المطلبُ التاسعُ: الألبسةُ الحديثةُ وأثرُها على الإحرامِ:
جدَّ في حياةِ الناسِ اليومَ كثيرٌ مِنَ الألبسةِ التي لم تكنْ معهودةً في زمنِ النبوةِ، ولا مِن بعدِهِ، فهل تُلحقُ بما ذكرَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مما مُنعَ منهُ المحرمُ في قولِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ» رواه البخاري، كتاب الحج، باب ما لا يلبس المحرم، رقم (1543)، ومسلم، كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج وعمرة وما لا يباح، رقم (1177) من حديث ابن عمر رضي الله عنه.. فقالَ رحمهُ اللهُ: «نعم، يُلحقُ بها ما كانَ في معناها، فمثلًا: القميصُ يشبهُ الكوتَ الذي يُلبسُ على الصدرِ، فيُلحقُ بهِ، فلا يجوزُ أن يلبسَهُ المحرمُ، وكذا القباءُ ثوبٌ واسعٌ لهُ أكمامٌ مفتوحُ الوجهِ؛ لأنهُ يشبهُ القميصَ، لكن لو طرَحَ القباءَ على كتفيْهِ دونَ أن يُدْخِلَ كُمَّيْهِ، فهل يُعدُّ هذا لبسًا؟ الصحيحُ أنهُ ليسَ بلبسٍ؛ لأنَّ الناسَ لا يلبسونَهُ على هذهِ العادةِ. (والبرانسَ) يُلحقُ بها العباءةُ، فإنَّ العباءةَ تشبهُ البرنسَ مِن بعضِ الوجوهِ، فلا يجوزُ للإنسانِ أن يلبسَ العباءةَ بعدَ إحرامِهِ على الوجهِ المعروفِ، أما لو لَفَّهَا على صدرِهِ كأنها رداءٌ، فإنَّ ذلكَ لا بأسَ بهِ. (والسراويلَ) يُلحقُ بها التُّبانُ، والتبانُ عبارةٌ عن سراويلَ قصيرةِ الأكمامِ، أي: لا تصلُ إلا إلى نصفِ الفخذِ؛ لأنهُ في الواقعِ سراويلُ، لكنَّ كمَّهُ قصيرٌ، ولأنها تُلبسُ عادةً كما يُلبسُ السراويلُ. إذًا نُلحِقُ بهذهِ الخمسةِ ما يُشبهُها، وما عدا ذلكَ فإننا لا نُلحقُهُ» الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/131-132)..
وقالَ أيضًا في كلامٍ لهُ عنْ محظوراتِ الإحرامِ: «فأمَّا لبسُ الساعةِ في اليدِ أو تقلُّدُها في العنقِ، أو لبسُ النظارةِ في العينِ، أو السماعةِ في الأذنِ، أو الخاتمِ في الإصبعِ، أو الحزامِ للفلوسِ أو لربطِ الإزارِ، أو التلفُّفِ بالبطانيةِ ونحوِها عنِ البردِ، فلا بأسَ بذلكَ كلِّهِ؛ لأنهُ ليسَ داخلًا فيما نُهِيَ عنهُ لفظًا ولا معنًى، فيكونُ مباحًا» الضياء اللامع من الخطب الجوامع (3/111)..