المبحث الثاني: نظرة شرعية في طرق تحديد جنس الجنين:
لقد سلكَ الناسُ منذُ زمنٍ بعيدٍ طرقًا عدةً ومسالكَ شتَّى لاختيارِ جنسِ مواليدِهِم. وقبلَ الدخولِ في ذكرِ تلكَ الوسائلِ وبيانِ حكمِها، أنبِّهُ إلى أنَّ أعظمَ الوسائلِ وأنجعَها في حصولِ المطلوبِ دعاءُ اللهِ تعالى والتضرعُ بينَ يديهِ. فالدعاءُ أقوى الأسبابِ وأنفعُها، وهو أبلغُ الوسائلِ في إدراكِ المقاصدِالجواب الكافي ص 3، 9.. وقد قصَّ اللهُ تعالى عظيمَ أثرِ الدعاءِ في حصولِ المطلوبِ مِنَ الولدِ في كتابهِ الحكيمِ في غيرِ ما موضعٍ. فهذا خليلُ الرحمنِ إبراهيمُ عليه السلام دعا اللهَ تعالى أنْ يرزقَهُ ولدًا ذكرًا فقالَ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾الصافات:100.، فأجابَ ربُّ العالمين دعاءَهُ قالَ اللهُ تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾الصافات:101.. وهذا نبيُّ اللهِ زكريا عليه السلام دعا ربَّهُ أيضًا أنْ يهبَهُ غلامًا زكيًّا، فقالَ كما قصَّ تعالى: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾آل عمران: 38.. فأجابَ اللهُ تعالى دعاءَه وسؤالَهُ قالَ جل جلاله: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى﴾الأنبياء: 90..
لكن ينبغي أنْ يتنبَهَ إلى أنهُ ليسَ هناكَ دعاءٌ مخصوصٌ عندَ الجماعِ للحصولِ على النوعِ المطلوبِ مِنَ الولدِومن ذلكما جاء فى كتاب مفيد العلوم ومبيد الهموم للخوارزمى ص 85: أنَّ مَن أرادَ الولدَ فليقرأْ عندَ الجماعَ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ويقولُ: اللهم ارزقنى مِن هذا الجماعِ ولدًا أسميهِ محمدًا أو أحمدَ، يرزقُهُ اللهُ الولدَ.، بل يدعو العبدُ بما شاءَ. والدعاءُ وسيلةٌ تنجحُ بها سائرُ الوسائلِ المباحةِ.
وبالنظرِ إلى الأسبابِ والوسائلِ التي تُستعملُ وتُتَّخذُ لتحديدِ جنسِ الجنينِ يمكنُ القولُ أنها ترجعُ إلى قسمينِ في الجملةِ وفْقَ ما تستندُ إليهِ:
الأولُ: طرقٌ ووسائلُ عامَّةٌ غيرُ طبيةٍ.
الثاني: طرقٌ ووسائلُ طبيةٌ.
ولكي نصلَ إلى حكمِ هذهِ السبلِ والطرقِ نحتاجُ إلى نظرٍ في مَدَى مراعاةِ هذهِ الطرقِ المختلفةِ للضوابطِ والمعاييرِ التي تميزُ الحلالَ مِنَ الحرامِ في عمليةِ تحديدِ جنسِ الجنينِ. وهذا ما سيتناولُهُ المطلبانِ التاليانِ:
المطلبُ الأولُ: الطرقُ والوسائلُ العامَّةُ غيرُ الطبيةِ لتحديدِ جنسِ الجنينِ.
المطلب الثاني: الطرق الطبية لتحديد جنس الجنين.