويقول ـ تعالى ـ: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾[الأنفال:46].
كل هذه المعاني من المهم أن نستحضرها أمام هذه التحديات، صلاحنا في صلاح كل واحد منا، في خاصة نفسه وفي من هم تحت يده للاستقامة على أمر الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وفعل الشعائر وحفظ الحق العام والخاص، كل هذا مما يدفع الله تعالى به عنا البلاء وأوصي إخواني وأخواتي بالإلحاح في الدعاء، فإن الدعاء بابٌ عظيم يدفع الله ـ تعالى ـ به عن الفرد والمجتمع والأمة شرًّا عظيمًا.
هذه كلمات رأيت أنه من المهم أن أنبِّه إليها، ونحن في هذا الوقت العصيب الذي يتربص بنا الأعداء من كل حدبٍ وصوب، والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، ونحن -ولله الحمد- في هذه البلاد ننعم بخيرات عظيمة، وأمنٍ وارف، وصلاحٍ ظاهر، وإقامة للشعائر، وتحكيم الشريعة وصيانة للحرمين الشريفين، وخدمة لهما وظهور العلم وأهله وإكرام العلماء، كل هذه المعاني التي ننعم بها هي من موجبات توفيق الله ـ تعالى ـ لنا ودفعه عنا.
وقد قال -جل وعلا-: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾[الأعراف:96]، فأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحفظ هذه البلاد من كل سوءٍ وشر، وأن يوفق قيادتنا المباركة إلى ما فيه خير العباد والبلاد، وأن يحفظ رجال أمننا الباذلين لأرواحهم، الحادبين على أمرنا من قوات الأمن الداخلي، ومن الجنود المرابطين في الحدود والجيش المبارك الذي يبذل وسعه في دحر كل من توسل له نفسه أن تمتد يده بسوء إلى هذه البلاد مبركة، وأسأل الله أن يعم بلاد المسلمين بالخير والبركات، وأن يؤلف بين قلوبهم، وأن يصلح ذات بينهم، وأن ينشر السلام والأمن في ربوعهم، وأن ينجي المستضعفين من إخواننا المسلمين المضطهدين في كل مكان في سوريا والعراق واليمن وبورما وليبيا وسائر بلاد الدنيا، وأسأل الله أن يعز الإسلام وأهله وأن يذل أعداءه بعزته وقدرته.
المقدم: اللهم آمين.