المطلبُ الأولُ: منعُ صحةِ الائتمامِ عبرَ المذياعِ ونحوِهِ:
معَ تطورِ وسائلِ الاتصالِ، أصبحَ نقْلُ صلاةِ الأئمةِ في الجوامعِ والمساجدِ الكبرى مِنَ الأمورِ الشائعةِ في وسائلِ الإعلامِ، وقد تَطَرَّقَ شيخُنَا إلى حُكمِ ذلكَ، مستحضرًا في التوصُّلِ إلى الحكمِ مقاصدَ الشريعةِ، ففي كلامِهِ عن مسألةِ اقتداءِ مَن خارجُ المسجدِ بالإمامِ قالَ رحمهُ اللهُ: «لا تصحُّ الصلاةُ؛ لأنَّ الصفوفَ غيرُ متصلةٍ. وهذا القولُ هو الصحيحُ، وبهِ يندفعُ ما أفتَى بهِ بعضُ المعاصرينَ مِن أنهُ يجوزُ الاقتداءُ بالإمامِ خلفَ المذياعِ، وكتبَ في ذلكَ رسالةً سمَّاها: «الإقناعُ بصحةِ صلاةِ المأمومِ خلفَ المِذياعِ»، ويلزمُ على هذا القولِ أن لا نصليَ الجمعةَ في الجوامعِ، بل نقتدي بإمامِ المسجدِ الحرامِ؛ لأنَّ الجماعةَ فيهِ أكثرُ فيكونُ أفضلَ، معَ أنَّ الذي يصلي خلفَ المذياعِ لا يُرى فيهِ المأمومُ ولا الإِمامُ، فإذا جاءَ التلفازُ الذي ينقلُ الصلاةَ مباشرةً يكونُ مِن بابٍ أولى، وعلى هذا القولِ اجعلْ التلفزيونَ أمامَكَ وصلِّ خلفَ إمامِ الحرمِ، واحْمدِ اللهَ على هذهِ النعمةِ؛ لأنهُ يشاركُكَ في هذهِ الصلاةِ آلافُ الناسِ، وصلاتُكَ في مسجدِكَ قد لا يبلغونَ الألفَ، ولكنَّ هذا القولَ لا شكَّ أنهُ قولٌ باطلٌ؛ لأنهُ يؤدي إلى إبطالِ صلاةِ الجماعةِ أوِ الجمعةِ، وليسَ فيهِ اتصالُ الصفوفِ، وهو بعيدٌ مِن مقصودِ الشارعِ بصلاةِ الجمعةِ والجماعةِ» الشرح الممتع على زاد المستقنع (4/299)..