المبحثُ الأولُ: استنباطُ حكمِ النازلةِ مِنَ القرآنِ أوِ السنةِ:
الكتابُ والسنةُ استَوْعَبَا كلَّ ما للناسِ بهِ حاجةٌ، قالَ الإمامُ الشَّافعيُّ: «فليستْ تنزلُ بأحدٍ مِن أهلِ دينِ اللهِ نازلةٌ، إلا وفي كتابِ اللهِ الدليلُ على سبيلِ الهُدى فيها» الرسالة ص (20).، ولهذا كلما اتسعَ علمُ المرءِ في كلامِ اللهِ تعالى ورسولِهِ، وعمُقَ فهمُهُ لمعانيهِما؛ فُتِحَ لهُ مِن أبوابِ الاستنباطِ والاستدلالِ ما لا يخطرُ لهُ على بالٍ، قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: «وقلَّ أن تعوزَ النصوصُ مَن يكونُ خبيرًا بها وبدلالتِها على الأحكامِ» مجموع الفتاوى (28/129).. وليسَ مِن لازمِ هذا الاستيعابِ النَّصُّ على كلِّ حادثةٍ بالاسمِ، فهذا ما لا يُحيطُ بهِ كتابٌ، بل «إنَّ في عموماتِ الكتابِ والسنةِ ومطلقاتِهما وخصوصِ نصوصِهِما، ما يفِي بكلِّ حادثةٍ تحدثُ، ويقومُ ببيانِ كلِّ نازلةٍ تنزلُ، عَرَفَ ذلكَ مَن عَرَفَهُ، وجَهِلَه مَنْ جَهِلَهُ» إرشاد الفحول للشوكاني (2/597)..
ويقولُ شيخُنا رحمهُ اللهُ: «إنَّ النصوصَ وافيةٌ بكلِّ ما يحتاجُ النَّاسُ إليهِ، ولكن مِنَ الأشياءِ ما هو منصوصٌ عليهِ، ومنها ما يدخلُ تحتَ القواعدِ العامَّةِ، يدركُها مَن رُزِقَ علمًا وفهمًا» الشرح الممتع على زاد المستقنع (8/94). وقريب من هذا ما قاله -رحمه الله- في جواب له في برنامج نور على الدرب: «ولا يوجد مسألة من المسائل التي تحدث إلا وفي القرآن والسنة حلُّها وبيانها، لكن منها ما هو مبين على سبيل التعيين، ومنها ما هو مبين على سبيل القواعد والضوابط العامة».. ولهذا كانَ الأصلُ في طلبِ أحكامِ المسائلِ عمومًا أن تُطْلَبَ مِنَ الأدلةِ الشرعيةِ. وهذهِ بعضُ النماذجِ والتطبيقاتِ مِن فقهِ شيخِنا رحمهُ اللهُ: