المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على رسولنا محمد، وعلى أصحابه أجمعين.
في هذه الساعة بالتحديد مستمعيّ الكرام يسرني أن أرحب بضيفنا صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح، رئيس مكتب الإفتاء بمنطقة القصيم، والأستاذ بجامعة القصيم، أهلاً ومرحبًا بكم صاحب الفضيلة.
الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بك أخي عبد الرحمن، وأهلاً وسهلًا بالمستمعين والمستمعات حيثما كانوا.
المقدم: شيخي، أحسن الله إليكم، لم يتبق من العشر سوى ليالٍ معدودة أقل من أصابع اليد؛ ولذلك يحث الجميع في هذه الأيام على شد المئزر، وإيقاظ أهله اقتداءً برسول الهدى صلى الله عليه وسلم، وهذه الأعمال في هذه الأيام تكون مضاعفة الأجر والثواب، وفي هذه الأيام يجب على الإنسان أن يكون أكثر حرصًا، وأكثر عبادةً، وأكثر تقربًا إلى الله.
هل من كلمة نسمعها في بداية هذا اللقاء لحث المستمعين الكرام على أن يكونوا أكثر همة ونشاطًا وطاعًة وتقربًا إلى الله فيما تبقى من شهر رمضان؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على المبعوثِ رحمةً للعالمين، نبينا محمد، وعلى أصحابه أجمعين.
أما بعد:
فإن هذه الليالي المباركة، والأيام الفاضلة هي من خير أيام الدنيا، فيها تُحط السيئات وتُرفع الدرجات.
جاء فيما رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِهِ».
وهذا في كامل حط الخطايا؛ فإن قيام ليلة القدر.. وهي إحدى ليالي هذه العشر التي نحن في ثلثها الأول، وسرعان ما تنقضي وتنتهي، «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِهِ».
وأما ما يتعلق بالخيرات والهبات والعطايا، فقد جاء في القرآن الحكيم قول رب العالمين: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾القدر: 1-3، والخيرية هنا فيما يتصل بالثواب، وعظيم الأجر، وكبير الفضل، الذي يدركه من اشتغل بالعمل الصالح في هذه الأيام؛ فإنه يدرك خيرًا عظيمًا.
فهذه الليالي وهذه الأيام فيها الليلة المباركة التي أخبر ببركتها رب العالمين في قوله: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ﴾ الدخان: 3، فهي ليلة عظيمة، وهي من ليالي هذه العشر؛ ولذلك ينبغي للمؤمن أن يجتهد في جميعها، وأن يبذل وسعه في إبراز فضيلتها بكل ما يستطيع.
فتجد ولد آدم الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر جد واجتهد، وأحيا ليله، وأيقظ أهله. أحيا ليله: يعني لم ينم من الليل شيئًا، فهذا إحياء الليل، وليس فقط عدم النوم مع الغفلة، والاشتغال بما لا ينفع من العمل، أو بما يضر من صخب بالأسواق، وإضاعة لشريف الأوقات، وعظيم الزمان المبارك؛ بل المقصود بإحياء الليل هو عمارته بما يحيا به من طاعة الله وطاعة رسوله.
فقد قال الله جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ الأنفال: 24، وإنما تحيا النفوس، وتحيا الأوقات والأزمان بطاعة الله عز وجل، والتقرب إليه بألوان القربات والطاعات؛ لهذا أوصي نفسي وإخواني بأن نجتهد بالإكثار من العمل الصالح.