المطلبُ الأولُ: بناؤُهُ العلمَ والعملَ على الدليلِ:
مِن أبرزِ ما يلحظُهُ الْمُطالِعُ لتراثِ شيخِنا ابنِ عثيمين العلميِّ بشتَّى صُوَرِهِ: تعظيمُهُ للنصوصِ، وتقديمُهُ الأدلةَ مِنَ الكتابِ والسنةِ واعتمادُهما، ولو خالفَ في ذلكَ مَن خالَفَ مِنَ الناسِ، يقولُ رحمهُ اللهُ: «فالواجبُ على مَن علِمَ بالدليلِ أن يتبعَ الدليلَ، ولو خالفَ مَن خالفَ مِنَ الأئمَّةِ، إذا لم يخالفْ إجماعَ الأمةِ» الخلاف بين العلماء (1/15)..
وقالَ بعدَ تقريرِهِ جملةً مِنَ المسائلِ والأحكامِ: «واعلمْ أنَّ كلَّ ما ذكرناهُ، فإنهُ مبنيٌّ على ما نعلمُهُ مِنَ الأدلةِ، ومعَ هذا لو أنَّ إنسانًا اطَّلعَ على دليلٍ يخالفُ ما قرَّرناهُ فالواجبُ اتِّباعُ الدليلِ» الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/374).. بل إنهُ رحمهُ اللهُ عرَّفَ العلمَ فقال «العلمُ معرفةُ الحقِّ بدليلِهِ، قالَ ابنُ القيمِ: وهذا كما قالَ أبو عمرَ، فإنَّ الناسَ لا يختلفونَ في أنَّ العلمَ هو المعرفةُ الحاصلةُ عنِ الدليلِ» الأصول من علم الأصول (1/89).. بل جعلَ ذلكَ واجبًا على كلِّ مَنِ اشتغلَ بالعلمِ فقالَ: «طالبُ العلمِ يجبُ عليهِ أن يتلقَّى المسائلَ بدلائلِها، وهذا هو الذي يُنجيهِ عندَ اللهِ سبحانهُ وتعالى؛ لأنَّ اللهَ سيقولُ لهُ يومَ القيامةِ: {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِين} سورة القصص، آية رقم: (65).» الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/16)..