الفرعُ الأولُ: استعمالُ مكبراتِ الصوتِ في الأذانِ:
فإنهُ مما جدَّ في المساجدِ استعمالُ المكبراتِ التي تُبَلِّغُ الصوتَ، وقدِ استنكرَ بعضُ الناسِ استعمالَها، قالَ شيخُنا -رحمهُ اللهُ-: «أولَ ما ظهرتْ مكبراتُ الصوتِ أنكرَها بعضُ الناسِ، وقالَ: إنَّ هذا منكرٌ! كيفَ نؤدِّي الصلاةَ أوِ الخطبةَ بهذهِ الأبواقِ التي تشبهُ بوقَ اليهودِ؟! ومِنَ العلماءِ المحققينَ كشيخِنا عبدِ الرحمنِ السعديِّ -رحمهُ اللهُ- قالَ: إنَّ هذهِ من نعمةِ اللهِ؛ أنَّ اللهَ يسَّرَ لعبادِهِ ما يوصلُ أصواتَ الحقِّ إلى الخلقِ، وأنَّ مثلَ هذهِ كمثلِ نظاراتِ العينِ، فالعينُ إذا ضعُفَ النظرُ تحتاجُ إلى تقويةٍ بلبسِ النظاراتِ، فهل نقولُ: لا تلبسُ النظاراتِ؛ لأنها تُقوِّي النظرَ وتكبِّرُ الصغيرَ» شرح رياض الصالحين (1/202).، وقد أطالَ شيخُنا رحمهُ اللهُ في الردِّ على ذلكَ، وبيانِ أنهُ لا حرجَ باستعمالِها، بل قد تكونُ مطلوبةً، يقولُ رحمهُ اللهُ: «ونستنبطُ من قولِهِ: «صيِّتًا» أنَّ مكبراتِ الصوتِ مِن نعمةِ اللهِ؛ لأنها تزيدُ صوتَ المؤذنِ قوةً وحسنًا، ولا محذورَ فيها شرعًا، فإذا كانتْ كذلكَ، وكانتْ وسيلةً لأمرٍ مطلوبٍ شرعيٍّ، فللوسائلِ أحكامُ المقاصدِ» الشرح الممتع على زاد المستقنع (2/50-51).، فالالتفاتُ وسيلةٌ للإبلاغِ، فلما كانَ الالتفاتُ في هذهِ الحالِ لا يحصلُ بهِ المقصودُ، بل على العكسِ كانَ عدمُه أَوْلى.