×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (55) نفس المؤمن معلقة بدينه

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3712

المذيع: أهلا ومرحبًا بكم مستمعينا الكرام، وحياكم الله معنا في هذه الحلقة، وفي هذا اللقاء الذي يمتد إلى ساعة كاملة بإذن الله تعالى، ونسعد أيضًا بمشاركتكم لنا من خلال الأرقام التالية:
الرقم الأول: 0126477117.
والرقم الثاني: 0126493028
كما يسرنا مستمعينا الكرام أن تشاركونا عبر هاشتاج البرنامج عبر الوسم المخصص للمشاركة في هذا البرنامج "الدين والحياة" على تويتر.
مستمعينا الكرام: المؤمن الحصيف المُشفق على نفسه يسعى جاهدًا على أن يلقى ربه نقيَّ القلب، طاهر الباطن، بريء الذمة، غير متورِّط بحق، ولا مَظلمة، ولا مال، ولا كَسب خبيث؛ لأن هذا المؤمن يوقن حق اليقين أن هذا الحساب الذي سيلقاه يوم القيامة حسابٌ عظيم، يوقن كذلك أن هناك موقفًا جليلًا بين يدي الجبار الذي لا يُظلم عنده أحد، ولا يخفى عليه ذَرَّة، ولا يعجزه حساب.
من أعظم ما يشغل ذمَّة المؤمن، ويُثقل كاهله، ويورِدُه المهالك يوم القيامة (الدَّين)، بأن يقترض من أخيه مالاً وتبقى ذمته مشغولة.
في هذه الحلقة سنتحدث مستمعينا الكرام عن الاقتراض والتساهل في ذلك، والإكثار منه، وخطورة هذا الأمر.
أُرحِّب مجدَّدًا بضيفي وضيفكم الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح.
شيخ خالد عندما نتحدث عن مثل هذا الموضوع المهم الذي أصبح شائعًا لدى كثير من الناس حتى أن البعض أصبح يتساهل كثيرًا عندما يقترض أو عندما يستدين، ولو كان هذا المال قليلاً عنده في نظره، أو أن البعض ربما يكون المال كثيرًا لكنه لكثرة اقتراضه أصبح يرى هذا المال شيئًا حقيرًا بالنسبة إليه.
لماذا عظَّم الإسلام مثل هذا الأمر، ولماذا بيَّن خطورته؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
حياكم الله شيخ عبد الله، وكل الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات حيثما كانوا.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعيذنا وإياكم من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وقهر الرجال، هكذا كان سيد الوَرَى -صلوات الله وسلامه عليه- يدعو ويسأل الله -عز وجل- الوقاية من الدَّين وشدته، ووطأته على المدين.
فكان من جملة ما استعاذ منه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في المحفوظ عنه كما في الصحيح من حديث أنس: كنت أسمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: «اللهم إني أَعُوذ بك من الهمِّ والحَزَن، والعجز والكسل، والبُخل والجُبن، وضَلَع الدَّين» أي: ثقل الدين وشِدَّته «وغَلَبَة الرجال».[أخرجه البخاري في صحيحه:ح2893، ]
الدَّين قبل أن نخوض فيما يتعلق بالتساهل فيه وما يتصل بالمحاور الأخرى، الدين ما هو في الحقيقة؟ ما هو الدين، وما هي حقيقته؟
عندما يطلق الدَّين ينصرف الذهن عند كثير من الناس إلى صورة من صور الديون، ونموذج من نماذجه، وهو القرض، ولذلك يتبادر إلى الذهن أن الدين هو الاقتراض، أو أنه هو القرض الذي يشغل الإنسان فيه ذمَّته بمبلغ من المال يأخذه من مُقرِض.
والحقيقة أن الدين أوسع من ذلك، فالدين يشمل كلَّ ما يشغل الذمة –ذمة الإنسان- سواء كان ذلك من جرَّاء اقتراض، أو كان ذلك من جراء عمل من أعمال المُدايَنات، التي تكون بين الناس، كثمن المبيع وكعوض الأجرة، وكنصيب الشركة، وما أشبه ذلك من الأموال التي قد تدخل في الذمة.

 فمثلا عندما أشتري من شخص بيتًا، أو أشتري منه حتى كِسرةَ خبز، وأقول له مثلا: أجيب الريال بعدين أو أجيب الثمن بعدين، هذا دين، كوني ما سلَّمت الرجل المبلغ فهو دين في ذمَّتي، وهذا الدين يندرج في كل ما يتعلق بمسألة الديون.
فالدين لا ينحصر في صورة من الصور وهي الاقتراض، بل هو أوسع من ذلك ليشمل كلَّ أوجه المداينات التي تكون بين الناس.

 ولخطورة الدين وكثرة وقوع الناس فيه جاء بيان أحكامه في القرآن الكريم، بل أطول آية في كتاب الله -عز وجل- هي في مُعالجة مسائل تتعلق بالدين، ففي ختم سورة البقرة ذكر الله تعالى ما يتصل بالديون، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى}[البقرة: 282]، والتداين هنا بغضِّ النظر عن سببه، أو عن مصدره يشمل كلَّ ما يكون من المعاملات التي سواء كانت معاملات معاوَضة كالبيع والإجارة والشركة، أو كان من المعاملات التي يكون فيها ثبوت شيء في الذمة بأسباب أخرى من غير الدين كالقرض مثلا، فإنه يلحق بما ذكر الله -جل وعلا- في هذه الآية، في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ}[البقرة: 282] إلى آخر ما ذكر الله -جل وعلا- في الآية.
المهم: أن هذه الآية ذكرت تنظيمًا إلاهيًّا وتشريعًا ربانيًّا فيما يتصل بإرشاد العباد في معاملاتهم فيما يتصل بالديون لأجل حفظ الحقوق سواء كان دينَ شِراء، سواء كان دين إجارة، سواء كان دين قرض، بغض النظر عن نوع المداينة التي تجري بين الناس، وقدَّم الله تعالى الأحكام المتعلقة بالدين في هذه الآية الكريمة التي هي أطول آية في كتاب الله بنداء المؤمنين، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} هذا يدل على أن مُراعاة هذه الآداب والمحافظة على هذه الشرائع هو من مقتضيات الإيمان، ومن خصاله وشُعبه، التي ينبغي للمؤمن أن يراعيَها.
فالدَّين جاءت أحكامه في الشريعة، على نحوٍ من الإيضاح والبيان والتحذير من الإهمال، ما ينبغي للمؤمن أن يعتني به وأن يكون على فِطنة لما يتَّصل به من أحكام القرآن، فآيات الدَّين هي أطول آيات القرآن الكريم، وقد اشتملت على أحكام عظيمة جليلة المنفعة والمقدار فيما يتصل بأصل المداينات وحكمها، وفيما يتصل بما بها من أحكام في حفظها ورعايتها، وفي صيانة الحقوق من الضياع والذهاب.
وأيضًا صيانة المتعاقِدَين المتدايينَين من الخلاف الذي قد يُفضي إلى المنازعات والخصام ويضرُّ بروابط الناس وعلاقات المجتمع.
مما يظهر خطورة الدين ومكانته ما جاء من الوعيد في عدم وفاء الديون ورد الحقوق إلى أهلها، وقد جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أَفضلُ الأعمال» فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت –يعني أخبرني- إن قُتِلتُ في سبيل الله، أتُكَفَّر عني خطاي، هذا رجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: يا رسول الله أخبرني إن قتلت في سبيل الله، يعني في الجهاد وفي قتال أعداء المِلَّة والدين، أتُكفَّر عني خطاي؟ أي هل يمحو الله تعالى عني ما كان من سالف الخطأ وماضي معصية سواء كان ذلك بترك ما وَجَب، أو كان بفعل ما حُرِّم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم، إن قُتلتَ في سبيل الله وأنت صابرٌ محتَسِب مُقبِلٌ غيرُ مدبر» يعني فزت بهذا الفضل وهو أنه تكفر عنك خطاياك، «نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر»، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل بعد أن أجابه بهذه الإجابة قال له صلى الله عليه وسلم: «كيف قُلت؟» يعني أعد علي مسألتَك، قال الرجل: يا رسول الله أرأيت، يعني أخبرني: إن قتلت في سبيل الله هل تكفر عني خطاياي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مُقبلٌ غيرُ مُدبِرٍ» ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: «إلا الدين»، فاستثنى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك رد السؤال على الرجل، وطلب منه أن يُعيد مسألته لأجل أن يوضِّح له ما أُوحي إليه، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: «نعم إن قُتِلتَ في سبيل الله وأنت صابر محتسب مُقبلٌ غيرُ مُدْبِر، إلا الدين» يقول: «فإن جبريل قال لي ذلك»[أخرجه مسلم في صحيحه:ح1885/117]  يعني هذا وحي جَدَّ، لم يكن يعلمُه صلى الله عليه وسلم قبل هذه المسألة، فبين هذا خطورة الدين، وأن الدين على قدر من المنزلة والمكانة ما ينبغي أن يَصونَه المؤمن وأن يؤدِّي الأمانة إلى أهلها، وأن يردَّ الحقوق إلى مُستحقِّيها، وإهمالُه ذلك مما يحرِمُه هذه الفضيلة، وهي حطُّ الخطايا، فهذا رجل بَذَل نفسه وروحه في سبيل الله حتى قُتل، وهو على هذه الصفة التي ذَكَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم، قُتل في سبيل الله وهذا دليل على الإخلاص، صابرٌ، وهذا دليل عظيم الأجر الحاصل له بسبب صبره {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، محتسب أي أنه تمَّ له الرغبة فيما عند الله، فلا يَرغب من الناس شيئًا {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا} [الإنسان: 9] فقَطَع النظرَ عن الخلق وعلَّقه بالخالق –بالله- في رغبته وطمعه في ثوابه وأَجرِه، مُقبلٌ غيرُ مُدبرٌ أي أنه مُقبل على قِتال أعداء الله -عز جل- وليس فيه تولِّي، سالم من التولِّي الذي يوجب العقوبة؛ فإن التولي يومَ الزحف من كبائر الذنوب وعظائم الإثم.
هذا توافرت فيه أسباب حطِّ الخطايا، وانتفت عنه الموانع بقوله: «مُقبِل غير مَدْبِر»، ولكن ثمة مانعٌ أُخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو الدَّين، فقال: «إلا الدَّين».
وقد جاء في صحيح الإمام مسلم أيضًا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يُغفر للشهيد كلُّ ذنب إلا الدَّين»[أخرجه مسلم في صحيحه:ح1886/119] أي: إلا ما كان من حقوق الخلق الناشئة عن المُدايَنات، سواء كان ذلك ثمن سلعة أو كان ذلك أُجرة عين مستأجرة، أو كان ذلك مما كان من الأموال التي تثبت في الذمَم بسبب العقود والمداينات التي تكون بين الناس.
 
هذا يعطينا تصورًا عن أهمية الوفاء بالدين، وخطورة التساهل فيه، ويبين لنا لماذا كان الدين بهذه المنزلة التي ينبغي أن يراعيَها المسلم؛ لأنه عمل التفريط فيه يحجب الإنسان عن خيرات كثيرة، ويحول بينه وبين فضائلَ عظيمة وذلك كما قال صلى الله عليه وسلم: «يغفر للشهيد كلُّ ذنب إلا الدين».
المذيع: طيب هذا جميل أن يكون هناك مقدمة وتوطئة لهذا الحديث، ويعني بالتحديد إذا ما كان هناك إيضاح لسبب خطورة هذا الأمر لماذا كان التساهل في الدين أو الاقتراض أمرًا خطيرًا على المسلم، لعلنا نستذكر أيضًا في هذا الصدد أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يتورَّع ويمتنع عن الصلاة عن الرجل الذي عليه دين حتى يُقضى عنه دينه، كما ورد في الكثير من كتب الحديث في هذا الصدد، ربما هذا يدعم أيضًا هذا الموقف الذي تحدثنا عنه فيما يتعلق بخطورة التساهل في الاقتراض والاستدانة وغير ذلك.
الشيخ: بالتأكيد يعني مطالعة كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وما جاء عنه في شأن الدين يُبيِّن أن الموضوع ليس بالأمر اليسير الذي يَنظر إليه كثير من الذين يدخلون في مداينات بتحميل ذِمَمهم الشيء الكثير، وعدم المبالاة بما ثَبَت في ذِمَّته من حقوق الخلق، وتجد الواحد منهم عند أدنى ما يكون يبادِر إلى إشغال ذمته بأنواع من الحقوق، وفي المقابل ليس ثم لديه الهمُّ في الوفاء بهذه الحقوق، وهذا لا شك أنه أمرٌ خطير، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا ما يُبين ضرورةَ العناية بالوفاء بالدين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «نَفسُ المؤمن مُعلَّقة بِدَينِهِ حتى يُقضى عنه»[أخرجه الترمذي في سننه:ح1079، والحاكم في مستدركه:ح2219، وقال:هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ». ووافقه الذهبي] وهذا يدل على أن الدين يحبس الإنسانَ عن خيرات عظيمة في الآخرة، فنفسه محبوسة، فقوله: «مُعلَّقة» أي: ثمة ما يمنعها من بلوغ ما تؤمِّل من فضل الله ورحمته وبرِّه، وإحسانه حتى يُقضى عنه الدين.
فينبغي للمؤمن أن يستشعر هذه المعاني، وأن تكون حاضرة منه على بال؛ لأجل ألا يتورَّطَ في هذه الديون التي لها آثار خطيرة على الإنسان ويترتب عليها حصول المنع من الخير بسبب ما يكون من تحمُّل حقوق الناس.
وهنا أنبِّه إلى ما جاء في الصحيح، فيما يتعلق بالاستدانة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن أخذَ أموالَ الناس يُريد أَداءها أدَّى اللهُ عنه، ومن أخذها يريد إِتلافَها أَتْلَفَه الله»[أخرجه البخاري في صحيحه:ح2387] هنا تنبيهٌ إلى أمر مهمٍّ، وهو أن المقصود بالإتلاف هنا ليس أنه يُحرقها أو يمزِّقها، لأ، المقصود بالإتلاف هنا أن لا يكون في قَلبِه نيَّة الإعادة؛ لأنه عندما آخذ منك ريالاً وأنا في قلبي أني لن أُعيدَه إليك، أنا في الحقيقة أَتْلَفتُه عليك، وإن كنت قد انتفعت به بما أقضي به حوائجي، ولكنه في الحقيقة هو نوع من إتلاف المال؛ لأني أذهبتُ مَنفعتَه عنك، وبالتالي هذا يدخل في الوعيد الذي جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن أَخَذَ أموالَ الناس يُريد أداءها أدّ;َى الله عنه، ومَن أَخَذَها يريد إتلافها أتلفه الله»
المذيع: يعني هذا يا شيخ خالد يتعلق بنية الإنسان عندما يستلف أو يستدين أو يقترض إذا ما كان يريد في داخلته في نيته يريد أداء هذا الدين الذي اقترضه أو استدانه من أي شخص كان في أقرب فرُصة تسنح له أو تتهيأ له، وهذا ربما موعود بالتيسير وتسهيل أداء هفي مقابل أن هذا الذي أخذ المال يريد إتلافه لن يعان على إعادة هذا المبلغ لصاحبه.

الشيخ: بالتأكيد، هذا الحديث يُشير إلى هذا المعنى، حيث أن الحديث يُبِشِّر من أخذ الأموال ومن نيَّته أن يردَّها على أصحابها، ويوفِّي الناس حقوقهم أن الله تعالى يؤدِّي عنه، ومن أخذها وفي قلبه إهمالٌ، أو نية مماطلة، أو نية عدم ردٍّ فهذا لا يدرك خيرًا، بل يخلفه الله -عز وجل- فلا يبارك له في هذا المال الذي أخذه، ولذلك قال: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه» أي: قضى الله تعالى عنه ما في ذمته، وهذا على نحوين:
النحو الأول: أن يُعينه على سداد الحق في الدنيا، بأن يُيسِّر له مالاً يقضي به ما شَغَل به ذمَّته من الديون ومن الحقوق.
وأما المعنى الثاني: أنه إذا مات ولم يوفِّ جعل الله له من التعويض يوم القيامة لصاحب الدين ما تقرُّ به عينُه ويرضى به عما كان من عدم وفاء.
في المقابل: من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله، أي: ألحقه الله تعالى هلاكًا، فلا ينتفع من هذا المال بشيء ولا يدرك مطلوبًا، وتبقى ذمته مشغولةً، وهو مُتلَف من حيث الدنيا، فلا بَرَكةَ في هذا المال الذي أخذه، وهو مُتلَف من حي

ث الآخرة بالعقوبة المرتَّبة على ترك وفاء الدين.
المذيع: إضافة إلى هذا عندما يفشو في المجتمعات الإسلامية من يقترضون ويستدينون ثم لا يؤدُّون هذا الدين، يقلُّ جانبُ الإعانة من الموسرين للمُعسرين عندما يفقدون الثقة في الناس، بوجود حالات كثيرة جدًّا من هذه الناحية في حالة عدم الوفاء لأصحاب الدين، وربما هذه أيضًا من المؤشِّرات التي ينبغي الإشارة إليها.
طيب نذكر شيخ خالد المستمعين الكرام بأرقام التواصل لمن أراد أن يتواصل معنا في هذه الحلقة وموضوعنا عن التساهل في الدين.
رقم التواصل الأول: 0126477117
والثاني: 0126493028
ويمكنكم مستمعينا الكرام مشاركتنا بالتغريد على الوسم المخصص للمشاركة في هذا البرنامج عبر تويتر على هاشتاج (الدين والحياة).
نأخذ أول اتصال من عبد العزيز الشريف من الرياض، تفضل يا عبد العزيز.
عبد العزيز: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عبد العزيز: حياكم الله يا أستاذ عبد الله، كيف حالك؟
المذيع: حياك الله أخي عبد العزيز، أهلا وسهلا.
عبد العزيز: أحييك، وأحيي ضيفك الشيخ خالد، حياكم الله يا شيخنا.
المذيع: يا مرحبًا أهلاً وسهلاً.
الشيخ: مرحبًا، حياك الله، أهلا وسهلا عبد العزيز.
عبد العزيز: فضيلة الشيخ، هل الدين تجري عليه الأحكام الشرعية من الوجوب والكراهة والتحريم؟
الأمر الثاني: هل للدين تسلُّط على عبادة الإنسان من صلاة وصيام وحج وغيرها، بحيث أنه إذا لم يُسدِّد فإن الغُرماء يتسلَّطون على هذه العبادات؟
الأمر الثالث: الكفالات، أنا قد أكفل شخصًا أُفرِّج عنه وأزيل عنه هذه الكربة، لكن أتفاجئ بهروبه وعدم تسديده، فهل الدين يبقى في ذمتي، وهل إذا حصل وتُوفِّيت هل أنا مطالب به أمام الله -سبحانه وتعالى-، على حد قول النبي صلى الله عليه وسلم: « ضامن».[لعل السائل أراد بذلك حديث النبيr:«الزَّعِيمُ غَارِمٌ، وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ»أخرجه ابن ماجه في سننه:ح2405، وصحهه الألباني]

الأمر الرابع: بارك الله فيك، يقول النبي صلى الله عليه وآله: «من فَرَّج عن  كُربةً فرج الله عنه كُربة من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على مُعسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة» هذه الأحاديث تدل على أن الإنسان يفرج عن أخيه يساعده، يقضي عنه، يعطيه، لكن للأسف في زماننا هذا أصبحنا نخاف من أن نعطي أو أن نساعد، أو أن نفرج، مما نجده من تساهل الناس وإيقاعنا في المشاكل ومن أمور الله المستعان، حتى أن الشخص يغيب عن أولاده في سجن وغير ذلك، بسبب ما يصنعه من خير، فما هو توجيهكم وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله.
المذيع: عليكم السلام ورحمة الله، شكرًا لك عبد العزيز.
شيخ خالد الآن له ثلاث نقاط مهمة في صلب حديثنا وموضوعنا في هذه الحلقة، فإن كان في إمكانية نبدأ بالتعليق على السؤال الأول حول الأحكام الشرعية المتعلقة بالدين، وبعض أنواع القرض التي تشيع بين الناس خاصة في مثل هذه الأيام.
الشيخ: الدين يجري فيه مثل ما ذكر الأخ هل تجري فيه الأحكام الخمسة: الوجوب، والاستحباب، والكراهة، والتحريم، والإباحة، الجواب: نعم تجري فيه الأحكام الخمسة وبالتالي هو كسائر المسائل التي يمكن أن يكون الدين واجبًا في ما إذا ما كان فيه إنقاذ نفس من هلكة، قد يكون الدين مستحبًا، قد يكون الدين محرمًا إذا كان دين بنية عدم الوفاء، أو كان دينًا لقضاء حاجة محرمة فهذا محرم، يعني الذي يأخذ أموال الناس وليس في باله أن يردها ولا في باله أن يوفي به هذا دين محرم؛ لأنه متوعد بالإتلاف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله»، وقد يكون مكروهًا، وهو كالديون التي يرهق الإنسان فيها نفسه بما لا يلزمه، أو بما قد يكون له عونًا على ما لا فائدة فيه، أو فيه نوع من إضاعة المال.
المذيع: كماليات وغيرها.
الشيخ: يعني هذا نوع منها، فالمقصود أن الدين تجري فيه الأحكام، قد يكون واجبًا وقد يكون حرامًا، وقد يكون مكروهًا.
المذيع: الزواج يعني مثلاً بعض الشبان يريد أن يعف نفسه، وفي نفس الوقت يقترض من البنوك حتى –كما يقال- يكمل دينه، هل هناك تفصيل حول هذا الجانب؟ لأن البعض ربما يراه أحيانًا يكون واجبًا كليًّا، وأحيانًا يكون هذا الشيء محرم إذا ما اشتمل على أمور ليست من الأمور الضرورية التي يمكن أن تؤتى أو ربما تدخل في الكراهة وغير ذلك.
الشيخ: على كل حال: مسألة التمويل الذي تثبت به ديون في الذمم من جهة البنوك، هذه مسائل الحقيقة تحتاج إلى شيء من التفصيل، وأنا أقول: من المهم أن يراعي المسلمون هذه القضية فيما يتصل بتوقي الحرام، أما الاقتراض المباشر بفائدة فهذا ربا، وقد أجمعت الأمة على تحريمه، وهو موجب للمحق، والعقوبة المعجلة والمؤجلة، هذا إذا كان اقتراضًا بربا، أما إذا كان أخذًا للمال من طريق المداينات، ما يعرف بالتمويل، فهذا قد يسلم من الربا، لكن أحيانًا يكون نوعًا من التحيل على أكل المال بالباطل، التحيل على الربا المحرم ومن أمثلته التورق المنظم الذي يشتري فيه الإنسان سلعة من المصرف ويوكل المصرف بالتصرف فيها مع إمكان أن يتولى ذلك بنفسه.
المذيع: يعني ممكن المصرف لا يملك هذه السلعة فيقوم بالشراء..
الشيخ: أو أن المصرف لا يملك فيكون قد باع [ما لا يملك]، في كثير من الأحيان تكون هذه السلعة هي في الحقيقة وسيلة للإقراض بزيادة، لكن عوضًا عن أن يكون ذلك مباشرة من غير واسطة يأتون بواسطة وهي هذه السلعة التي أحيانًا تكون طريق ووسيلة للإقراض بزيادة، فينبغي للمؤمن أن يتحرى في هذا الأمر ويتجنب المحرمات والمحاذير فيما يتصل بهذا الأمر.
لكن فيما يتعلق باستدانة الشباب لأمر الزواج، فالزواج حاجة ضرورية وقد تكون حاجة ملحة عند البعض عندما يتعرض للفتن أو يكون عنده رغبة زائدة أو .. فيما يتعلق بالزواج، ففي هذه الحال يمكن أن تسد حاجته من الزكاة إذا كان فقيرًا، تسد حاجته من الصدقات، وأنا أوصي أصحاب الأموال وأرباب السعة أن يساعدوا أبنائنا من الشباب ذكورًا وإناثًا على الزواج، فإن ذلك من المشاريع المباركة التي تصون المجتمع من انحرافات تحفظ المجتمع من بلايا وشرور وانتشار الفاحشة وهو مصرف من مصارف الزكاة باعتبار أن صرفها للفقير هو من المصارف التي ذكرها الله تعالى في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60]وما يتعلق بأخذ أموال من طريق التمويل، أنا حقيقة أقول: البنوك عندما تسهل لك التمويل، فهي لا تسعى لخدمتك، ولذلك نحن في الحقيقة بحاجة إلى أن نكون على وعي وعلى بصيرة، بأن هذه الإعلانات التي قد تملأ الصحف أو المجلات، أو الشوارع أحيانًا، أو وسائل التواصل، بتسهيل إجراءات الديون، حقيقة هي في مضمونها نوعٌ من الخداع الذي يغري بعض الضعاف من أصحاب النظرات القصيرة، وليس له هم في ما تحمله ذمته من حقوق، قد يغريهم على الاستدانة في أمور لا حاجة لهم بها، وأمور حتى لا تصل لأن تكون حاجية، بل هي نوع من الكماليات والسرف والترف، فينبغي أن نحذر مثل هذه التسهيلات وألا يقدم الإنسان على مثل هذا إلا عندما يكون ثمت ما يستوجب الإقدام وأن يكون عنده دراسة لوضعه المالي أيضًا يستصحب نية الوفاء لهذه الحقوق التي تثبت في ذمته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أدائها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله».
كثير من الناس يتصورون أن هذه الدعايات هي نوع من الخدمة، البنوك لا تخدمك إنما تبحث عن كسب، وبالتالي لا بد أن تكون واعيًا إلى هذه القضية، ولهذا تجد إنهم يطلبون رسم في الأول لأجل أن ينظروا في هل يقرضونك أو لا يقرضونك، هذا يسمونه تكاليف الخدمات الإدارية أو ما أشبه ذلك من التسميات، ثم بعد ذلك يفرضون عليك في السلعة في كثير من الأحيان ما لا ينبغي أن يفرض من الربح أو النقص في المال إذا جئت لتبيعها.
وعلى كل الأحوال: أنا أقول: ينبغي أن يكون الدين في آخر الحلول حينما نضيق بك السبل وليس هو الأول، وأيضًا أن يقدر الإنسان الحاجة للدين هل هو محتاج حقيقة في أمر ضروري أو أمر حاجي أم أن حاجته في أمور كمالية وتحسينية ممكن أن يستغني عنها أو يستأني حتى يوسع الله تعالى عليه فيتوسع، الله تعالى يقول: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7]، فجدير بالمؤمن أن يأخذ بهذه الوصية الإلهية فيما يتعلق بالنفقة مع وجوبها في نفقة المرأة، نفقة الرجل على امرأته، يأمره الله تعالى بمراعاة هذا، فكيف بالإنفاق الذي هو نوع في كثير من الأحيان نوع من الترف، كالذي يأخذ المال ليسافر فسحة أو يأخذ المال ليقيم ولائم يعجز عنها أو ليركب أحسن المراكب، مع حاله الفقيرة أو الضعيفة أو المتوسطة يعني لا يركب مركبًا يتناسب مع وضعه.
المذيع: يعني يسعى إلى التباهي بعض الناس أحيانًا للأسف وهذه الظاهرة كثرت يعني.
الشيخ: وهذا من أكبر أسباب الوقوع في المداينات التي لا يستطيع أصحابها أن يوفوها، فأنت يا أخي لو تشوف نسبة الدين الذي يعني شغلت بها ذمم الناس، ترى أمرًا مهولاً، وأنا أقول –حقيقة- أن جزء من الموضوع تتحمله البنوك التي ترغب وتسهل وتظهر الدين بصورة أنيقة وأن أنت عندك بيت وسيارة، وما إلى ذلك من الأمور التي قد تؤثر .. الدعاية والإعلام له دور كبير في هذا الأمر، ولهذا نقول: من الضروري أن تتدخل الجهات ذات الاختصاص فيما يتصل بالديون، وتكبح جماح وجشع أصحاب البنوك؛ لأن البنوك حقيقةً وواقعًا والمصارف لا تسعى لخدمة الناس، وإنما تسعى لتكثير أرباحها، وزيادة دخولها، فهي تتاجر بالدين قرضًا واقتراضًا.
المذيع: أستأذنك شيخ خالد؛ لأن الاتصالات ما شاء الله التفاعل كبير حول هذا الموضوع، نأخذ اتصال أبو رائد، تفضل أبو رائد.
أبو رائد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل أخي أبو رائد.
أبو رائد: شيخ خالد، هل تعتبر الفواتير دين على من توفى، هذا السؤال الأول.
السؤال الثاني: لو مات الميت ولديه تركة ولديه أبناء وبنات، واقتسموا بالتساوي للمرأة مثل حق الرجل، بالتساوي بينهم وباتفاق، لا بأس يا شيخ بهذا الموضوع؟ حفظك الله ورعاك.
المذيع: تسمع الإجابة شكرا لك يا أبا رائد.
نأخذ عماد أيضًا، عماد من الرياض، تفضل يا عماد.
عماد: السلام عليكم.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله، لو تختصر عماد حتى نأخذ الإخوان أيضًا.
عماد: مساكم الله بالخير، كيف حالك يا شيخ عساك طيب.
الشيخ: حياكم الله يا أخي مرحبًا.
عماد: بسألكم، اليوم بالذات جاءني واحد يقول أنه يعني .. من شخص والشخص هذا قال له: إذا تأخرت بزيد عليك القيمة، هو متسلف منه 9000 وسدد له كل شيء باقي له 500 ريال أو ألف ريال.
المذيع: وإذا تأخر بزيد عليه.
عماد: قال له: إذا تأخرت بزيد عليك، يعني هذه ما حكمها يا شيخ، ومع ذلك موقف عليه الحسابات.
المذيع: شكرًا جزيلا لك أخي عماد.
ربما يا شيخ خالد نقطة يكثر السؤال عنها خاصة في مثل هذا الموضوع، الجديد يمكن أن يكون عندما تكون هذه الزيادة برضا من الطرف الآخر، هل يختلف الحكم يا شيخ؟
الشيخ: لا الربا ربا، مثل لو تراضى اثنان على الزنا لا يبيحه، التراضي على المحرم لا يحله ولا يبيحه.
المذيع: مسألة الفواتير ويمكن ندخل فيها أيضًا مخالفات ساهر وغيرها يا شيخ هل تعتبر من الدين، إذا مات الإنسان يجب أن توفى؟
الشيخ: ما يتعلف بساهر الذي أفهمه أن الدولة وفقها الله، تسقط عن الميت بأمر من الأمير نايف رحمه الله، بأن إذا توفي من عليه مخالفات تسقط عنه المخالفات، عقوبة تعزيرية لأجل أن يرتدع الناس عن الاستهتار بالأنظمة المرورية، أما ما يتصل بفواتير الكهرباء وفواتير الماء نعم هي من الديون؛ لأنها مقابل خدمات، كذلك فواتير الهاتف؛ لأنها مقابل خدمة، فهذه مما تثبت في الذمة حيًّا وميتًا، ويجب على الإنسان إذا اشتغلت ذمته بشيء من هذه الفواتير أن يوفيها وأن يبرئ ذمته والتساهل في الوفاة كونه، شريحة وألغاها، فهذا لا يسقط عنه الحق الذي للشركة.
المذيع: اقتسام التركة بالتساوي إذا كان باتفاق من كل الأطراف.
الشيخ: هذا خارج عن محل البحث لكن الأصل في قسمة التركة أن يكون على وفق ما أمر الله تعالى به ورسوله.
في والقضية التي أشار إليها الأخ عبد العزيز، مسألة الضمان والكفالة، يعني كثير من الأحيان نحن قد نقدم على الخطوة بدون دراسة، نحتسب أجر، نريد خير، أو أحيانًا يفعل الإنسان من قبيل الحياء أو الفزعة لصاحبه، فيكفله في حق مالي، ومعلوم وهذه ينبغي أن تكون واضحة عند الجميع، أنه فيما يجري من النظام القضائي المعمول به عندنا في المملكة أن صاحب الدين له حق المطالبة للأصيل والكفيل، يعني للأصيل والضامن فله أن يتوجه بالطلب لأيهما شاء، وبالتالي يعني ذمة الكفيل مشغولة بالمال الذي ضمنه وإذا لم يوفي صاحب الدين فإنك تكون مطالبًا بوفاء ما عليك، وهنا ينبغي أن تفكر مائة مرة قبل أن تقدم على الضمان؛ لأن الضمان نوع من إشغال الذمة، وهو دين في النهاية، يلزمك، وحتى إذا مات الإنسان لزمه في تركته؛ لأن المداين وهو الطرف الثاني، صاحب الحق الدائن، لم يقدم على هذه المعاملة إلا بالتوثق من استيفاء حقه، سواء منك أو من المدين.
وبالتالي، لا تقول: والله أنا ما أخذت الدين، أنا ما سويت، أما مو الذي استفدت منه، أنت ما بما أنك ضمنت فأنت مطالب بالأداء.
المذيع: طيب عمر من القنفذة، تفضل يا عمر.
عمر: السلام عليكم.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.
عمر: أبغى رقمك إذا تفضلت شيخنا.
المذيع: إخوانا في الكنترول إن شاء الله يزودوك بالرقم، في سؤال يا عمر؟
عمر: لا بس حبيت أن..
المذيع: طيب شكرًا جزيلاً لك أخي عمر.
شيخ خالد ربما ننوه إلى مسألة مهمة جدًّا، خاصة أن بعض الناس أحيانًا عندما يكفلون أناسًا من باب فعل الخير لهم، والإحسان إليهم، لكنهم ينكثون عهدهم ولا يوفون بهذه الالتزامات للذين يكفلونهم ويضمنونهم عند الآخرين، ربما هذه مشكلة كبيرة يقع فيها كثير من الناس، وهؤلاء يقعون في إشكالية أن أيضًا مسألة الإحسان للناس تقل لحد كبير جدًّا عندما يكثر ويفشو مثل هذه الحالات السيئة.
الشيخ: بالتأكيد، سواء الاقتراض وعدم الوفاء، أو الضمان وعدم الوفاء، كلاهما يجعل الناس تشح أيديهم، وتنقبض أكفهم عن البذل بسبب وجود مثل هذه الحالات التي يصبح الدائن أو المقرض محلاً لاشتغال بمطالبة المدين والمقترض وملاحقته فينتهي عن منافع كثيرة ويقع في إشكاليات كثيرة وقد يذهب عليه ماله، فبالتالي تجد أن الناس تحجم عن المساعدات بالديون أو القروض، فلا يلامون، لكثرة من لا يوفي، ولكثرة المستهترين بالديون.
المذيع: نقطة مهمة حول زكاة الدين عندما لا يستوفى هذا المال هل يلحق صاحب المال حتى يعود إليه؟
الشيخ: الديون المعدومة التي يعني لا يرجو وفائها هذه لا زكاة فيها، ما يرجوا وفائه له حالان: الحالة الأولى: أن يكون وفائه تحت الطلب، متى ما طلب أوفاه المدين ففي هذه الحال تجب الزكاة كالمال الذي في يده؛ لأنه قادر عليه بمجرد الطلب.
الحالة الثانية: المال الذي على مُعسر وهو الذي لا يستطيع الوفاء، أو الذي يحتاج إلى وقت حتى يجمع نفسه، ففي هذه الحال ثلاثة أقوال لأهل العلم:

 من يقول: أنه يزكى إذا قبض المال لكل المدة الماضية[قول الثوري، وأبي عبيد، ورواية عن أحمد، وهو الأظهر عند الشافعية.المغني:3/46، شرح المنهاج:2/40].
والقول الثاني: أنه يزكى لمرة واحدة وهذا مذهب مالك[مذهب مالك، والليث والحسن والأوزاعي. الدسوقي مع الشرح الكبير:1/6].
والقول الثالث: أنه لا زكاة عليه في هذه الحال لأنه مع الإعسار كالآيس من حصول المال فإذا رجع إليه كان كالمال المستفاد من جديد، فيعامله كالمال الجديد[مذهب أبي حنيفة, وقتادة، وأبي ثور، ورواية عن أحمد، وهو مقابل الأظهر عن الشافعية].
فهذه ثلاثة أقوال فيما يتعلق بهذه المسألة.
المذيع: هي فرصة يا شيخ ممكن ربما نذكر أيضًا بموضوع التفريج عن المسلمين، وخاصة التيسير على المعسر، فرصة أيضًا لأولئك الذين ربما نذكر بحقوق الأبطال المرابطين على الحد الجنوبي علينا وعلى كل من لديهم حقوق عليهم أن ييسروا عليهم أو ربما هي فرصة أن نتحدث عن فضل الإلجاء لأداء هذا الدين وربما كذلك أيضًا ربما نقطة مهمة حيال التغاضي أو التسامح أو إنقاص جزء من هذا المال.
الشيخ: فيما يتعلق بالإنظار جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان تاجر يداين الناس» يعني يتعامل معهم بالدين سواء كان ذلك في التجارات أو كان ذلك في إقراض أو كان ذلك في شركات أو نحو ذلك «كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنَّا» تجاوزوا عنه يعني أسقطوا عنه أو أمهلوه لأن التجاوز هنا يشمل الصورتين، على الوضع والإسقاط والصورة الثانية الإنظار والتأخر في القبض فيقول ذلك رجاء أن يتجاوز الله تعالى عنه، يقول: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنَّا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فتجاوز الله عنه »[أخرجه البخاري في صحيحه:ح2078]وجزاه، والجزاء من جنس العمل وقد قال الله -عز وجل=: {هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]
وجاء في حديث رواه أبو اليسر رضي الله عنه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنه جاء إلى رجل كان عليه دين ولما شعر الرجل بمجيء وسمع صوت أبي اليسر رضي الله عنه دخل عند زوجته، وخرج ابنه، فقال: أين أبوك؟، قال سمع صوتك، -الابن صغير فأخبر بالواقع- قال: سمع صوتك فدخل أريكةَ أمي، فقلت –يعني أبو اليسر رضي الله عنه قال للرجل: اخرج فقد عَلِمتُ أين أنت، فخرج، فقال له أبو اليسر رضي الله عنه: ما حَمَلك على أن اختبأت مني؟ يعني ليش اختفيت في هذا المكان ولم تستبن؟ قال: أنا أحدثك ولا أكذبك، خشيت والله أن أُحدِّثَك فأكذبك، يعني الذي حمله أنه خشي أن يعتذر إليه بشيء فيما يتعلق بالدين فيقع في الكذب، أو أن أَعِدَك فأخلفك، أي فلا أوفي لك بالوفاء، وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت والله مُعسرًا، فاعتذر عن عدم الوفاء بالإعسار، قال: قلت: آلله؟، قال: الله، يعني حلف، قال له: والله أنك معسر؟ قال: نعم، قال الراوي: فأتى أبو اليسر إلى الصحيفة فمحاها بيده، أي محى الدين على هذا الرجل بيده، فقال: إن وجدت قضاءً تقضني، وإلا أن فأنت في حِلٍّ، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول –وهنا الشاهد في الحديث-: «مَن أَنظَرَ مُعسرًا أو وضع عنه أَظلَّه الله في ظله»[أخرجه مسلم في صحيحه:ح3006/74] فهذا فضل عظيم وأجر كبير، أن ينال الإنسان ذلك الثواب على هذا العمل، «أظله الله في ظله»، فهو من جملة من يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
فالجدير بالمؤمن أن يميز بين المتلاعبين والعابثين، وبين الذين ضاقت عليهم السبل وقلَّ ما في أيديهم، وكثرت الحوائج، فلم يستطيعوا الوفاء بالحقوق، فهؤلاء أهل همٍّ جديرون بأن يوضع عنهم وأن يخفف عنهم.
المذيع: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بكلية الشريعة، في جامعة القصيم والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، وأسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل ما تفضلتم به في هذا اللقاء في ميزان حسناتكم.
الشيخ: آمين بارك الله فيك، وأسأل الله أن يعيننا وإياكم على الطاعة والإحسان، وأن يحفظنا من الديون التي لا فائدة منها، وأن يعيننا على الوفاء وإبراء الذمم في حقوق الخلق، وأن يعم في بلادنا الخير والبر، وأن يوفق ولاتنا لما يحب ويرضى وأن يعين جنودنا المرابطين المقاتلين في الحد الجنوبي، وأن يوفق رجال الأمن الساهرين على أمننا، وأن يعمَّنا بفضله وإحسانه وسائر بلاد المسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94049 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89968 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف