×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / عباد الرحمن / الحلقة (13) والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:8689

الحلقة الثالثة عشر: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم: "عباد الرحمن"، نتحدثُ فيها عن خصلة من خصال عباد الرحمن التي ذكرها الله ـ جلّ وعلا ـ في سورة الفرقان عندما ذكرَ صفة الإنفاق، قال ـ جلّ وعلا ـ: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] إنها خصلةٌ تتضمنُ وصفين حميدين: الخصلة الأولى: الإنفاق في سبيل الله، فقولهُ ـ تعالى ـ: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا} [الفرقان: 67] أي إذا أخرجوا المال، سواء كانَ ذلكَ في نفقاتِهم على أنفسهم، أو في نفقاتِهم على أزواجهم، أو في نفقاتِهم على أولادهم أو في نفقاتِهم على والديهم، أو في نفقاتِهم على أقاربهم، أو في نفقاتِهم على مَنْ ينفقونَ عليهم من أهليهم وقراباتهم، فإنهم يتميَّزون بهذه الصفة، وهيَ قولهُ ـ جلَّ وعلا ـ: {لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67] .

الحمد لله ربِّ العالمين، أحمدُه حقَّ حمده، لهُ الحمدُ كُلُّهُ، أولهُ وآخره، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسوله، صلى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه، ومنِ اتبعَ سنته، واقتفى أثره بإحسانٍ إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:

أخذتنا الآية فتحدّثنا عن بعضِ معناها، فالله ـ جلَّ وعلا ـ ذكر في هذه الآية الكريمة أمرين: الأمر الأول: الإنفاق، والأمر الثاني: التوسط والاعتدال في الإنفاق، وهذان الأمران بهما قِوامُ معاش الناس، فإنَّ الناس لا تقومُ حياتُهم إلا بنفقة، فالمال عصبُ الحياة، ولذلك أمرَ اللهُ تعالى بالاكتساب، وأمر بالإنفاق في سبيله، وأمر بالإنفاق مما رزق ـ جلَّ وعلا ـ ولم يُحدِّد بابًا من أبواب الإنفاق المأمور به، بل جعل ذلكَ عامًّا في كثير من موارد الأمر بالإنفاق، وخصَّهُ في بعض الأحيان، وذلكَ لتنوع اللوازم، والنفقات التي تلزم الإنسان في حياته، فمنها ما يكون نفقة على نفسه، منها ما يكون نفقة على زوجة، منها ما يكون نفقة على ولده، منها ما يكون نفقة على والديه، منها ما يكون نفقة على ذوي رَحِمِه، منها ما يكون نفقة على خدَمة، منها ما يكون نفقة على ما يملكهُ من الدواب والحيوان، منها ما يكون نفقة واجبة في المال كالزكاة، منها ما يكونُ صدقةً يتقرب بها إلى الله ـ عز وجل ـ منها ما يكونُ بابًا من أبواب التقرُّب إلى اللهِ، ببذله، رغبة في الثوابِ والأجر، كالهدايا والوصايا والأوقاف، وغيرِ ذلكَ من أبواب الإنفاق، كُلُّ هذا يضبطهُ الله ـ عزَّ وجل ـ بوصفٍ مهم، يُبيِّن كمال هذه الشريعة، وتوازُنَها، ويُبيِّن أنها شريعة وسط ليسَ فيها إفراط، ولا تفريط، فإنها شريعة تأمر بإيتاء الحقوق والأداء للواجبات، لكنها على نحوٍ من التوسط الذي يقيها الغلو، ويقيها في الجانب الآخر الجفاء، فإنَّ الشريعة جاءت آمرة بالواجبات، وناهية عن الزيادة، وعن التقصير؛ ولذلك فهي نموذج من هذه الشرائع التي جاءت فيها الشريعة بالوسطية التامة الكاملة، التي يتسم بها كُل التشريع، كما قال ـ تعالى ـ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] يقول اللهُ ـ تعالى ـ: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]، ولا عجب ولا غرابة، فإنَّ جميع الأمور يكتنفها جاذبان: الأول: جاذب زيادة، الثاني: وجاذب نقص، فما من خصلة محمودة إلا ولها طرفان، طرف في زيادة، وطرف في نقص، وكلا هذين الطرفينِ مذموم، والكمال والنجاح والفضل في أن تكون بينَ هاتين الخصلتين، فالشجاعة بينَ تهوُّرٍ وجبن، والسخاء بينَ إسراف وتبذير، العقل بينَ تغيُّبٍ لهُ بإهماله أو إفراطٍ لهُ بإعماله، فيما ليسَ في مجالات عمله، وهلمَّ جرًّا في كُلِّ الخصالِ والأمور الإنسان مأمور فيها بالتوسط؛ ولهذا قال الله ـ جلّ وعلا ـ فيما يتعلّق بالنفقة والبذل: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسراء: 29] فنهاه عن الإمساك والبخل، الذي يُمسك بهِ الإنسان ما وجبَ عليه من الحقوق في ماله، ما وجبَ عليهِ من اللوازم لنفسه أو لأهله، أو لمن تجبُ النفقة عليه، أو لما جعلهُ اللهُ تعالى فرضًا في المال: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسراء: 29]، هكذا أمرَ الله ـ عز وجل ـ في هذه الآية، وهذا نهي عن الإمساك، وهو أحد طرفي الأمور، لكن أيضًا قال: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: 29]، أي: ولا تسرف ذلكَ الإسراف، الذي يجعلُك في مُنتهى الأمر، تقع خالي اليدين، ولذلكَ قال: {فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} وهذا في الحالين كليهما، في حال الإمساك تقعد مذمومًا ومحسورًا، وفي حال البسط الذي يحمل الإنسان على الإسراف والتبذير، يكون على هذا النحو.

ولذلك كان من خصال الإيمان، ومن خصال عباد الرحمن، أن قال ربُنا ـ جلَّ وعلا ـ: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] وقد قال اللهُ ـ تعالى ـ: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الإسراء: 26] ثم قال: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: 26] تأمّل الله ـ عز وجل ـ يأمر بصدقات، وإنفاق واجب على ذوي القربى، وعلى المساكين، وعلى ابن السبيل العابر، وهذا يشمل النفقة التي تجب للقرابة، النفقة التي تكون لأهلِ المسكنة، النفقة لابن السبيل، وهذان صنفان من أهل الزكاة، ثم يقول ـ تعالى ـ: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: 26] أي: ولا تسرفْ إسرافًا يُوقعك فيما ما تُذمُّ بهِ، وفيما لا تُحمد عُقباه من المآلات التي ذكرها الله ـ عز وجل ـ في قوله: {فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29].

عَلَيْكَ بِأَوْسَاطِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا نَجَاةٌ                وَلَا تَرْكَبْ ذَلُولًا وَلَا صَعْبًا

عليكَ بالتوسط في كُلِّ أمر، في شأنكَ كُله؛ فإنَّ ذلكَ يحميكَ من كُلِّ الآفات التي تعتريك في سلوكك، إنَّ الله ـ جلّ وعلا ـ نهى عباده عن الإسراف، وهذا يشمل حتى الإسراف في الصدقة، كما جاءَ ذلكَ فيما صحَّ عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنهُ قال: «كُلُوا، واشْرَبُوا، وَتَصَدَّقُوا» سنن النسائي(2559)، وابن ماجة(3605)، حكم الألباني: حسن. ، ثم قال: «مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ، وَلَا مَخِيلَةٍ» سنن النسائي(2559)، وابن ماجة(3605)، حكم الألباني: حسن.  وهذا يُبيّن أنهُ ينبغي للإنسان في إنفاقه أن يُراعي الوسطية.

الوسطية يا إخواني ويا أخواتي، خصلة تنتظم كُلَّ التشريع؛ لأنَّ هذه الشريعة شريعة وسط، شريعة عدل، يعطي فيها الله ـ عز وجل ـ كُلَّ ذي حقٍّ حقَّه، على نحوٍ مُتقن، ولذلك كان أول ما أمرَ اللهُ ـ تعالى ـ به، وكان الأمر الجامع لكُلِّ ما أمر الله ـ تعالى ـ به العدل؛ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} [النحل: 90]، ثم المرتبة الفاضلة، التي تزيد على العدل، هي الإحسان؛ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90] لذلكَ جديرٌ بنا أيها الإخوة والأخوات في كُلِ نفقاتنا أن نُراعي الوسطية، وفي كُلِ شؤوننا، أن نكونَ وسطًا بينَ الجانبين، جانب التقتير، وجانب الإسراف، بينَ جانب الغلو، وبينَ جانب الجفاء، فالاعتدال هو الضمان وهو السبيل الذي يُدرك بهِ الإنسان السعادة، وأنتَ ترى هذا في كُلِ شؤون الحياة، ليسَ فقط فيما يتعلَّق بالعبادات، ولا في الإنفاق، ولا في جانب من جوانب الحياة، بل كُلِّ جوانب الحياة، كُلَّما زدتَ في شيءٍ نقصَ ذلكَ الشيء، وكُلما نقصتَ شيئًا زادَ الشرُّ في جانب آخر، وإنما أنتَ على كمالٍ فيما إذا سرت على الوسطية التي جعلها اللهُ ـ تعالى ـ سمتًا لخير البريَّة، وشريعة سيِّد الخلق نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] عدلًا خيرًا.

اللهم إنَّ نسألك الهدى والتقى والعفاف والرّشد والغنى، وأعنَّا على طاعتك، واصرف عنَّا معصيتك، واجعلنا من حزبك، وأوليائك، واجعلنا من عباد الرحمن الذين  هم أهلُكَ، وأحبابُك، وأصفياؤك من خلقك.

إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم: "عباد الرحمن" أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94001 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف