قوله تعالى:{قل إن الله لا يأمر بالفحشاء} هذه الآية الكريمة يتوهم خلاف ما دلت عليه من ظاهر آية أخرى وهي قوله تعالى:{وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا} الآية، الجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: وهو أظهرها أن معنى قوله: {أمرنا مترفيها} أي بطاعة الله وتصديق الرسل ففسقوا أي بتكذيب الرسل ومعصية الله تعالى فلا إشكال في الآية أصلا.
الوجه الثاني: أن الأمر في قوله: {أمرنا مترفيها} أمر كوني قدري لا أمر شرعي، أي قدرنا عليهم الفسق بمشيئتنا، والأمر الكوني القدري كقوله: {كونوا قردة خاسئين}، {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}، والأمر في قوله: {قل إن الله لا يأمر بالفحشاء} أمر شرعي ديني فظهر أن الأمر المنفي غير الأمر المثبت.
الوجه الثالث: أن معنى {أمرنا مترفيها}: أي كثرناهم حتى بطروا النعمة ففسقوا، ويدل لهذا المعنى الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد مرفوعا من حديث سويد بن هبيرة ـ رضي الله عنه ـ: "خير مال امرئ مهرة مأمورة أو سكة مأبورة" فقوله مأمورة أي كثيرة النسل وهي محل الشاهد.
قوله تعالى: {فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا} الآية، وأمثالها من الآيات كقوله: {نسوا الله فنسيهم}، وقوله: {وكذلك اليوم تنسى}، وقوله: {وقيل اليوم ننساكم} الآية، لا يعارض قوله تعالى: {لا يضل ربي ولا ينسى}، ولا قوله: {وما كان ربك نسيا}، لأن معنى {فاليوم ننساهم} ونحوه أي نتركهم في العذاب محرومين من كل خير والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين} الآية ، هذه الآية تدل على شبه العصا بالثعبان وهو لا يطلق إلا على الكبير من الحيات وقد جاءت آية أخرى تدل على خلاف ذلك وهي قوله تعالى: {فلما رآها تهتز كأنها جان} الآية ، لأن الجان هو الحية الصغيرة، والجواب عن هذا أنه شبهها بالثعبان في عظم خلقتها وبالجان في اهتزازها وخفتها وسرعة حركتها فهي جامعة بين العظم وخفة الحركة على خلاف العادة.