المسألة الثانية: ضوابط عمليات التعديل الوراثي في الأطعمة الحيوانية والنباتية:
أثارت عمليات التعديل الوراثي في الأطمعة الحيوانية والنباتية خلافًا كبيرًا بين جهات عديدة، كما تقدم، والذي يرشح من الجدل الدائر بين المختلفين حول هذه القضية أن لدى المعارضين للأطعمة المعدلة وراثيًّا مخاوف من أضرار واقعة أو متوقعة ينظر: التحوير الوراثي مبرراته فوائده وآثاره على البيئة والمجتمعات. إعداد د.خضر خليفي، ص15.. ولما كانت الأحكام الشرعية ((مبناها على المصالح بحسب الإمكان وتكميلها، وتعطيل المفاسد بحسب الإمكان وتقليلها)) ينظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام 1/11، الفروق للقرافي 2/126، مجموع الفتاوى لابن تيمية 28/596، مدارج السالكين 1/419.، فإذا اجتمعت في أمر ما مصالح ومفاسد، وتعذر درء المفاسد مع تحصيل المصالح، فإن كانت المفسدة تساوي المصلحة تعين درء المفسدةينظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام1/98، الفروق 2/188.. ولكن إذا تحققنا من وجود المفاسد فيما فيه مصلحة، وأمكن تحصيل تلك المصلحة بدون ارتكاب ما فيه من المفاسد، فهو المتعين تحصيلًا للمصالح ودرءًا للمفاسد دون القول بالتحريم. ولما كان من المبكر الجزم بتلك المضار أو نفيها مع قيام المصالح وتحققها، كان المخرج من مأزق الجدل المحتدم بين المعارضين والمؤيدين، هو الضوابط التي تمثل ضمانةً نظريةً لتوقي المضار المتوقعة. وقد اقترح جمع من الباحثين جملةً من الضوابط، والتي تمثل نواةً لما ينبغي أن يراعى في عمليات التعديل الوراثي في الأطعمة، ويمكن إجمالها في أمرينينظر: أحكام الهندسة الوراثية. د.الشويرخ ص 382. دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة ص 666، 757، 710. الهندسة الوراثية بين معطيات العلم وضوابط الشرع ص 69.:
أولًا: إدامة النظر في ميزان المصالح والمفاسد لهذه العملية، للتحقق من رجحان المصالح على المفاسد. وهذا يتطلب جهات رقابيةً محايدةً متابعةً، لتقويم النتائج وقياس المضار والمخاطر.
ثانيًا: كبح جماح كل تفعيل ضار للتعديل الوراثي في مجال الأطعمة. ومن ذلك منع العبث العلمي الذي يمكن أن ينتجه التطبيق السيئ للتعديل الوراثي، كأن تجعل للدجاجة جناحي نسر، أو لبعض الحيوانات أعضاءً من غيرها.