المذيع: مرحبًا بكم مستمعينا الكرام، ونحييكم من جديد في هذه الحلقة المباشرة من برنامج "الدين والحياة"، في هذه الأيام يغرق الطلاب إلى آذانهم في زحمة الاختبارات وخِضمِّ الامتحانات، ويعيش أيضًا هؤلاء الطلاب أيامًا لو سئل البعض عنها لزعموا أنها من أصعب أيامهم، ولصارحوك بأنهم ودوا لو لم تكن من أعمارهم، نعم إنهم ليستبطئون هذه الأيام، ويستطيلون ساعاتها، حتى ولكأنها أو لكأن ساعاتها يوم، ولكأن يومها شهر، هذه الأيام التي أحيانًا بيوتنا تنتفض من أجلها، ومن أجل طلابنا الذين يقبلون على هذه الامتحانات، وتستعد هذه البيوت، وكذلك أيضًا يدخل الطلاب والطالبات في معسكرات لمذاكرة ما لديهم من مواد يتعرضون لها إلى امتحانات وفحوصات بالنسبة إليها، وبالتالي فإن حديثنا مستمعينا الكرام سيكون بإذن الله عن هذه الامتحانات، وما يكون بإذن الله تعالى حول هذا الموضوع المهم، وربما أيضًا ما دفعنا للبداية والحديث عن مثل هذا الموضوع ما انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي من عدد من الطلاب في إحدى المدن، وهم يقومون بتمزيق الكتب الدراسية، وما صدر حيال هذا الأمر من قرارات صادرة من وزارة التعليم، حديثنا بإذن الله عن العديد من القضايا، أيضًا يسرنا أن نرحب من جديد بالشيخ الدكتور خالد المصلح ضيفنا في هذه الحلقة.
شيخ خالد، عندما نتحدث عن هذه الامتحانات، ربما هناك الكثير من القضايا التي ينبغي التذكير بها، والتنويه عليها، وربما في البداية يعني حديثنا عن أهمية هذه الكتب، وما تحويه من يعني معلومات وعبارات خاصة، ولا سيما إذا ما كانت هذه الكتب كتبًا لها علاقة بالعلوم الشرعية، وفي البداية ما هو تعليقكم على هذه الحادثة الأخيرة؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، ونصلي ونسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة لك يا أخ عبد الله، وللإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، الاختبارات هي مرحلة فحص، ومرحلة قياس للعملية التعليمية من كل الأوجه، وليس فحصًا للطالب فحسب، ولهذا تعتبر هذه المرحلة اختبارًا لإدارة المدرسة، اختبارًا للمعلمين، اختبارًا للطلاب، اختبارًا لأولياء الأمور، في الحقيقة المختَبَر في هذه المرحلة أو في هذه الفترة ليس هو الطالب فحسب، بل المختبر الطالب الذي يجيب على أسئلة الاختبار، المختَبَر المعلم في وضعه للأسئلة وفي تقييمه لها، وتصحيحه لإجابات الطلاب، المختبر إدارة المدرسة في إدارتها لهذه الفترة والعبور بها إلى تحقيق المقصود من هذا الفحص، المختبر الجهات التعليمية التي تشرف على المدارس من إدارات التعليم وغيرهـا، المختبر أيضًا الأُسر بكل مكوناتها في تحقيق ما يحتاجه الطلاب والعملية التعليمية في هذه المرحلة، وبالتالي نجاح هؤلاء في هذه المرحلة هو نجاح للعملية التعليمية التي بها تُبنى الأمم، وتشيَّد الحضارات، وترتقي البلدان، وتتميز الشعوب، ويتحقق للأمم ما تأمله من تنمية ورغد في عيش، وصلاح في دين ودنيا.
ما يتعلق بما ذكرته من حادثة امتهان الكتب هي نوع من الفشل الحقيقة، الفشل لكل من كان متسببًا في هذه الظاهرة، ولذلك نحن نعرف نجاحنا من عدمه بما نشاهده من مواقف ونتاج يصدر عن المشتركين في العملية التعليمية، لا شك أن هذا المظهر مظهر مزعج ومقلق، ولذلك تنادت الجهات لمعالجة الموضوع بغض النظر عن طريقة المعالجة وما نتج عنها، لكن وجود شعور بالخطأ، وجود نقد للتصرف هو في الحقيقة يعني ينبئ بأن ثمة إشكال يحتاج إلى معالجة وتصحيح، وينبغي أن يثبت في التصحيح والمعالجة ما يكون على الداء، ليست معالجة شكلية أو صورية أو فقط لتسجيل ردة فعل حول موقف ما في خطأ انتشر، واشتهر عبر وسائل الإعلام.
على كل حال نحن في الحقيقة يعني نحتاج إلى أن نتحدث في يومنا هذا عن جوانب عديدة تتعلق بالاختبارات، أخي عبد الله يعني وجهت الحديث ابتداءً إلى هذا الموقف، وهذا الموقف بالتأكيد يحتاج إلى وقفة، ولكن الذي ينبغي أن ندركه أن هذه الحادثة التي وثِّقت بالصورة ليست فريدة، وليست منفردة بالحدوث، يعني ثمة حوادث لم ترصدها الكاميرا أو التصوير، وبالتالي لا يعني أن الموضوع يتعلق بمدرسة أو بجهة واحدة، الخلل موجود نشاهده نحن في ممرات المدارس وممرات الكليات، ذلك ناتج عن عدم اهتمام بقيمة هذه الكتب، ولا هناك وعي كافي من الطلاب، ومن الإدارات المدرسية، ومن الجهات التعليمية، ليس ثمة الجهد الكافي في التوعية بضرورة العناية بالمقتنيات التعليمية، هذه الكتب وهذه المراجع، وهذه المصورات الورقية هي في الحقيقة يعني لا تنتهي حاجة الطالب إليها بانتهاء المرحلة التعليمية، ولو قدرنا أنه يعني انتهى، ولا يحتاج الطالب إلى الاحتفاظ بها، فالطريقة التي يتعامل بها مع هذه الكتب ينبغي أن تكون بمستوى من الوعي وحسن التصرف والإدراك يحفظ هذه الكتب من الامتهان والإهدار.
وبالتالي أوصي نفسي وإخواني المعلمين وأيضًا أولياء الأمور، وأيضًا الجهات التعليمية، المسألة لا تقتصر على جانب من الجوانب، ولا على فئة من الفئات، المسألة تتعلق بالمجموع، يعني هي مسئولية الطالب، مسئولية المعلم، مسئولية المدرسة، مسئولية الجهات التعليمية، مسئولية الجميع، مسئولية المجتمع ككل في التوعية بأهمية هذه الكتب، هذه الكتب تصرف عليها الدولة أموالاً طائلة، ولو قدرنا أنه ما فيه صرف، ليس من حق هذه الكتب التي تبني العقول، وتبني الإنسان أن يكون مآلها هذا الامتهان وهذا الإهدار، هذا لو قدرنا أن هذه الكتب خالية من ذكر الله، خالية مما ينبغي أن يحترم، هي محترمة في ذاتها أنها علوم نافعة تبني الإنسان، فينبغي أن تصان، وأن تحفظ، وأن يُتعامل معها بطريقة تعكس وعيَ، تعكس إدراك الطلاب لأهمية هذه الكتب، إما بإلزامهم بإرجاعها، وإما بإيجاد وسائل لتدوير هذه الكتب، وإعادة الاستفادة منها بترميمها، أو بغير ذلك من الوسائل التي لم يعجز عنها من شعر بالمشكلة، فالحاجة أم الاختراع، والحاجات يتفتَّق عنها الحلول والتدابير التي تمنع من مثل هذه الظاهرة التي يعني تتنافى مع العقل السليم، تتنافى مع الذوق الذي ينبغي أن يكون غير هذا، أن ذلك من المحرمات، حقيقة أن هذا من إضاعة المال، وإضاعة المال نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الكتب لها قيمة، يا أخي بعض المراجع تُشترى بأموال كبيرة، يعني أنت لو طلبت من الطلبة على سبيل المثال عندما تسلمهم الكتاب قيمة الكتاب الذي يأخذه سيكون له وزن عنده في نفسه أكثر من أن يكون كتابًا يعني وفَّرته الدولة جزاها الله خيرًا للمتعلمين، ثم مآله أن يفعل به بهذه الطريقة غير اللائقة غير المُقدِّرة لقيمة هذه الكتب، وقيمة الجهد الذي بذلته الدولة ممثلة في وزارة التعليم بتوفير هذه الكتب ومنحها للطلاب، نسأل الله الهداية والتوفيق.
المذيع: اللهم آمين، يعني هذا الخطأ ربما يجتمع فيه مسألة إضاعة المال، وكذلك أيضًا عدم تعظيم شعائر الله -عز وجل-، خاصة عندما يعني نقول: إن هذه الكتب ربما تحتوي على يعني علوم شرعية، أو على يعني لفظ الجلالة واسم الله -سبحانه وتعالى-، كثير من الإساءات ربما تجتمع في مثل هذه المظاهر السيئة والسلبية، إضافة إلى أن يعني ربما عندما يسأل كثير من الناس خارج هذه البلاد في بلاد ربما يعني لا يمتلكون هذه الوسائل، أو ليست لديهم القدرة في مسألة يعني أن يجلبوا مثل هذه الكتب، ربما يعني شعورهم وإحساسهم بقيمة هذه الكتب وأهميتها، حتى ولو كانت مستخدمة، بصراحة يعني يعطي مثال واضح على قيمة هذه الكتب التي يهملها كثير منا، وبات يعني ربما مسألة أنها توزع بشكل مجاني ربما جعل لدى البعض أيضًا نوعًا من، أو أضاف، أو أيضًأ أشعر البعض، بأنها يعني ربما إذا كان يعني ليس هناك قيمة لمثل هذه الكتب، وبالتالي أصبح أو أصبح هؤلاء يستهينون بهذه الكتب.
أيضًا هناك يا شيخ خالد، ربما هناك بعض الإضاءات التي يمكن أن نذكرها ربما خلال هذه الأيام، ربما فيما يتعلق بذات الامتحانات وما بعد فترة الامتحانات، مما يتعلق بمسألة حماية الطلاب من أصدقاء السوء، ومن بعض المظاهر التي ربما يعني يتعرض لها بعض الطلاب في مثل هذه الأيام، ويعني يقعون فريسة للذئاب البشرية، ومن يصطادهم يعني ليحرفهم عن الطريق الصحيح، ربما نتكلم أيضًا عن هذا الجانب.
الشيخ: أقول أخي الكريم: الحديث عن الاختبارات له جوانب عديدة، يعني ما تفضل به الإخوة والأخوات المداخلون في الموضوع يعني أتى على جملة من الجوانب، نحن نحتاج أن نتحدث أولاً عن حقيقة الاختبار أنه فحص ليس فقط لقدر ما مع الطالب من المعلومات، إنما الفحص لعدد من الجوانب المعرفية والمعلوماتية، وكذلك القيمية والسلوكية والأخلاقية، وعندما يدرك طلابنا ومُعلِّمونا والجهات التعليمية أن الفحص ليس للكَمِّ المعرفي عند الطالب، وإنما للكم المعرفي مع الكم القيمي والسلوكي والأخلاقي، فإنه سينعكس هذا على العملية التعليمية بجوانب إيجابية مهمة، عندما يأتي طالب يختبر مثلاً في مادة من المواد، ويعد لذلك العدة غشًّا بالبراشيم، والكتابة على بدنه، أو استعمال الوسائل الحديثة للغش، فإنه في الحقيقة لو حقق 100% في نتيجة الاختبار هو راسب، حقيقة هو راسب، وأيضًا المعلم الذي يمكِّن الطلاب من الغش، ويتغاضى عمدًا عن رصد ومتابعة القاعات التي يوكل بالإشراف عليها، هو في الحقيقة راسب ومرسِّب لطلابه؛ لأنه عكس عليهم قيمة ذات تأثير سلبي، ليست القضية في اجتياز مادة أو مرحلة، القضية بناء فكر، وقيمة عند هذا الطالب الذي لا يمكن أن يحصل التفوق في أمر الدنيا بهذه الطريقة المنحرفة، اليوم يغش في مادة من المواد في تحصيل معلومة، غدًا يغش في وظيفته، غدًا يخون في أمانته فيما اؤتمن عليه من عقود، غدًا يخون البلد والأمة كلها بهذا المسلك الرديء، وبالتالي لا بد أن ندرك جميعًا أن الاختبار حقيقة ليس مقصورًا على اختبار كم حصل الطالب من معلومة؟ إنما كم حصل الطالب من معلومة، ومن قيمة، ومن سلوك، ومن خلق، يا أخي يعني يكبر في عين الإنسان، ويعظم في خاطره ذاك الطالب الذي يأتي ويقول: أنا تيسَّر لي أن أُحصِّل معلومة من طريق معلم يعني أو من طريق طالب، ولكني تحرجت وتركت، فهل يجب عليَّ أن أبلغ عن هذا المعلم الذي خان الأمانة، أو هذا الطالب الذي يغش؟ يعني حقيقة هذا الناجح وإن تخلفت درجاته، هذا الذي يعتبر اجتاز الاختبار حقيقة، وإن كان قد ينقص قدر تحصيله الكمي للمعلومات، أما ذاك الذي حصل ما لا يستحق، أو ذاك الذي خان الأمانة لعدم قيامه بما يجب عليه من متابعة، سواء كان ذلك في متابعة القاعات، أو في التقييم والتصحيح، لم يحقق المعيار الصحيح في مقصود هذه الاختبارات.
إذا أدركنا هذه الحقيقة سيتيسر لنا يعني إذا دفعنا في أنفسنا وبنيناها في طلابنا، ليست نتاج موعظة حالية، أو جوابًا على سؤال سائل، إنما هي عملية تربوية ملازمة للمعلم، ملازمة للعملية التعليمية، للأسرة، للبيت، للبيئة، البيئة الصحيحة تنفي كلَّ انحراف، وتبعد كل ظاهرة سلبية تعود على المجتمع بالنقص والضعف.
خلاصة ما أنبه إليه في هذه القضية أن الاختبار حقيقة قياس كما ذكرت لتحصيل الطلاب سلوكيًّا، وعلميًّا، وأيضًا قياس المعلمين، قياس لكافة المشتركين في العملية التعليمية.
ما أشار إليه بعض المداخلين من أن الاختبارات تمثل هاجسًا يعني مُقلقًا للأسر والطلاب، يعني ثمة جانب طبيعي كما أشارت بعض الأخوات، ثمة جانب طبيعي فيما يتعلق برهبة الاختبار، لكن هذه الرهبة لا تنعكس يعني فتكون فوبيا، أو تكون يعني رهابًا ملازمًا، يمنع الإنسان من الاجتياز، ينبغي أن يعرف للاختبار قدره، ولكن لا يحول إلى نوع من الرهاب الذي يعني ينعكس على نفسية الطالب، وعلى أدائه؛ لأن الخائف لا يمكن أن يجيب إجابة سديدة، خوفه سيشوِّش فكره وذهنَه ونتاجه، إنما تكون الإجابة من شخص مطمئن، وهذا يعني يعالج ليس الآن، يعالج من بدايات المرحلة التعليمية، بأنه يعني نحن الاختبارات هذه معايير قياس، وليست يعني تحديًا ولا، وأيضًا لا يمكن أن تحصل فيها النتيجة بإهمال تراكمي لكل العام الدراسي، ثم في نهاية المطاف يطلب التفوق، أو يطلب الاجتياز وهو قد أهمل، يعني هذه حصاد، هذه الاختبارات حصاد، وهذا الذي ينبغي أن يكون، حصاد لتحصيل عام كامل، أو تحصيل فصل كامل، أو مرحلة تعليمية مكتملة، وليس لمذكرات يعني يحفظها ليلة الاختبار، ويسجل الاجتياز بحفظه لها أو استذكاره لها، نسأل الله التوفيق والسداد، وفي كل الأحوال مثلما ذكرت الإخوان نبهوا لعدد من الجوانب التي تحتاج إلى أن نقف معها.
المذيع: يا شيخ ربما كان من أكثر المداخلات تركيزًا على موضوع الخوف من الامتحانات، وربما ربط البعض هذه الامتحانات بسؤال الآخرة وامتحانات الآخرة، وكما يقول حساب يوم القيامة، ومسألة أن ربما هنا خط رجعة في الدنيا، وهناك في الآخرة ليس هناك يعني استعتاب أو مراجعة، فيعني ربما هل مسألة الربط يعني مُجدية، أو أنها سائغة يا شيخ؟
الشيخ: على كل حال يعني الإنسان قد يحاول الربط في التفكير بالتمثيل يعني، وشتان يعني بين الاختبارين، ثم اختبار الآخرة ما هو شيء ييجي مستقبلاً، نحن الآن نُختَبَر، يعني اختبار الآخرة ليس منفكًّا عن الدنيا، اختباراتنا الدنيا هذه أليس مطلوبًا من المؤمن أن يترك الغش؟ إذا غش فلقد أخفق في اختبار الآخرة في هذه الجزئية، فيعني المقارنة قد تكون أحيانًا مشوشة، اختبار الآخرة ليس شيئًا سيأتي، نحن الآن مختبرون، ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ الملك:2، كون اختبار الآخرة لا سبيل فيه للاستعداد، هذا بعد النتائج مثل نتائج الاختبارات التي يؤديها الطلاب، إذا طلعت النتائج ما يمكن يروح يقول: والله لا، اسمحوا لي أعيد الاختبار وأراجع، يعني يكون فيه دور ثاني، هذا اختبار جديد، يستوجب عطاءًا جديدًا، المهم أنه المقارنات أحيانًا لا تتطابق تمامًا، لكن اختبارات الدراسة هي نموذج لصورة من اختبارات الآخرة، يعني ليست مُنفكَّة، هذا اختبار دنيا، وهذا اختبار آخرة، وهذا نجاح دنيا، وهذا نجاح آخرة، يعني الفكُّ الكلي بينهما، يعني التفكير بدون إسراف، وبدون دخول يعني في تفاصيل المثال، لأن الأمثلة في كلام العرب على وجه العموم يقصد بها التنبيه ولفت النظر، وليس المطابقة التامة بين المشبهات والأمثال المضروبة.
المذيع: نعم، أيضًا من الأشياء التي تم التركيز عليها في المداخلات الماضية حول مسألة يعني ما يكون في فترة الامتحانات، خاصة بعد انتهاء الاختبار، وربما يعني غفلة بعض الآباء عن أبنائهم، وربما أيضًا فيما يتعلق بالرفقاء، ومسألة أين يقضي وقت فراغه بعد هذه الامتحانات؟ ربما كثير يا شيخ من حالات الانحراف التي رصدت ربما خاصة من الشباب والطلاب كانت بداياتها في مثل هذه الأيام ومثل هذه الفترة، ماذا ينبغي على الأب في هذا الجانب؟ وكذلك فيما يتعلق بمراعاة الأمانة التي وكلت إليه؟
الشيخ: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، أكيد يا أخي الكريم، يعني ما في شك أن الدراسة، فترة الاختبار يعني تحتاج إلى عناية بالنشء؛ لأنه ثمة في الحقيقة أخطار تتهدد الطلاب والطالبات على حد سواء في جميع مراحل التعليم، يعني فيما يتعلق بالطلاب الذين تأخذهم أُسرهم، ما في شك أنه من المهم لأولياء الأمور أن يعرفوا مواعيد خروج الطلبة والطالبات، ويبادروا إلى يعني إيصال أولادهم في الوقت المناسب لأجل ألا يكون عرضة للاستغلال من أي وجه من أوجه الاستغلال، أو يعني على أسوأ الأحوال إهدار هذا الوقت الذي يمكن أن يستفاد بالراحة أو بالتهيؤ للاختبار من القادم يعني، إن كان يقول: لا، أنا آمن على أولادي، إذا كنت آمنًا على أولادك فهيء لهم الفرصة التي تعينهم؛ لأن بقاء الطالب أو الطالبة في ساحات المدارس، أو في جوار المدارس فترة طويلة، إذا سلم من الأخطار المحيطة، وثمة أخطار حقيقية من أصحاب سوء يتصيدوه، وصاحبات سوء يزينون الشر والفساد، من أصحاب ترويج الأفكار الرديئة، أو حتى مخدرات، وسلوك منحرف، يعني الصورة التي ذكرت في أول الحديث للطلبة الذين يعبثون بالكتب، ويلقونها في الشوارع يعني منظر لا يقتصر الإشكال فيه على إهدار قيمة الكتاب وعدم الحرص على قيمته، إنما ثمة سلوك رديء يكتسب حتى من الذي يشاهد هذا المنظر، أيضًا هذا للناس بالشوارع ببقاء الطلاب عرضة للأخطار التي تحيط بهم من سيارات، عسر للمرور، يعني هناك عدد من السلبيات الكثيرة التي هي خطر على هؤلاء بالصدم أو الدهس أو ما أشبه ذلك، المقصود أنه فيه أخطار كثيرة، ينبغي أن يتنبه لها أولياء الأمور، ويبادروا إلى يعني تأمين أولادهم بالوسائل التي توصلهم إلى منازلهم في وقت باكر.
ثمة خطر الحقيقة هو من الأخطار التي يعني تروج في هذه المرحلة أو هذه الفترة من الفترات الاختبارات التعليمية، ما يتعلق بالحبوب المنشطة التي تروج للطلاب والطالبات، وأنها تعين على التذكار، وتعين على الحفظ، وتنشط على المراجعة، وأنه يعني ما أشبه ذلك، أنه ما لها آثار، هذه أثبتت الجهات المختلفة أنها بوابة للمخدرات، وأن كثيرًا من المروِّجين للفساد وتدمير النشء يدخلون على أبنائنا وبناتنا من طريق هذه الحبوب المنشطة التي تنتهي بأصحابها إلى تدمير طاقاتهم وقدراتهم، وإلى توريطهم في ما هو أعلى درجة من هذه المنشطات، وهي عتبة في طريق المخدرات التي تفسد الدين والدنيا.
أيضًا من الأخطار التي يتعرض لها الطلاب التحرش سواء من الذكور أو الإناث، والعلاقات الرديئة التي تكون بسبب إهمال والديهم، وبسبب عدم ضبط الخروج، والآن المدارس -ولله الحمد- يعني تبذل جهدًا في إرسال رسائل لأولياء الأمور وربات المنازل للإعلام بوقت خروج أولادهم وبناتهم ذكورًا وإناثًا، أبناء وبنات، فينبغي المبادرة إلى صيانة أولادنا ذكورًا وإناثًا من هذه الأخطار التي إهمالها قد تكون هذه المرحلة في بعض الأحيان بوابة شرٍّ، وبوابة إخفاق لأولادنا بعلاقات سوء يعني، أو تورط في سلوكيات منحرفة.
ثمة أمر أيضًا فيما يتعلق بحفلات التخرج التي تكون في هذه الفترة أيضًا، نحن ما بنيناه من سلوكيات مستقيمة وأخلاق طيبة يعني وقيم جميلة خلال فترة التعليم، ينبغي ألا نهدمها في حفل تخرج يكون فيه يعني مباحات، يكون فيه إسراف، يكون فيه مخالفات فيما يتعلق باللباس، أو فيما يتعلق بالآداب العامة، ينبغي لإدارات المدارس والقائمين على مثل هذه الحفلات أن يراعوا مثل هذه الجوانب المهمة، التي هي في الحقيقة مثلما ذكرت تؤكد أن هذه الفترة فترة اختبار للجميع، ليست اختبارًا للطلاب والطالبات فقط، بل اختبار لإدارات المدارس والمعلمين والجهات التعليمية والأسر، أسأل الله أن يرزقنا وإياكم نجاح الدنيا والآخرة.
المذيع: اللهم آمين، أيضًا من الأسئلة التي وردتنا في هذه الحلقة من الواتس آب سؤال من المستمع أبو محمد من بريدة، يسأل يقول: ما هي أفضل طريقة لمراقبة الأولاد بعد الاختبارات خاصة وأنا في الدوام؟
الشيخ: يقصد مراقبة إيش؟
المذيع: مراقبة الأبناء، ربما هذا يتقاطع مع سؤال المستمعة أم سلمان التي سألت أيضًا كيف يمكن أن نُنَمِّي الرقابة الذاتية في نفوس أبنائنا في فترة الامتحانات بشكل خاص؟
الشيخ: نحن في هذه الفترة لا نقيس مدى ما حصلنا من معرفية ومعلوماتية، نقيس المعلومات والقيم، لأن العملية التعليمية لا تقتصر فقط على كمٍّ من المعلومات والمعارف، بل كم من المعلومات والمعارف الذي تثمر قيمًا وسلوكًا وأخلاقًا تبني إنسانًا، ينبغي أن نعرف أن الرقابة الذاتية هي قيمة من القيم التي ينبغي ألاَّ نفتِّش عنها اليوم، وتقول: كيف نبني أبناءنا فيما يتعلق بقيمة المراقبة والوازع الذاتي عن مقارفة الخطأ والوقوع فيه؟ إنما اليوم نحن نختبر ما زرعناه، ما بنيناه في الفترة الماضية، والحل يأتي كما ذكرت بالتذكير، بالوعظ، بالتنبيه، بالمواقف، والإشادة بأصحاب المواقف الإيجابية بتكريمهم فيما يتعلق بالأمانة، فيما يتعلق بحفظ الحقوق، فيما يتعلق بالبعد عن مواطن الريب، يعني ينبغي أن يقال للمحسن: أحسنت، كما أنه في المقابل ينبغي أن يقال للمسيء: أسأت، فمعاقبة المسيء تردع النفوس عن الإساءة، ولهذا ذُكر -أعزك الله تعالى- في علل بعض العقوبات الشرعية المقدرة بأنها نكال، أي نكال للفاعل بردعه، ولغيره بأن يقدم على مثل هذه الأخطاء، فالمفروض أن هذه نحتاج إلى بنائها خلال العلمية التعليمية سواء من الأسر أو عندما يكون الوالد مثلاً يسهِّل للولد عملية الغش بدفع أموال لإنجازات لم يقم بها الطالب هو في الحقيقة هدم هذه القيمة، هدم قيمة أن الطالب ينبغي أن يعتمد على نفسه، فبالتالي يأتي في الاختبار وإذا تيسرت له فرصة سانحة إنه يغش غش؛ لأنه رُبِّي على أنه ما فيه مشكلة أن تتقدم وتتفوق بعمل غيرك، في حين أنه لما أكون أنا قائم بهذه الأمانة فأقول لولدي لما يأتي يطلب مني إعداد بحث من غير أن يبذل فيه جهدًا، أقول له: لا يا بني، ما يصح هذا، ابذل جهدك وأنا أساعدك وأُقوِّمك، أو أبحث عمن يساعدك ويعينك في الوصول إلى يعني إتقان هذه المهارة، لكن عندما أساعده في الغش، وآتي له ببحث جاهز.
المذيع: هذا تشجيع واضح على الغش.
الشيخ: هذا الآن أنا لا آتي وأسأل أقول: كيف أمنع ولدي من الغش؟ أنت الآن علمته الغش وهو سيمارسه في أي فرصة تسنح له.
الشيخ: نبهنا إلى أنه يجب أن نرشد في جانب الحفلات، وأن يعني لا يُترك الأمر على غاربه، فيما يتعلق بالابتهاج والسرور في هذا بحيث أنه يعني لا يترتب عليه آثار سلبية، نحن نحتفل ونفرح ونُسَرّ، وهذا مما ينبغي أيضًا أن يشجع؛ لأنه فعلاً بعض المدارس لا تقيم شيئا، فيأتي الطلاب يقول: ليش نحن المدارس الأخرى أقامت، ونحن لم نفرح؟ لاسيما الذين يختمون مرحلة، ينتقلون إلى مرحلة أخرى، يعني ينتقل من متوسط إلى ثانوي، من ثانوي إلى جامعة، قد يقع في نفسه شيء ألا يُحتفل به أو ألا يفرح به، فالاحتفال في حد ذاته معنى إيجابي تشجيعي، لكن ينبغي أن يُرشَّد بما يقي السلبيات، ويحقق المقصود.
الأخ الشاعر الكريم الذي شاركنا بمداخلته يعني أبدى وجهة نظر أسأل الله أن تكون محل العناية، وفي كل الأحوال يعني ينبغي أن نعلم أن هؤلاء فلذات أكبادنا، أن هؤلاء هم ركائز وقواعد بناء المستقبل، هؤلاء الطلاب والطالبات هم الذين سيحملون الرايات عما قريب، وليس شيئًا بعيدًا، فينبغي أن نبذل قصارى جهدنا في تربيتهم، في تعليمهم، في تزكية أخلاقهم، في إنشائهم على النحو الذي غدًا إذا سلمنا الرايات رأينا فيهم ما يسرنا في استمرار المسيرة وبناء هذا الوطن المبارك، واستمرار العطاء لبلادنا وللأمة الإسلامية عامة ولسائر البشرية.
المذيع: جميل، إذا كان هناك أيضًا من كلمة أخيرة يا شيخ خالد، قبل أن نختم هذا اللقاء في موضوعنا اليوم عن الطلاب والامتحانات، وما يتعلق أيضًا بالبيئة المحيطة بهؤلاء الطلاب سواء في العناصر الأساسية كمدرسة والبيت ويعني المسجد وغير هذه العناصر.
الشيخ: هو الحقيقة إن كان من كلمة يعني أنا أوصي المعلمين والقائمين على تقييم الطلاب أن يتحرَّوا العدل، وأن يرصدوا خلال تقويمهم يعني الحقيقة يا أخ عبد الله، التقويم ليس للطالب فقط، التقويم للطالب والعملية التعليمية، يعني عندما يأتيك طالب وتستشهد من إجابته خللاً بينًا في العملية التعليمية، ينبغي أن يرصد هذا من قبل المعلمين، وتبحث التدابير لمعالجة القصور والنقص، لأن هذا الطالب الذي يكتب الآن هو نتاج تعليمي، ونتاج تدريسي لمدة سنة.
صح، بعض المدرسين يقول: أنا لا أتحمل تقصير غيري، وهذا نتاج بناء تعليمي ضعيف في الأصل، نعم بالتأكيد قد يكون هذا هو السبب، لكن مسئوليتنا أن نرتقي وأن نخفف الضعف، فبالتالي أقول الذين يقومون الطلاب ينبغي أن يتحروا العدل، هذا فيما يتعلق بالتقويم، وأن يعطوا كل ذي حق حقه، ولأن تخطئ في العفو خير من أن تخطئ في العقوبة، هذا واحد.
ثانيًا: يعني رصد الملاحظات السلبية برصدها حقيقة يعني بتسجيلها، إنه تم مثلاً ضعف في الخطوط، ضعف في الإملاء، ضعف في تحصيل في الجانب العلاني، ضعف في كذا وكذا، فيه إيجابيات، يعني من خلال التقويم إن الطلاب عندهم جوانب إيجابية كذا وكذا وكذا، فالإيجابيات تُعزَّز، والسلبيات تلاحظ، سواء على المستوى الشخصي في طريقة المعلم وتعليمه، أو على المستوى العام بأن يكتب للمدرسة أو إدارة المدرسة، أو ترفع إدارة المدرسة للجهات التعليمية للارتقاء بالتعليم، التعليم هو مفتاح النجاح، التعليم هو اللبنة الأولى التي ترتقي بها الأمم، إذا فشلنا في التعليم ثق تمامًا أننا لن ننجح في أي شيء، لا في دين ولا في دنيا، ولذلك أول ما أمر الله تعالى رسوله في وحيه: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾العلق:1، فالقراءة مفتاح وهي التعلم بكل وسائل التعلم يعني هي مفتاح البناء الديني، البناء الدنيوي، صلاح المعاد، التنمية، كل ذلك يبنى على صلاح الكلمة، عسى الله أن يقر أعيننا بصلاحه، وأن يوفق القائمين عليه، وهم يبذلون جهودًا مشكورة في الارتقاء به، وأن يوفق ولاة الأمور إلى ما فيه خير العباد والبلاد، وأن يرينا في أبنائنا وبناتنا ما يسرنا من تفوق، ونجاح، وصلاح، وتسديد، وارتقاء ننعم به في بلادنا وفي سائر بلاد المسلمين والدنيا جميعًا.
المذيع: اللهم آمين، شكر الله لكم فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح، أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم، والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، أسأله -سبحانه وتعالى- أن يجزيكم خير الجزاء، وأن ينفع بما ذكرتم وقلتم وتفضلتم في هذا اللقاء، ويجعله في ميزان حسناتكم.
الشيخ: آمين، بارك الله فيك وفي الإخوة والأخوات، نسأل الله أن يرينا في أنفسنا ما يسرنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.