المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحبًا بكم مستمعينا الكرام إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة" والتي تأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، أسعد بصحبتكم في هذه الحلقة من الإعداد والتقديم محدثكم عبد الله الداني، ومن استقبال المكالمات الزميل خالد فلاتة، ومن التنفيذ على الهواء الزميل مصطفى الصحفي.
كما يسرني في مطلع هذا اللقاء أن أرحب بضيفي وضيفكم الدائم في هذا البرنامج فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم، والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، فالسلام عليكم ورحمة الله، وحياكم الله يا شيخ خالد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك، وحياك الله، وحيا الله الإخوة والأخوات أهلاً وسهلاً.
المقدم: أهلاً وسهلاً لكم شيخ خالد، وأهلاً ومرحبًا بكل المستمعين والمستمعات الذين يستمعون إلينا الآن عبر الأثير في هذه الحلقة المباشرة في برنامج الدين والحياة.
حديثنا مستمعينا الكرام في هذه الحلقة سيكون عن ظاهرة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلاله يمكنكم أن تتواصلوا معنا بالمشاركة أو الاستفسار على الهواتف التالية بالاتصال على التليفون: 0126477117، 0126493028، ويمكنكم كذلك مستمعينا الكرام بالتواصل معنا عبر الواتساب على الرقم: 0582824040، وعبر الوسم المخصص للمشاركة في هذا البرنامج الدين والحياة عبر تويتر.
على بركة الله نبدأ حلقتنا هذه أهلًا ومرحبًا بالجميع.
المقدم: أهلاً ومرحبًا بكم مستمعينا الكرام من هذه الحلقة المباشرة من برنامج الدين والحياة، أثبتت دراسة حديثة أن 400 مليون شخص يعانون من ظاهرة الإدمان على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ويعد هذا النوع من الإدمان الجديد أقوى من الإدمان على المخدرات أو التدخين حسب ما تشير الدراسات، وهو أحد أسباب ظهور حالات التوتر والاكتئاب التي قد تؤدي أحيانًا إلى الانتحار والعياذ بالله. وأوضحت الدراسة العلمية التي نشرتها صحيفة الديلي ميل البريطانية أن الإفراط في استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعية قد يؤدي إلى اكتساب عادات سيئةٍ عديدة، أشارت الدراسة ذاتها إلى أن هذا النوع من الإدمان يترك آثارًا نفسية وجسدية على المدمن منها الخمول الجسدي، وقلة الحركة، والصداع، والشعور الدائم بالتوتر والتعب خصوصًا عند انقطاع الإنترنت، إضافة إلى حب الوحدة، والتشبث بالرأي، والهروب من مواجهة المجتمع الواقعي.
ولأن هذه الوسائل مواقع التواصل الاجتماعي بكافة مسمياتها احتلت جزءًا كبيرًا من حياتنا شئنا أم أبينا باختلاف استخداماتنا من شخص إلى آخر، فقد أصبحت هذه القضية محل بحث كثيرٍ من مراكز الدراسات والبحوث بمختلف اهتماماتها، ونحن كذلك نطرحها من خلال هذه الحلقة مع ضيفنا وضيفكم فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح.
شيخ خالد عندما نتحدث في هذا الموضوع عن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي لعلنا نبدأ بتوطئةٍ عن أسباب طرحنا وتطرقنا إلى مثل هذه القضية.
الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة للجميع من المستمعين والمستمعات، وأيضًا لك أخي عبد الله، ولفريق العمل، وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من مفاتيح الخير، ومغاليق الشر، وأن يبصرنا وإياكم بالصواب، وأن يعيننا على ما فيه خيرُ ديننا ودنيانا.
فيما يتعلق بما يتصل بشبكات التواصل الاجتماعي لا شكَّ، ولا ريب أن هذا الموضوع جديرٌ بتكرار الطرح من زوايا مختلفة، وأوجه متعددة؛ لأن شبكات التواصل أصبحت حاضرة وبقوة في حياة الناس على اختلاف طبقاتهم، وشرائحهم، وعلى اختلاف مستوياتهم الاجتماعية، وعلى اختلاف مستوياتهم الفكرية والتعليمية، فلا تكاد تعرف شخصًا إلا وله نوع اتصال، أو تأثر، أو تأثير من خلال هذه الوسائل التي انتشرت في الناس وأصبحت في أيدي ومتناول الجميع.
هذا الموضوع بالتأكيد قضية بهذا الحجم تتصل بالصغار والكبار، وتؤثر على النشء، وعلى الجميع في جميع طبقاتهم تأثيرات متنوعة وليس تأثيرًا في جانب واحد، التأثيرات ليست في جانب الفكر فقط، ولا في جانب السلوك، ولا في جانب العلاقات الاجتماعية، ولا في جانب القضايا الاقتصادية بل في كل النواحي، يعني هذه الشبكات أصبح لها تأثير حاضر في مناحي شتى من حياة الناس، وبالتالي بهذا الحجم موضوع وقضيةٌ لابد أن تطرح من زويا عدة.
نحن يعني في هذا اللقاء، وهذا البرنامج في يومنا هذا نتناول جانبًا مما يمكن أن يعطي نوعًا من الإضاءات، والتنبيهات التي نحتاجها عندما نتعامل مع هذه الأجهزة نعالج جانب من الجوانب وهو جانب الإدمان على هذه الأجهزة، وعلى هذه الشبكات، وليس هو القضية الوحيدة التي تحتاج إلى علاج ومناقشةٍ بل اخترنا الحديث عن الإدمان بشكل خاص؛ لأنه المفتاح الذي إذا عولج ستعالج قضايا كثيرةٌ تتعلق بالتأثيرات السلبية لأجهزة ووسائل التواصل المعاصرة.
لما نقول: شبكات التواصل الاجتماعي لا نقصد بذلك نمطًا، أو صورة من الصور، ممكن اللي يسمعنا نتحدث عن هذا يتصور نتحدث فقط عن الواتساب أو عن تويتر، هذه صور من صور التواصل الاجتماعي قد تنتشر في مجتمع، وتقلُّ في مجتمع آخر، لكن الفكرة واحدة في كل أوجه التواصل سواء كان التواصل من خلال مكتوبات أو من خلال مرئيات وصور، أو من خلال صوتيات، فالتواصل الاجتماعي اليوم اكتسح حياة الناس بكل صوره كتابًا، ومرئيًا، وسمعيًا، وثقافيًا، واقتصاديًا، ودينيًا، وقيميًا، واجتماعيًا.
فبالتالي نحن نتحدث عن كل هذه الأوجه، فلا نحصر ذلك في باب من الأبواب.
عندما نتحدث عن الواتساب مثلاً أو عن تويتر أو عن الفيس بوك فنحن نجرُّ هذا الكلام إلى كل وسائل التواصل الأخرى التي لم نسمها؛ لأن البث واحد، والفكرة واحدة، وليست محصورةً بصورة من الصور أو نموذج من النماذج أو تطبيق من تطبيقات شبكات التواصل المعاصرة، بالتالي نحن نحتاج إلى أن نفهم ما معنى الإدمان؟ وما صور هذا الإدمان الذي نطرح هذه القضية لشيء من معالجتها.
المقدم: قبل أن نتحدث أيضًا عن بقية المحاور نذكر مستمعينا الكرام بأننا مازلنا متواصلين معهم عبر حلقة مباشرة من برنامج الدين والحياة، وبإمكانهم أن يتواصلوا معنا بالاتصال على الرقم: 0126477117، 0126493028، وعبر الواتساب على الرقم: 0582824040، أو عبر الوسم المخصص أو الهاشتاج "الدين والحياة" على تويتر.
موضوع حلقتنا في هذا اليوم عن مظاهر إدمان مواقع التواصل الاجتماعي.
أستأذنك شيخ خالد في أول اتصال من المستمع عبد الله، تفضل يا عبد الله.
المتصل:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل:مساكم الله بالخير جميعًا، أشكركم على هذا البرنامج الرائع الجميل ما شاء الله والمتجدد، وأشكر الشيخ على ما يقدمه في هذا البرنامج، وشاكر أيضًا المقدمون الزملاء من خلف الكواليس.
طبعًا بالنسبة لهذا الموضوع، هذا البرنامج طبعًا أثَّر في المجتمع تأثيرًا بالغًا سواء أن أنكرنا أو لم ننكر فالواقع أنه غير الحياة الاجتماعية للناس، غيَّر العادات، غير أشياء كثيرة جدًا، طبعًا هو استخدامه له فوائد كثيرة لكن جانب الإدمان هو المشكلة، فمواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين؛ ففيه الخير وفيه أيضًا الشر، فجلب على المجتمع إشكاليات كثيرة، وجلب عليه خيرًا كثيرًا طبعًا.
النقطة اللي أقولها اللي يعني الاقتراح اللي أقوله يعني تعمل برامج توعويه للمجتمع على البرامج، على برامج التواصل أكثر.
أيضًا إشكالية أنه ما هي فئة الشباب أو المتوسطين العمر، المصيبة الكبرى أنه فيه كبار سن يعني عمر التسعين أو خمسة وثمانين سنة يعني فتن، فتنة كبيرة جدًا بالجوال، ضيع حياته، ضيع العبادة وضيع أشياء كثيرة، فهذه إشكالية كبيرة جدًا يعني أود الشيخ أن يتكلم عنها.
المقدم: الله يعطيك العافية، شكرًا جزيلاً لك أخي عبد الله، وإن شاء الله تسمع تعليق الشيخ حول سؤالك، أيضًا اتصال من عبد العزيز الشريف من جده تفضل يا عبد العزيز.
المتصل:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل:حياكم الله يا أستاذ عبد الله بارك الله فيك وفي برنامجك الطيب، وتقديمك الطيب، وأحيي جميع الزملاء وأحيي الشيخ.
المقدم: حياك الله تفضل.
المتصل:أقول بارك الله فيك: يا ليتها بس على الإدمان، لكن هناك تعدت لأمور أخرى، خصوصيات البيت أصبحت للمجتمع تظهر، يعني كثير من الناس للأسف تجده عندما يقدم طعام أو أي شيء يصوره وينشر، يا ليته بس على الإدمان أنا أتمنى منكم أنكم أيضًا تنصحون الناس، وتوجهوهم، عورات البيوت، خصوصيات البيوت لا تظهر للآخرين.
الدين الإسلامي يدعو للستر، وأيضًا هناك فيه كسر لقلوب الفقراء عندما تنشر مثلاً الطعام فينظر إليه الفقير فيتمعَّر ويتمنى مثل هذا الأكل أو هذا الطعام، الألبسة، أيضًا بعض النساء للأسف تجاوزت الحد في أنها تصور جزءًا من جسمها كَيَدِها أو شعرها، أو غير ذلك فأصبحت الخصوصيات منتشرة للناس، ناهيك عن الإدمان.
الأمر الثاني: مواقع التواصل الاجتماعي بل يدخل فيها بعض أهل الخير فتجد له تغريدةً في أخر الليل فيتخذها عليه بعض أهل النفوس الضعيفة يقول: إذا كان هذا الشيخ ويغرد في آخر الليل فما بالك بمن غيره، فما توجيهكم في هذا الأمر، وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وإياك، شكرًا جزيلاً، وعليكم السلام ورحمة الله.
شيخ خالد إذا أحببت يعني يكون هناك إضاءات على النقاط التي أثارها الأخ عبد الله، والأخ عبد العزيز حيال هذا الموضوع أن يكون هناك في البداية يعني برامج توعوية على ذات الوسائل الاجتماعية، وفعلاً نشهد أن هناك يعني برامج توعوية خاصة فيما يتعلق بتويتر أو فيس بوك تقوم جهات يعني سواء أن جهات حكومية أو جهات تطوعية مدنية تقوم بدور كبير وفاعل حيال ما ينبغي من توعية أو توجيه فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي.
الشيخ: فيما يتعلق بهذا الموضوع لا شك أن هذا الموضوع حاضرٌ وبقوة في حياة الناس، ومن دلائل حضوره هذه المشاركة المبكِّرة التي قبل أن نبدأ بالموضوع، فإن مشاركة الزملاء الإخوان الفضلاء، ويمكن أيضًا هناك من لم يتمكن من الدخول المباشر يدل على أن القضية تحتاج فعلاً إلى تكاتف جهود من جهات عدة، والإعلام مفتاح، تأثير الإعلام اليوم بكل صوره: الإعلام الجديد، والإعلام التقليدي ضرورة كبرى أن يتناول مثل هذه الموضوعات التي تمسُّ حياة الناس.
التأثير الذي حصل بهذه التطبيقات، وهذه الشبكات تأثيرٌ غير طبيعي، تأثير غير طبيعي من جهتين:
- من جهة حجمه فالتأثير كبير.
- ومن جهة سرعته، ونفوذه، وهذا أيضًا أمرٌ آخر يعطي دلالةً على ضرورة العناية بهذه التطبيقات، وأن تستثمر الاستثمار الإيجابي، يعني ليس الحلُّ أو تظهر السلبيات فقط، إنما المطلوب هو تقليل الشر ما أمكن، إلغاء الشر إذا كان هذا ممكنًا.
في الجانب الآخر التأثير في جانب الاستفادة من هذه الوسائل في الجوانب الإيجابية، والواقع أنه هذه الشبكات فتحت مجالاتٍ عدة من جوانب إيجابية عديدة، يعني مثلاً بسرعة التوصل إلى المعلومة، وجود حس القراءة، الرغبة في التعبير عن الذات، بل حتى هذا في المجال الشخصي التقويم النفسي بالمطالعة التواصل مع من يفيد، أيضًا فتحت مجالات اقتصادية تجارية، فثمة أبوابٌ يعني من أبواب التكسب أصبحت يعني في متناول الناس، ويمكن أن يجنو منها مكاسب دون أن يدخلوا في عوائق وما إلى ذلك، مما يمكن أن يعيقه الواقع العملي خلاف الشبكات أو الشبكات التواصل التي تمثل العالم الافتراضي.
المقصود أن ثمة إيجابيات ينبغي أن تبرز، وتكرَّس على المستوى الاجتماعي ولا على المستوى الشخصي، ولا على المستوى الديني، ولا على المستوى الاقتصادي، ولا على المستوي الفكري والالتقاء بالمجتمع، ولا على مستوى الوعي وما إلى ذلك.
لكن ثمة إشكاليات هي التي نحتاج أن نحذر منها، أما الإيجابيات فالإيجابيات إبرازها، واقتصارها هذا ضرورة والمهم أن نشارك في إبرازه.
لكن من المهم أن نعالج المشكلة يعني الأخ عبد العزيز ذكر قائمة من الملاحظات، هذه القائمة من الملاحظات نحن لم نحصر الإشكالية في الشبكات بالإدمان، لكن الإدمان هو مفتاح حصول كل تلك الإشكاليات التي يعاني منها الناس من جرَّاء هذا الانتشار الواسع الذي لم يخص فئة من الفئات، ولا طبقة من الطبقات في تأثيره مثل ما ذكر الأخ أن بعض كبار السن الذين طعنوا في السن يعني عنده أصبحت الأجهزة هذه، والتطبيقات، وشبكات التواصل حاضرةً في حياته يمكن أنها كانت إيجابية من حيث فك هؤلاء عن شيء من العزلة الذي قد يعانونه بسبب يعني ذهاب الأصحاب، وعدم القدرة على الحركة وما إلى ذلك، لكن ثمة سلبيات يجب أن يحتاط منها.
المقدم: طيب نقطة مهمة جدًا عن عورات المسلمين يا شيخ، لعلها يعني للأسف بعض الناس لا يدرك عندما يكون بيده مثلاً هذا الجهاز لا يدرك كيف يمكن أن يستخدمه، وبالتالي أيضًا يرى أنه التجاسر على عورات الآخرين أو حقوقهم أو حرياتهم يراه شيئًا طبيعيًا، ويريد بذلك أيضًا أن يحصل له مثلاً سَبْقٌ أحيانًا، نشر شيء معين حصل عليه بشكل خاصٍّ أو غير ذلك.
الشيخ: هو يا أخي الكريم شف السلبيات المتعلقة باستعمال هذه الشبكات كثيرةٌ لكن يعني الدلالة التشعب بحديث ولا نخرج بنتيجة نحن نتحدث عن سلبية محددة وهي الإدمان الذي يعاني منه شرائح عدة، وقد ذكرت أنت عددًا ليس بقليل يقارب نصف مليار من البشر يعانون من مرض الإدمان، طيب هذا المحصى وغير المحصى قد يكون نظير هذا العدد أو قريبًا منه، وهذا عدد ليس باليسير في البشر، وهذا طبعًا على مستوى شريحة واسعة في العالم، وقد يتركز في منطقة دون منطقة.
ونحن -ولله الحمد- لما ننعم به في هذه البلاد المباركة من خيرات، وتوفر وسائل التواصل، ويسر حصولها على كثير من الناس تجد هذه الأجهزة في أيدي الصغار، والكبار، والذكور، والإناث، وبالتالي من الضروري أن نفكر في معالجة قضية الإدمان، وترشيد الاستعمال.
الإدمان له مظاهر، من مظاهر الإدمان على التواصل أن يكون نظر الإنسان في الجهاز أكثر من نظره في حياته العامة وحياته الواقعية، يعني من الناس من يعيش الحياة الافتراضية، العالم الافتراضي الذي عبر وسائل التواصل، بتواصله مع القريب، والبعيد، ومن يعرف، ومن لا يعرف، ومن يوافقه في الجنس، ومن لا يوافقه، ومن يوافقه في الدين، ومن لا يوافقه، يعني ينهمك في العالم الافتراضي حتى ينعزل بالكلية عن العالم الواقعي وبالتالي مثل هؤلاء إذا خرجوا إلى الواقع قدموا بنوع من الردود السلبية التي نتجت عن أنهم عاشوا واقعًا غيرَ محسوس، وكرَّسوا اهتماماتهم فيه، ووهبوا حياتهم ووقتهم له، فعندما ينزلوا للحياة الواقعة لا يجدون تلك الحياة التي اعتادوها وألفوها بخيرها أو بشرها، ولا يلزم أن يكون بالشر أو بالخير فقط، يعني إما بهذا أو بهذا أو بكليهما، فقد يكون مخلوطًا يعني من هذا أو هذا.
المقدم: يفاجأ بواقع آخر يا شيخ خالد؟
الشيخ: نعم يصطدم بواقع آخر، ولذلك حسب دراسات أن الانهماك في استعمال هذه الوسائل أدى إلى سلبيات منها: العزلة، وضعف التفاعل مع المجتمع، وضعف قدرات على التعبير، وما ذكرت أنت يعني ذكرت قائمة من الإشكاليات المرتبة على إدمان الاستعمال ولو كان في الخير، فكيف لو كان الإدمان في الشر!
يعني نحن عندما نتحدث عن الإدمان لا نتحدث عمن يدمن مشاهدة القبائح، أو التواصل الرديء سواء كان فكريًا أو سلوكيًا أو أخلاقيًا، إنما نتكلم عن الإدمان كهوة ولو كان ذلك في جانب من جانب الخير؛ لأن الإسراف وتجاوز الحد مذموم في كل أمر، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا»ذكر الأكل والشرب والصدقة «وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ»[علقه البخاري مجذوما به في صحيحه:7/140. وأخرجه ابن ماجه في سننه:3605، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. المستدرك:7188]حتى الصدقة ما يصلح أن يكون فيها إسراف وتجاوز للحد، بأن يخرج الإنسان ما تتعلق به حاجته أو ما إلى ذلك مما يعد إسرافًا.
فالمقصود أن الإدمان ظاهرة سلبية تجدها تتجلى في مشاهد، وأنا أقول: يعني أن هذا الذي نشاهده الآن من أن أسرة لا تتواصل إلا من خلال شبكات التواصل وهم في بيت واحد، لا أتكلم عن عائلة بفروعها بل في بيت واحد تجد أن التفاهم على مسألة وين نذهب؟ متى نطلع؟ متى نجي؟ متى أتينا؟ متى يأتينا؟ ماذا سنفعل؟ يعني كله يتم عبر كتابة وتواصل صوتي أو كتابي بين أفراد الأسرة، وهذا بالتأكيد أنه نوع من أنواع الإدمان، يعني ما الذي يمنع أن تجتمع الأسرة ويكون هناك تواصل مباشر وليس تواصلًا عبر هذه الشبكات.
المقدم: وفعلاً يا شيخ خالد، شيخ خالد عفوًا، هو أيضًا كما تفضلتم فيما يتعلق بهذا الجانب فيما يتعلق بتواصل أهل البيت الواحد وهم يعيشون تحت سقف واحد بواسطة هذه الوسائل على الرغم من وجود إمكانية في التواصل على أرض الواقع، هذه إشكالية كبرى وكما يقال يعني: كلما غزت هذه التقنية جانبًا من حياتنا ذهب جانب آخر، يعني كان موجودًا في السابق من الأمور التقليدية الجميلة.
وأقرب مثال يمكن أن يذكر إذا ما كان هناك اجتماع على مائدة طعام أو اجتماع حول حديث معين يعني على أرض الواقع أن يكون بشكل واقعي هذا يثمر يعني ثمارًا عظيمة وكبيرة جدًا وجليلة أفضل من أن يكون هذا الأمر يعني اجتماعًا بصفة افتراضية ربما تنتج أيضًا آثارًا وخيمة ولا تعطي الإيجابيات التي يمكن أن تحصل من خلال الاجتماع على طاولة واحدة أو على مجلس واحد.
أستأذنك شيخ خالد في هذا الفاصل القصير ثم نعود أيضًا لمواصلة حديثنا في هذه الحلقة من برنامج الدين والحياة.
المقدم: من جديد حياكم الله مستمعينا الكرام عبر هذه الحلقة المباشرة من برنامج الدين والحياة، متواصلون أيضًا في موضوعنا في هذه الحلقة عن مظاهر إدمان وسائل التواصل الاجتماعي. يمكنكم أن تتواصلوا معنا بالمشاركة أو الاستفسار أو الاتصال بأرقام البرنامج المخصصة للمشاركة وإبداء الرأي وطرحه من خلال هذه الحلقة عبر الرقم: 0126477117، 0126493028، أو عبر الواتساب على الرقم: 0582824040، وعبر هاشتاج البرنامج أو الوسم المخصص للبرنامج الدين والحياة على تويتر.
أرحب مجدَّدًا بضيفي وضيفكم فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح، حياكم الله يا شيخ خالد، وأستأذنك في اتصال أيضًا من الأخ ماجد من جدة، تفضل يا ماجد.
المتصل:السلام عليكم.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله.
المتصل:أشكركم كل الشكر في البداية على ما تقدمونه في هذه القناة، وبالنسبة للموضوع هذا ما هو الحل لمن لا يملك هذه الوسائل؟ كيف يعيش بمجتمع انغمر بهذا التواصل، وهذا الـ... مثلاً في دوامه أو في حياته أو في بيته أو في مجلسه، أو في ما أعز ما له، يعني لا يملك شيئا أبدًا، بل ليس معه جوال، ما هو الحل؟ وجزاكم الله خيرًا.
الشيخ: نحن يا أخي الكريم مشكلتنا مع اللي مدمن، مو ما اللي ما معه، اللي ما معه سالم من الإشكال [ضحك].
المتصل:الله يعطيكم العافية يا شيخ.
المقدم: الله يعطيكم العافية يا أخ ماجد، شكرًا جزيلاً لك. طيب الأخ بشير أيضًا من جدة، تفضل يا بشير.
المتصل:السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضل.
المتصل:حياك الله، عندي سؤالان يا شيخ بدي أستفسر عنهم، السؤال الأول طبعًا يعني حد مغترب في بره البلد وترك أولاده مع أهله، وصار لهم مشاكل بين زوجته وأهله، يعني زوجته مع أهله وعنده أخته متزوجين مع أهله، وصارت مشاكل بين أخته وزوجته...
الشيخ: هذا ما له علاقة بموضوع شبكات التواصل يا حبيبي.
المقدم: ربما ليس لسؤالك...
الشيخ: لو يعطونه الإخوان في الكنترول الرقم ويتصل فيما بعد إن شاء الله.
المقدم: طيب شكرًا لك يا أخ بشير، تأخذ رقم الشيخ من الإخوان في الكنترول ويزودونك إن شاء الله بما تريد.
شيخ خالد لعلنا نعود إلى... ذكرنا أو بدأنا في ذكر مظاهر أو أبرز مظاهر إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، لكن قبل أن نسترسل في ذكر هذه المظاهر ألا يمكن أن يكون هناك يا شيخ يعني سبل وقائية قبل أن يدخل الإنسان في مرحلة الإدمان في هذه أو على هذه المواقع والوسائل؟
بالتأكيد هو يعني الوقاية الآن الحقيقة الوقاية تتمثل في الشخص الذي يريد أن يدخل حديثًا كابن أو بنت أو رجل أو امرأة اشترى جوالاً ليدخل هذه القضية التي يعيشها الناس فيما ذكر أخونا أن من الناس من لا يملك جوالاً أو كيف يتعامل؟
هذا نقول: يحتاج إلى أنه يفهم في البداية طبيعة هذه الشبكات، ما الذي يقصده؟ ما الذي يريده من هذه الشبكات؟ هل هو يستعملها لأجل التسلية؟ هل يستعملها من أجل الاطلاع على الأخبار؟ هل يستعملها لأجل التثبيت؟ هل يستعملها لأجل التعلم؟ هل يستعملها لأجل أن يتواصل مع أقاربه؟
لابد من تحديد الهدف ولو كان الهدف في عمومه يعني هدفًا واسعًا لا بأس أن يكون الهدف واسعًا، الإشكالية أن يدخل فقط لأن الناس داخلون بغير غاية أو هدف، هذا الذي يدخل مثلاً سمع عن تطبيق جديد كسناب شات مثلاً على سبيل المثال، يعني سجل فيه، سجلت فيه لماذا؟ ما الذي تنشده من وراء هذا التسجيل؟ هل أنت تريد التصريف أم التسلية أم الإطلاع على أخبار الناس...
يعني لابد من تحديد نمط من أنماط الأهداف التي تضبط المسيرة.
أيضًا الوعي بأن هذا الإسراف في الاستعمال يضرُّك، يضرك حقيقة أنت المتضرر بغض النظر عن المجتمع، أو عن كل السلبيات الأخرى التي تتعلق بظهور هذه الظاهرة وانهماك الناس بها، أنا أقول: المتضرر هو أنت؛ لأن الذي يذهب بهذا الإدمان هو وقتك، وحياتك، وسائر ما يتعلق بك مما ينتج عن هذا الإدمان من سلبيات، يعني ثمة الآن يا أخي ما يعرف بالتوحُّد، التوحد ليس مرضًا لا أسباب له، من أسبابه هذا الـ... يعني ليس مرضًا وراثيًا هو مما ينتج عنه، هو نوع من الممارسات قد تفضي إلى التوحد، حدثني من أفضل المهتمين بالتربية والتعليم يقول: ظاهرة التوحيد أو طائفة التوحيد أو ظل التوحد أصبحت حاضرة في النشء بسبب الانهماك، ما يشاع وينشر أحيانًا من سلبيات التركيز، تشتت الذهن وما إلى ذلك من السلبيات النفسية التي يتحدث عنها الناس وتظهر آثارها في النشء هو ثمرة للإدمان الذي يعيشه هؤلاء، كون الآن الأب يشتري لابنه جهازًا أو الأم تشتري لابنها أو ابنتها جهازًا وتترك له الأمر على الغارب بدون توجيه، بدون... يا أخي حتى مصنعو هذه الأجهزة جعلوا لاستعمالها ضوابط، نحن في الغالب في هذه الضوابط ماذا نصنع؟
يعني إذا اشتريت جهازًا على سبيل المثال لتفعيله واستعمال الشبكات التي فيه مباشرة: موافق، موافق، موافق، موافق حتى تصل إلى استعمال الجهاز دون نظر أن ثمة هناك تفريق الأعمار في المستويات الفكرية، التحصيلية، ثمة ضوابط لاستعمالها ينبغي أن تُفعَّل وأن يوعى الناس أنه الجهاز الذي يستعمله الشخص البالغ العاقل الراشد ليس كالجهاز الذي يعطاه طفل ثلاث سنوات، هذه جناية وظلم يا أخي.
يعني المصنعون وهم لا يرتبطون بقيم كقيم المسلمين عندهم تفريق بين 12، وبين 6 سنوات، وبين 16، وبين 18 فيما يشاهد، وفيما يسمع، وفي طرق الاستعمال، نحن نحتاج إلى أن نفعِّل هذا حتى نكبحَ شيئًا من السلبيات الناتجة عن استعمال هذه الأجهزة.
أيضًا من المهم أن يتوافق المجتمع يعني سواء تكون على التنبيه إلى كفِّ استعمال هذه الأجهزة، جيد أنه القدوات وأنا أقول القدوات لا أقصد بذلك أشخاصًا بأعيانهم إنما أقصد كلَّ من هو قدوة في مجتمعه سواء كان قدوة علمية، قدوة تعليمية، قدوة تربوية، قدوة اجتماعية، يا أخي...
المقدم: البداية القدوات من داخل البيت يا شيخ.
الشيخ: فيه مجلس، وفيه نشء، وفيه ناس يعني تأتي وتشتغل بجهازك أمامك، أنت قد تكون معذورًا عندك ما يستوجب الانشغال بجهازك في هذه اللحظة لكن هؤلاء ما الذي سيفهمونه؟ أنه أنت غارق في استعمال هذه الأجهزة كما هم غارقون فتفتح لهم الباب، وتبرر لهم الوضع الذي هم فيه.
المقدم: حتى القدوة يا شيخ خالد أن تكون من داخل البيت من الوالدين، إذا كان الوالدين.
الشيخ: من الوالد الأب، الأم، الأخ، الأخت، العم، الأخوال، كل من له تأثير يا أخي هو قدوة، حتى الجار، حتى إمام المسجد، حتى المدرِّس في المدرسة، حتى الموظف الذي يقضي حوائج الناس، كل هؤلاء يعتبرون في مجالاتهم نوعًا من القدوة، لما تأتي لموظف وتكلمه هو في جهازه يعني بالتأكيد سيصيبك هذا النوع من ردة الفعل السلبية أنه والله كل العالم مشغولة وبالتالي الشباب والصغار ومن يعني يرى أن طبيعي أن كل الناس مشغولين بهذا، وكل الناس لا يعني أن كل الناس على صواب، يعني كون الناس يعني تُظهر ظاهرة سلبية هذا لا يبررها شيوعها وانتشارها، ولا يُخلِي المسئولية عن أصحاب الرأي والتفكير أن يسعوا في تخفيف أضرارها ومعالجتها.
المقدم: نتواصل معكم ومع المستمعين الكرام عبر هذه الحلقة المباشرة من برنامج الدين والحياة، أرقام التواصل لمن أراد أن يتداخل معنا في موضوع حلقتنا لهذا اليوم عن أبرز مظاهر إدمان وسائل التواصل الاجتماعي: 0126477117، 0126493028، أو عبر الواتساب عبر الرقم: 0582824040، عبر هاشتاج البرنامج "الدين والحياة" على تويتر. اتصال من محمد بن مسعود، محمد تفضل.
المتصل:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، حياك الله أخ محمد.
المتصل:أرحب بالمشايخ، وجميع المستمعين والمستمعات.
المقدم: أهلاً وسهلاً.
المتصل:ففي الحقيقة أنا أيضًا أحب أركِّز على موضوع القدوة كما تفضل الشيخ خالد جزاه الله خير القدوة... القدوة، يا أخي إذا تبغى ولدك أو بنتك تقرأ القرآن أقرأ أمامها القرآن، تبغاه يروح المسجد روح المسجد، تبغاه يقرأ كتاب أقرأ أمامه كتاب، أنت كده الأصح هو ممكن ما يستجيب بسرعة ولكن مع الأيام سيستجيب، وهذا أظنه شيئا مجربًا يعني كثير جربوه.
والأمر الثاني الأصيل اللي هو نبغاه نركز على الآية: ﴿بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾[القيامة:14-15]أحيانًا لما تجادل الشاب الصغير المراهق أو غيره: طيب أنا بستفيد، وأنا بلعب... طيب نحن نضمن نراقب الشخصية مع الآيات والأحاديث هذه المراقبة يعني هو بنفسه أول شيء يعني مراقبة الله عز وجل ثم يراقب نفسه بنفسه ﴿بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾[القيامة:14-15]جزاكم الله خيرًا.
المقدم: شكرًا جزيلاً لك أخي محمد على هذه المداخلة. شيخ خالد يعني الأخ محمد ذكر نقاطًا مهمة لكن أنا أود أن أسأل عن نقطة مهمة فيما يتعلق بالمسئولية الشرعية خاصة تجاه الأبوين أو على الأبوين تجاه أبنائهم، خاصة في مثل هذا الموضوع، وهل يُعفي الأب أو الأم أن يحذِّر فقط من مظاهر إدمان هذه المواقع فقط دون أن تكون هناك إجراءات أخرى؟
الشيخ: لا هو لا يكفي التحذير، يعني أنا في القريب الماضي من الزمن جلست مع أحد الإخوان الذين يقولون: أنا عندي ابن، والحقيقة أني مشغول عنه، وبالتالي كان مقبلًا على الأجهزة لكني تنبهت إلى أن ابني يعني بدأت أفقده، وهو في مقتبل العمر، أفقده يعني أفقد ذهنه في الحضور، وأفقد فكره، وأفقد التواصل معه فقررت أن أحدِّد وقتًا لاستعمال الأجهزة صباحًا ومساء أو حسب استدعاه الترتيب يقول: اكتشفت ابنًا آخر غير الابن الذي يعرفه، بدأ بوجه مختلف عن الوجه السابق من القدرات والإمكانات والتفاعل والمشاركة، بصورة لم أعرفها، ولم تظهر لي، لماذا؟
لأن ابني كان يعني مُقبلاً على هذه الأجهزة على نحو يعني لا يتفاعل مع المحيط الذي يعيشه، يا أخي نحن نشاهدهم الآن أبناءنا وبناتنا في المجتمع يعني ما يحتاج شاهدهم أن تدخل إلى شبكات التواصل، وانظر الحضور في التعليقات، وانظر الحضور في المشاركات في ليل ونهار، وغدوٍّ وآصال في كل الأوقات تجد حضورًا، تجد جمهورًا لا أقصد الجمهور الذي خارج منطقتك، بل البرامج التي تعنى وتتكلم بالمنطقة التي أنت فيها تجد شيئًا كثيرًا من هذا، بالتالي من المهم أن يكون هناك اتفاق في الأسرة، حتى في المجالس يا أخي ما هو في الأسر؛ لأنها ظاهرة اجتماعية يعني أنت الآن ستذهب الشباب في الاستراحات كل واحد له جوال وجالس، في المناسبات العامة، في الأعراس وحتى في المآتم، وفي كل الاجتماعات تجد أن كثيرًا من الحاضرين مشتغلون بأجهزتهم عن المشاركة والحضور، يعني هو حضور بدني لكن ليس ثمة حضور ذهني، لا حضور مشاركة، لا حضور فكر، لا حضور...
وهذا بالتأكيد يعني يوجد هذه الفجوة، يوجد هذه التباعدات بين المجتمع، فلو أننا تواصلنا أن نوجد اجتماعًا في الخير ،كلٌّ يضع جهازه في محفظته أو في مكان يحفظه ونتواصل حتى لو كان لعشر دقائق، خمس دقائق يا أخي، كوني أقعد معك ثلاث ساعات ولم أتكلم معك إلا دقيقتين، يعني أجلس معك عشر دقائق أنت لي وأنا لك، خيرًا من أن أجلس عشر ساعات وكلٌّ منا في وادٍ يا أخي.
المقدم: لعلنا أيضًا يا شيخ خالد إذا ما تحدثنا عن هذا الأمر يجب أيضًا أن نركز على مسألة أهمية تقنين استخدام مثل هذه الأجهزة خاصة فيما يتعلق بالناشئة الشباب، أو فيما يتعلق بفئة المراهقين كما يطلق عليهم بشكل خاص لأنهم في فترة تنشئة فإذا ما نشئوا على الخير يعني استمروا على ذلك، دون أن تكون هناك أي مؤثرات، تذكر هناك بعض الدراسات أن هؤلاء الأطفال أو هؤلاء الشباب الذين يستخدمون وسائل التواصل أو شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة كبيرة جدًا يعانون أحيانًا من نوع من الاضطراب؛ لأنهم يتلقون معلوماتهم من داخل البيت ومن خارج البيت، ومن هذه الوسائل، فحتى تلك الوسائل يعني نفسها مواردها ومشاربها كثيرة جدًا وبالتالي يقع هذا الابن في نوع كبير من التناقض أو التيه والضياع، نقطة مهمة ربما يعني لو فيه إمكانية يا شيخ خالد نختم.
الشيخ: هذا طبعًا يا أخ عبد الله إن سلم من الاصطياد؛ لأن هذه الشبكات مليئة بالمتربصين الذين جعلوها وسيلة للاصطياد.
المقدم: فعلًا أنا أودُّ أن أختم الحلقة هذه يا شيخ لو أمكن تخصص المساحة الأخيرة خلال هذه الدقائق المتبقية فيما يتعلق بالخطر الداهم على أبنائنا خاصة ممن هم في مقتبل العمر، فيما يتعلق يا شيخ خالد بأصحاب الفكر الضالِّ الذين يتخللون هذه الوسائل بأسماء رنانة، وبدعوات مشبوهة يستغلون رواد هذه الوسائل وينتقون هذه الأعمار لسهولة التأثير عليهم، لو نخصِّص هذه المساحة يا شيخ خالد؛ لأن الموضوع صراحة لا يخفى على أي أحد، لا تخفى خطورته على أحد يا شيخ خالد، وأيضًا تأثيره كبير جدًا.
الشيخ: بالتأكيد التأثير السلبي لا ينحصر على شيء واحد، ولا على نموذج، ولا على نمط، ما ذكرته من التأثير السلبي فيما يتعلق باصطياد أصحاب الفكر الرديء المنحرف التكفيري، الهدمي، التخريبي، الإرهابي هو نموذج من النماذج التي قامت شواهدها في بعض الحوادث التي جرت من انحراف بعض الشباب وتورطهم في أعمال إجرامية كبيرة على مستوى تفجيرات، وعلى مستوى... ليس فقط التخريب فكري بل تجاوز التخريب الفكري إلى تخريب عملي، تخريب تدميري لنفسه بالتفجير أو لمن حوله ممن تصل إليه آثار تخريبه، بالتأكيد أن هذا يستوجب العناية بأبنائنا وبناتنا.
وأنا لا أقول لأبنائنا فقط؛ لأن الإشكالية لا تتعلق بالأبناء إنما هو خطر يدهم الجميع، الأبناء والبنات على الذكور والإناث على حد سواء، والمتربص لا يهمه الجنس بقدر ما يهمه ما يحقق أغراضه، بقدر ما يهمه أن يحمل هذا الفكر أكبرُ قدر ممكن من النشء حتى من غيرهم لتحقيق مآربه في النيل من بلادنا، والطعن في مكتسباتنا، والنيل من وحدتنا، والتحام نسيجنا، النيل من دولتنا، من ولاة أمرنا، من المبادئ التي قامت عليها هذه الدولة، لا شك أنه لا يهمه إلا أن يصيبنا فيما يضرنا، وبما يضرنا.
وبالتالي من المهم أن نعي خطورة هذا، وأنا أقول: يعني من المهم أن نفتح حوارًا مع أبنائنا، ماذا يشاهدون؟ من يتابعون؟ من يسمعون له؟ ما هي الحسابات في سناب شاب أو الحسابات في تويتر التي يتعاملون معها؟ من يحادثون؟ من يحدثهم؟
يا أخي أحيانًا يُفجَع بعض الآباء بأبنائهم إما في هروب عن البلد بالكلية إلى المجهول، وإما في الانخراط في أعمال تكفيرية، وخطيرة يقومون بها يعني على وجه الفجع، ما يبدو شيء.
المقدم: صحيح فعلاً يا شيخ كثير يغفلون عن أبنائهم ويفاجئون... الله المستعان، يعني يغفلون عن متابعة أبنائهم يا شيخ خالد، ثم غدًا للأسف يعني يعلن اسمه من ضمن قائمة مطلوبين أو أنه متورط في قضية أمنية أو إجرامية أو غير ذلك، وهذا شيء واقع وحاصل يا شيخ يعني من أسباب العلاج أن يعترف بوجود الإشكالية يا شيخ.
الشيخ: الإشكالية يا أخي أنا أقول: يعني جزء من الإشكالية أنه ليس أن الولد أو البنت لم يظهر عليهم آثار لكن لأننا مشغولون عنهم فلم نلاحظ هذه الآثار؛ لأنهم منعزلون في عالمهم الافتراضي هذا الذي يسقيهم الأفكار، ويوردهم المهالك نحن عنهم معزولون ما ندري عنهم، ما يبدو لنا من حالهم شيء، وهذا مبدأ الخطر أن التأثير في هذه الوسائل تأثيرٌ تراكميٌّ وتأثير سريع وتأثير مفاجئ أحيانًا؛ لأنه كان هو في غرفته، هي في غرفتها ما عندهم مشكلة، يعني مو بره البيت ففيه نوع من الأمن أنه الابن موجود أو البنت موجودة ما عندك مشكلة، لكن تخرج بعد ذلك بمفاجئة ما حسبت لها حسابًا يعني سواء أن كان بالفكر الضالِّ إما تفجير أو تخريب أو ما إلى ذلك، أو حتى كأحيانًا يا أخي بالخروج عن المألوف في حياة الأبناء والبنات، يعني هروب بعض الفتيات من أسرهم دون وجود أسباب حقيقية تستوجب هذا الهروب هو نوع من التأثيرات التي نتجت عن هذه الغفلة، فالأخطار متنوعة، الأخطار كثيرة.
مبدأ العلاج أن نعي أن ثمة مشكلة تحتاج إلى متابعة، الشعور بهذه المشكلة وحضور هذا في أذهاننا مما يمكننا من المعالجة والمبادرة إلى العلاج حتى لا نصل إلى نهايات مؤلمةً في أنفسنا أو في أولادنا أو فيمن نحب، أو في مجتمعنا ونحن عن المعالجة غافلين، وعن المبادرة إلى الوقاية في غياب.
المقدم: شيخ خالد يعني لعلنا ربما نختم بنقطة أيضًا في هذا الحديث عن توقي أسباب الدخول في هذه المواقع التي... أو مع هؤلاء أصحاب الفكر المشبوه الذين يرتادون هذه المواقع بأسباب مستعارة، وأسماء وشعارات وهمية ورنانة لكن أيهما الأفضل الرقابة أم التحصين؛ لأن الرقابة ربما لا يمكن أن يتمكن الإنسان منها طوال وقته، ربما يكون الأب مشغولاً خارج البيت في عمله أو في بقية مهامِّه، والأم كذلك قد تكون أحيانًا مشغولة لكن كيف نوازن بين الرقابة والتحصين؟
الشيخ: يا أخي أنا أقول: التحصين ضروري، والوقاية خيرٌ من العلاج، والمكاشفة مع الأبناء والبنات، ومع الأسرة على وجه العموم؛ لأنه ترى إشكالية يا أخي ليست محصورة في الأبناء والبنات، الإشكالية أن ضرر هذا حتى على الآباء، وعلى الأمهات، وليس فقط في بلادنا فقط بل في بلاد الدنيا حتى البلاد التي يعني الناس فيها غارقون في الشهوات يعانون من هذه الإشكاليات، والإشكاليات الناتجة عن استعمال هذه الشبكات.
فأقول: التحصين مهم، وذلك بالتنبيه ببيان خطورة الانهماك، وخطورة بعض الأفكار، خطورة تسرب أفكار، خطورة التواصل مع مجهولين عبر وسائل التواصل يعني الابتزاز الذي نسمع عنه وقد صدرت به بعض التنبيهات من جهات عدة، الابتزاز الذي يجري عبر وسائل التواصل يعني أيضًا هذا من المهم أن نعي خطورته، وأن ننبه إليه يعني لابد من إعطاء تنبيه إجمالي يبين خطورة كل هذه الأبواب التي يمكن أن تدخل على أبنائنا وبناتنا، ويدخل علينا نحن من خلالنا من جهة هذه الوسائل التواصلية.
أما ما يتعلق بالرقابة يعني أنا أقول ثمة شيء يمكن الرقابة تصعب لكن المتابعة، المتابعة بعدم الغفلة بمعنى تكرار التنبيه، بمعنى يا بني وش تشاهد؟ بمعنى أحيانًا ثمة ما يسمونه بوسائل العرض المشترك للأسرة، عوضًا عن أن يستقلَّ كل واحد منهم بعرض خاص يمكن أن أقول أنا: اليوم يا أولادي دخلت على الموقع الفلاني ووجدت فائدة ودِّي تشاركوني رؤيتها، وسناب شات فلان فيه فائدة ودي نتشارك في تقييمها، وأنت وش شفت؟ وأنتي وش شفتي؟
وبالتالي يكون هناك جوٌّ يعني في الاشتراك، الاشتراك في الاستعمال، الاشتراك في الاستعمال يعني يعطي نوعًا من الضمان، والتنبيه للأخطار والمبادرة لمعالجتها.
المقدم: نحن في هذا السياق أيضًا ندعو الآباء والأمهات إلى مزيد من الاطلاع ليعرفوا دهاليز هذه الوسائل، وبالتالي أيضًا حتى يستطيعوا أن يحموا أبناءهم وبناتهم من أخطار إدمان هذه المواقع، إضافة إلى أيضًا السلبيات التي تكون في داخل هذه المواقع إضافة أيضًا إلى أننا نسجِّل بمقدار كبير، ونثمِّن عاليًا ما يقوم العاملون في البرنامج الوقائي الوطني للطلاب والطالبات فطن، يقومون صراحة يا شيخ خالد بدور كبير جدًا فيما يتعلق بالبرامج الوقائية الفكرية والسلوكية التي تعزز المهارات الشخصية، والاجتماعية الإيجابية إضافة إلى وقاية المجتمع التعليمي طلابًا، ومعلمين، وبيئة تعليمية من أي مهددات قد يتعرضون لها لا سمح الله.
في ختام هذه الحلقة أتقدم بالشكر الجزيل إليكم فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم، المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، وأسأله سبحانه وتعالى أن يجعل ما تفضلتم به في هذا اللقاء في موازين حسناتكم.
الشيخ: آمين بارك الله فيك، وأنا أشكرك، وأشكر الإخوة والأخوات، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وأن يقينا شرَّ كل ذي شر هو آخذ بناصيته، وأن يحفظ علينا ديننا، وأمننا، وولاة أمرنا، وما ننعم به من خيرات، وأن يعمَّ الخير والبر بلاد الإسلام، وأن ينصر جنودنا المقاتلين، وأن يحفظ رعاة الأمن من رجال الأمن القائمين على الذبِّ عنا، والدفاع، أسأل الله للجميع التوفيق والسداد، وأن يرينا في أنفسنا ومن نحب، وفي ولاتنا وبلادنا والمسلمين ما يسرنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.