الفرعُ الثاني: تطبيقاتُ الضابطِ المعاصرةُ
بناءً على هذا الضابطِ فإنَّ كلَّ الهدايا والتي تُقدَّمُ لموظفي القطاعِ العامِّ كموظفي الدولةِ بجميعِ قطاعاتها، وعلى اختلافِ مسمَّياتِها ومراتبِها، وكذلكَ الهدايا المُقَدَّمةُ لموظفي القطاعِ الخاصِ؛ كموظفي الشركاتِ والمؤسساتِ على اختلافِها يجوزُ قبولها إذا أذنتْ فيها جهةُ الوظيفةِ والعملِ، وليسَ ذلكَ داخلًا في هدايا العمالِ والموظفينَ التي جاءتْ النصوصُ بتحريمها. يستوِي في ذلكَ جميعُ أنواعِ الهدايا، سواءٌ الهدايا ذاتُ القيمِ المعنويةً؛ كالهدايا التذكاريةِ والفخريةِ، أوِ الهدايا ذاتِ القيمِ الماديةِ كالهدايا العينيةِ منْ نقدٍ أوْ غيرهِ والهدايا النفعيةِ كالتسهيلاتِ والخدماتِ والتخفيضاتِ ونحوِ ذلكَ.
ومنْ آكدِ ما يندرجُ في هذا الضابطِ الهدايا المقدمةُ منْ جهةِ العملِ سواءٌ للموظفينَ جميعًا أوْ لبعضهمْ، وسواءٌ أكانتْ مكافأةً على إنجازٍ أمْ تحفيزيةٍ تشجيعيةٍ.
ومما يلتحقُ لهذا الهدايا التشريفيةُ والاحتفاليةُ، وكذلكَ التكريميةُ كالتي تقدمُ للموظفينَ على اختلافِ مراتبهمْ عندَ نهايةِ الخدمةِ. لكنَّ الواجبَ على المسؤولينَ عنْ تقديمِ هذه الهدايا أنْ يتقوا اللهَ فيما يبذلونَهُ منَ الأموالِ في هذا النوعِ منْ الهدايا فيجتنبُوا الإسرافَ والمحابةَ، ويتوخوا العدلَ والاقتصادَ، فإنهمْ يتصرفونَ في أموالِ غيرهم، سواءٌ أكانتْ عامةً أمْ خاصةً.
ومما يندرجُ في هذا الضابطِ الهدايا المُقدَّمةُ لموظفي الجهاتِ العامةِ والخاصةِ من طريقِ جهةِ العملِ؛ سواءٌ أكانَ ذلكَ عامًا لجميعِ منسوبيها أمْ خاصًا ببعضِهمْ؛ لأنَّ كونَ الهديةِ قدمتْ بواسطةِ جهةِ العملِ فهوَ إذْنٌ للموظفِ في قَبولِها. لكنْ ينبغي أنْ يستحضرَ أنهُ في بعضِ الصورِ قدْ يتجاوزُ المسؤولُ في جهةِ العملِ الصلاحياتِ المخولةَ لهُ فلا يراعي الأنظمةَ في الهدايا، فحينئذٍ لا يجوزُ للموظفِ قبولها؛ لأنهُ إذنٌ ممنْ لا يملكُ الإذنَ فوجودهُ كعدمهِ.