×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (73) بين يدي رمضان

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3724

المذيع: من جديد نحيكم، ونرحب بكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة المباشرة من برنامج "الدين والحياة"، أيام قليلة ويحل بساحة المسلمين ضيف كريم، وموسم عظيم، موسم تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتسلسل فيه الشياطين، موسم تضاعف فيه الحسنات، وتغفر فيه السيئات، وتقال العثرات، طوبى لمن أدرك هذا الموسم العظيم وخرج منه بأوفر الحظ والنصيب، حديثنا مستمعينا الكرام في هذه الحلقة بعنوان: "بين يدي رمضان".
شيخ خالد عندما نتحدث عن التوطئة والتقدمة لشهر رمضان المبارك بشكل خاص، وربما أيضًا بشكل عام قبل ذلك عن مواسم الخيرات، ما الذي يمكن أن نتوصل إليه من خلال هذه التوطئة وهذا الحديث الاستباقي لمواسم الطاعات والخيرات؟ هل هناك من فوائد مرجوة لذلك الحديث؟
الشيخ: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: تحياتي أخي عبد الله، وللإخوة والأخوات، المستمعين والمستمعات، ولكل من يصله هذا البرنامج المبارك، لا شك أيها الإخوة والأخوات أن الإنسان يبتهج ويُسرُّ، ويفرح بكل ما يحقق غرضَه من هذا الخلق والوجود، الله خلقنا لعبادته، هذه الحقيقة، وهذه القضية على رغم وضوحها في الكتاب والسنة، وأيضًا رسوخها في أذهان كثير من المسلمين إلا أن غيابها أحيانًا وعدم التذكير بها، واختفاء معالمها في خضم تلاحق الأحداث وزحمة شواغل الحياة، وكثرة الصوارف، وأسباب الغفلة تجعل الإنسان يتوارى عنه الحدث الحقيقي من الوجود، يشتغل بيومه وأمسه وهمه في مستقبله عن إدراك هذه الحقيقة، وعن العمل لأجلها، يأتي الله -عز وجل- بمواسم، من فضله وإحسانه وبره وكرمه ورأفته بعباده أن جعل هذه المحطات للتذكر والاعتبار والاتعاظ والتوقف والتزود، فجعل محطة أسبوعية في يوم الجمعة، جعل محطة سنوية في شهر رمضان، وفي الحج، جعل حوادث زمنية وقوارع عامة وخاصة تصيب الإنسان، تستوقفه وتذكِّره، فمواسم البر والخير في مواقفه اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية هي في الحقيقة نعمة من الله -عز وجل- للعبد لتذكره بغاية خلقه، ومقصود وجوده، وأنه في هذه الحياة هو في تزوُّد، هو في مشروع استكثار من الصالحات، وتخفف من السيئات ليتهيأ ليوم الميعاد الذي فيه يحاسب الإنسان على عمله، وفيه يرى حصاد ما زرع ونتاج ما قدم وعمل.
أيها الإخوة والأخوات إن مواسم البر والخير هي مَزارع، هي منح من الله -عز وجل- لعباده، وميادين سباق في نيل مرضاته والفوز بهباته التي جعلها في هذه المواسم، فجدير بالمؤمن أن يُسرَّ قلبه، وأن يبتهج فؤاده، وأن تنشط نفسه، وأن تتشوف روحه لإدراك هذه المواسم، ولهذا كان من سبق من أهل البر والطاعة والإحسان يتشوفون لهذا الشهر المبارك، ويدعون الله -عز وجل- أن يبلغهم رمضان.
وقد جاء ذلك في حديث النبي الذي يشعر بهذا النوع من التشوف، وإن كان الحديث في إسناده مقال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم بارك لنا في رَجَب وشعبان وبلِّغنا رمضان».[ أخرجه أحمد في مسنده:ح2345، والطبراني في الأوسط، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع:ح4395]
الحديث في إسناده مقال لكن ما ثبت عن السلف من دعاء الله -عز وجل- ستة أشهر قبل مجيء رمضان أن يبلغهم رمضان[أخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب:ح1761، بسند صحيح ]، وما جاء من قول يحيى بن كثير: أن كثيرًا من السلف كانوا يدعون الله -عز وجل- فيقولون: "اللهم سلمنا لرمضان وسلم لنا رمضان وتسلمه منا متقبلا."[ أخرجه الطبراني في الدعاء من حديث عبادة ابن الصامتt. وسنده ضعيف]
هذا يشعر بأن لهذا الشهر من الميزة ما حفَّز نفوس أولئك الأخيار لإدراكه، والرغبة في بلوغه، وجني ما فيه من خيرات وبركات ليس من الفضل والسبق ولا الخير، ولا المنقبة ولا الميزة أن ندرك رمضان بسيء الأعمال، إنما الميزة الحقيقية أن ندرك رمضان بنيات صادقة، وعزائم راشدة أن نعمر لحظاته، وأوقاته، وأن نملأ ثوانيه قبل دقائقه وساعاته بصالح العمل.
إننا بحاجة إلى أن ندرك أن ذلك الموسم موسم تخفُّف من السيئات، موسم إكثار من الطاعات هذه حقيقته، وقد أعانك الله -عز وجل- على ذلك بما هيأه قدرًا وقضاه كونًا أن هذا الشهر تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفَّد فيه الشياطين أي تحبس عمَّا تصل إليه من الإساءة والإغواء في سائر الزمان، وهناك منادٍ يهتف في النفوس والقلوب يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.
كل هذه المعاني إذا لم تحفِّز نفسك إلى الإقبال على هذا الشهر في رغبة في صالح العمل، برغبة في التخفف من السيئات، برغبة في ما فيه من صالح الأعمال كالصيام إيمانًا واحتسابًا، والقيام إيمانًا واحتسابًا، والقيام وهو تلاوة القرآن وغير ذلك، فنقول: إنك تدرك رمضان ببوادر فشل؛ لأن أصحاب التجارات يستقبلون مواسمها بالإعداد والتهيؤ، ودراسة جدوى ما سيستقبلونه من موسم، وكيف يخرجون منه بأكبر الأرباح وأوفر أسباب النجاح؟ نحن نستقبل هذا الشهر فالجدير بنا وما بيننا وبينه إلا أيام أن ننوي نية صادقة، وعزائم راشدة، في أن نعمر هذا الشهر بخير، أن يكون هذا الشهر نقطة تحول، وتغير في مسارنا، تحول وتغير إلى الصالح.
ففيما يتعلق بالسيئات نتخفف منها قدر الإمكان، وننوي تركها ونعزم على الرشد فيها، فيما يتعلق بما يتصل بالصالحات نفتش أنفسنا عن حقوق الله الواجبة في عبادته وتوحيده، وفي إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والصوم، وبر الوالدين، وأداء الأمانات، وصلة الأرحام، وأداء الحقوق، كل هذا مما نحتاج إلى أن ننويَه، وإلى أن نخصَّه أيضًا الأعمال التي تقوم في هذا الشهر بمزيد عناية من الصوم إيمانًا واحتسابًا، ومن القيام إيماًنا واحتساًبا، ومن تلاوة القرآن، وغير ذلك من صالح الأعمال التي قد يتيسر لنا الإشارة إليها.
إن العتبة الأولى التي تقدم إليها قدمك في استقبال هذا الشهر المبارك، وتحفز بها نفسك إلى الصالح أن تعرف عظيم فضل الله عليك بإدراكه، فضل من الله ومنَّة أن تدرك هذا الشهر، إنها منحة أن يبلغك الله تعالى شهر الخيرات والبركة.
أن تعزم جازمًا صادقًا بأن تتوب مما وقع من سيء العمل، تستقبل شهر رمضان بالتوبة الصادقة من السيئات، والعزيمة على الإصلاح، المقصود بالتوبة، والعزيمة على الإصلاح هو ما يكون في القلب من عظيم الرغبة في التخفف من السيئات، والندم على سيء العمل فيما سلف من الزمان، وفيما يتعلق بالمستقبل العزيمة على الرشد بأن تبادر إلى كل بِرٍّ، وتستكثر من كل خير، وتجتهد في كل صالحة رغبة فيما عند الله -عز وجل- من عظيم الأجور، وليس ذلك فقط في الآخرة بل في الدنيا قبل الآخرة، فإن في الدنيا من أسباب السعادة كالطاعة والانشراح، ولذة الإيمان ما يحفز النفوس على الاستكثار من صالح الأعمال هذا وذاك الندم على السيئة بالتوبة والعزيمة على الرشد بالرغبة في صالح العمل، والهم بإصلاح الأعمال والقيام بالفرائض والواجبات والتي تسمى الصالحات هو من خير ما نستقبل به هذا الشهر.
ومما يعيننا على ذلك أن نُلحَّ على الله -عز وجل- بالدعاء، كثرة الاستغفار، وكثرة الذكر، كثرة تلاوة القرآن، كثرة التسبيح والتحميد والتكبير، كل ذلك مما يهيئ النفس، ويوطئها إلى صالح العمل، إن ذكر الله -عز وجل- بالقلب، والاستغفار باللسان، والذكر بالبدن مما يعين الإنسان على إصلاح عمله والاستقامة.
دواعي الفشل، دواعي الخطأ، دواعي المخالفة كثيرة وهي تحيط بنا من كل جانب ولا يحوِّلنا عن المواقعة إلا صدق الإيمان، ويقين راسخ في الجنان أن الله تعالى مطلع على السر وأخفى ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىالعلق:14 إن المؤمن المدرك لمثل هذه الحقيقة، وأن الله يراه، ومطلع على سره وإعلانه، وأنه مهما يخفى على الناس يعلمه الله -جل وعلا- يحفز الإنسان على إصلاح الصلة بالله -عز وجل-، المبادرة إلى الاستقامة، الأخذ بأسباب الرشد، التوقي لكل أسباب الفشل، لكل أسباب السقوط، لكل أسباب الاستمرار في الشر، الرايات تُنصب من شياطين الإنس في هذا الشهر المبارك للصدِّ عن سبيل الله بأنواع من الصد إما بالإلهاء والإشغال عن الطاعة، وإما بالتزيين والتسويل للوقوع في المعصية، وكلاهما فشل، يعني ليس الفشل فقط ألا تقوم بالصالحات، ليس الفشل فقط أن تقع في الخطايا والسيئات، بل الفشل أن يفوتك الصالحات والخيرات في هذا الشهر.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رَغِم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه» كررها ثلاثًا، ثم لما قال له الصحابة: من يا رسول الله؟ قال: «مَن أَدْرَك رمضان وَلَم يُغفر له»[أخرجه الترمذي في سننه:ح3545، وأحمد في مسنده:ح7451، وصححه الألباني:ح6] معنى هذا أنه ليس الفشل فقط في أن تقع في السيء، لا هناك فشل دون لك حتى لو لم تقع في السيئات لكن فاتك هذا الموسم الكريم بما فيه من الخيرات وخرجت منه دون مغفرة الزلات، ووضع السيئات فقد رغم أنفك، وخسرت، وكنت فيه من الفاشلين.
اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، أعنا على الطاعة والإحسان، واسلك بنا سبيل الهدى والصلاح يا رب العالمين.
المذيع: أحسن الله إليكم، متواصلين معكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة المباشرة من برنامج "الدين والحياة"، وحديثنا متواصل في موضوع حلقتنا لهذا اليوم، وهو: بين يدي رمضان، مع فضيلة الشيخ الدكتور: خالد المصلح.
أرقام التواصل لمن أراد أن يتفاعل ويتواصل معنا في موضوع حلقتنا هذه على 0126477117، 0126493028، وعبر الواتساب على الرقم 0582824040 وعبر هشتاج البرنامج الدين والحياة على تويتر.
نأخذ الاتصال الأول من المستمع عبد العزيز الشريف من الرياض، تفضل عبد العزيز.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: حياكم الله أستاذ عبد الله.
المذيع: حياك الله عبد العزيز.
المتصل: أحييك وأحيي فضيلة الشيخ.
الشيخ: مرحبًا.
المتصل: بارك الله فيك، التهنئة بقدوم رمضان، هل لها أصل في الشريعة؟ ومتى التهنئة برمضان؟ هل تبدأ قبله بأسبوع؟ أو في ليلة دخوله؟ أو متى بارك الله فيك؟.
الأمر الثاني: نسمع بين الفينة والأخرى أن كثيرًا من الناس يحجر على الصوَّام، لا تفرحوا بالليل، لا تلعبوا، لا تروحوا عن أنفسكم، هذا رمضان اغتنموه، السيدة عائشة رضي الله عنها تقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم في العشرين الأُوَل من رمضان يخلط بين الصيام، وبين النوم، وبين الصلاة، فهذا يدل على أن الصائم يرتاح، يروح عن نفسه، فلماذا بعض الناس للأسف يضيق على المسلم في رمضان؟ فإذا جاء رمضان تجده يحذر وينذر مع أن الدين سهل ويسير.
الأمر الثالث بارك الله فيكم: بعض الناس يحذر من الأطعمة، يقول: لا تشترِ أطعمة، فإن رمضان ليس شهر أطعمة، ولا شهر أشربة ولا غير ذلك ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِالأعراف:32.
أريد من الشيخ أن يوجه الناس ألا يكونوا طرفي لا إفراط ولا تفريط، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، شكرًا يا عبد العزيز، نأخذ أيضًا الاتصال المستمع صالح الجهني، تفضل يا صالح.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: أسأل الله العظيم أن يبلغنا وإياكم رمضان.
المذيع: اللهم آمين.
المتصل: الشيخ خالد أسأله سؤالًا، أنا إمام مسجد وأريد أن يعطيني نصيحة، كيف القراءة في الصلاة في التراويح، هل أقسمها على صفحتين، صفحة، نصف صفحة؟ يعني السنة في ذلك الشيء؟
المذيع: طيب إن شاء الله، شكرًا جزيلًا.
المتصل: شكرًا.
المذيع: شكرًا لك أخ صالح، طيب الشيخ خالد، ربما الأخ عبد العزيز أتى على موضوع من الموضوعات المهمة التي سنتناولها في هذه الحلقة، وهو مسألة التهنئة بقدوم رمضان، يعني الجدل الذي يثيره البعض حول هذا الموضوع.
الشيخ: فيما يتعلق بالتهنئة، التهنئة الأصل فيها الإباحة، وذلك أن التهنئة بالأعوام والشهور والأيام هي من العادات، والأصل في العادات الحلُّ والإباحة، نص على هذا جماعة من أهل العلم فلا حرج في التهنئة برمضان من حيث الأصل على أن من أهل العلم من رأى لذلك أصلًا في قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه النسائي وغيره من حديث أبي هريرة: «أظلَّكم رمضان، شهر مبارك»[ صحيح ابن خزيمة (1887)، ومن طريقه وطريق غيره البيهقي في الشعب (3336)، وقال ابن أبي حاتم غفي العلل: هذا حديث منكر. علل ابن أبي حاتم:3/110]
فقول النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان شهر مبارك في إخباره بدخوله أو قرب دخوله إشارة إلى أن التهنئة به مما له أصل حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم بشَّر به فقال كما في مسند أحمد من حديث أبي هريرة: «قد جاءكم شهر مضان» ثم قال: «افترض عليكم صيامه يفتح فيه أبواب الجنة ويغلق فيه أبواب النيران»[أخرجه أحمد في مسنده:ح8867، والبيهقي في الشعب:ح3328، وقال محقق المسند:حديث صحيح]، وفي رواية من حديث سلمان في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، قال: «أظلَّكم شهر مبارك، فيه ليلة خير من ألف شهر»[تقدم]، والأحاديث في هذا يعني عديدة التي فيها التبشير والبشارة بمجيء هذا الشهر المبارك، فليس في التهنئة حرج، وهي من الأمور المباحة على أقل الأحوال، ولا فرق في ذلك كأن يهنئ الإنسان قبل مجيئه في قربه أو عند زمن دخوله أو عند دخوله في أول أيامه، كل هذا الأمر فيه واسع مما يرجع فيه إلى عرف الناس وعاداتهم.
فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى، ولا يضيق على الناس في هذا، ومن رأى أنه ليس له أصل التهنئة في رمضان فلا يهنئ ليس لازمًا عليه أن يهنئ، وإذا هنأه أحد فهي من التحيات التي تدخل في عموم قول الله -عز وجل-: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَاالنساء:86.
المذيع: جزاكم الله خير، السؤال الثاني كان حول التثريب على الصوام فيما يتعلق بالترويح على أنفسهم، خاصة في الليالي العشرين الأولى في هذا الشهر شهر رمضان.
الشيخ: الموضوع بين إفراط وتفريط، ولكن المؤمن البصير يدرك فضيلة هذا الشهر المبارك، ويستغل وقته بما يكون من عمارته بالطاعات، وبالتأكيد أنه لن يعامل هذه الساعات، وهذا الزمن المبارك بلهو كسائر الزمان، إنما له من الخصوصية ما يستوجب العناية، ولعل بعض الناس عندما يذكر مثل هذا يقصد أن يكف الناس عن اللهو الزائد الذي قد يزينه بعض الناس، ويحول هذا الموسم إلى موسم لهوٍ، وإلى موسم يعمر ليله بمتابعة المسلسلات، والتماثيل، ونهاره بالنوم فيذهب عليه هذا الزمان المبارك فيما لا فائدة فيه هذا إن قلنا: إنه لا مضرة فيه هذا اللهو الذي يصرف فيه هذا الوقت.
ينبغي للمؤمن أن يستشعر عظيم هذا الفضل الحاصل في هذا الشهر بصيامه إيمانًا واحتسابًا، وبأن يأخذ من الليل ما يسر الله له من خلال صلاة التراويح قيامًا، ويتجنب المحرمات، أما محادثة الأهل، ومسامرة الأصحاب في حديث مباح فهذا لا تثريب على الإنسان فيه، والنبي صلى الله عليه وسلم، وهو معتكف كانت أزواجه يأتين إليه صلى الله عليه وسلم، ويحادثهن ما شاء الله تعالى أن يحادثهن، وهذا في العشر الأخير من رمضان وهو معتكف فلا حرج في هذا ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقالأعراف:32، لكن الكلام في تحويل هذا الموسم إلى موسم متابعة مسلسلات، وملاحقة قنوات في لهو، وغيبة عن استغلاله فيما يفيد، ويصلح القلب، ويقرب لله -عز وجل-.
المذيع: جزاك الله خيرًا.
الشيخ: فلا هذا ولا ذاك، الله تعالى يقول: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًاالبقرة:143 «أصوم وأفطر وأنام وأقوم وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني».[أخرجه البخاري في صحيحه:ح5063]
المذيع: ربما أيضًا هذه الإجابة تنطبق على نفس السؤال المتعلق بشراء الأطعمة وغير ذلك.
الشيخ: نعم كذلك يعني هناك يا أخي أحيانًا قد يتحمس الإنسان في معالجة أمر فيتوهم أنه لا تأكل شيئا، ولا تشرب شيئا، غير صحيح هذا، بل إعطاء النفس حظها في المأكول والمشروب هو مما يُتعبد لله -عز وجل- به، بل هو من معالم الخير في الأمة كما قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الدين ظاهرًا ما عجل الناس الفِطر»[أخرجه أبو داود في سننه:ح2353، والحاكم في مستدركه:1573، وقال:هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ] فتعجيل الفطر من معالم الخير في هذه الأمة التي أحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وندب إليها بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الدين ظاهرًا ما عجل الناس الفطر»، وفي حديث سهل بن سعد -رضي الله تعالى عنه-قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر»[أخرجه البخاري في صحيحه:ح1957]، مع أن هذا شيء يتعلق بحظ النفس، لكن النبي صلى الله عليه وسلم جعله من علامات الخيرية في الأمة أن تسابق إلى ما أحلَّ الله تعالى من المباحات.
المذيع: جميل، أحسن الله إليكم، نأخذ اتصال المستمع عبد الله الخالدي قبل الإجابة عن السؤال الذي سأله إمام المسجد، تفضل أخ عبد الله.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: سلام ورحمة الله.
المتصل: نسأل الله أن يبلغنا شهر رمضان، وأسأل الله لكم التوفيق على هذا البرنامج الجميل الذي قبل رمضان يبصِّر العباد المسلمين بما يحتاجون في هذا الشهر الكريم، طبعًا إذا علمنا أن الحياة قصيرة والأعمال قصيرة فالله -سبحانه وتعالى- عوضنا عن هذه الأعمار القصيرة بشهر تضاعف فيه الأعمال، ليلة القدر من أعظم الليالي التي تعدل سنوات كبيرة جدًّا، طبعًا شهر رمضان تجتمع فيه أغلب العبادات: قرآن، والصلاة، والزكاة، وذكر الله، والاعتكاف، الصحابة -رضوان الله عليهم- يدعون الله -سبحانه وتعالى- ستة أشهر حتى يبلغهم رمضان، ويدعون الستة الأشهر الأخرى حتى يقبل الله -سبحانه وتعالى- أعمالهم في رمضان، إذ تصفَّد فيه الشياطين، فلا بد من العزم الصادق على التوبة في رمضان، الطمع في رحمة الله -سبحانه وتعالى-، تفتح أبواب الجنة وتغلَّق أبواب النار، فهو شهر ينبغي على المسلمين أن يستغلِّوه الاستغلال الأمثل، للأسف تكثر فيه شياطين الجن والإنس في التمثيليات والمسلسلات التي تلهي، وتصد المسلمين عن استغلال هذا الشهر الكريم، شكر الله لكم، وأشكركم.
المذيع: شكرًا جزيلًا لك أخ عبد الله، إذا كان هناك من تعليق شيخ خالد حول مداخلة الأخ عبد الله.
الشيخ: هو الأخ عبد الله كرر ما ذكرناه قبل قليل -جزاه الله خيرًا-، أسأل الله للجميع التوفيق اللهم آمين.
المذيع: كان هناك سؤال مهمًّا للأخ صالح الجهني، وربما يمثل قطاعًا كبيرًا جدًّا يستحقون أن نوجِّه إليهم رسالة من خلال هذه الحلقة، وحديثنا الذي خُصِّص للحديث عن استقبال رمضان يعني هي نصيحة إلى أئمة المساجد في صلوات التراويح بشكل خاص، وبشكل عام يعني كل الصلوات في شهر رمضان.
الشيخ: ما في شك أن المساجد في هذا الشهر المبارك لها من الأهمية والعناية ما ينبغي أن تحظى بالتنبيه، ولفت أنظار الأئمة إلى جملة من القضايا المهمة؛ شهر رمضان شهر يستقبل الناس فيه أنواعًا من العبادات والطاعات، من الضروري للمؤمن أن يستشعر عظيم منزلة هذه البيوت التي جعلها الله تعالى محلًّا لطاعته والتقرب إليه ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِالنور:36
﴿رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُالنور:37، فأثنى الله تعالى على هذه البقاع لما يكون فيها من أفعال الصالحين من الطاعات والإحسان، والتقرب إلى الله -عز وجل- من الأعمال الظاهرة، والأعمال الخفية، والأعمال القلبية، لا شك أن أئمة المساجد، والقائمين عليها عليهم مسئولية ما ليست على غيرهم، وإن كانت هذه المساجد لها حقوق لا تختصُّ فقط بالقائمين عليها بل حق هذا المسجد على كل مؤمن بأن يرعاه، وأن يصونه وأن يميط عنه كل أذى، وأن يحفظه عن الخروج عن مقصوده في العمل والحال والقول، فإن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القذر، ولا شيء مما لا يليق بها لذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ هذه المساجد لا يصلُح فيها شيء من القذر»[ أخرجه مسلم في صحيحه:ح285/100] تنبيه لصيانة المسجد عن كل ما يقذره من أوساخ أو غير ذلك.
لذلك من المهم أن تصان المساجد عن الأقذار، وأن تعمر بكل ما يطيبها، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم في المساجد بالصيانة والرعاية والتطييب، وكل ما يعين على الإقبال عليه.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «البُصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها»[أخرجه البخاري في صحيحه:ح415]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من القذر، إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن»[تقدم مختصرا]، وأمر فيها بإماطة الأذى، وأمر الداخل المسجد أن يتفقد نعاله فيزيل ما علق به من سوء أو شرٍّ قبل أن يدخل حتى لا يقذر المسجد، حتى لا يقذر المسجد بما علق في نعاله عند دخوله المسجد، وكانوا يدخلون المساجد بنعالهم.
والمقصود أن مسئولية المحافظة على المساجد لا تختص بالأئمة والمؤذِّنين والقائمين على خدمة المساجد، بل هي عامة لكل المسلمين، ولكن هؤلاء بما أنهم أُسند إليهم مهامٌّ تتعلق بالمسجد فعلى كل من أسند إليه مهمة في شأن من شئون المسجد أن يتقي الله تعالى، وأن يبادر إلى القيام بذلك على الوجه الكامل الذي يحقق به مرضاة الله -عز وجل- وطاعته من جهة صيانة المساجد، من جهة مراعاة أوقات المساجد في الآذان والإقامة، ومن جهة الرفق بالناس، من جهة التذكير والمواعظ التي تنفع الناس، والتي تكون سببًا في جمع القلوب والتشجيع على الخير، من جهة مراعاة أحوال الجماعة فيما يتعلق بالصلاة، وطول القراءة وقصرها، من جهة البعد عما لا يليق بالمساجد من رفع الأصوات بالدعاء الذي يمكن أن يكون على نحو من التعدي في الدعاء بالصراخ ونحو ذلك، يعني ثمة ملاحظات عديدة جدير بأئمة المساجد أن يراعوها وأن يعتنوا بها وأن يتهيؤوا بطلب العلم والسؤال عما ينبغي أن يسألوا عنه قبل مجيء الشهر حتى إذا جاء الشهر عندهم من المعرفة والعلم بحقوق المساجد والقيام بالمسئوليات المناطة بهم ما يحقق الغاية والغرض.
المذيع: أحسن الله إليكم، شكر الله لكم فضيلة الشيخ، نتواصل معكم مستمعينا الكرام في برنامج "الدين والحياة"، وحديثنا متواصل أيضًا في موضوع حلقتنا لهذا اليوم، وهو: بين يدي رمضان مع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح، نتواصل معكم لمن أراد أن يتواصل معنا على الأرقام 0126477117، 0126493028، وعبر الواتساب على الرقم 0582824040 وعبر هشتاج البرنامج "الدين والحياة" على تويتر.

 أستأذنكم الشيخ خالد في فاصل ثم نعود لمواصلة هذه الحلقة، إذًا مستمعينا الكرام، فاصل ونواصل.
المذيع: من جديد نحييكم ونرحب بكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة المباشرة من برنامج "الدين والحياة"، حديثنا متواصل في موضوع حلقتنا لهذا اليوم، بين يدي رمضان، مع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح.
حياكم الله من جديد شيخ خالد.
الشيخ: حياكم الله.
المذيع: هناك ربما بعض النقاط التي تحتاج منا أيضًا إلى تسليط الضوء عليها في هذا الحديث الذي هو حديث استباقي عن شهر رمضان كيف يمكن أن نتهيأ لهذا الشهر الفضيل؟
ربما هناك أيضًا نقطة متعلقة بدور الأسرة فيما يتعلق بتهيئة البيت لاستقبال شهر رمضان، وأن يكون البيت بيئة صالحة، وبيئة مهيأة لصنوف العبادات والطاعات، وليتفرغ هذا البيت لأداء هذه الواجبات التي هي ضرورية على كل مسلم ومسلمة، أن يأتي بها، وأن يبتعد عن كل ما ينغص العبادة، أو ينغص على العبادة في هذا الشهر، وأن يصرف المسلم عن العبادة، وعما أمر الله -سبحانه وتعالى- به في هذا الشهر الفضيل.
الشيخ: أخي الكريم نحن بحاجة إلى أن نهيئ أنفسنا لاستقبال هذا الشهر المبارك، ومن التهيئة أن يهيئ الإنسان أهله، وولده، وأهل بيته بما يكون عونًا لهم على إدراك فضائل هذا الشهر.
الله -عز وجل- يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُالتحريم:6.
والله -عز وجل- يقول: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىطه:132.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».[أخرجه البخاري في صحيحه:ح893]
من المهم أن يقوم كل واحد منَّا بدوره في التعاون على البر والتقوى، والتناهي عن الإثم والعدوان، الوالد، الوالدة، الأخ الكبير، الأخت الكبيرة، العنصر الفاعل في البيت من كبير أو صغير، عليه من المسؤولية في تهيئة هذا الشهر المبارك، بما يستطيع من كلمة توجيهية، من تنبيه، من قصة تحفز النفوس، من تهيئة الأمور التي تعين على الصيام، والقيام إيمانًا واحتسابًا، من منع وقطع الشواغل التي يمكن أن تكون سببًا لصرف الأبناء والبنات، والأسرة عن القيام بما ينبغي أن يقوموا به من طاعات، وأعمال صالحة، نحن بحاجة إلى أن نتعاون، نحن بحاجة إلى أن يشد بعضنا، أن يشد يده بيد أخيه، ويحاول أن يتعاون مع محيطه في تحقيق الغاية والغرض من إصلاح الأسرة، والقيام بالخير، فهذا من الأشياء التي لها مردود إيجابي كبير على النفس وعلى الشخص، وعلى الأسرة.
نبسط هذا، يعني الآن بيننا وبين رمضان خمس أيام أو ستة أيام، أقل أو أكثر، من المهم أن في جلساتنا الأسرية على غداء، على عشاء، على قهوة، على شاي، أن نتناول ما المخططات؟ كم ناوي تختم القرآن؟ أين ستكون صلاتنا للتراويح؟ وما أشبه ذلك من الطرح الذي يحفز النفوس، وننبه أننا مقدمون على موسم مبارك، موسم مسابقة، موسم خيرات، مثل هذا الطرح العابر الذي نسمعه أحيانًا من خلال مدارستنا، ومجالستنا نلفت الأنظار لنوع من التهيؤ؛ حتى الغافل يتنبه، يتذكر، نحن مقبول على رمضان، أين نصلي؟ وماذا نفعل؟ يعني غالب الاهتمامات في كثير من الأحيان، وإن كان الاهتمام بهذا لا بأس به، يصبح التهيؤ بقدر ما يتعلق بالمأكل والمشرب، وهذا لا بأس به؛ لأن الإنسان يحتاج أن يتهيأ فيما يتعلق بالمأكل والمشرب، لكن أيضًا التنبيه لجوانب أخرى من التهيؤ، وتفيد الكبير والصغير وتلفت النظر إلى مقصود الشهر، والغرض المهم أن نستعد له.
يعجبني ما يفعله بعض الناس من سؤال قبل الشهر، فيما يتعلق ببعض المسائل التي يحتاج إلى معرفتها فيما يتصل بشهر رمضان، يعني معروف من المهم أن نتدارس، ولو على وجه عارض في مجال أحكام، حكمة الصيام، لماذا شرع الله الصيام؟ وقفة مع آيات الصيام ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُالبقرة:183 من تفسير مختصر كالتفسير الميسر مثلا، أو تفسير ابن سعدي، أو ما أشبه ذلك من الأشياء المبثوثة عبر حِلق ومقاطع في اليوتيوب أو غيرها، اليوم الناس يتراسلون أشياء كثيرة عبر وسائل التواصل، وشبكات الاجتماعية، يعني من المهم أن ينتقي الإنسان شيئًا منها، ويسمع هو وأولاده، أو يرسله إلى مجموعة الأسرة إذا كان في مجموعة للأسرة، يسمونها جروبات الأسر، يعني كل هذه من الأشياء التي لن نعجز من خلالها أن ننبه وأن نتهيأ فيما بيننا وبين أبنائنا وبناتنا وأُسَرنا، وزوجاتنا إلى أهمية هذا الشهر، تسلية النفوس، الأسر قد تمر أحيانًا بمشاكل زوجية، أحيانًا بأنواع من النزغات الشيطانية التي تقع بين الأسر، سواء إخوان أو أخوات أو زوجات، من المهم أن نصفي الأجواء؛ لأنها أجواء مغفرة ورحمة، وبر، ومن أسباب الحيلولة بيننا وبين ما نؤمله من مغفرة الله -عز وجل- للذنوب، وبلوغ ما نؤمله من خيرات ومبرات، من أسباب الحرمان هو ما تُشحن به النفوس من ضغائن وأحقاد وما أشبه ذلك.
فالجدير بنا أن نجتهد، وأن نسعى بما نستطيع من طاعة وإحسان أن نصفي الأجواء، أن نقرب النفوس، أن نتصافح، ونتجاوز عن الخطأ، فمن عفا عن الناس عفا الله عنه، ومن أحسن إليهم أحسن الله إليه، ومن رحمهم رحمه الله، وهكذا الله لك كما تكون للناس في البر والإحسان.
المذيع: ربما ننوه على نقطة مهمة جدًّا ألا وهي العزم والنية، تبييت النية من الآن، أو أن يكون للإنسان نية من الآن، بعمل كل ما يستطيعه من فعل الصالحات، وكذلك ما يتعلق بالأقوال الصالحة، وكل ما يدخل في صنوف الطاعات، وأيضًا في نفس الوقت الابتعاد عن المحرمات، بقدر ما يستطيع هذا الإنسان أن يحاول أن يأتمر بأمر الله -سبحانه وتعالى- وينتهي عن نهيه، فإذا ما مَنَّ الله عليه -سبحانه وتعالى- ببلوغ هذا الشهر الفضيل كُتب له أجر نيته وفي نفس الوقت أيضًا وفِّق لهذا العمل، بخلاف من لديه بعض النوايا السيئة كالفرح بقدوم هذا الشهر لممارسة بعض المعاصي وغير ذلك، وفعل بعض المعاصي التي –للأسف- بعض النفوس الضعيفة استمرأ فعلها في مثل هذا الشهر الفضيل، في شهر رمضان.
الشيخ: صحيح هو لا شك أنه من النفوس من تفرح بهذا الموسم لما فيه من فرص لأنواع من المخالفات، وهؤلاء الله يهدي قلوبهم، ويعني خاسرون؛ لأن من جعل موسم الطاعة، موسمَ عصيان فقد أغضب الرحمن وتعرض لسخطه، وما أشد حرمان الذي يقع فيه هؤلاء الذين يحيلون شهر الخير والبر والطاعة والإحسان إلى شهر تخطيط لإساءة، ومعصية ومواقعة لأنواع من السيئات التي تفسد القلوب، وتوقع الناس في ألوان من فساد الدين والدنيا.
أسأل الله أن يهدي قلوبهم، وأن يعمرها بالصالح من العمل، وأن يكفيهم شر أنفسهم؛ لأن من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، فهذا الذي يسرف على نفسه في هذا الشهر المبارك، إنما يتزود سوءًا إلى النار، وذلك إذا لم يتبِ الله عليه، ولم يستعتب، ويستغفر قبل الرحيل.
لا شك أن هذا الشهر شهر يستوجب أن يراجع الإنسان فيه نفسه، ومن مقدمات الإصلاح أن يعمر قلبه بالنية الصالحة؛ لأن من همَّ بحسنة فقد مهَّد لموقعتها بخلاف الذي يهم بالسيئات فإنه يجني السيء من العمل، وذلك أن من هم بحسنة فعملها كتب له أجران: أجر الهم بالحسنة، وأجر العمل بالحسنة، كما قال النبي -صلى الله وعليه وعلى آله وسلم-: فيما يروي عن ربه:  «إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بيَّن ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كامله» أي وافية الأجر، هذا معنى كاملة.
«فإن هو همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عشرة حسنات إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة»، وأما «ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة» لتركه السيئة، وعدوله عنها بالتوبة والاستغفار «فإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة»[أخرجه البخاري في صحيحه:ح6491]
فالجدير بنا ونحن نقبل على هذا الشهر أن نعمر قلوبنا بالهمة الصالحة الراشدة، غير الهم بالصيام أيمانًا واحتسابًا، الهم بالقيام إيمانًا واحتسابًا، الهم بتلاوة القرآن، الإحسان إلى الخلق، وما إلى ذلك من صالح العمل.
المذيع: جزاك الله خير يا شيخ، نأخذ آخر اتصال عبد العزيز من الرياض؛ تفضل عبد العزيز.
المتصل: السلام عليكم.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله.
المتصل: مساكم الله بالخير.
المذيع: مساك الله بالنور.
المتصل: الله يتقبل منكم صالح الأعمال، والله يبلغنا وإياكم رمضان إن شاء الله.
المذيع: تفضل.
المتصل: عندي سؤال معلش خارج نطاق الموضوع هذا، وأنا أريد أن أستفسر من الشيخ؛ يا شيخ أنا رجل أمن يا شيخ، وبحكم المخالفات المرورية زادت مبالغها؛ أنا أعطيت اليوم شخصًا مخالفة نفس المخالفة مرتين وهي قطع إشارة عن طريق الخطأ ليس بالمقصد، ما الحل يا شيخ؟
الشيخ: أعطيته غلط يعني ولا لاستحقاقه؟
المتصل: لا، أعطيته أول شيء لاستحقاقه لأنه قطع الإشارة، ولكن عملت إعادة مرة أخرى على أنه قطع إشارة ثاني مرة، وأنا غير قاصد يا شيخ.
الشيخ: هذه لها معالجة بمراجعة الجهات المختصة؛ يعني سجل أنك مخطئ في التسجيل الثاني، وتقدم به للدائرة المَعنيَّة في تسجيل المخالفات؛ وإذا تعرف الرجل برقم لوحة سيارته تبلغه، ترى أنا أخطأت في الثانية فتقدم باعتراف حتى أيضًا تتحقق من أنه تسقط عنه.
المذيع: شكرًا يا عبد العزيز.
الشيخ: جزاك الله خيرًا على حرصك، وأسأل الله أن يعينك على السداد.
المذيع: جزاك الله خيرًا، شكرًا يا عبد العزيز على هذا السؤال؛ بهذا السؤال وصلنا مستمعينا بختم حلقتنا هذه من برنامج "الدين والحياة"، وحديثنا كان بين يدي رمضان.
هذا الحديث المستفيض مع فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد ابن عبد الله المصلح؛ أستاذ الفقه في كلية الشريعة بجامعة القصيم؛ المشرق العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، شكر الله لفضيلته وبارك فيه وفي علمه ونفع به الإسلام والمسلمين.
الشيخ: آمين، وأختم، بأن أسأل الله -عز وجل- الذي بيده الملك أن يوفق هذه البلاد لما فيه الخير، وأن يعزَّها، وأن يمكن لها، وأن يوفق ولاة أمرنا لما يحب ويرضى، فما نحن فيه من القمم المتوالية يشهد لعظيم مكانة هذه البلاد، وكبير تأثيرها في المنطقة بل في العالم أجمع، وحق ولاة أمرنا علينا أن ندعوا لهم بالتسديد والتوفيق، وأن نكون عونًا لهم على تحقيق مقاصد هذه الاجتماعات التي يقصد منها نفع الإسلام والمسلمين، وعز هذه البلاد والتمكين لها بكل خير.
ونحن -ولله الحمد- نفرح باجتماع الأمة، وتكاثفها وتعاضدها وندعوا الله لولاة أمرنا بالسداد والتوفيق، ونسأل الله تعالى أن يجعل هذا الشهر هالًّا على بلادنا والمسلمين والعالم بالخير والبر والبركة والتوفيق والتسديد والصلاح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المادة التالية

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93792 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89654 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف