×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / دروس العقيدة / الأصول الثلاثة / الدرس السابع من الأصول الثلاثة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس السابع من الأصول الثلاثة
00:00:01

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: قال المؤلف رحمه الله تعالى : الأصل الثالث: معرفة نبيكم محمد r، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، وله من العمر ثلاث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة وثلاث وعشرون نبيا رسولا، نبئ باقرأ وأرسل بالمدثر، وبلده مكة وهاجر إلى المدينة، بعثه الله بالنذارة عن الشرك ويدعو إلى التوحيد، والدليل قوله تعالى: ] يا أيها المدثر `قم فأنذر `وربك فكبر `وثيابك فطهر `والرجز فاهجر `   ولا تمنن تستكثر `ولربك فاصبر[ ومعنى ] قم فأنذر [ ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد، ] وربك فكبر [ أي عظمه بالتوحيد، ] وثيابك فطهر [ أي طهر أعمالك عن الشرك، ] والرجز فاهجر [ الرجز الأصنام، وهجرها تركها والبراءة منها وأهلها. أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد، وبعد العشر عرج به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس وصلى في مكة ثلاث سنين، وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة.   بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين أما بعد. . فهذا هو الأصل الثالث من الأصول التي يحصل للعبد بها النجاة في الدنيا والآخرة، وهو معرفة النبي r، ومعرفة النبي rواجبة لا يتم الإيمان إلا بها، لأنه من أركان الإيمان بالرسل، ولأنه لا تثبت القدم على الإسلام إلا بالشهادة للنبي rبالرسالة، فمعرفة النبي rأصل من أصول الإيمان، وهي بوابة الدخول إلى الإسلام، عن ابن عمر أن رسول الله rقال: (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله))([1]). ولا تحصل الشهادة له بالرسالة إلا بعد العلم به، والمعرفة له r، فهذا أصل أصيل لحصول الإيمان والإسلام، ولا يحصل لعبد النجاة في الدنيا والآخرة إلا به، فإن أول منازل الآخرة القبر، وأول ما يسأل عنه المقبوض عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، فإن وفق للجواب وفق للخيرات، وإن حيل بينه وبين الجواب بكفره أو نفاقه فإنه قد أغلق عليه باب الفلاح في الدار الآخرة. يقول رحمه الله في بيان هذا الأصل والتعريف به: (وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم)،هذا فيه بيان نسب النبي r، ونسبه rفي الذروة من قومه، وقومه في الذروة من العرب، فهو أشرف العرب نسبا r، والواجب معرفته من نسبه: معرفة اسمه r، فلو لم يعرف الإنسان أن أباه عبد الله، وأن جده عبد المطلب وصدق به وآمن به لم يضره ذلك، لكن من تمام المعرفة به rالمعرفة بنسبه. قال المؤلف رحمه الله الشيخ محمد بن عبد الوهاب غفر الله له: (وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام)،وهو إمام الحنفاء، أي: رسول الله r، جاء مجددا لدعوته وباعثا لرسالته، فهو موصول به نسبا ودعوة، فنسبه ينتهي إلى إبراهيم الخليل، ودعوته موافقة لما جاء به إبراهيم عليه الصلاة والسلام، قال: (وله من العمر ثلاث وستون سنة)،أي توفي عن هذا العمر، وهذا معروف ولا إشكال فيه عند أهل السير والتأريخ، قال: (منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبيا رسولا)،والسر في بعثته على رأس الأربعين أنه يحصل بهذا السن كمال النضج والرشد، ولذلك قيل: إن الأنبياء لا يبعثون في أقل من ذلك، وما ورد بأن عيسى بعث في أقل من ذلك ليس بذاك القوي. ثم قال رحمه الله: (وثلاث وعشرون نبيا رسولا)،أي إنه rبعد الأربعين إلى وفاته كان نبيا رسولا، وأول الأمر كان نبيا فقط، ثم أرسل كما سيبين ذلك المؤلف رحمه الله، فبدأ الأمر بالنبوة rوأولها الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى الرؤيا إلا وتأتي مثل فلق الصبح، واستمر ذلك ستة أشهر، ثم بعد ذلك أوحي إليه، قال: ( نبئ ب (اقرأ ))أي: حصلت له النبوة بسورة اقرأ، وذلك أنه rحبب إليه الاختلاء، فكان يختلي بغار حراء، فجاءه جبريل وهو في غار حراء، وقال له: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: ] اقرأ باسم ربك الذي خلق `خلق الإنسان من علق`اقرأ وربك الأكرم `الذي علم بالقلم `علم الإنسان ما لم يعلم[([2])، وقول النبي r:ما أنا بقارئ ليس رفضا للقراءة أو ردا لها، إنما بيان لحاله، وأنه لا يحسن القراءة r، وذلك أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب ] ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان[([3])فما كان النبي rيدري الكتاب لا قراءة، ولا كتابة، كما قال: ] وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون[([4]). ثم نبئ ب ] اقرأ [ وهذه السورة فيها أن مفتاح النبوة القراءة، ومفتاح العلم القراءة، ولذلك جاء الأمر بالقراءة لتحصل له الخيرات، ولذلك حصل للنبي rمن الخيرات أنه كان مبدؤه وافتتاحه بأمره بالقراءة ]اقرأ باسم ربك الذي خلق[. ثم قال: وأرسل بالمدثر، المدثر السورة التي نزلت وسميت بهذا الاسم، لأن الله عز وجل ناداه بهذا الوصف، وذلك أنه rلما رأى جبريل بين السماء والأرض على الهيئة التي خلقه الله عليها وله ستمائة جناح عظم الأمر عليه، وذهب ترجف بوادره r، يقول لأهله: دثروني دثروني من شدة ما وجد من الفزع، فأتاه الخطاب في هذه السورة التي ذكر المؤلف رحمه الله ]يا أيها المدثر [([5])وفيها بعثته وأمره بالرسالة r، أما اقرأ فلم يأمره الله فيها بالتبليغ ولا أرسله، إنما أمره بالقراءة لنفسه. قال: وبلده مكة، بعثه الله بالنذارة عن الشرك، أي بالإنذار عن الشرك الأكبر والأصغر الدقيق والجليل، الظاهر والخفي، فإن النبي rحذر من الشرك كله، حذر منه ومن أسبابه المفضية والموصلة إليه، ولذلك تميزت هذه الشريعة بأنها سدت كل الطرق الموصلة إلى الشرك.  قال: ويدعو إلى التوحيد، أي يدعو الناس إلى عبادة الله وحده، فهذه الشريعة وهذه الرسالة الخاتمة أكمل الرسالات وأتمها في تحقيق التوحيد لله عز وجل، حتى إنه ما كان من الأمور التي تجوز في الأمم السابقة كالسجود تحية وإكراما منع ذلك في هذه الشريعة، فخلصت من كل ما يفضي إلى الشرك في الأقوال والأعمال والعقائد. قال رحمه الله: والدليل - على إرساله ونذارته عن الشرك وأمره بالتوحيد -قوله تعالى: ]يا أيها المدثر`قم فأنذر`وربك فكبر`وثيابك فطهر`والرجز فاهجر`ولا تمنن تستكثر`ولربك فاصبر[([6])ومن بديع هذه الآيات أن الله سبحانه وتعالى افتتح الأمور فيها بالنذارة، فأول آية أمر النبي rفيها بالإنذار، وحصلت له بها الرسالة، واختتمت بالأمر بالصبر، وهذا فيه إشعار له rأنه لن يتحقق له القيام بالنذارة إلا بتحقيق الصبر، ولذلك اختتم الأوامر بقوله: ] ولربك فاصبر[ وهذا حال كل من دعا إلى الله عز وجل، وكل من علم الناس فإنه يحتاج إلى صبر، ولذلك تكرر أمر لله جل وعلا لرسوله بالصبر في آيات كثيرة، كقوله: ]واصبر لحكم ربك[([7])وما إلى ذلك من الآيات التي أمر فيها النبي rبالصبر، بين الشيخ رحمه الله هذه الآيات فقال: (ومعنى ]قم فأنذر[ ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد)، أي: ينذر العباد خطر الشرك ويدعوهم إلى التوحيد، واعلم أن كل ما نهى عنه النبي rفإنه إما أن يكون شركا، وإما أن يكون سببا موصلا للشرك، وإما أن يكون نقصا في التوحيد، فالمعاصي التي نهى الله عنها سبحانه وتعالى مثل الغيبة على سبيل المثال، ليست شركا، لكن هل هي من أسباب الشرك ؟ الجواب: ليست من أسباب الشرك، ولكنها من نواقص التوحيد، وهذا يندرج تحته أن كل ذنب ومعصية فإنه من نواقص التوحيد، ولذلك لما ذكر الله جل وعلا صرف السوء والفحشاء عن يوسف عليه السلام قال: ]كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين[([8])وفي قراءة ]المخلصين[ فالإخلاص وكمال التوحيد من أعظم أسباب انصراف الإنسان عن المعاصي الدقيق منها والجلي. وقوله: ( يدعو إلى التوحيد )يعني ببيانه وما يجب لله عز وجل منه وأسباب تحقيقه، ويدعو إليه أيضا ببيان عاقبة الموحدين فدعوة النبي rدائرة على النهي عن الشرك، وعلى الأمر بالتوحيد، مع أن الشريعة جاءت بأوامر كثيرة، لكن كل هذه الأوامر تدور في فلك تحقيق التوحيد، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله: القرآن كله أمر بالتوحيد ونهي عن الشرك، ويبين ذلك أن القرآن جاء بالنهي عن الشرك والأمر بالتوحيد، بيان عاقبة المشركين وبيان عاقبة الموحدين، وبيان ما يتم ويكمل به التوحيد، ولذلك كان التوحيد هو المحور الذي يدور عليه كتاب الله عز وجل.  ثم قال رحمه الله: ]وربك فكبر[ عظمه بالتوحيد،ولا شك أن أعظم ما يعظم به الرب سبحانه وتعالى التوحيد، لأن التوحيد فرع عن تعظيم الله، وغايته: محبة الله عز وجل ونهايتها، فالتوحيد يقوم على هذين الأمرين: التعظيم، وهو الذل لله جل وعلا، والمحبة، وبهما يحصل تمام التعظيم والتكبير لله جل وعلا، وبقدر ما يحصل من النقص في هذين الركنين العظيمين للتوحيد يحصل ما يقابله من نقص التوحيد والخلل فيه. قال: ]وثيابك فطهر [ أي طهر أعمالك من الشرك، فجعل الثياب بمعنى الأعمال وأصل الأعمال هي: أعمال القلوب، فيجب تطهير أعمال القلب من كل شرك وكفر. وكذلك أعمال الجوارح، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله: جمهور المفسرين من السلف على أن معنى قوله:]وثيابك فطهر[ أي: وقلبك فطهر، ويكون ذلك بإصلاح العمل والخلق، وكلا المعنيين صحيح وظاهر. قال: ]والرجز فاهجر[ الرجز: الأصنام، هي الأصنام، والأصل في الرجز يطلق على النجاسات والمستقذرات، ولاشك أن الأصنام من النجاسات المعنوية، كما قال الله سبحانه وتعالى:]يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون[([9]) فهي من النجاسات المعنوية التي يجب على المؤمن أن يتخلى عنها، وأن ينأى بنفسه عنها. قال: وهجرها -أي: هجر الأصنام - تركها وأهلها والبراءة منها وأهلها، وذلك لأن الهجر أصله الترك والمفارقة، فأمر الله عز وجل بالترك والمفارقة للأصنام، وذلك بتركها وترك من يعظمها وبالبراءة منها والبراءة من أهلها. ثم توقف المؤلف رحمه الله عن بيان بقية الآيات، لأن المقصود قد حصل فيما يستدل له بالآيات الأربع السابقة ] قم فأنذر`وربك فكبر`وثيابك فطهر`والرجز فاهجر[ أما قوله: ]ولا تمنن تستكثر[ فمعناه: لا تعط عطاء ترجو أن يهدى إليك. أو تعطى أكثر منه، وقيل في معنى ]ولا تمنن تستكثر[ أي: لا تر ما تعمله أو ما تلقاه بسبب دعوتك الناس إلى التوحيد شيئا كبيرا، فيحملك ذلك على الاستكثار من العمل يعني أنك تتعاظم هذا العمل فتقصر عن الزيادة وعن مزيد العمل، هكذا قيل في تفسير]ولا تمنن تستكثر[ وكلاهما يصح تفسير الآيات به، وقوله: ] ولربك فاصبر[([10])أمر الله عز وجل نبيه بالصبر له، وذلك بأن يخلص صبره لله عز وجل، لأن من الناس من يصبر لكن لا يستحضر أن صبره لله عز وجل، والمأمور به من الصبر هو الصبر لله سبحانه وتعالى احتسابا، فقوله: ] ولربك فاصبر[ أي اصبر احتسابا له ورغبة فيما عنده ورجاء لثوابه وإعانته سبحانه وتعالى. ثم قال رحمه الله: (وأخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد)أي: استمر على الدعوة إلى التوحيد عشر سنين يدعو إليه، وبعد العشر عرج به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس، وهذا فيه أنه لم يسبق هذا أمر بالصلاة، وقد اختلف في وقت العروج هل كان قبل ثلاث سنوات أو قبل سنتين أو أكثر أو أقل، المهم أنه في آخر مدة إقامته في مكة r، ولا يفهم من قوله رحمه الله: إنه اقتصر في الدعوة إلى التوحيد على العشر السنوات الأولى ثم انقطعت الدعوة، هذا ليس مرادا ولم يقصده المؤلف رحمه الله، وإنما أراد بيان أن صلب ما كان يدعو إليه ويكرره على الناس طيلة العشر السنوات من الدعوة هو التوحيد فقط، ومع ذلك كان يدعو rإلى صلة الأرحام وغيرها من أنواع الخير التي هي من مكملات التوحيد، وهي من فضائل الأخلاق، لكن صلب الدعوة وأصلها وأساسها ومحور الخلاف مع المشركين هو دعوته rإلى عبادة الله وحده، ولذلك لم ينكر أهل مكة عليه غير هذه الدعوة ]أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب[([11])فإنما استغربوا وتعجبوا من هذه الدعوة لا من غيرها. قال رحمه الله: وبعد العشر عرج به إلى السماء،والعروج بالنبي rأمر ثابت في سنة النبي r، بل ودل عليه القرآن، فالعروج جاء ذكره في أول سورة النجم، وأما الإسراء فقد جاء صريحا واضحا في أول سورة بني إسرائيل ( سورة الإسراء ) وقد عرج بروحه وجسده على الصحيح من أقوال أهل العلم. قال رحمه الله: وفرضت عليه الصلوات الخمس،أي في وقت عروجه، وذلك لشرفها وعظيم مكانتها فإن الله سبحانه وتعالى، اختص هذه الفريضة دون غيرها، بأن باشر فرضها سبحانه وتعالى على نبيه rولم يجعل بينه وبين رسوله سفيرا أو رسولا من الملائكة. قال: (وصلى في مكة ثلاث سنين)،أي هذه الصلوات المفروضة، (وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة)،وذلك أنه rتعذر عليه دعوة الناس وحيل بينه وبين الدعوة إلى التوحيد وحوصر، وهم قومه أن يقتلوه، فلما سدت الطرق وأوصدت الأبواب ولم يكن سبيل تبليغ دين الله عز وجل إلا بالهجرة أمره الله سبحانه وتعالى بالهجرة من مكة إلى المدينة. . . .       ([1]) أخرجه البخاري في الإيمان برقم 24، وأخرجه مسلم في الإيمان برقم 29. ([2])العلق: 1 – 5. ([3])الشورى: 52. ([4])العنكبوت: 48. ([5]) المدثر: 1. ([6]) المدثر: 1 – 7. ([7]) الطور: 48. ([8]) يوسف: 24. ([9])المائدة: 90. ([10]) المدثر: 7. ([11]) ص: 5.

المشاهدات:5291

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى :

الأصل الثالث: معرفة نبيكم محمد r، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، وله من العمر ثلاث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة وثلاث وعشرون نبيّاً رسولاً، نبئ باقرأ وأرسل بالمدثر، وبلده مكة وهاجر إلى المدينة، بعثه الله بالنذارة عن الشرك ويدعو إلى التوحيد، والدليل قوله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ `قُمْ فَأَنْذِرْ `وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ `وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ `وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ `   وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ `وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ[ ومعنى ] قُمْ فَأَنْذِرْ [ ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد، ] وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ [ أي عظّمه بالتوحيد، ] وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [ أي طهر أعمالك عن الشرك، ] وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [ الرجز الأصنام، وهجرها تركها والبراءة منها وأهلها. أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد، وبعد العشر عرج به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس وصلى في مكة ثلاث سنين، وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين أما بعد. .

فهذا هو الأصل الثالث من الأصول التي يحصل للعبد بها النجاة في الدنيا والآخرة، وهو معرفة النبي r، ومعرفة النبي rواجبة لا يتم الإيمان إلا بها، لأنه من أركان الإيمان بالرسل، ولأنه لا تثبت القدم على الإسلام إلاّ بالشهادة للنبي rبالرسالة، فمعرفة النبي rأصل من أصول الإيمان، وهي بوابة الدخول إلى الإسلام، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ rقَالَ: (( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ))([1]). ولا تحصل الشهادة له بالرسالة إلاّ بعد العلم به، والمعرفة له r، فهذا أصل أصيل لحصول الإيمان والإسلام، ولا يحصل لعبدٍ النجاة في الدنيا والآخرة إلا به، فإن أول منازل الآخرة القبر، وأول ما يسأل عنه المقبوض عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، فإن وفق للجواب وفق للخيرات، وإن حيل بينه وبين الجواب بكفره أو نفاقه فإنه قد أغلق عليه باب الفلاح في الدار الآخرة.

يقول رحمه الله في بيان هذا الأصل والتعريف به: (وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم)،هذا فيه بيان نسب النبي r، ونسبه rفي الذروة من قومه، وقومه في الذروة من العرب، فهو أشرف العرب نسباً r، والواجب معرفته من نسبه: معرفة اسمه r، فلو لم يعرف الإنسان أن أباه عبد الله، وأن جده عبد المطلب وصدق به وآمن به لم يضره ذلك، لكن من تمام المعرفة به rالمعرفة بنسبه.

قال المؤلف رحمه الله الشيخ محمد بن عبد الوهاب غفر الله له: (وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام)،وهو إمام الحنفاء، أي: رسول الله r، جاء مجدداً لدعوته وباعثاً لرسالته، فهو موصول به نسباً ودعوةً، فنسبه ينتهي إلى إبراهيم الخليل، ودعوته موافقة لما جاء به إبراهيم عليه الصلاة والسلام،

قال: (وله من العمر ثلاث وستون سنة)،أي توفي عن هذا العمر، وهذا معروف ولا إشكال فيه عند أهل السير والتأريخ،

قال: (منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبياً رسولاً)،والسر في بعثته على رأس الأربعين أنه يحصل بهذا السن كمال النضج والرشد، ولذلك قيل: إن الأنبياء لا يبعثون في أقلّ من ذلك، وما ورد بأن عيسى بعث في أقلّ من ذلك ليس بذاك القوي.

