المطلبُ الثالثُ: اللباسُ الرسميُّ للجنودِ الحُجَّاجِ:
الجنودُ المنظِّمونَ لمواكبِ الحجيجِ، والمشرفونَ على أمنِهِم وخدمتِهِم، يشهدونَ المناسكَ، ويرغبُ بعضُهم في الحجِّ إمَّا فرضًا أو نفلًا، ولا يتمكنُ بعضُهم مِن تركِ لباسِهِ الرسميِّ لارتباطِهِ بمهامٍّ وأعمالٍ، ذهبَ شيخُنا إلى أنهُ يجوزُ لهم الإحرامُ بملابسِهم الرسميةِ، وليسَ عليهم فديةٌ لِمَا أخلُّوا بهِ مِن لُبسِ ما لا يجوزُ للمحرمِ، يقولُ رحمهُ اللهُ في محظوراتِ الإحرامِ التي لا فديةَ فيها إذا فُعِلَتْ للحاجةِ: «ومنهُ حلقُ شعرِ الرأسِ لدفعِ الأذى، كما نصَّ اللهُ عليهِ في القرآنِ، فقالَ تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} سورة البقرة، آية رقم: (196)..
ومثلُهُ أيضًا لوِ احتاجَ المحرمُ إلى لُبسِ المخيطِ، لبردٍ شديدٍ فيلبسُ الفانيلّةَ أوِ القميصَ، وعليهِ الفديةُ، وهذا نادرٌ، لكنْ ربما يُوجدُ.
ومِنَ الحاجةِ؛ حاجةُ الجنودِ إلى اللباسِ الرسميِّ، فهي حاجةٌ تتعلقُ بها مصالحُ الحجيجِ جميعًا؛ إذ لو عملَ الجنديُّ بدونِ اللباسِ الرسميِّ لَمَا أطاعَهُ الناسُ، وصارَ في الأمرِ فوضَى، ولكنْ إذا كانَ عليهِ لباسُهُ الرسميُّ صارَ لهُ هيبةٌ.
ولكن هل عليهِ الفديةُ أو لا؟ أي: أنَّ جوازَ اللباسِ، ليسَ عندنا فيهِ إن شاءَ اللهُ إشكالٌ لدعاءِ الحاجةِ أوِ الضرورةِ إلى ذلكَ، ولكنْ هل عليهِ فديةٌ؟
الجوابُ: قد نقولُ: لا فديةَ عليهِ؛ لأنهُ يشتغلُ بمصالحِ الحجيجِ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم أسقطَ المبيتَ عنِ الرعاةِ، والمبيتَ بمنًى واجبٌ مِن واجباتِ الحجِّ وأسقطَهُ عنهم، لمصلحةِ الحجَّاجِ، ورخَّصَ للعباسِ أن يبيتَ في مكةَ مِن أجلِ سقايةِ الحجَّاجِ أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى رقم (1634)، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق رقم (1315) عن ابن عمر رضي الله عنه.، وسقايةُ الحجَّاجِ أدنى حاجةً مِن حفظِ الأمنِ وتنظيمِ الناسِ، فيحتملُ ألَّا تجبَ عليه الفديةُ...» الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/199)..