الفرعُ الأولُ: حكمُ أطفالِ الأنابيبِ:
أنتجَ التقدمُ الطبيُّ عدةَ طرقٍ لمعالجةِ مشاكلِ الخصوبةِ وتأخُّرِ الإنجابِ، ومِن ذلكَ أطفالُ الأنابيبِ، وقد ذهبَ شيخُنا -رحمهُ اللهُ- إلى خطورةِ هذهِ الطريقةِ على الأنسابِ، وقد توقَّفَ فيها، فقالَ رحمهُ اللهُ: «وهذا يُشبهُ في عصرِنا أطفالَ الأنابيبِ، فهل يجوزُ إجراءُ هذهِ العمليةِ؛ لأنَّ أحيانًا تكونُ المرأةُ عندها ضعفٌ في الرحمِ، ولا يمكنُ أن تَحْملَ إلا بهذهِ الواسطةِ، فيرى بعضُ العلماءِ أنهُ يجوزُ للمرأةِ أن تتحملَ مِن ماءِ الزوجِ بواسطةٍ أو بغيرِ واسطةٍ، ولكنَّ الفتيا بذلكَ فيها خطرُ التلاعبِ بالأنسابِ، فربما يأتي إنسانٌ عقيمٌ، منيُّهُ غيرُ صالحٍ، فيشتري مِن شخصٍ منيًّا، وتحملُ بهِ المرأةُ، وهذا واقعٌ، فالآنَ يوجدُ بنوكٌ للحيواناتِ المنويةِ، وهذا غيرُ جائزٍ، لذلكَ نحن لا نفتِي بذلكَ مطلقًا؛ لأنَّنا نخشى مِنَ التلاعبِ» الشرح الممتع على زاد المستقنع (13/ 328)..
وقالَ في موضعٍ آخرَ: «وهذهِ المسألةُ خطيرةٌ جدًّا، ومَنِ الذي يأمنُ الطبيبَ أن يُلقِيَ نطفةً في رحمِ زوجةٍ أخرى؟ ولهذا نرى سدَّ البابِ، ولا نفتي بهِ إلا في قضيةٍ معينةٍ بحيثُ نعرفُ الرجلَ والمرأةَ والطبيبَ، وأمَّا فتحُ البابِ فيُخشَى منهُ الشرُّ، وليستِ المسألةُ هينةً؛ لأنهُ لو حصلَ فيها غشٌّ لزمَ إدخالُ نسبٍ في نسبٍ، وصارتْ الفوضَى في الأنسابِ، وهذا مما يحرمُهُ الشرعُ، ولهذا قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «لَا تُوطَأُ ذَاتُ حَمَلٍ حَتَّى تَضَعَ» رواه أبو داود، كتاب النكاح، باب وطء السبايا، رقم (2157)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.، فأنا لا أفتي في ذلكَ، اللهمَّ إلا أن ترِدَ إليَّ قضيةٌ معينةٌ أعرفُ فيها الزوجَ والمرأةَ والطبيبَ» لقاء الباب المفتوح (30/23)..