قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" فإن المدينة لم يكن فيها شجر العنب وإنما كان عندهم النخل فكان خمرهم من التمر ولما حرمت الخمر أراقوا تلك الأشربة التي كانت من التمر وعلموا أن ذلك الشراب هو خمر محرم فعلم أن لفظ الخمر لم يكن عندهم مخصوصا بعصير العنب وسواء كان ذلك في لغتهم فتناول غيره؛ أو كانوا عرفوا التعميم ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه المبين عن الله مراده فإن الشارع يتصرف في اللغة تصرف أهل العرف يستعمل اللفظ تارة فيما هو أعم من معناه في اللغة وتارة فيما هو أخص .
وكذلك لفظ الميسر هو عند أكثر العلماء يتناول اللعب بالنرد والشطرنج ويتناول بيوع الغرر التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم فإن فيها معنى القمار الذي هو ميسر إذ القمار معناه أن يؤخذ مال الإنسان وهو على مخاطرة هل يحصل له عوضه أو لا يحصل ؟
كالذي يشتري العبد الآبق والبعير الشارد وحبل الحبلة ونحو ذلك مما قد يحصل له وقد لا يحصل له وعلى هذا فلفظ الميسر في كتاب الله تعالى يتناول هذا كله وما ثبت في "صحيح مسلم" عن النبي صلى الله عليه وسلم«أنه نهى عن بيع الغرر» يتناول كل ما فيه مخاطرة كبيع الثمار قبل بدو صلاحها وبيع الأجنة في البطون وغير ذلك .
ومن هذا الباب لفظ الربا فإنه يتناول كل ما نهي عنه من ربا النسأ وربا الفضل ؛ والقرض الذي يجر منفعة وغير ذلك فالنص متناول لهذا كله".
" مجموع الفتاوى" ( 19/283- 284).