ثم قال رحمه الله: (وثلاث وعشرون نبياً رسولاً)،أي إنه rبعد الأربعين إلى وفاته كان نبياً رسولاً، وأول الأمر كان نبياً فقط، ثم أرسل كما سيبين ذلك المؤلف رحمه الله، فبدأ الأمر بالنبوة rوأولها الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى الرؤيا إلاّ وتأتي مثل فلق الصبح، واستمر ذلك ستة أشهر، ثم بعد ذلك أوحي إليه،

قال: ( نُبئ بـ (اقرأ ))أي: حصلت له النبوة بسورة اقرأ، وذلك أنه rحبب إليه الاختلاء، فكان يختلي بغار حراء، فجاءه جبريل وهو في غار حراء، وقال له: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: ] اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ `خَلَقَ الْإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ`اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ `الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ `عَلَّمَ الْإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ[([2])، وقول النبي r:ما أنا بقارئ ليس رفضاً للقراءة أو رداً لها، إنما بيان لحاله، وأنه لا يحسن القراءة r، وذلك أنه أميٌ لا يقرأ ولا يكتب ] مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ[([3])فما كان النبي rيدري الكتاب لا قراءةً، ولا كتابةً، كما قال: ] وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ[([4]). ثم نبئ بـ ] اقْرَأْ [ وهذه السورة فيها أن مفتاح النبوة القراءة، ومفتاح العلم القراءة، ولذلك جاء الأمر بالقراءة لتحصل له الخيرات، ولذلك حصل للنبي rمن الخيرات أنه كان مبدؤه وافتتاحه بأمره بالقراءة ]اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ[.

ثم قال: وأرسل بالمدثر، المدثر السورة التي نزلت وسميت بهذا الاسم، لأن الله عز وجل ناداه بهذا الوصف، وذلك أنه rلما رأى جبريل بين السماء والأرض على الهيئة التي خلقه الله عليها وله ستمائة جناح عظم الأمر عليه، وذهب ترجف بوادره r، يقول لأهله: دثروني دثروني من شدة ما وجد من الفزع، فأتاه الخطاب في هذه السورة التي ذكر المؤلف رحمه الله ]يا أيها المدثر [([5])وفيها بعثته وأمره بالرسالة r، أما اقرأ فلم يأمره الله فيها بالتبليغ ولا أرسله، إنما أمره بالقراءة لنفسه.

قال: وبلده مكة، بعثه الله بالنذارة عن الشرك، أي بالإنذار عن الشرك الأكبر والأصغر الدقيق والجليل، الظاهر والخفي، فإن النبي rحذر من الشرك كله، حذر منه ومن أسبابه المفضية والموصلة إليه، ولذلك تميزت هذه الشريعة بأنها سدت كل الطرق الموصلة إلى الشرك.

 قال: ويدعو إلى التوحيد، أي يدعو الناس إلى عبادة الله وحده، فهذه الشريعة وهذه الرسالة الخاتمة أكمل الرسالات وأتمها في تحقيق التوحيد لله عز وجل، حتى إنه ما كان من الأمور التي تجوز في الأمم السابقة كالسجود تحيةً وإكراماً منع ذلك في هذه الشريعة، فخلّصت من كل ما يفضي إلى الشرك في الأقوال والأعمال والعقائد.

قال رحمه الله: والدليل - على إرساله ونذارته عن الشرك وأمره بالتوحيد -قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ`قُمْ فَأَنْذِرْ`وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ`وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ`وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ`وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ`وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ[([6])ومن بديع هذه الآيات أن الله سبحانه وتعالى افتتح الأمور فيها بالنذارة، فأول آية أمر النبي rفيها بالإنذار، وحصلت له بها الرسالة، واختتمت بالأمر بالصبر، وهذا فيه إشعار له rأنه لن يتحقق له القيام بالنذارة إلاّ بتحقيق الصبر، ولذلك اختتم الأوامر بقوله: ] وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ[ وهذا حال كل من دعا إلى الله عز وجل، وكل من علَّم الناس فإنه يحتاج إلى صبر، ولذلك تكرر أمر لله جل وعلا لرسوله بالصبر في آياتٍ كثيرة، كقوله: ]وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ[([7])وما إلى ذلك من الآيات التي أمر فيها النبي rبالصبر،

بين الشيخ رحمه الله هذه الآيات فقال: (ومعنى ]قُمْ فَأَنْذِرْ[ ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد)، أي: ينذر العباد خطر الشرك ويدعوهم إلى التوحيد، واعلم أن كل ما نهى عنه النبي rفإنه إما أن يكون شركاً، وإما أن يكون سبباً موصلاً للشرك، وإما أن يكون نقصاً في التوحيد، فالمعاصي التي نهى الله عنها سبحانه وتعالى مثل الغيبة على سبيل المثال، ليست شركاً، لكن هل هي من أسباب الشرك ؟ الجواب: ليست من أسباب الشرك، ولكنها من نواقص التوحيد، وهذا يندرج تحته أن كل ذنبٍ ومعصيةٍ فإنه من نواقص التوحيد، ولذلك لما ذكر الله جل وعلا صرف السوء والفحشاء عن يوسف عليه السلام قال: ]كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ[([8])وفي قراءة ]الْمُخْلِصِينَ[ فالإخلاص وكمال التوحيد من أعظم أسباب انصراف الإنسان عن المعاصي الدقيق منها والجلي.

وقوله: ( يدعو إلى التوحيد )يعني ببيانه وما يجب لله عز وجل منه وأسباب تحقيقه، ويدعو إليه أيضاً ببيان عاقبة الموحدين فدعوة النبي rدائرة على النهي عن الشرك، وعلى الأمر بالتوحيد، مع أن الشريعة جاءت بأوامر كثيرة، لكن كل هذه الأوامر تدور في فلك تحقيق التوحيد، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله: القرآن كله أمر بالتوحيد ونهي عن الشرك، ويبين ذلك أن القرآن جاء بالنهي عن الشرك والأمر بالتوحيد، بيان عاقبة المشركين وبيان عاقبة الموحدين، وبيان ما يتم ويكمل به التوحيد، ولذلك كان التوحيد هو المحور الذي يدور عليه كتاب الله عز وجل.

 ثم قال رحمه الله: ]وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ[ عظمه بالتوحيد،ولا شك أن أعظم ما يعظم به الرب سبحانه وتعالى التوحيد، لأن التوحيد فرع عن تعظيم الله، وغايته: محبة الله عز وجل ونهايتها، فالتوحيد يقوم على هذين الأمرين: التعظيم، وهو الذل لله جل وعلا، والمحبة، وبهما يحصل تمام التعظيم والتكبير لله جل وعلا، وبقدر ما يحصل من النقص في هذين الركنين العظيمين للتوحيد يحصل ما يقابله من نقص التوحيد والخلل فيه.

قال: ]وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [ أي طهر أعمالك من الشرك، فجعل الثياب بمعنى الأعمال وأصل الأعمال هي: أعمال القلوب، فيجب تطهير أعمال القلب من كل شرك وكفر. وكذلك أعمال الجوارح، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله: جمهور المفسرين من السلف على أن معنى قوله:]وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ[ أي: وقلبك فطهر، ويكون ذلك بإصلاح العمل والخلق، وكلا المعنيين صحيح وظاهر.

قال: ]وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ[ الرجز: الأصنام، هي الأصنام، والأصل في الرجز يطلق على النجاسات والمستقذرات، ولاشك أن الأصنام من النجاسات المعنوية، كما قال الله سبحانه وتعالى:]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[([9]) فهي من النجاسات المعنوية التي يجب على المؤمن أن يتخلى عنها، وأن ينأى بنفسه عنها.

قال: وهجرها -أي: هجر الأصنام - تركها وأهلها والبراءة منها وأهلها، وذلك لأن الهجر أصله الترك والمفارقة، فأمر الله عز وجل بالترك والمفارقة للأصنام، وذلك بتركها وترك من يعظمها وبالبراءة منها والبراءة من أهلها.

ثم توقف المؤلف رحمه الله عن بيان بقية الآيات، لأن المقصود قد حصل فيما يستدل له بالآيات الأربع السابقة ] قُمْ فَأَنْذِرْ`وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ`وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ`وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ[ أما قوله: ]وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ[ فمعناه: لا تعطِ عطاءً ترجو أن يهدى إليك. أو تعطى أكثر منه، وقيل في معنى ]وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ[ أي: لا تر ما تعمله أو ما تلقاه بسبب دعوتك الناس إلى التوحيد شيئاً كبيراً، فيحملك ذلك على الاستكثار من العمل يعني أنك تتعاظم هذا العمل فتقصر عن الزيادة وعن مزيد العمل، هكذا قيل في تفسير]وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ[ وكلاهما يصح تفسير الآيات به، وقوله: ] وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ[([10])أمر الله عز وجل نبيه بالصبر له، وذلك بأن يخلص صبره لله عز وجل، لأن من الناس من يصبر لكن لا يستحضر أن صبره لله عز وجل، والمأمور به من الصبر هو الصبر لله سبحانه وتعالى احتساباً، فقوله: ] وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ[ أي اصبر احتساباً له ورغبةً فيما عنده ورجاءً لثوابه وإعانته سبحانه وتعالى.

ثم قال رحمه الله: (وأخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد)أي: استمر على الدعوة إلى التوحيد عشر سنين يدعو إليه، وبعد العشر عرج به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس، وهذا فيه أنه لم يسبق هذا أمر بالصلاة، وقد اختلف في وقت العروج هل كان قبل ثلاث سنوات أو قبل سنتين أو أكثر أو أقل، المهم أنه في آخر مدة إقامته في مكة r، ولا يفهم من قوله رحمه الله: إنه اقتصر في الدعوة إلى التوحيد على العشر السنوات الأولى ثم انقطعت الدعوة، هذا ليس مراداً ولم يقصده المؤلف رحمه الله، وإنما أراد بيان أن صلب ما كان يدعو إليه ويكرره على الناس طيلة العشر السنوات من الدعوة هو التوحيد فقط، ومع ذلك كان يدعو rإلى صلة الأرحام وغيرها من أنواع الخير التي هي من مكملات التوحيد، وهي من فضائل الأخلاق، لكن صلب الدعوة وأصلها وأساسها ومحور الخلاف مع المشركين هو دعوته rإلى عبادة الله وحده، ولذلك لم ينكر أهل مكة عليه غير هذه الدعوة ]أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ[([11])فإنما استغربوا وتعجبوا من هذه الدعوة لا من غيرها.

قال رحمه الله: وبعد العشر عرج به إلى السماء،والعروج بالنبي rأمر ثابت في سنة النبي r، بل ودل عليه القرآن، فالعروج جاء ذكره في أول سورة النجم، وأما الإسراء فقد جاء صريحاً واضحاً في أول سورة بني إسرائيل ( سورة الإسراء ) وقد عرج بروحه وجسده على الصحيح من أقوال أهل العلم.

قال رحمه الله: وفرضت عليه الصلوات الخمس،أي في وقت عروجه، وذلك لشرفها وعظيم مكانتها فإن الله سبحانه وتعالى، اختص هذه الفريضة دون غيرها، بأن باشر فرضها سبحانه وتعالى على نبيه rولم يجعل بينه وبين رسوله سفيراً أو رسولاً من الملائكة.

قال: (وصلى في مكة ثلاث سنين)،أي هذه الصلوات المفروضة، (وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة)،وذلك أنه rتعذر عليه دعوة الناس وحيل بينه وبين الدعوة إلى التوحيد وحوصر، وهمَّ قومه أن يقتلوه، فلما سدت الطرق وأوصدت الأبواب ولم يكن سبيل تبليغ دين الله عز وجل إلاّ بالهجرة أمره الله سبحانه وتعالى بالهجرة من مكة إلى المدينة. . . .

 

 

 


([1]) أخرجه البخاري في الإيمان برقم 24، وأخرجه مسلم في الإيمان برقم 29.

([2])العلق: 1 – 5.

([3])الشورى: 52.

([4])العنكبوت: 48.

([5]) المدثر: 1.

([6]) المدثر: 1 – 7.

([7]) الطور: 48.

([8]) يوسف: 24.

([9])المائدة: 90.

([10]) المدثر: 7.

([11]) ص: 5.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات85992 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80483 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74768 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات61838 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56369 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53356 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات50921 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50647 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46029 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45574 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف