×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (70) خلافة الغازي والمجاهد

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:4261

المذيع: أهلًا ومرحبًا بكم من جديد مستمعينا الكرام، إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة".
نذكر بأرقام التواصل لمن أراد أن يتواصل معنا في هذه الحلقة، على الرقم 0126477117، 01026493028، على الواتس آب الرقم 0582824040، ويمكنكم أيضًا أن تشاركونا بالتغريد في الوسم المخصص للبرنامج على تويتر، "الدين والحياة".
شيخ خالد، عندما أتحدث عن خلافة الغازي، ربما هناك من لا يعني يفهم مثل هذا المصطلح أو معنى هذه الجملة، حبذا في البداية لو نتطرَّق بشكلٍ مختصر إلى معناها، ثم نأتي إلى مسألة تأصيلها، وأيضًا مشروعية هذا الأمر من الكتاب والسنة.
الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فالغازي، اسمٌ يطلق على من خرج في القتال في سبيل الله، هذا هو الاستعمال الشرعي لهذه الكلمة، وورد فيه عدد من الأحاديث، من أشهرها ما في صحيح الإمام مسلم من حديث زيد بن خالد -رضي الله تعالى عنه- بل في الحديث المتفق عليه، في البخاري ومسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من جهَّز غازيًا في سبيل الله فقد غزا»[أخرجه البخاري في صحيحه:ح2843، ومسلم في صحيحه:ح1895/135] فالغزو يطلق على الخروج في الجهاد في سبيل الله، والجهاد نوعان: جهاد دفع، وجهاد طلب.
وخروج الغازي، سواءً لهذا أو لذاك، هو من الاشتغال بالعمل الصالح، ولا ريب أن خروجه يحمله على أن يترك خلفه من لا قوام له إلا به ممن هم تحت ولايته ويقوم عليهم، سواءً كان ذلك في الزوجات، أو في الوالدين، أو في الأولاد، أو غيرهم ممن يرعاهم ويقوم عليهم، فخروجه في سبيل الله يوجب ترك هؤلاء عن الراعي الذي كان يرعاهم؛ فلذلك جاءت النصوص في الحث على أن تقوم الأمة بمجموعها برعاية من تركهم من خرج في سبيل الله بكفايتهم والقيام على مصالحهم وشؤونهم، هذا معنى خلافة الغازي.
وخلافة الغازي هي القيام بمصالح مَن تركهم مَن خرج في سبيل الله، بصدِّ عدوان، أو لنفع أهل الإسلام في ردِّ عدوهم، وكبت من قصدَهم بسوء، سواءً كانت تلك الخلافة وذلك القيام فيما يتعلق بالمسكن، بتوفير المسكن المناسب، أو بتوفير المأكل، أو توفير الملبس، أو القيام بسائر الحوائج التي تقتضيها الحياة من الحوائج البشرية والمجتمعية، على حسب حاجة هؤلاء وما فقدوه بسبب ذهاب القائم عليهم، واشتغاله في الدفاع عن المسلمين، والذَّبِّ عن مصالحهم.
فإذًا خلافة الغازي هي أن يقوم الفرد أو المجموعة من المسلمين بسد حوائج من تركهم من خرج في سبيل الله للدفاع أو لقتال أعداء الله.
المذيع: بعد أن وضحنا هذا المعنى ربما يا شيخ ننتقل إلى مسألة التأصيل في مثل هذه القضية من الكتاب والسنة، وهل ورد فيها ما يدل على فضل ذلك؟ قبل أن نتحدث أيضًا عن الفضل.
الشيخ: أخي الكريم! المسلمون جماعةٌ واحدة، لا تفريق بينهم ولا تباعد، بل كما قال الله -جلَّ وعلا- في وصف أهل الإيمان: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ[التوبة:71]، وكما قال الله تعالى أيضًا: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات:10]، وكما قال -سبحانه وتعالى-: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً[الأنبياء:92]، وفي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثل المؤمنين في توادِّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»[أخرجه البخاري في صحيحه:6011]، وجاء أيضًا في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدُّ بعضه بعضًا» وشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه.[أخرجه البخاري في صحيحه:ح481]
فهذه الأحاديث المختلفة كلها تؤكد، والنصوص المختلفة تؤكد على اللحمة التي تكون بين أهل الإيمان، من حنوِّ بعضهم على بعض، وعطف بعضهم على بعض، ورحمة بعضهم لبعض، ومودة بعضهم لبعض، حتى وصفوا بذلك الوصف الدقيق الذي يبين عظيم الاجتماع والقيام بالمصالح والسعي إلى ما فيه خير المسلمين، وصدِّ كل ما يؤذي، في قوله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد» يعني كالجسد الواحد فمعلوم أن الجسد الواحد يسعى كلُّ عضو فيه إلى مصلحة بقية أعضائه، وإذا عسر شيءٌ من أعضاء الإنسان، شيء من أعضاء هذا الجسد وجدتَ أن سائر البدن يصيبه من النقص والأذى بقدر ما أصاب ذلك العضو من النقص والأذى، ولذلك قال: «إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»[تقدم] هذا في عموم حال أهل الإسلام مع إخوانهم فيما يتعلق بالتواد والتراحم، فكيف إذا كان هذا العضو الذي نتحدث عنه عضوًا ساعيًا في مصلحة المسلمين، باذلًا نفسه ووقته وماله ومصالحه للدفاع عن المسلمين والقيام بحقهم، والذب عنهم؟ بالتأكيد أن حقه في الولاية، وحقه في المحبة، وحقه في المودة، وحقه في التراحم، وحقه في التعاطف، أعظم من سائر المؤمنين الذين لهم حقٌّ عام على وجه الإجمال، لكن هذا له حقٌّ أعظم من غيره؛ لأنه قائمٌ بمصالح المؤمنين، ذابٌّ عنهم فما ينعمون به من مصالح، وما يدركونه من خيرات، وما يندفع عنهم من شرورٍ ومفاسد، ببركة جهده وسعيه وعمله، فلا شك أن له من المنزلة، ما ليس لغيره.
 
لهذا جاء في بيان فضيلة ذلك ما في الصحيح من حديث زيد ابن خالد الجهني -رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا» ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ومن خَلَف غازيًا في سبيل الله بخير فقد غزا».[سبق]
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم المُمِدَّ المعين للخارج في سبيل الله لنصرة الإسلام وأهله،كالخارج في الأجر والثواب، هذا في الابتداء، وكذلك إذا خرج الذي يخلف أهل الغازي بخير ويقوم على مصالحهم، ويرعى شؤونهم ويدبر ما يحتاجونه من مصالح، فإنه كالخارج في سبيل الله، وأجره أجر الغازي؛ لأنه لولا رعايته ولولا قيامه بمصالح أهل هذا الغازي الخارج لكان ذلك من العوائق التي تحول دون الخروج في سبيل الله، والقيام بالجهاد في سبيل الله، والدفاع عن أهل الإسلام؛ والسبب في ذلك أنه ينظر إلى من خلفه، ويخشى ضياعه، فإذا كُفي هذا الأمر بتكاتف الأمة واجتماعها على حفظه في أهله في غيبته، وعلى القيام بمصالحهم وشؤونهم كان ذلك محفزًا له على الخروج؛ لأنه يعلم أن مَن خلفه مِن ذرية، مَن خلفه مِن عيال، مَن خلفه مِن حُرمة لن يضيعوا، بل ستقوم عليهم الأمة، وسيقوم عليهم من خلفهم من أهل الإسلام، ليسدوا حاجتهم.
وقد جاء فيهم هذا الفضل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لِيُعلم عظيم الأجر المرتب على خلافة الغازي وإعانته، على إعانته ابتداءً وعلى خلافته إذا خرج، «من جهَّز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في سبيل الله بخير فقد غزا».
المذيع: نتواصل معكم ومع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح، في برنامج "الدين والحياة"، وحديثنا عن خلافة الغازي والمجاهد في سبيل الله، ونعلن أرقام التواصل، أو ننوه بأرقام التواصل لمن أراد أن يتفاعل ويتواصل معنا، ويطرح ما لديه من أسئلة أو مداخلات أو مشاركات حول هذا الموضوع، على الرقم 0126477117، 0126493028، الواتس آب 0582824040 والوسم المخصص للبرنامج" الدين والحياة" على تويتر.

 نأخذ أول اتصال معنا مِسفِر، اتفضل يا مِسفِر.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أُحييك أخي الكريم، وأُحيي شيخنا الفاضل د. خالد المصلح، هنا مداخلة ولعل الشيخ يعني يُشاركني في بعض الأشياء أو يعلق عليها، خلافة الغازي كما أشار الشيخ أو ذكر الحديث الذي ذكره في بداية حديثه، أنا أقول: إن خلافة الغازي هي مسئولية مشتركة بين جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، ولاة الأمر -حفظهم الله- أَوْلَوا هذا الموضوع يعني جُلَّ اهتمامهم، كل مسؤول أو موظف أو فرد في هذا المجتمع الإسلامي يجب أن يستشعر هذه الأهمية، أيضًا الإعلام، الإعلام يجب أن يقوم بدوره في هذا الموضوع، يجب أن تُطرح الأشياء التي تخصُّ الغزاة أو حُماة الحدود الذين يذودون عن حدود بلادنا، يجب أن يُولي الإعلام وأن يطرح يعني الطرح الذي يعني يشدُّ من أزرهم، وأفضل مثال على ذلك برنامجكم الآن، وإذاعة "نداء الإسلام" بعيدًا عن ما يُثير حفيظة حماة الحدود، أيضًا رسالة موجهة لكل معلم ومعلمة، أولياء أمور الغزاة وهم على الحدود، أنتم من تقومون بهذا الدور الآن، أنتم ولاة أمور طلاب أو أبناء حماة الحدود والغزاة، هذا ما لدي وشكر الله لكم جميعًا، وجزاكم الله الخير جميعًا ولشيخنا الفاضل التحية والتقدير.
المذيع: شكرًا جزيلًا لك أخي مِسفِر، الاتصال الثاني الأخت آسيا، تفضلي يا آسيا.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله.
المتصل: الله يمسيكم بالخير والرضا والسرور، يا شيخ بارك الله فيك عندي سؤال، جزاكم الله خيرًا، هل أجر برِّ الوالدين كالمجاهد في سبيل الله؟
المذيع: طيب فيه سؤال ثاني؟
المتصل: لا، شكرًا.
المذيع: شكرًا أخت آسيا، شيخ خالد، لعل الأخ مسفر تحدث في العديد من الموضوعات أو المحاور حول هذا الموضوع، عن خلافة المجاهد في سبيل الله والغازي، ولعل القاسم المشترك، أو العنوان العريض لمشاركته أو مداخلته هو مسألة أن جميع القطاعات يجب أن تتظافر للقيام بهذا الدور الكبير والعظيم، إضافةً إلى أيضًا فيما يتعلق بدور الإعلام في هذا الجانب.
الشيخ: أخي الكريم قبل أن نخوض في تفاصيل خلافة الغازي، ثمة مسألة مهمة أحب أن أُنبِّه إليها، وهي أن الغازي قد ينصرف الذهن إلى صورة أو نمط من الغزاة الذين ليس لهم رواتب، أو الذين هم متطوعون بأعمالهم، وهذا قصورٌ في دلالة النص، فإن الغازي وإن كان يجري عليه من بيت المال ما يجري من الرواتب والأموال التي تدفع له كحال جنودنا المرابطين، وحال عامة القطاعات العسكرية، بشتَّى صنوفها فإن هذا لا يُذهب ما جاءت النصوص فيه من الخلافة؛ لأن هذا لا يكفي، فإن الخلافة للغازي ليست فقط في الجانب المادي، بل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يقصر ذلك على بابٍ من أبواب الخلافة، أو الرعاية والقيام بمصالح الخارجين في سبيل الله، الذين يدافعون عن أهل الإسلام، بل قال -صلوات الله وسلامه عليه-: «من خلف غازيًا بخيرٍ فقد غزا»، وهذا يدل على أن الخلافة لا تقتصر على جانب من الجوانب، أو باب من الأبواب حتى يقصر عليه، وبالتالي نقول: يعني القيام بشؤن هؤلاء الرجال الذين خرجوا لأداء هذه المهام العظيمة الدائرة على أمرين:
الأمر الأول: تأمين حدود هذه البلاد من المعتدين المتربصين العاملين على النيل منها.
وأيضًا الجانب الأخر: هم أولئك الذين بذلوا أنفسهم لنصرة إخوانهم الذين استنجدوا بهم في بلاد اليمن على وجه التحديد، الذين طلبوا من حكومة خادم الحرمين الشريف الإعانة في كبح جماح تلك النابتة الخبيثة التي فرقت البلاد، وسعت في الأرض فسادًا، فهؤلاء أيضًا من الغزاة الذين يدخلون فيما جاءت به النصوص من الندب إلى خلافتهم في أهلهم بخير.
 
فحتى لا يظنُّ ظانٌّ أن هذه النصوص مقصورة على من خرج متطوعًا، أو ما إلى ذلك مما قد يتوهمه البعض، فإن هذا غير سديد، وفهمٌ منقوص للأحاديث، فإن الأحاديث لم تخصِّص ذلك بمن لا غنى له، بل هي عامة لمن ترك غناءً لأولاده، ومن لم يترك غناءً لهم.
وفي كل الأحوال، من المهم حتى نفهم واجبنا تجاه هؤلاء الرجال، أن نعرف عظيم ما يقومون به؛ لأن من الناس من لا يدرك ما الذي يقوم به هؤلاء الرجال، في حدود بلادنا، وفي سائر المواقع التي يحفظون بها أَمْنَنا، ويدفعون بها عن ديننا وعن أنفسنا وعن أموالنا وعن أعراضنا، إذ هم يقومون بأعمال جليلة، هي من الجهاد في سبيل الله.
 
وبالتالي من الجدير أن يُعان هؤلاء، وأن تذكر تلك النصوص النبوية التي تبين عظيم الأجر والثواب لمن خلف أولئك بخير، ولمن أعانهم، ولمن ساندهم بكل أنواع المساندات، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يبين عظيم الأجر الحاصل، فيقول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أيُّكم خَلَف الخارجَ في أهله وماله بخير كان له مثل نصفِ أجرِ الخارج»[أخرجه مسلم في صحيحه:ح1896/138]، وهذا يبين أنه ينال بذلك أجرًا عظيمًا، وجزاءً كبيرًا، أجر الجهاد العظيم، يُنال بخلافة المجاهدين، أجر الجهاد في سبيل الله، يُنال بالقيام على أُسر وذوي المرابطين والخارجين للقتال في الدفاع عن بلاد الإسلام وقِبلة المسلمين.
لذلك من المهم أن نعرف أن هذه النصوص تنطبق على جنودنا الذين يقاتلون للذَّبِّ عن حدودنا ونصرة إخواننا، والذين يحفظون أمننا، والذين يسهرون على تأمين أموالنا وأنفسنا، والذين يحفظون قِبلة المسلمين والمسجد النبوي بذَبِّ الأخطار، وقطع كل ما يُزعزع أمن المسلمين في سائر البقاع، وفي هاتين البقعتين المباركتين، على وجه الخصوص.
وحتى يُعلم أن شأن الخارج في سبيل الله عظيم، وقدره عند الله -عز وجل- كبير، تأمَّل يا أخي الكريم ما ذكره النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من حفظ حرمة المجاهد في سبيل الله، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في نساء المجاهدين، نساء من خرج في سبيل الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: «حُرمةُ نساء المجاهدين على القاعدين، كَحُرمة أُمَّهاتهم»[أخرجه مسلم في صحيحه:ح1897/139] هذا الحديث حديث جليل وكبير، ويبين عظيم منزلة هذا الذي خرج وترك أهله ووطنه وحُرمته، للدفاع عن أهل الإسلام، ونصرة المسلمين، ودرء الأخطار والذب عنهم في مواطن الخطر ومواطن الخوف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «حُرمة نساء المجاهدين» ومنهم المرابطون، ومنهم المقاتلون الذين يقاتلون في الحدود، «حُرمة نساء المجاهدين على القاعدين» يعني على مجموع أهل الإسلام الذين لم يخرجوا، بل هم قاعدون في بيوتهم وفي مدنهم، «كَحُرمة أُمَّهاتهم»، وهنا أُنبِّه على معنى الحديث، أن حُرمة نساء المجاهدين لا تشمل فقط، أو لا تختص فقط زوجات المرابطين والمقاتلين، بل كل النساء ممن تركوهم خلفهم، سواء كانوا زوجات، أو كانوا أمهات، أو كانوا أخوات، أو كانوا بنات، فجميعهم يدخلون في قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «حُرمة نساء المجاهدين» أي كل من تركهم المجاهد، المقاتل، المرابط، الذي خرج لأداء الواجب في نصرة الإسلام، والدفاع عن بلاد الحرمين، والدفاع عن أهل الإسلام، ورد الأخطار التي تتهدد بلادنا، حُرمة هؤلاء كلهم على القاعدين، أي على مجموع الأمة ممن لم يخرج كحُرمة أمهاتهم، في أمرين:
الأمر الأول: في وجوب
 صيانتهم، وعدم التعرض لهم بريبة أو بشيءٍ يُخِلُّ بحُرمتهم فيما يتعلق بالعلاقات المحرمة، أو غير ذلك مما يمكن أن يكون، هذا الأمر الأول.
والأمر الثاني: في بِرِّهم والإحسان إليهم، وقضاء حوائجهم، هم في المنزلة كحُرمة الأمهات، تحريمًا وحُرمةً، تحريمًا بعدم المساس بهم بما يسوؤهم، وحُرمةً بالتقدير والإجلال والإحسان والصيانة والقيام بحق نساء المرابطين وأهالي المقاتلين والمجاهدين في سبيل الله.
المذيع: طيب حتى نأخذ أكبر أو القدر الكافي من الاتصالات للشيخ خالد، وهي اتصالات الصراحة يعني مشاركات، وتفاعل جميل ومعهود من مستمعينا الكرام.
حول اليوم حديثنا في "الدين والحياة" عن خلافة الغازي، والمجاهد في سبيل الله، ونحن متواصلون معكم مستمعينا الكرام مع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح.
نذكر بأرقام التواصل 0126477117، 0126493028، ورقم الواتساب 0582824040، وعبر الوسم "الدين والحياة" على تويتر.
نأخذ اتصال عبد العزيز الشريف، تفضل يا عبد العزيز.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: حياكم الله أستاذ عبد الله كيف حالك.
المذيع: أهلا وسهلا.
المتصل: أحييك، وأحيي فضيلة الشيخ.
فضيلة الشيخ، ما رأيك في الدعاء، هل هو من خلافة المقيم للغازي؟ وهذا الدعاء زَهد فيه كثير من الناس، ويظنون أن هذا الدعاء هو مجرد دعاء، وما علموا أن هذا هو السلاح الحقيقي.
السؤال الثاني: بارك الله فيك، هناك عبر التواصل الاجتماعي، في الفيسبوك وتويتر، من يظهر جنودنا البواسل أنهم في حالة احتياج، أو حالة بأس، أو حالة فقر، أو غير ذلك، توجيهكم لمن يفعل ذلك، مع أن الدولة -حفظها الله- ما قصرت تجاه هؤلاء الجنود البواسل، الذي نرجوا لهم النصر والتأييد، وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، شكرًا لك عبد العزيز. الاتصال الثاني من محمد بن مسعود، تفضل محمد.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: أهلا وسهلا، أولا: نسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن ينصر جندنا، اللهم إن لم تنصر جندنا أهل التوحيد، وأهل العقيدة الصحيحة، فمن تنصر؟ اللهم انصرهم يا رب.
الأمر الثاني: الخلافة للغازي ذات شقين، الشق الأول: بالخير، خلافته في الخير، هذا له فضل عظيم مثلما تفضل الشيخ، وأيضًا خلافتهم في الشرِّ، هذا أيضًا له إثم عظيم كما ذكر الشيخ، حرمة نسائه، وإلى آخره.
أما الأمر الثاني: الله -عز وجل- قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ[التوبة:73]، هنا لو يوضح الشيخ للشباب المتحمِّس، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لم يقتل واحدًا من المنافقين، بل عند قتلهم أو كذا، قال: «حتى لا يقال: إن محمدًا يقتل أصحابه»[أخرجه البخاري في صحيحه:ح4905]، وأيضًا في فتح مكة، عندما انتصر عليهم عفا عنهم، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو القائل: «أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله»[أخرجه البخاري في صحيحه:ح25 ]، فحبذا أن ينبه الشيخ أنه يجب أن يفهم أحاديث الرسول والآيات في ظل السيرة النبوية.
المذيع: جزاك الله خيرًا، شكرًا أخ محمد، يعطيك العافية، نأخذ أيضًا اتصال عبد الله الخالدي.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: مساكم الله بالخير، برنامجكم جميل جدًّا، الغازي يعيش بعيدًا عن أهله، وقد سدَّ ثغرة كبيرة لحماية المجتمع، ولديه احتياجات كثيرة لا يستطيع عملها، وقد ضحَّى بنفسه وماله، وما يدري يرجع أو لا يرجع، وهنا -ولله الحمد- الدولة قد خصصت صندوق لدعم الغازي في سبيل الله، وقد دعمه ولي ولي العهد وفَّقه الله بمبلغ خمسين مليون ريال، أنا أُرسل قُبلة على رأس كل جندي مرابط في الحد الجنوبي، ترك الأهل والأولاد من أجل دينه ومقدساته ووطنه، وحرمة دياره تنفيذًا لأمر الله تعالى، ولا نملك إلا الدعاء لهم، فهو أقل ما نعطيهم، اللهم انصرهم، وعجل بعودتهم لأهلهم منتصرين، اللهم اهزم أعداءهم، وأَعِزَّ الإسلام والمسلمين.
وبارك الله فيكم على هذا البرنامج الجميل.
المذيع: شكرًا لك أخي عبد الله يعطيك العافية، شيخ خالد إذا بالإمكان أن نأتي على هذه النقاط بشكل سريع.
الاتصال الأول كان من الأخ مسفر، وأشار إلى مسألة المشاركة من الجميع، يعني لا أحد يقول: إن هذا الدور ربما يقتصر على قطاع ما أو على جهة ما، وإنما يجب علينا كلنا أن نشارك وكل منَّا أن يقوم بدوره في هذا السياق.
الشيخ: هو لا شك يا أخي أن حق هؤلاء لا يختص بجهات معينة، هؤلاء الذين خرجوا للقيام بواجب الذب عن بلاد الحرمين، ورد اعتداء المعتدين، ومخططات المفسدين الذين يسعون للنيل من بلاد الحرمين، وأيضًا السعي للنيل من استقرار واجتماع إخواننا في اليمن، لا شك أن هؤلاء لهم من المكانة والمنزلة ما ينبغي أن يصان ويحفظ، وأن يعرف ويشهر، ولذلك الدور لا يقتصر فقط على بيان ما الذي يجب لهم؟ بل ينبغي أن يبين ابتداءً جلالة العمل الذي يقومون به، وأنه عمل جليل، وأنه من الجهاد في سبيل الله، وأنه من نصرة كل فرد من أهل الإسلام حيث ما كان؛ لأن هؤلاء يذبون عن قبلة المسلمين، يذبون عن مسجد  رسول الله، يذبون عن أهل الإسلام وبلاد الإسلام، وعن دولة التوحيد المملكة العربية السعودية، وأيضًا يمدون إخواننا في اليمن بالعون والمدد، مع إخوانهم المشاركين من دول التحالف لرد الأطماع الصفوية الإيرانية التي أفسدت في العراق، وأفسدت في سوريا، وسعت بكل ما أوتيت من قوة وقدرة أن تفسد في اليمن من خلال هذه المليشيات المرتزقة التي تسعى للخروج عن الدولة اليمنية، وزعزعة أمنها وشرذمة أهلها، وأن تكون موطئ قدم للمعتدي المتربص بالأمة الإسلامية والعربية.
فلذلك ينبغي أن نستشعر عظيم ما يقوم به هؤلاء، هؤلاء لا يقومون بوظيفة عادية، هؤلاء يحمون يا أخي يحمون دين رب العالمين، هؤلاء يذبون عن بلاد الحرمين، هذا من النفع العام الذي يعود على أمة الإسلام، هؤلاء يحفظون مكتسبات كل واحد منَّا، فهؤلاء المفسدون في تلك المليشيات يخططون لفساد عريض، تنفيذًا لمطالب أسيادهم والذين يوجهونهم لزعزعة الأمن، وإفقاد هذه البلاد كل مكتسباتها، من التنمية، من الاستقرار، من الأمن، من التقدم، من الحياة الهنيئة، ومن كل المكتسبات التي نتمتع بها، هؤلاء الجنود المقاتلون يبذلون أرواحهم، يبذلون أموالهم، وأنفسهم، وجهدهم، ويتركون أهليهم خلف ظهورهم لتأمين كل تلك المكتسبات، وتلك المقاصد الجليلة التي تحفظ بحول الله وقوته، ثم بما يبذله هؤلاء الرجال من جهود وعمل لصيانة بلاد الحرمين، والذب عنها.
فلذلك من المهم أن نعرف قدر عمل هؤلاء، ومن بعد ذلك نعرف النصوص الواردة في فضل القيام بحق هؤلاء، وكما ذكر الإخوة أن حق هؤلاء لا يقتصر على جهة من الجهات فالدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين ونائبيه: وليِّ العهد، وولي ولي العهد، وسائر المسؤولين في الدولة -وفقهم الله- يبذلون جهودًا واضحة وجليَّة في دعم المقاتلين والمجاهدين الذين يدافعون عن بلادنا بالمال وبالرعاية، وبكل الوسائل التي تدعمهم وتثبت أقدامهم، فهذا الصندوق الذي ذكره أخونا، صندوق خلافة الغازي الذي وجَّه به ولي ولي العهد -وفقه الله-، هو نمط وصورة من صور خلافة الغازي، ما أمر به خادم الحرمين الشريفين في الأوامر الملكية الأخيرة بصرف راتبين للمقاتلين والمرابطين في الخطوط الأمامية من المقاتلين هذا أيضًا نمط من أنمطة خلافة الغازي، لكن هذا لا يقتصر فقط على جهود الدولة -وفقها الله-، بل هؤلاء لا يدافعون عن دولة فحسب، بل هم يدافعون عن كل واحد منَّا، وبالتالي لا بد ومن الضروري أن يشارك أصحاب الأموال، وأصحاب الثراء، وأصحاب السعة، يا أخي، لولا الله ثم ما يبذله هؤلاء، ما أَمِن أحد على ماله، ما أمن أحد على ثروته، ما أمن أحد على مكتسباته، فمن الضروري أن يشارك كل أحد منَّا محتسبًا الأجر في دعم مثل هذا الصندوق وفي دعم كل المشاريع، بل في ابتكار مشاريع أخرى، في ظل الطرق التي ترعاها الدولة وترتبها وتنظمها وتأذن بها في دعم هؤلاء وسد حوائجهم.
وأيضًا سماحة المفتي قبل مدة حينما أنشأ الصندوق الذي وجَّه به وليُّ وليِّ العهد، ندب إلى التجار وأصحاب الأموال إلى المساهمة في هذا الصندوق واحتساب الأجر في ذلك، وأنه صورة ونمط من أنماط خلافة الغازي.
فمن الضروري أن نستشعر أن مسئولية خلافة الغازي لا تقتصر على جهة، بل على الجميع، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما تكلم عن حرمة نساء المجاهدين والمقاتلين في سبيل الله، لم يخصَّ فئة، بل قال: «حرمة نساء المجاهدين على القاعدين» جماعة وأفراد «كحرمة أمهاتهم» سواء كانوا أفرادًا أو كانوا جماعاتٍ، مؤسسات خيرية، الجهات الإعلامية، التعليم، كل ذلك مما ينبغي أن يتضافر لدعم هؤلاء يا أخي.
المذيع: البنوك يا شيخ خالد، أكثر ما يمكن أن يكون فيه الدعم والمساهمة.
الشيخ: بالتأكيد، البنوك لها أوجه كثيرة من أوجه الدعم، فيما يتعلق بجدولة الديون، فيما يتعلق بالتخفيف، فيما يتعلق بالإسقاط، يا أخي البنوك تكسب في معاملاتها مكاسب طائلة، يا أخي من حقِّ هذه البلاد، ومن حق هؤلاء الرجال الذين يدافعون عن هذه المكاسب بدمائهم، أن يخفَّف عنهم، أن يُسقط عنهم، أن يُساهم في تخفيف ما قد تكون قد اشتغلت به ذِمَمُهم من الديون، وهم يكتنفهم أمران: همُّ القتال، والذب عن هذه البلاد، وأداء المهام المنوطة بهم في رباطهم وفي قتالهم، وأيضًا همُّ ذرياتهم ممن خلفهم، وهمُّ ما تحمَّلوه من ديون، فمن حقهم يا أخي أن يبذل لهم كل ما يؤمنهم، كل ما يوفِّر هممهم على تحقيق المهام المنوطة بهم من الدفاع عن هذه البلاد المباركة.
وأنا أقول: من المهم أن تتولى جهات لها تأثير حثَّ هذه الجهات المستفيدة من هذه البلاد بأموال طائلة في البنوك، وغيرها من المؤسسات المالية التي تكتسب خيرات كثيرة من هذه البلاد أن تشارك، سواءً من خلال الأفراد، سواءً من خلال الصدقات، سواء من خلال الزكاة، سواء من خلال الإعانات، سواء من خلال الجهد المادي، وتقديم الخدمات.
لماذا لا تقوم المؤسسات الطبية بإتاحة العلاج لأفراد وذوي المقاتلين والمرابطين بالمجان؟ أو على أقل الأحوال إذا كان ليس بالمجان أن تكون بتخفيضات حقيقية تعين أهليهم، وتأمنهم أنهم تركوا من يقف بجوار أبنائهم، ويخلفهم بخير في أسرهم، وأهليهم.
المذيع: أيضًا هل يمتد هذا الأمر إلى مسألة رعاية أُسر شهداء الواجب؟ وهو ما قامت به الدولة من خلال العديد من البرامج التي تشرف عليها من خلال سواء قطاع وزارة القطاعات التي تشرف عليها، وهي تحت مظلة وزارة الدفاع، وأيضًا تحت مظلة الأمن العام.
ربما أيضًا نشير إلى هذا الجانب، وأنه ربما يدخل في هذا الباب.
الشيخ: بالتأكيد أن كل من ندب نفسه لحماية هذه البلاد والذب عنها، والمدافعة بما تمكن من المدافعة لا بد أن يُحفظ حقه، وأن يشجع، وأن يجازى ويكافئ على جميل صنعه في نصرة هذه البلاد وتأمينها وحفظ هذه المكتسبات التي ننعم بها، ونحمد الله تعالى عليها، ومن أولئك هؤلاء الذين قضوا في الدفاع عن هذه البلاد من عدوِّ الداخل، وهم أولئك المفسدون الذين يسعون في الأرض فسادًا على شتى توجهاتهم، وعلى اختلاف محرِّكاتهم، هؤلاء الرجال الذين قضوا في الدفاع وتعقُّب الغلاة والمفسدين من المخربين والمتطرفين والإرهابيين، لا شك أنهم يحتاجون إلى أن نُشيد بدورهم، وأن نقف معهم وخلفهم، ومن قضى منهم ينبغي أن يُكرم بحفظ ذريته، وخلافته في أهله بخير، هناك من خلافتهم الذي أرجو أن يدخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من خلف غازيًا بخير كان كمن غزا».[تقدم].

والجهود في هذا –الحمد لله- واضحة، أُسر الشهداء، وأُسر الذين أُصيبوا في عمليات القبض على الإرهابيين وردِّ شرِّهم، مشكورة، وموفورة، وولاة الأمر -وفقهم الله- يحتفون بذلك، ويظهرونه على وجه الإكرام، وعلى وجه حفظ المعروف الذي أسداه هؤلاء الرجال الأبطال لهذه البلاد وللمسلمين عامة، في حفظ الأمن وقطع دابر الشر والفساد عن بلادنا، أسأل الله أن يحفظنا، وأن يكبت أعداءنا الظاهرين والمُستَترين، سواء كانوا في الداخل أو الخارج.
ثمة أوجه أخرى نحتاج أن نقف معها، فنحن تكلمنا أن خلافة الغازي في سبيل الله لا تقتصر على صورة ولا على نمط؛ خلافة مالية، خلافة رعائية، خلافة فيما يتعلق باحترام وقضاء الحوائج، ولذلك من المهم أيضًا أن تُفتح مجالات قضاء حوائجهم في المعاملات؛ لأن هؤلاء الذين تركوا أهليهم وذهبوا وغابوا عنهم مُدَد في جبهات القتال، أو في أداء المهام المنوطة بهم لهم مصالح عند الدوائر الحكومية، لهم مصالح عند الجهات على وجه العموم قد تتعطل بغياب أسرهم.
فلذلك أنا أوصي بإيجاد تسهيلات لأسر المرابطين، وأُسر المقاتلين في قضاء أعمالهم، ومصالحهم في الدوائر الحكومية، وفي الدوائر الخاصة والعامة، وذلك من خلافة هؤلاء بخير، ومما ينبغي أن يُعلم أن ثمة واجبًا على جميع الأمة باختلاف شرائحها، واختلاف أحوالها، واختلاف غناها وفقرها، وهو ما أشار إليه بعض إخواننا المتصلين: الدعاء، فإن من خلافة الغازي بخير أن ندعوا لهم؛ فإن الدعاء لهم باب عظيم من أبواب نصرتهم، ومن أداء بعض حقهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ابْغُوني ضُعفاءكم»، يعني قربوا مني، ودلوني على ضعفائكم، وهو كالذي لم يتمكن من الخروج في الجهاد في سبيل الله لعارض أو لسبب أو لضعف، ويشمل هذا الفقراء، ويشمل هذا النساء، ويشمل كل من اتصف بضعف في جانب من الجوانب، «ابغوني ضعفاءكم، فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم»[أخرجه الترمذي في سننه:ح1702، وقال:حديث حسن صحيح] بإخلاصهم وصلاتهم، والصلاة هنا يقصد بها الدعاء، أي بدعائهم، فينبغي لنا أن ندعوا لإخواننا، ودعاؤنا له أثر بالغ على نفوس هؤلاء المقاتلين، وعلى معنوياتهم، فضلا عن الدعاء أنه يستجلب به النصر، ويجلب له ما يأمل من فوز وظهور على عدونا، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينصر إخواننا المرابطين، والمقاتلين في سبيله، وأن يسدد رميهم، وأن يثبت أقدامهم، وأن ينصرهم على عدوهم، وأن يحفظ هذه البلاد من كل سوء وشر، وأن يردهم سالمين غانمين، وهذا الدعاء لا يقتصر فقط على الخطب أو على المنابر الإعلامية، بل يدعو المسلم لهؤلاء في صلاته وفي سجوده، في أوقات الإجابة يتحرى أن يدعو لهؤلاء، لما يقومون به من جليل الأعمال التي يذب الله تعالى بها عنا شرورًا عظيمة، أسأل الله أن يحفظ بلادنا وولاتنا، وبلاد المسلمين من كل سوء وشر.
المذيع: مسألة أيضًا التصوير في وسائل التواصل الاجتماعي، وتصوير الجنود المرابطين بأنهم في حالة بأس وفقر وغير ذلك، بالرغم مما تقدمه الدولة من خدمات جليلة جدًّا، هي مسألة كما تفضلتم وهي الحث على زيادة هذه الإسهامات من خلال مشاركة القطاعات كلها، لكن مسألة المبالغة في هذا الوصف والذي يمكن ربما أن تحفل به بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وما أشار إليه في سؤاله الأخ عبد العزيز الشريف.
الشيخ: على كل حال إخواننا هم منا وفينا، وحقهم أن ينصروا وأن يخلفوا بخير، لكن إظهار هؤلاء بمظهر غير مطابق للواقع، أو قد يكون حالات فردية وليس وصفًا عامًّا هو من الظلم والجور وهو من الخلافة بسوء؛ لأنك عندما تظهر هؤلاء على هذا النحو من الوضع المزري أو تعسر الحال فأنت تشوِّه الجهود المباركة التي تقوم بها الدولة، والتي يقوم بها عموم المسلمين لخلافة إخوانهم، كما أنك تظهر هؤلاء بصورة خلاف الواقع، وجود نموذج أو نموذجين أو حالة أو حالتين هذا لا يعني أن يعمَّم، ومن الخطأ أن يشاع مثل هذا على الملأ، وإذا كان ثمة حالات تحتاج إلى معالجة فلتعالج، وليبادر إلى علاجها، لكن دون أن يكون هذا مادة إعلامية تظهر للعدو، هذا نوع من الإرجاف الذي ينبغي أن يوقف، وأن ينبه صاحبه إن كان جاهلا، ويعاقب إن كان قاصدًا متعمدًا أن يُظهر جنودَنا بصورة على خلاف الواقع، أو أن يظهر مجتمعنا في خلافته لهؤلاء بخلاف الصورة الحقيقة، التي هي صورة التعاطف والتراحم والتواد.
المذيع: سؤال عبر الواتساب، يسأل: عمن يدخل في هذا السياق –سياق حديثنا- في هذه الحلقة عن خلافة الغازي ومن المقصود به؟ ربما أنتم وضحتم يا شيخ في بداية الحديث، ولكن ربما البعض يتساءل عن مسألة إذا كان هذا الرجل يقاتل في راية شرعية، تكون لها علاقة، بأن يكون جنديًّا نظاميًّا في دولة مسلمة وغير ذلك، لو كان بالإمكان أن توضحوا هذه المسألة.
الشيخ: تكلمنا عن هذا بجلاء ووضوح، هؤلاء الجنود والمرابطون والمقاتلون، وكل من يشارك في حفظ حدود هذه البلاد، ويشارك في حفظ أمنها، هم ممن نتكلم عنهم، إما أصلا، وإما تبعًا، أصلا في المواجهة من جنودنا المقاتلين في ساحات القتال، وتبعًا فيمن يقوم مقامهم في الذين يتعقبون المفسدين في الداخل، يتعقبون أصابع الشر والفساد، وأيادي الاعتداء والظلم في الداخل من صحاب الأفكار المنحرفة، أو أصحاب الرايات الضالة، أو أتباع الأفكار التي تحقق مآرب الأعداء، هؤلاء أيضًا الوقوف خلف جنودنا الذين يقاتلونهم، ويتعقبونهم هو من الخلافة للغزاة بخير، إما أصلا، وإما تبعًا.
لذلك أقول: لا يمتري الإنسان أو يتشكك أن هؤلاء من المجاهدين في سبيل الله بشتى قطاعاتهم، أسأل الله أن ينصرهم ويثبت أقدامهم.
المذيع: هذا أيضًا عبر الواتساب يقول: أنا من إقليم سبأ من محافظة مأرب في اليمن، ونقاتل الحوثيين والمخلوع بكل ما أوتينا من قوة للدفاع عن الدين والسنة، نشكرك ونثمن لك هذه المشاعر.
ونسأل الله -سبحانه وتعالى- لإخواننا في اليمن الخلاص من هذه الشرذمة، وأن يعيد لهم الأمن والأمان، والطمأنينة والسكينة.
شيخ خالد طبعًا وصلنا إلى ختم هذه الحلقة، ونشكر الله -سبحانه وتعالى-، ثم نشكركم على ما تفضلتم به في هذا اللقاء، وحديثكم الذي كان حول خلافة الغازي، شكر الله لكم وبارك الله فيكم، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.
الشيخ: آمين، بارك الله فيك، وأختم بأن أؤكد على ضرورة بذل المستطاع في تأييد ونصرة إخواننا المقاتلين والمرابطين، والدعاء لهم بخير، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يؤيدهم، وأن ينصرهم، وأن يثبت أقدامهم، وأن يسدد رميهم، وأن يظهرهم وأن ينصرهم على أعدائهم، وأن يحفظ حدودنا، وأن ينصر إخواننا في اليمن على هذه الشرذمة الظالمة المعتدية، وأن يرد كيدهم في نحورهم، وأن يحفظ ولاة أمرنا، وأن يسددهم في الأقوال والأعمال، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: شكر الله لكم فضيلة الشيخ، وشكر الله لكل المستمعين والمستمعات الذين كانوا معنا عبر هذه الساعة في برنامج "الدين والحياة"، في حديثنا الذي كان عن خلافة الغازي.
لقاؤنا يتجدد بكم -بإذنه تعالى- في مثل هذا الوقت من الأسبوع المقبل، حتى ذلكم الحين تقبلوا تحيات الزميل خالد فلاتة من استقبال الاتصالات، ومن التنفيذ على الهواء الزميل مصطفى الصحفي، وهذه أعطر التحايا لكم مني أنا عبد الله الداني، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات90644 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87045 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف