المطلبُ الثاني: جعلُ الصيامِ في العالَمِ تابعًا لرؤيةِ هلالِ مكةَ:
سئلَ رحمهُ اللهُ، فقيلَ لهُ: «هناكَ مَن ينادي بربطِ المطالعِ كلِّها بمطالعِ مكةَ؛ حرصًا على وحدةِ الأمةِ في دخولِ شهرِ رمضانَ المباركِ وغيرِهِ، فما رأيُ فضيلتِكُم؟» فتاوى أركان الإسلام، ص (301)..
وهذهِ المسألةُ ليستْ مستجِدَّةً مِن كلِّ وجهٍ، بل تكلَّمَ عنها الفقهاءُ وأهلُ العلمِ فيما يُعْرَفُ بمسألةِ اختلافِ المطالعِ، لكنِ الجِدَّةُ فيها مِن حيثُ ربطُ الرؤيةِ برؤيةِ مكةً، وقد رجَّحَ شيخُنا رحمهُ اللهُ القولَ باختلافِ المطالعِ الشرح الممتع على زاد المستقنع (6/310)..
وبخصوصِ الجوابِ على هذهِ المسألةِ، قالَ في ثنايا جوابِهِ: «مقتضَى الدليلِ الأثريِّ والنظريِّ، أن يُجْعَلَ لكلِّ بلدٍ حكمُهُ. أمَّا الدليلُ الأثريُّ، فقالَ اللهُ تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} سورة البقرة، آية رقم: (185).، فـإن قُـدِّرَ أنَّ أناسًا في أقصى الأرضِ ما شهدوا الشهرَ –أي: الهلالَ- وأهلُ مكةَ شهدوا الهلالَ، فكيفَ يتوجهُ الخطابُ في هذهِ الآيةِ إلى مَن لم يشهدوا الشهرَ؟! وقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» متفقٌ عليهِ أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي: إذا رأيتم، رقم (1909)، ومسلم في كتاب الصوم، باب وجوب الصوم لرؤيته والفطر لرؤيته، رقم (1080) عن ابن عمر رضي الله عنه.، فإذا رآهُ أهلُ مكةَ مثلًا، فكيفَ نُلزمُ أهلَ باكستانَ ومَنْ وراءَهُم مِنَ الشرقيِّينَ بأن يصوموا، مع أنَّنا نعلمُ أنَّ الهلالَ لم يطلعْ في أُفُقِهم، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم علَّقَ ذلكَ بالرؤيةِ» فتاوى أركان الإسلام، ص (302).، فاستنبطَ حُكمَ هذهِ المسألةِ مِنَ الكتابِ والسنةِ.