×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

خطب المصلح / خطب صوتية / خطبة الجمعة: كيف نغتنم رمضان ونكون من الفائزين

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
خطبة الجمعة: كيف نغتنم رمضان ونكون من الفائزين
00:00:01
1312.24

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله تعالى وتزودوا بتقواه، ليوم لقاه جل في علاه؛ فإن التقوى خير ما تزودتم به للقاء الله عز وجل.. ﴿وتزودوا فإن خير الزاد التقوى﴾ +++البقرة: 197---. أظلكم - أيها المؤمنون - شهر كريم، وموسم عظيم، فها هو رمضان يطرق الأبواب، يرتقب هلاله الليلة أو القابلة، فلا إله إلا الله، ما أسرع مر الليالي وتعاقب الأيام، وما أعجل دوران رحى الزمان، فالليالي والأيام تطوى، والأعمار والأعوام تفنى، ﴿ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام﴾ +++الرحمن: 27---. ﴿فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون﴾ +++الأعراف: 34---. الله أكبر.. هذا مولود يبكي، وذاك مقبور يبكي، وكل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها، أو موبقها، وبائع نفسه لله رابح، وبائعها للشيطان خاسر. أيها المؤمنون.. إن خير ما تستقبل به مواسم البر والطاعة، أن يقبل فيها العبد على الله عز وجل بالتوبة، والمغفرة، والإنابة، وطلب الاستعتاب. إن خير ما تستقبل به هذه المواسم المباركة، أن يستقبلها العبد بنفس نقية من الذنوب والخطايا، تائبة إلى الله عز وجل، من كل قصور وتقصير، ولا عجب فالاستغفار والتوبة عبادة الزمان الذي لا ينقضي أجله، ولا ينتهي أمله إلا بمفارقة الروح البدن. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة».. فاستغفروه وتوبوا إليه - أيها  المؤمنون - لعلكم تفلحون. وقد قال الله جل وعلا: ﴿وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون﴾ +++النور: 31---. استقبلوا شهركم بالتوبة عن التقصير، والاستغفار من القصور، وكونوا مقبلين على الله عز وجل بكثرة ذكره، والإنابة إليه، فالذكر خير ما يعينكم على طاعته، ويشجعكم على الإقبال إليه جل في علاه. افرحوا بفضل الله ورحمته، وإدراككم مواسم الخير والبر؛ فإنها من خير ما يفرح به.. ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾ +++يونس: 58---. افرحوا برمضان لما فيه من أسباب الفوز بالجنان، والنجاة من النيران، هكذا المؤمن يفرح بكل ما يقربه إلى الله، وينجيه من سيئ الأعمال، وسوء الخواتيم والعواقب.. المؤمن يفرح برمضان، يصوم نهاره، ويقوم ليله، ويقبل فيه على ربه، يسأله من خير الدنيا والآخرة، يحقق تقواه، ويرغب في الزيادة منه، فيسر ويبتهج.. ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ +++يونس: 62---. يفرح المؤمن برمضان لأنه شهر يربي فيه نفسه على الصبر، على طاعة الله عز وجل، وعلى القيام بما أمر، والترك لما نهى عنه وزجر، فيفيده ذلك قوة في دينه، ورسوخا في يقينه، وزيادة في إيمانه، فما أعطي أحد عطاء خيرا ولا أوسع من الصبر. نعم - أيها المؤمنون - يفرح المؤمن برمضان؛ لأنه يقبل على الله عز وجل، فيجد من قلبه سكنا وطمأنينة، ويرى في نفسه إقبالا على الله عز وجل، وخضوعا وانكسارا، وذلا له جل في علاه، وذاك هو سر الطمأنينة، ومفتاح سعادة الدنيا والآخرة.. {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} +++الرعد: 28---.. فما سعدت القلوب ولا ابتهجت، ولا سرت، ولا التذت، ولا اطمأنت وسكنت بمثل ذكر الله وطاعته وعبادته، يفرح المؤمن برمضان؛ لأن الله يعينه على عدوه الذي يوقعه في كل رزية، ويدعوه إلى كل رديئة، ويستجلب الشر له، ويستدفع الخير عنه. إن الشيطان في هذا الزمان يغل عن أن يصل إلى الشر الذي كان يصل إليه في غيره، فإذا دخل رمضان، فتحت أبواب الجنان، وغلقت أبواب النيران، وصفدت الشياطين، أي: منعت من أن تصل إلى الشر الذي كانت تصل إليه في غير رمضان. أيها المؤمنون.. يفرح المؤمن برمضان؛ لأنه يستذكر فيه عز أهل الإسلام، ونصر أهل الإيمان، وما أجراه الله تعالى لأهل الإسلام من الفتوحات والانتصارات، في زمن خيمت فيه الهزائم والانكسارات. أيها المؤمنون.. إن المؤمن يفرح برمضان؛ لأنه يقبل فيه على القرآن الذي من استمسك به هدي، ومن أعرض عنه هلك، الذي من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، يفرح المؤمن برمضان؛ لأنه يستذكر آيات الله عز وجل، ويتدبر ما فيها من المعاني والعظات، فينشرح صدره، وتكثر هداياته، كما قال الله تعالى: ﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم﴾ +++الإسراء: 9---. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستكثر من قراءة القرآن، ويعارض جبريل - أي: يدارسه - القرآن كل ليلة. يفرح المؤمن برمضان؛ لأنه شهر الجود، الذي تجود فيه النفوس بالطاعة، وتجود فيه النفوس بالإقبال على الله، وتجود به الأيدي بالسخاء، وتجود فيه الأبدان بالإعانة والسعي في مصالح الخلق، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل يدارسه القرآن أجود بالخير من الريح المرسلة، ذاك أثر القرآن وأثر الصيام، وأثر مدارسة القرآن وتدبره.. اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك، واسلك بنا سبيل الرضا، واجعلنا من حزبك وأوليائك يا ذا الجلال والإكرام. أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، أحمده حق حمده، لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله حق التقوى، واحفظوا زمانكم بطاعة الله والبعد عن معاصيه، تقربوا إليه بكل صالحة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، أمر بالمعروف صدقة، نهي عن المنكر صدقة، تبسمك في وجه أخيك صدقة، واتق النار ولو بشق تمرة. فلا تبخل على نفسك؛ فإنه من يبخل فإنما يبخل على نفسه. أيها المؤمنون.. تقربوا إلى الله، فرصة فتح لكم فيها باب من أبواب الخير، باب من أبواب الجنة، فرمضان تفتح فيه أبواب الجنان، وتعان فيه بأنواع من الإعانات فيكف عنك عدوك، تصفد الشياطين، فتشجع نفسك إلى كل بر، يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، فاعمروا قلوبكم بالنوايا الراشدة، والعزائم الصادقة، واعمروا هذا الشهر بصالح العمل، فالله كتب الحسنات والسيئات، فمن هم بحسنة كتبها الله تعالى حسنة كاملة، ولو لم يعملها، فهموا بما يرضى الله تعالى به عنكم، خططوا لشهركم من تلاوة القرآن، وملازمة المساجد، وكثرة الإحسان، والبعد عن سيئ الأعمال، واحذروا أولئك الذين يزينون لكم الشر والفساد، فضلا عن أولئك الذين يدعونكم إلى مواقعته، والاستكثار منه، فشهر رمضان شهر توبة وأوبة. لذلك لما قال جبريل «رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له»، قال صلى الله عليه وسلم «آمين». أيها المؤمنون.. عباد الله، شهر رمضان شهر بر وطاعة، يتقرب فيه الناس بألوان من القربات، فخذ من كل صالحة بنصيب، وحافظ على الصلاة في المساجد في صلاة الفرائص، وأكثر من تلاوة القرآن، واحرص على ملازمة المساجد في صلاة التراويح، فمن صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، ولو كانت صلاة الإمام قصيرة. حدد لنفسك جزءا من القرآن تقرؤه كل يوم؛ لتمر على القرآن في شهرك، واحرص على تدبر الآيات واستماع المواعظ، وجنب نفسك أصحاب السوء، ومجالس السوء، ومرائي السوء، ومسامع السوء، وشبكات التواصل التي ترديك، أو توقعك في المعصية والإساءة. إنها فترة إصلاح قلب، وإصلاح عمل، وإقبال على الله، وتزود بالخير، فلا تملأ دواوينك بسيئ الأعمال في شهر رمضان، ولا تملأ دواوينك بما يغضب عليك العزيز الغفار.. أعطاك فرصة وأعانك، فلا تخذل نفسك، ولا تقعد عن صالح العمل، بل بادر، وعليك بتلاوة القرآن وصالح العمل في هذه الأيام، والقيام بما يرضي الله تعالى به عنك؛ لتفوز بالعطايا والهبات، وفتش نفسك في الفرائض، ثم تقرب إلى ربك بسائر أنواع الصالحات والطاعات من المستحبات، ف«ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه» الله أكبر، حتى يحبك الله.. وطريق ذلك في خطوتين: الأولى: القيام بالواجبات؛ كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وحقوق الوالدين، وحقوق الخلق، فتش نفسك في الواجبات والخطوة الثانية: النوافل.. فاستكثر من كل صالح، وأبواب الخير مفتوحة، وأنواعه مشرعة، وليس عليك حد في نوع من الأنواع، فما تجد فيه قلبك مقبلا، فأقبل واستكثر، ومن استكثر فإنما يستكثر لنفسه، ومن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه. ثم بعد ذلك لا تنس أن تلح على الله بحوائجك، فكم من حاجة تقضى في هذا الشهر المبارك، فسل الله عز وجل صادقا مقبلا على الله عز وجل، بقلبك وقالبك، وعظيم افتقارك له، ويقينك أنه لا معطي لما منع، وأقبل على الله بالدعاء في صيامك، وفي صلاتك، وفي ليلك، وفي نهارك، فما أحوجنا للدعاء، كم من الحاجات عندنا أعظم أسباب قضائها أن تلجأ لمن بيده ملكوت كل شيء سبحانه وبحمده، أن تنزلها بالملك سبحانه وبحمده، وإياك أن تلتفت يمنة ويسرة إلى الأسباب، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، خذ السبب، وعلق قلبك بالمسبب، افعل ما أمرك الله عز وجل من مقدمات حصول النتائج، لكن اعلم أنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. فاسأل الله وادعه جل في علاه، في كل حوائجك الخاصة والعامة، وارغب إليه، فكل خير من قبله، وكل شر يندفع به سبحانه وبحمده، لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يبلغنا وإياكم مرضاته، وأن يرزقنا وإياكم صدق الإقبال عليه، وأن يعيننا على صالح العمل، وأن يوفقنا إلى الصيام والقيام إيمانا واحتسابا، وأن يجعل شهر رمضان شهرا داخلا علينا بكل مبرة وخير وسعة وسعادة وفرج، وأن يعيذنا وإياكم من نزغات الشياطين، وأن يصرف عنا السوء، إنه عزيز حكيم. أيها الإخوة.. دار نقاش كثير حول موائد تفطير الصائمين بين مزهد ومرغب، واعلموا بارك الله فيكم أن إطعام الطعام من صفات الأبرار، قال الله جل في علاه: ﴿ويطعمون الطعام على حبه﴾ +++الإنسان: 8--- يعني من أحب ما يطعمون، وهذا ينبه إلى أن الذي يخرج ليس هو الرديء أو ما لا تريده أو ما لا تشتهيه قال: ﴿ويطعمون الطعام على حبه﴾ أي: رغم محبتهم له ورغبتهم فيه ﴿مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا﴾+++ الإنسان: 8، 9---. والنبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف»، وهو في البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو، وهو دال على أن إطعام الطعام، وإفشاء السلام من أفضل الأعمال بعد الفرائض والواجبات. فاجتهدوا في هذا العمل الصالح. ولا يختص ذلك بتفطير الصائمين، بل في كل الأوقات، وفي رمضان على وجه الخصوص، فهو شهر الجود، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فأطعموا الطعام في السحور والفطور، وسائر الأوقات؛ رغبة فيما عند الله عز وجل. وأما تفطير الصائمين فقد جاء فيه جملة من الأحاديث؛ منها حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من فطر صائما كان له مثل أجره دون أن ينقص من أجره شيئا» فالأجر موفور للمفطر والمفطر، وفضل الله واسع. وقد أجمع العلماء على أن تفطير الصائمين من الأعمال الصالحة، لكن ينبغي أن يجنب هذا العمل الصالح ما يمكن أن يكون سببا لانحرافه أو نقصه، فإياكم والإسراف في موائد التفطير، وإياكم والمباهاة والمفاخرة؛ فإن من الناس من يباهي ويفاخر بأن مائدة مسجدنا أو مائدة حينا أفضل الموائد.. سابقوا في الخيرات دون نظر إلى ما يقول الناس، فالمباهاة تحبط العمل، وتقلب الأجر لعقوبة، وكذلك احرصوا على اتباع الأنظمة فيما يتعلق بتفطير الصائمين في المساجد وغيرها، واحرصوا على ضبط الأموال المجموعة في هذا الشأن؛ فإن الذي بذلها بذلها لشيء محدد، وهو التفطير، فلا تصرف في غيره، ولا يؤخذ أكثر مما يحتاج إليه، واحذروا أولئك الذي يصرفون هذا المال في غير وجهه. أيضا مما ينبغي أن يتنبه إليه أن للمساجد حرمتها، فينبغي أن تصان من كل ما يدنسها من الروائح والأذى؛ فإن المساجد ليست محلا للطعام والشراب في الأصل، لكن ذلك إذا كان عارضا مع صيانة المسجد فحسن، وكون هذه الموائد خارج المساجد أولى وأكمل؛ فإن جماهير العلماء على كراهية بسط الموائد في المساجد. هذه بعض التنبيهات، وأنبه إلى أننا نحتاج إلى أن نتعاون وأن نتكاتف، وأن يشارك أهل الحي القائمين على هذه المشاريع بما يشيع ثقافة التعاون، وروح التآزر والاجتماع. أسأل الله عز وجل أن يجمعنا وإياكم على طاعته، وأن يصرف عنا وعنكم سيئ الأعمال وفاسدها، وأن يجعلنا من عباد الله المتقين وحزبه المفلحين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، وأعذنا من نزغات الشيطان، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والرشاد والغنى. ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم إنا نسألك من فضلك، ونعوذ بك يا ذا الجلال والإكرام أن تحرمنا أو تمنعنا عطاءك وفضلك. اللهم أمنا في أوطاننا، ووفقنا إلى ما تحب وترضى، واصرف عنا السوء والفحشاء، وخذ بنواصينا لما تحب وترضى، وأعنا على الصيام والقيام إيمانا واحتسابا. اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم. اللهم إنا نسألك من فضلك يقينا راسخا، وعملا صالحا، وتوفيقا دائما، وسدادا في السر والعلن. اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأدخلنا مدخل صدق، وأخرجنا مخرج صدق، يا رب العالمين. اللهم أعنا ولا تعن علينا، اللهم انصرنا على من بغى علينا، اللهم آثرنا ولا تؤثر علينا. اللهم اهدنا، اللهم اهدنا، اللهم اهدنا، ويسر الهدى لنا، اللهم يسر الهدى لنا، اللهم اجعلنا لك ذاكرين شاكرين راغبين راهبين أواهين منيبين. اللهم تقبل توبتنا، واغفر زلتنا، وأقل عثرتنا، وأحسن عاقبتنا، واجعلنا من أوليائك يا ذا الجلال والإكرام. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

المشاهدات:10164

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلن تجدَ له وليًّا مرشدًا.
وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهُ الأولين والآخِرين، لا إله إلا هو الرحمنُ الرحيمُ، وأشهد أنَّ محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومَنِ اتبع سنته بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
أما بعدُ:
فاتقوا اللهَ عبادَ الله، اتقوا الله تعالى وتزَّودوا بتقواه، ليومِ لِقاهُ جلَّ في علاهُ؛ فإن التقوى خيرُ ما تزودتم به للقاء اللهِ عز وجل.. ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ البقرة: 197.
أظلَّكم - أيها المؤمنون - شهرٌ كريم، ومَوسِم عظيم، فها هو رمضان يطرُق الأبواب، يُرتقَب هلالُه الليلةَ أو القابلةَ، فلا إله إلا الله، ما أسرعَ مرَّ الليالي وتعاقُبَ الأيام، وما أعجلَ دورانَ رحى الزمان، فالليالي والأيام تُطوى، والأعمار والأعوامُ تفنى، ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ الرحمن: 27.
﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ الأعراف: 34.
الله أكبر.. هذا مولود يبكي، وذاك مقبور يبكي، وكل الناس يغدو، فبائعٌ نفسَه فمُعْتِقها، أو مُوبِقها، وبائع نفسه لله رابح، وبائعها للشيطان خاسر.
أيها المؤمنون.. إن خير ما تُستقبَل به مواسم البر والطاعة، أن يُقبِل فيها العبدُ على الله عز وجل بالتوبة، والمغفرة، والإنابة، وطلب الاستعتاب.
إن خير ما تُستقبل به هذه المواسم المباركة، أن يستقبلها العبد بنفس نقية من الذنوب والخطايا، تائبة إلى الله عز وجل، من كل قصور وتقصير، ولا عَجَبَ فالاستغفار والتوبة عبادةُ الزمان الذي لا يَنقضي أجله، ولا ينتهي أمله إلا بمفارقة الرُّوحِ البدنَ.
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً».. فاستغفروه وتوبوا إليه - أيها  المؤمنون - لعلكم تفلحون.
وقد قال الله جل وعلا: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ﴾ النور: 31.
استقبلوا شهركم بالتوبة عن التقصير، والاستغفار من القصور، وكونوا مقبِلين على الله عز وجل بكثرة ذِكره، والإنابة إليه، فالذكر خير ما يعينكم على طاعته، ويشجعكم على الإقبال إليه جل في علاه.
افرحوا بفضل الله ورحمته، وإدراككم مواسم الخير والبر؛ فإنها من خير ما يُفرح به.. ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ يونس: 58.
افرحوا برمضان لما فيه من أسباب الفوز بالجِنان، والنجاة من النيران، هكذا المؤمن يفرح بكل ما يقرِّبه إلى الله، وينجيه من سيئ الأعمال، وسوء الخواتيم والعواقب.. المؤمن يفرح برمضان، يصوم نهاره، ويقوم ليله، ويُقبِل فيه على ربه، يسأله من خير الدنيا والآخرة، يحقق تقواه، ويرغب في الزيادة منه، فيُسَرّ ويَبتهِج.. ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ يونس: 62.
يفرح المؤمن برمضان لأنه شهر يربي فيه نفسه على الصبر، على طاعة الله عز وجل، وعلى القيام بما أمر، والترك لما نهى عنه وزجر، فيفيده ذلك قوةً في دينه، ورسوخًا في يقينه، وزيادةً في إيمانه، فما أُعطي أحد عطاءً خيرًا ولا أوسعَ من الصبر.
نعم - أيها المؤمنون - يفرح المؤمن برمضان؛ لأنه يقبل على الله عز وجل، فيجد من قلبه سكنًا وطمأنينة، ويرى في نفسه إقبالًا على الله عز وجل، وخضوعًا وانكسارًا، وذلًّا له جل في علاه، وذاك هو سر الطُّمأنينة، ومِفتاح سعادة الدنيا والآخرة.. {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد: 28.. فما سعدت القلوب ولا ابتهجتْ، ولا سُرَّتْ، ولا الْتذَّت، ولا اطمأنَّتْ وسَكَنت بمثل ذكر الله وطاعته وعبادته، يفرح المؤمن برمضان؛ لأن الله يعينه على عدوه الذي يوقعه في كل رَزِية، ويدعوه إلى كل رديئة، ويستجلب الشر له، ويستدفع الخير عنه.
إن الشيطان في هذا الزمان يُغل عن أن يَصِلَ إلى الشر الذي كان يصل إليه في غيره، فإذا دخل رمضان، فُتحت أبواب الجنان، وغُلقت أبواب النيران، وصُفدت الشياطين، أي: منعت من أن تصل إلى الشر الذي كانت تصل إليه في غير رمضان.
أيها المؤمنون.. يفرح المؤمن برمضان؛ لأنه يستذكر فيه عز أهل الإسلام، ونصر أهل الإيمان، وما أجراه الله تعالى لأهل الإسلام من الفتوحات والانتصارات، في زمن خيمت فيه الهزائم والانكسارات.
أيها المؤمنون.. إن المؤمن يفرح برمضان؛ لأنه يقبل فيه على القرآن الذي من استمسك به هُدي، ومن أعرض عنه هَلَك، الذي من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفَه ساقه إلى النار، يفرح المؤمن برمضان؛ لأنه يستذكر آيات الله عز وجل، ويتدبر ما فيها من المعاني والعِظات، فينشرح صدره، وتكثر هداياته، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ الإسراء: 9.
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستكثر من قراءة القرآن، ويعارض جبريل - أي: يدارسه - القرآنَ كلَّ ليلةٍ.
يفرح المؤمن برمضان؛ لأنه شهر الجود، الذي تجود فيه النفوس بالطاعة، وتجود فيه النفوس بالإقبال على الله، وتجود به الأيدي بالسخاء، وتجود فيه الأبدان بالإعانة والسعي في مصالح الخلق، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل يدارسه القرآن أجود بالخير من الريح المرسلة، ذاك أثر القرآن وأثر الصيام، وأثر مدارسة القرآن وتدبره..
اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك، واسلُك بنا سبيل الرضا، واجعلنا من حزبك وأوليائك يا ذا الجلال والإكرام.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، أحمده حق حمده، لا أحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومَنِ اتبع سُنته، واقتفى أثَره بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله حق التقوى، واحفظوا زمانكم بطاعة الله والبعد عن معاصيه، تقربوا إليه بكل صالحة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، أمر بالمعروف صدقة، نهي عن المنكر صدقة، تبسمك في وجه أخيك صدقة، واتقِ النار ولو بشِق تمرةٍ.
فلا تبخل على نفسك؛ فإنه مَن يبخل فإنما يبخل على نفسه.
أيها المؤمنون.. تقربوا إلى الله، فرصة فُتح لكم فيها باب من أبواب الخير، باب من أبواب الجنة، فرمضان تفتح فيه أبواب الجنان، وتعان فيه بأنواع من الإعانات فيكفّ عنك عدوك، تُصفد الشياطين، فتشجع نفسك إلى كل بر، يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، فاعمروا قلوبكم بالنوايا الراشدة، والعزائم الصادقة، واعمروا هذا الشهر بصالح العمل، فالله كتب الحسنات والسيئات، فمن هم بحسنة كتبها الله تعالى حسنة كاملة، ولو لم يعملها، فهموا بما يَرضَى الله تعالى به عنكم، خططوا لشهركم من تلاوة القرآن، وملازمة المساجد، وكثرة الإحسان، والبعد عن سيئ الأعمال، واحذروا أولئك الذين يزينون لكم الشر والفساد، فضلًا عن أولئك الذين يدعونكم إلى مواقعته، والاستكثار منه، فشهر رمضان شهر توبة وأوبة.
لذلك لما قال جبريل «رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ»، قال صلى الله عليه وسلم «آمِينَ».
أيها المؤمنون.. عباد الله، شهر رمضان شهر بر وطاعة، يَتقرب فيه الناس بألوان من القربات، فخذ من كل صالحة بنصيب، وحافظ على الصلاة في المساجد في صلاة الفرائص، وأكثِر من تلاوة القرآن، واحرِص على ملازمة المساجد في صلاة التراويح، فمَن صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة، ولو كانت صلاة الإمام قصيرة.
حدد لنفسك جزءًا من القرآن تقرؤه كل يوم؛ لتمر على القرآن في شهرك، واحرص على تدبر الآيات واستماع المواعظ، وجنب نفسك أصحاب السوء، ومجالس السوء، ومرائي السوء، ومسامع السوء، وشبكات التواصل التي ترديك، أو توقعك في المعصية والإساءة.
إنها فترة إصلاح قلب، وإصلاح عمل، وإقبال على الله، وتزوُّد بالخير، فلا تملأ دواوينك بسيئ الأعمال في شهر رمضان، ولا تملأ دواوينك بما يغضب عليك العزيز الغفار.. أعطاك فرصةً وأعانك، فلا تخذُل نفسك، ولا تقعد عن صالح العمل، بل بادر، وعليك بتلاوة القرآن وصالح العمل في هذه الأيام، والقيام بما يرضي الله تعالى به عنك؛ لتفوز بالعطايا والهبات، وفتش نفسك في الفرائض، ثم تقرب إلى ربك بسائر أنواع الصالحات والطاعات من المستحبات، فـ«مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» الله أكبر، حتى يحبك الله..
وطريق ذلك في خطوتين: الأولى: القيام بالواجبات؛ كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وحقوق الوالدين، وحقوق الخلق، فتش نفسك في الواجبات والخطوة الثانية: النوافل.. فاستكثر من كل صالح، وأبوابُ الخير مفتوحة، وأنواعه مشرعة، وليس عليك حد في نوع من الأنواع، فما تجد فيه قلبك مقبِلًا، فأقبل واستكثر، ومن استكثر فإنما يستكثر لنفسه، ومن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه.
ثم بعد ذلك لا تنس أن تلحَّ على الله بحوائجك، فكم من حاجة تُقضى في هذا الشهر المبارك، فسل الله عز وجل صادقًا مقبلًا على الله عز وجل، بقلبك وقالبك، وعظيم افتقارك له، ويقينك أنه لا معطي لما منع، وأقبل على الله بالدعاء في صيامك، وفي صلاتك، وفي ليلك، وفي نهارك، فما أحوجنا للدعاء، كم من الحاجات عندنا أعظم أسباب قضائها أن تلجأ لمن بيده ملكوت كل شيء سبحانه وبحمده، أن تنزلها بالملك سبحانه وبحمده، وإياك أن تلتفت يَمنةً ويَسرةً إلى الأسباب، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، خذ السبب، وعلق قلبك بالمسبب، افعل ما أمرك الله عز وجل من مقدمات حصول النتائج، لكن اعلم أنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
فاسأل الله وادعه جل في علاه، في كل حوائجك الخاصة والعامة، وارغب إليه، فكل خير من قِبله، وكل شر يندفع به سبحانه وبحمده، لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يبلغنا وإياكم مرضاته، وأن يرزقنا وإياكم صدق الإقبال عليه، وأن يعيننا على صالح العمل، وأن يوفقنا إلى الصيام والقيام إيمانًا واحتسابًا، وأن يجعل شهر رمضان شهرًا داخلًا علينا بكل مبرة وخير وسعة وسعادة وفرج، وأن يعيذنا وإياكم من نزغات الشياطين، وأن يصرف عنا السوء، إنه عزيز حكيم.
أيها الإخوة.. دار نقاش كثير حول موائد تفطير الصائمين بين مزهِّد ومرغِّب، واعلموا بارك الله فيكم أن إطعام الطعام من صفات الأبرار، قال الله جل في علاه: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ الإنسان: 8 يعني من أحب ما يطعمون، وهذا ينبه إلى أن الذي يخرج ليس هو الرديء أو ما لا تريده أو ما لا تشتهيه قال: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ أي: رغم محبتهم له ورغبتهم فيه ﴿مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا﴾ الإنسان: 8، 9.
والنبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الإسلام خير؟ قال: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَعَلَى مَنْ لَمْ تَعْرِفْ»، وهو في البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو، وهو دال على أن إطعام الطعام، وإفشاء السلام من أفضل الأعمال بعد الفرائض والواجبات. فاجتهدوا في هذا العمل الصالح.
ولا يختص ذلك بتفطير الصائمين، بل في كل الأوقات، وفي رمضان على وجه الخصوص، فهو شهر الجود، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فأطعموا الطعام في السحور والفطور، وسائر الأوقات؛ رغبة فيما عند الله عز وجل.
وأما تفطير الصائمين فقد جاء فيه جملة من الأحاديث؛ منها حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ دُونَ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا» فالأجر موفور للمفطِّر والمفطَّر، وفضل الله واسع.
وقد أجمع العلماء على أن تفطير الصائمين من الأعمال الصالحة، لكن ينبغي أن يجنب هذا العمل الصالح ما يمكن أن يكون سببًا لانحرافه أو نقصه، فإياكم والإسراف في موائد التفطير، وإياكم والمباهاة والمفاخرة؛ فإن من الناس من يباهي ويفاخر بأن مائدة مسجدنا أو مائدة حينا أفضل الموائد.. سابقوا في الخيرات دون نظر إلى ما يقول الناس، فالمباهاة تحبط العمل، وتقلب الأجر لعقوبة، وكذلك احرصوا على اتباع الأنظمة فيما يتعلق بتفطير الصائمين في المساجد وغيرها، واحرصوا على ضبط الأموال المجموعة في هذا الشأن؛ فإن الذي بذلها بذلها لشيء محدد، وهو التفطير، فلا تصرف في غيره، ولا يؤخذ أكثر مما يحتاج إليه، واحذروا أولئك الذي يصرفون هذا المال في غير وجهه.
أيضًا مما ينبغي أن يتنبه إليه أن للمساجد حرمتها، فينبغي أن تصان من كل ما يدنسها من الروائح والأذى؛ فإن المساجد ليست محلًّا للطعام والشراب في الأصل، لكن ذلك إذا كان عارضًا مع صيانة المسجد فحسن، وكون هذه الموائد خارج المساجد أولى وأكمل؛ فإن جماهير العلماء على كراهية بسط الموائد في المساجد.
هذه بعض التنبيهات، وأنبه إلى أننا نحتاج إلى أن نتعاون وأن نتكاتف، وأن يشارك أهل الحي القائمين على هذه المشاريع بما يشيع ثقافة التعاون، وروح التآزر والاجتماع.
أسأل الله عز وجل أن يجمعنا وإياكم على طاعته، وأن يصرف عنا وعنكم سيئ الأعمال وفاسدها، وأن يجعلنا من عباد الله المتقين وحزبه المفلحين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، وأعذنا من نَزَغَات الشيطان، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والرشاد والغنى.
ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم إنا نسألك من فضلك، ونعوذ بك يا ذا الجلال والإكرام أن تحرمنا أو تمنعنا عطاءك وفضلك.
اللهم أمِّنا في أوطاننا، ووفقنا إلى ما تحب وترضى، واصرف عنا السوء والفحشاء، وخذ بنواصينا لما تحب وترضى، وأعنا على الصيام والقيام إيمانًا واحتسابًا.
اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم.
اللهم إنا نسألك من فضلك يقينًا راسخًا، وعملا صالحًا، وتوفيقًا دائمًا، وسدادًا في السر والعلن.
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأدخلنا مدخل صدق، وأخرجنا مخرج صدق، يا رب العالمين.
اللهم أعنا ولا تعن علينا، اللهم انصرنا على من بغى علينا، اللهم آثرنا ولا تؤثر علينا.
اللهم اهدنا، اللهم اهدنا، اللهم اهدنا، ويسر الهدى لنا، اللهم يسر الهدى لنا، اللهم اجعلنا لك ذاكرين شاكرين راغبين راهبين أواهين منيبين.
اللهم تقبل توبتنا، واغفر زلتنا، وأقل عثرتنا، وأحسن عاقبتنا، واجعلنا من أوليائك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات19191 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات12365 )
7. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9955 )
11. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8464 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف