×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / عباد الرحمن / الحلقة (11) يقيمون الصلاة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:2664

الحلقة الحادية عشر: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 3]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات، حياكم الله في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم: "عباد الرحمن".

أحمدُه سبحانه، لهُ الحمدُ كُله: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 70]، وأشهدُ أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163]، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُ اللهِ ورسوله، خيرته من خلقه، صلى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه، ومنِ اتبعَ سنته، واقتفى أثره بإحسانٍ إلى يومِ الدين، أمّا بعد:

فإنَّ خصال أهل الإيمان، خصالَ عباد الرحمن، خصالَ عباد الله عظيمة، جليلة، كثيرة، أولُها: الإيمان بالغيب الذي يقتضي الشهادة لله بالإلهية، ولنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرسالة، ثم ما ذكرهُ الله ـ عز وجل ـ في أعمالهم الزاكية، وفي أفعالهم الجميلة، وهو إقامُ الصلاة؛ لذلك ثاني عمل ذكرهُ اللهُ تعالى في صفات المتقين قال: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 3] هكذا ذكرَ الله ـ عز وجل ـ في فاتحةِ آيات الكتاب، بعد سورة الفاتحة سورة البقرة، قال تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ } [البقرة: 1 - 3] فأولُ العبادات التفصيلية التي ذكرها الله ـ عز وجل ـ هيَ هذه الشعيرة العظيمة، الصلاة التي هي صلة بينَ العبدِ وربه، الصلاة التي هيَ مُناجاة بينَ الضعيف المربوب المُحتاج، الفقير وبين الملك الغني، القدير الرحيم، الرحمن، إنها صلة بينك وبين الله، تُنير بها قلبك، وتُصلح بها جنانك، وتُطيّب بها نفسك، فبذكره ـ جلّ في علاه ـ تطمئن القلوب؛ ولذلك أدق وصف لأثر الصلاة ما قالهُ سيّد الورى، فيما رواه مسلم في حديث مالك الأشعري – رضي الله تعالى عنه – قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «وَالصَّلَاةُ نُورٌ»  صحيح مسلم(223) نعم، والله إنها نور، نور يُدركُهُ الناس في قلوبهم، وفي أعمالهم وجوارحهم، إنهُ نورٌ يختلف عن هذه الأنوار التي تُضئ المكان، إنها أنوارٌ لا تُدرِكُها الأبصار المحسوسة، لكنّها أنوارٌ تُدركُها البصائر، إنها أنوار القلوب التي بها يميزُ الإنسان بين الحق والباطل، بين الخير والشر، بين الهدى والضلال، فبقدرِ ما معكَ من إقام الصلاة والاعتصام بها، واللجوء إلى الله ـ عز وجل ـ فيها، وتحقيق الكمال في أدائها، بقدر ما معكَ من النور، والناس في هذا مُتفاوتون كتفاوت الأنوار الحسيّة، هناك نور يُضئ ما بينَ يديك، وهناك نور يُضئُ المكان الذي أنتَ فيه كاملًا، وهناك نور يتجاوز المكان إلى خارج حدود الموقع الذي أنتَ فيه، وهناك نور يُبعد في إضاءته ليصل مدىً بعيدًا عن المكان الذي أنتَ فيه، وهذا مَثل، وهكذا نور الصلاة، فنور الصلاة يتفاوت بتفاوتِ أحوال المصلين، نور الصلاة يتفاوت بتفاوتِ إقامتها؛ فمن أقامها في شروطها، في واجباتها، في أركانها، في حقوقها، في سننها وآدابها، في واجباتها، كانَ لهُ من النور بقدرِ ما يُحقِّق من إقامتها في هذه الأمور؛ لذلك لا تقل: أُصلي ولا أجد للصلاة أثرًا، لا بدّ أن يكون للصلاةِ أثرًا، لكن هذا الأثر تمامًا في مفعوله، كمفعول سائر الأسباب التي تنتج عنها المطالب، فعندما يكونُ الأثرُ ضعيفًا فانظر إلى السبب، وهو العمل الذي أنتجَ هذه الثمرة، عندما يكون كسبُكَ في تجارة ضعيفًا فهذا قد يرجع إلى أسباب كثيرة.

 ومنها أن يكون جُهدُك المبذول دون المطلوب، هذا إذا تساوت النتائج، إذا تساوت الأعمال في ما تُثمِره، فعندما يتفوّق عليكَ في عملك الذي تعمل أحدٌ في إنتاجه، أحدٌ في تحصيله، فذاكَ تفاوتٌ راجع إلى عملك، هكذا الصلاة فإنَّ ثمارها تتفاوت بقدر ما يتفاوت عباد الرحمن في إقامتها، ولهذا احرص عبد الله، ويا أَمَةَ الله، احرصوا على إقام الصلاة ما استطعتم على الوجه الذي يرضى الله ـ تعالى ـ بهِ عنكم، فإنَّ إقامتها تحقيق للديانة، وإقامتُها إقامة للدين، تمامًا كسارية البناء، لا يقوم البناء إلا بعمود، وسارية وأركان يقوم عليها.

فالصلاةُ ركنٌ ركين، وأصلٌ عظيم في إقامة الدين، ولذلك قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في توصيف الصلاة: «وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ» سنن الترمذي(2616)، وابن ماجة(3973)، قال ابن القيم: صحيح  فإنَّ عمود الدين هو صلاتك، فاحرص على إقامتها لتكون من عباد الرحمن، إذا تركتها فلا والله لست من عبادة، لا تستحق هذه المنزلة، ولا تتبوّأ هذه المكانة، وأنتَ خارجٌ عن صلتك بالله، يا من تركتم الصلاة، ويلٌ لكم والله، فالله ـ عز وجل ـ يقول: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5]، ما قال تاركون، سَهَوْا عنها في واجباتها وشروطها وأركانها فاستحقوا أن يكون لهم الويل وهو العقوبة الشديدة من الله، فكيفَ بتارِكِها، {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: 42 - 47] أول ما ذكروه: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 42 - 47].

أيها الإخوة والأخوات، ترك الصلاة هو أكبرُ خلَلٍ ينتابُ دينك، أكبرُ خطرٍ يتهدد حياتكَ وآخرتكَ ترك الصلاة؛ فلذلك احذر؛ «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ»  سنن الترمذي(2621) وقال: حسن صحيح غريب وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْكُفْرِ - أَوِ الشِّرْكِ - تَرْكُ الصَّلَاةِ» صحيح مسلم(82)  وهذا أعظم ما يختل بهِ هذا البناء العظيم، وهو الدين الذي تدين بهِ لربِّ العالمين، وترجو بهِ النجاة يوم الدين، يوم الحساب والجزاء.

أخي وأختي، إنَّ الصلاةَ شأنُها كبير، الذي لا يصلي فَقَدَ نورًا؛ لا يستطيع أن يُميّز بينَ حقٍ، ولا باطل، ولا هدىً، ولا ضلال، ولا شرٍّ، ولا خير، ثم هو في عمى في الدنيا، وسوء حال، وغرق في الشهوات، وأمَّا في الآخرة ففي سوءِ حالٍ ومُنْقَلَبٍ، ذاكَ أنَّ الدنيا إذا تركَ فيها الصلاة انفتح عليه أبواب الشهوات، كما قال الله ـ عز وجل ـ في مُحكم كتابه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].

أمَّا في الآخرة فإنهُ مَنْ لا صلاةَ له؛ لا نور ولا نجاة ولا رحمة ولا بر ولا إحسان له، بل كانَ كما قال النبيُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع فرعون، وهامان، وقارون، وأُبيِّ بن خلف، هذه حال مَنْ تَرَكَ الصلاة، وأعرضَ عن إقامتها.

إنَّ الصلاة شأنُها في كتاب الله عظيم؛ ذكرها الله ـ عز وجل ـ في مواضع عديدة، أمرًا بإقامتها، وحثًّا على أداءِها، وبيانًا لفضلِ القيام بها، وخطورة تركَها، والإخلال بها، كُلُّ ذلكَ لأجل أن يُقبِل المؤمن على هذه العبادة، وأن يقيمَها على الوجه الذي يرضى الله ـ تعالى ـ بهِ عنه، لذلك تفقَّد نفسكَ في الصلوات المكتوبات أولًا، وانظر كيفَ أنت في صلاة الفجر؟ كيف أنت في صلاة الظهر؟ كيف أنت في صلاة العصر؟ كيف أنت في صلاة المغرب؟ كيف أنت في صلاة العشاء؟ هذه الفرائض الخمس، احذر أن تُفوِّتها، احذر أن تُخل بها، هيَ الخط الأحمر، الذي إذا تجاوزتَهُ، فقد وقعت في هلَكه، وتورطت في موبقه، قد لا تنجو منها، لا تظن أنَّ ترك الصلاة أمرٌ عادي، بل هو من أكبر الكبائر، وعظائم الإثم، نحنُ يعظم عندنا كثير من الذنوب، وهيَ عظيمة وخطيرة، لكنَّ تركَ الصلاةِ بالنسبة للآفات العمليَّة هو أعظم ما يكون في الإخلال في حق الله عز وجل، ليسَ وراءهُ شيء، وليسَ فوقهُ شيء، فيما يتعلّق بالحقوق العمليَّة.

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزُقني وإياكم إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن يجعلنا من عباد الرحمن المحافظين عليها القائمينَ بها: «وَالصَّلَاةُ نور» تُقِيكَ آفاتٍ عظيمة: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] كما أنَّ الصلاة طمأنينة؛ ولذلكَ قال: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45] حتى لا يُظَنَّ أنَّ فائدة الصلاة فقط هي أنها تقيك الخطأ، والزلل، بل هيَ أعظم من ذلك إنها تفتح لك أبواب العطاء، إنها تفتح لك أبواب الانشراح والطمأنينة، إنها سببٌ لسعادة الدنيا وفوزِ الآخرة.

اللهم اجعلنا من عبادك المتقين، وحزبك المفلحين، وارزقنا يا ذا الجلالِ والإكرام، إقامة الصلاة على الوجه الذي ترضى بهِ عنّا، وإلى أن نلقاكم في حلقة من حلقات برنامجكم: "عباد الرحمن" أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91500 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87240 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف