×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:5692

الحلقة الثالثة والعشرون: {وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمدُ لله حمدًا كثيرًا، طيبًا، مباركًا فيه، أحمدُهُ حقَّ حمده، وأثني عليه الخير كُلَّه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسوله، صلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه، ومنِ اتبعَ سنته، واقتفى أثره بإحسانٍ إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:

فحياكم الله، أيها الإخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم: "عباد الرحمن" في سياق ما ذكرهُ اللهُ ـ تعالى ـ من صفات عباد الرحمن، ذكرَ تخلِّيهم عن الرذائل، أعظمُ ذلك تخلّيهم عن الشرك بالله، ثم بعدَ ذلك عن قتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، ثم بعدَ ذلك عن الزنا، فقال ـ جلَّ وعلا ـ: {وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68].

الزنا من أعظم الموبقات التي تُفسدُ معاش الناس وحياتُهم؛ وذلكَ أنَّ الزنا يُفضِي إلى اختلال نظام الكون من حيثُ التناسل والتعاقب، ومن حيثُ أنهُ موجبٌ للعقوبات العظيمة التي تَهَدَّدَ اللهُ ـ تعالى ـ بها أولئكَ الذين  يتورطون في هذه الموبقة، فإذا ظهرَ الزنا كان ذلك من علائم ودلائل قرب الساعة، التي قُربُها يُؤذن باختلال نظام الكون، وقد بيّنَ اللهُ ـ تعالى ـ للمؤمنين كُلَّ ما يتحقق لهم بهِ العفة، فأمرهم بغض الأبصار رجالًا ونساءَ، فقال ـ تعالى ـ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30]، وقال ـ جلَّ وعلا ـ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31]، وقد ذكرَ اللهُ ـ تعالى ـ في صفات أولياء الله من عبادة المؤمنين أنهم {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 5، 6] كُلُّ هذه الخصال تُبيِّن أنَّ من صفات عباد الرحمن أنهم أهل عفّة، يحفظون أنفسهم عمّا يُغضِبُ ربَّهم ـ جلّ في علاه ـ يحفظون أنفسهم عن الوقوع في الردى، وسيء العمل، وقد نهاهم اللهُ ـ تعالى ـ عن الزنا خصوصًا، فقال: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32] لم يتوجه النهي عن الزنا ذاته، بل عن قُربانه، وذلكَ أنَّ الزنا لا يقع إلا ولهُ مُقدمات، فمن مقدماته إطلاقُ البصر، ومن مقدماته إطلاق السمع، ومن مقدماته إطلاقُ اللسان، ومن مقدماته إطلاقُ الجوارح، ثم بعدَ ذلك يقع المحظور: «فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْقُبَلُ، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ، أَوْ يُكَذِّبُهُ» المستدرك للحاكم(3798) وقال صحيح على شرط مسلم  ؛ لذلك من الجدير بالمؤمن، أن يحفظ وصية الله ـ عز وجل ـ بالبُعدِ عن موجبات الوقوع في الزنا، مقدمات الوقوع في الزنا، فإنَّ ذلك مما نهاكَ اللهُ ـ تعالى ـ عنه، قال: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32] أي: إثمٌ عظيم وكبير، كما أنهُ سبيلٌ سيءٌ يسوء من يسلُكُه، من يرجو اللذة في المُحرّم لا يُدرِكُ إلا شقاءً، فإنَّ الله ما حرّم علينا هذه المُحرمات إلا أنَّ مُواقَعَتَها سببٌ للهلاك، سببٌ للشَّرِّ، سببٌ للفساد، ولذلك المؤمن يُدركُ بغضِّ بصره وحفظِ فرجه من زكاءِ قلبه وانشراحِ نفسه وطمأنينته ما لا يُدرِكهُ بمخالفةِ ذلك، فاللَّذَّةُ التي يُدرِكُها بالمعصية، تتضاءل وتتقزَّم وتتلاشى أمام الزكاة والطمأنينة والسرور الذي يُدرِكُهُ المؤمن بغضِّ بصره، وحفظِ فرجه؛ لذلك يقول الله ـ جلَّ في عُلَاه ـ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: 30] أي: أقرب لحصولِ الزكاة، والزكاة عارضٌ ينزلُ بالقلب، يُصيبُه بالطمأنينة، والبهجة، والسرور، والفرح، فحريٌّ بالمؤمن أن يُحافظ على هذا المكسب العظيم وهو الزكاة، بغضِّ بصره وحفظِ فرجه، فإنَّ ذلكَ فوزٌ عظيمٌ وسبقٌ كبير، لمَن سعى إلى تحصيله، وإدراكه.

أيها الإخوة والأخوات، نحنُ في عالمٍ ظهرَ فيهِ الزنا، ظهور الزنا ليسَ فقط بكثرة هذه المواقع التي تَعْرِضُ الزُّنَاة، أو أصحاب القاذورات بشتى صورها، هذا من مظاهر ظهور الزنا، لكن ثَمَّةَ أمور أُخرى، وهو تيسُّر المعصية؛ زنا القول، زنا السمع، زنا البصر، زنا اليد، زنا الجوارح، كُلُّ ذلكَ قد تيسرَ لكثيرٍ من الناس، وتيسرُه هو نوعٌ من الاختبارِ لك، فاحذر أن تَخْرُجَ عن عباد الرحمن، بمواقعةِ الزنا الذي هو مما طهَّرَ اللهُ عباد الرحمنِ منه، فإنَّ الله ـ تعالى ـ قال: {وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] إنهم سلموا من هذه الآفة، وحصَّنُوا فروجهم من مواقعةِ هذه الموبقة، فتبوءوا هذه المنزلة؛ أن كانوا عبادًا لله، أن كانوا عبادًا للرحمن، وهذه الإضافة تقتضي عظيم الرحمة الواصلة إليهم من الرحمن جلّ في علاه.

أيها الإخوة والأخوات، إنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمرَ بتحصين الفرج بالمباح، فقال: «يَا مَعْشَرِ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ، فَلْيَتَزَوَّجْ» صحيح البخاري(5065)، ومسلم(1499) وقال ـ جلَّ وعلا ـ: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33]، وبيّنَ ذلكَ رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: «يَا مَعْشَرِ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلْيِه بِالصَّوْمِ، فَإِنَّه لَهُ وِجَاءٌ»  صحيح البخاري(5065)، ومسلم(1499)  أي: الصائم، ووَقاء، ومانع من التورُّط في السوءِ والشَّرِّ، وإنَّ مما يقي الإنسان مواقع الردى، والتورُّط في الزنا أن يجتنب تلك المُغريات والمقدمات التي تجذِبُهُ، فالشيطان لا يوقعُكَ في الزنا مباشرة، بل يُمهِّدُ لكَ ذلك بالخطوات التي تكونُ موصلة لكَ في النهاية إلى سوء العاقبة، تجنَّبْ النظر الْمُحَرَّمَ، تجنَّبْ السمعَ الْمُحَرَّم، احفظ سمعك وبصرك، احفظ تواصُلَك، فإنَّ هذه الشبكات التي تيسرت في أيدي الناس، يُشاهدون فيها مما حرَّم الله، ما اللهُ بهِ عليم، إنَّ الواقي من الوقوع في الزنا، أن تُبْعِد نفسك عن كُلِّ خطر، احذر أن تتمادى بكَ الأمور، فكم من إنسان قال: ما يضر، انظر، ما يضر، أرْسِل، ما يضُرُّ، كلمة لا تؤثر، لكنَّ ذلك كُلُّهُ انتهى بهِ المآل، وعاقبة هذا المسار، إلى أن تورَّطَ في الزنا.

أيها الإخوة والأخوات، إنَّ خوف اللهِ ـ تعالى ـ وخوف ما يعقُبُهُ هذا الفعل المُحرَّم، وهذا المنكرُ العظيم، مما يحجِبُ الإنسانَ عن مُواقَعَتِه، فاحرصوا على البُعْد عن كُلِّ أسبابِ الوقوع في المُحرَّم، سواء كانَ ذلك بصرًا، أو سماعًا، أو قولًا، أو صلةً، أو تواصلًا، فاحفظوا أنفسكم؛ «احْفَظِ اللَّهِ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ»  سنن الترمذي (2516)، وأحمد(2763)،  صححه الألباني فاستعن بالله ـ عز وجل ـ في البُعْدِ عن كُلِّ سيئة.

اطلب العفاف فلن تجدَ لذةً فوقَ لذَّةِ الطاعة، سواءً كانت في الاستمتاع بما أحلَّ الله لك، فإنَّ ذلكَ مما يؤجِرُكَ اللهُ ـ تعالى ـ عليه، أو في كفِّ نفسك عن الْمُحرَّم.

تذكروا جميعًا أنَّ من خصال عباد الرحمن، ما ذكرهُ العزيز الغفار: {وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68].

أسأل اللهُ أن يقيَني وإياكم والمسلمين كُلَّ سوءٍ وشر، وأن يحفظَ فروجنا، وأن يرزُقنا كفَّ أبصارنا، وغضَّها عمَّا يُغضِبُه، وأن يستعملنا في طاعته، وأن يُغنينا بحلاله عن حرامه.

إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم: "عباد الرحمن" أستودعكم الله الذي لا تَضيعُ ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94004 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف