المبحثُ الثاني: استنباطُ حكمِ النازلةِ بإعمالِ القياسِ:
لَمَّا كانَ شمولُ الشريعةِ لما يجِدُّ مِنَ المسائلِ، وما يحدثُ مِن وقائعَ ونوازلَ؛ إمَّا بالنصِّ أو بالمعنى، كانَ القياسُ مِن أهمِّ الأدواتِ الفقهيةِ التي يَتوصلُ بها الفقيهُ إلى حكمِ ما ينزلُ مِن قضايا.
يُبينُ ذلكَ الإمامُ الشافعيُّ فيقولُ: «كلُّ حُكمٍ للهِ أو لرسولِهِ وُجِدَتْ عليهِ دلالةٌ فيهِ أو في غيرِهِ مِن أحكامِ اللهِ أو رسولِهِ، بأنهُ حُكِمَ بهِ لمعنىً مِنَ المعاني، فنزلَتْ نازلةٌ ليسَ فيها نصُّ حُكمٍ، حُكِّمَ فيها حُكْمُ النازلةِ المحكومِ فيها، إذا كانتْ في معناها» الرسالة للشافعي، ص (512)..
ويزيدُ السيوطيُّ بيانًا فيقولُ: «فنُّ الأشباهِ والنظائرِ فنٌّ عظيمٌ، بهِ يُطَّلَعُ على حقائقِ الفقهِ ومداركِهِ، ومآخِذِهِ وأسرارِهِ، ويُتمهَّرُ في فهمِهِ واستحضارِهِ، ويُقتدرُ على الإلحاقِ والتخريجِ، ومعرفةِ أحكامِ المسائلِ التي ليستْ بمسطورةٍ والحوادثِ والوقائعِ التي لا تنقضِي على مرِّ الزمانِ؛ ولهذا قالَ بعضُ أصحابِنا: الفقهُ معرفةُ النظائرِ» الأشباه والنظائر للسيوطي، ص (56، 57). .
وقدِ استعملَ شيخُنا رحمهُ اللهُ القياسَ بأنواعِهِ، سواءٌ الجليُّ قال شيخنا في كتابه (الأصول من علم الأصول) (1/72): «ينقسم القياس إلى جليٍّ وخفيٍّ». ثم قال:«الجلي: ما ثبتت عِلَّتُه بنص، أو إجماع، أو كان مقطوعًا فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع». منهُ، أوِ الخفيُّ قال رحمه الله في كتابه (الأصول من علم الأصول) (1/73) في تعريف القياس: «الخفيُّ: ما ثبتت عِلَّتُه باستنباطٍ، ولم يُقْطَع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع». في استنباطِ أحكامِ النوازلِ والوقائعِ المستجِدةِ. وأمثلةُ ذلكَ كثيرةٌ، أذكرُ شيئًا منها بيانًا لمنهجِهِ في ذلكَ: