المبحثُ الأولُ: عنايةُ الشيخِ ابنِ عثيمين بدراسةِ النوازلِ الفقهيةِ:
يُعدُّ شيخُنا ابنُ عثيمين مِن أبرزِ علماءِ العصرِ بذلًا للعلمِ وقيامًا على تعليمِ الناسِ وتقريبِ علومِ الشريعةِ بفنونِها وصنوفِها للناسِ. ومما تميَّزَ بهِ أنهُ كانَ قريبًا مِنَ الناسِ بجميعِ طبقاتِهِم وعلى اختلافِ مشاربِهِم ومستوياتِهِم، مِنَ الحكامِ والعلماءِ والقضاةِ، وكذلكَ أساتذةُ علومِ الشريعةِ في الجامعاتِ، وسائرُ مراحلِ التعليمِ، وكذلكَ أهلُ الاقتصادِ والتجاراتِ، وأهلُ الطبِّ، بلْهَ عامةُ الناسِ مِن عوامِّ المسلمينَ، مِنَ العربِ وغيرِهِم في بلادِ المسلمينَ، وفي الأقلياتِ الإسلاميةِ في بلادِ غيرِ المسلمينَ، يُفْتِيهم فيما يستفتونَهُ مِنَ المسائلِ، ويجيبُهم على ما يَعرضونَهُ مِن قضايا، لا فرقَ في ذلكَ بينَ مستجِدَّاتِ النوازلِ وحديثِ الوقائعِ وبينَ غيرِها مِن مسائلِ العلمِ، يستوي في ذلكَ الأصولُ والفروعُ، والعقائدُ والأحكامُ.
فكانَ مِن نتاجِ هذا كلِّهِ بروزُ عنايتِهِ -رحمهُ اللهُ- بالمستجِدَّاتِ والنَّوازلِ، تأصيلًا وتطبيقًا، في تعليمِهِ وإفتائِهِ.
ففي جانبِ التأصيلِ: اعتنى شيخُنا رحمهُ اللهُ بالتأكيدِ المستمرِّ على سعةِ الشَّريعةِ واستيعابِها لحوائجِ الناسِ، وما يحدثُ لهم مِنَ الوقائعِ والقضايا، على اختلافِ الأزمانِ وتغيرُّاتِ المكانِ، يقولُ رحمهُ اللهُ: «فجاءتْ شرائعُ اللهِ منظِّمةً للناسِ، ليسَ في العبادةِ فحسبْ، ولكنْ في العبادةِ والمعاملةِ والآدابِ والأخلاقِ، وكانَ أكملَ تلكَ الشرائعِ وأشملَها وأرعاها لمصالحِ العبادِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ هذه الشريعةُ التي ختمَ اللهُ بها الشرائعَ؛ لتكونَ شريعةً للخلقِ كافَّةً ومنهجَ حياةٍ شاملًا إلى يومِ القيامةِ، وهي الشَّريعةُ التي جاءَ بها محمدٌ صلى الله عليه وسلم خاتمُ النَّبيِّينَ والرَّسلِ مِنَ اللهِ إلى الخلقِ أجمعينَ، فجاءتْ تنظمُ للناسِ العباداتِ والمعاملاتِ والآدابَ والأخلاقَ. ولقد ضلَّ قومٌ عمُوا أو تعامَوا عنِ الحقِّ؛ حيثُ زعموا أنَّ هذهِ الشريعةَ إنما تنظِّمُ للناسِ العباداتِ والأخلاقَ، دونَ جانبِ المعاملةِ وتنظيمِ الحياةِ، فاتَّبعوا أهواءَهُم في معاملاتِهم، واتَّبعوا القوانينَ التي وضعَها شياطينُ الخلقِ، ليُضِلُّوا بها الناسَ عن شريعةِ ربِّهم. أفلم يعلمْ هؤلاءِ الذين عمُوا أو تعامَوا أنَّ في الشريعةِ الإسلاميةِ نصوصًا كثيرةً وافيةً في تنظيمِ المعاملاتِ، في كتابِ اللهِ تعالى وفي سنةِ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم؟! بل إنَّ أطولَ آيةٍ في القرآنِ كانت في المعاملةِ بينَ الناسِ في بيعِهم وشرائِهم الحاضرِ والمؤجَّلِ، وبيانِ وسائلِ حفظِ ذلكَ؛ مِن كتابةٍ، وإشهادٍ، ورهنٍ، واقرءُوها إن شئتُم في آخرِ سورةِ البقرةِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} البقرة: 282.» الضياء اللامع من الخطب الجوامع (3 / 203)..
وقد بيَّنَ رحمهُ اللهُ كيفيةَ استيعابِ الشريعةِ لجميعِ الحوادثِ التي تحتاجُ الأمةُ فيها إلى حكمٍ شرعيٍّ، يقولُ رحمهُ اللهُ: «إنَّ النصوصَ وافيةٌ بكلِّ ما يحتاجُ الناسُ إليهِ، ولكنْ مِنَ الأشياءِ ما هو منصوصٌ عليهِ، ومنها ما يدخلُ تحتَ القواعدِ العامَّةِ، يدركُها مَن رُزِقَ عِلْمًا وفَهْمًا» الشرح الممتع على زاد المستقنع (8 /94). وقريب من هذا ما قاله رحمه الله في جواب له في برنامج نور على الدرب: «ولا يوجد مسألة من المسائل التي تحدث إلا وفي القرآن والسنة حلها وبيانها، لكن منها ما هو مبين على سبيل التعيين ومنها ما هو مبين على سبيل القواعد والضوابط العامة».. وهذا يكشفُ عِظَمَ المسئوليةِ الملقاةِ على عاتقِ أهلِ العلمِ في بيانِ ذلكَ، وبذلِ الوُسْعِ في بلوغِهِ.
وأمَّا الجانبُ التطبيقيُّ العمليُّ؛ فكانَ بتصدِّيهِ -رحمهُ اللهُ- للمستجداتِ، وبَذْلِ الوُسْعِ في بيانِ حكمِ ما يعرضُ لهُ مِنَ النوازلِ والقضايا، فلقد كانَ شيخُنا رحمهُ اللهُ تعالى صاحبَ مبادرةٍ في بيانِ أحكامِ الشريعةِ عمومًا والمستجِدَّاتِ والوقائعِ خصوصًا، فلا يخلو بابٌ مِن أبوابِ النوازلِ والمستجداتِ الفقهيةِ في أبوابِ الفقهِ مِنَ العباداتِ أوِ المعاملاتِ إلا وتجدُ الشيخَ قد ضربَ فيهِ بسهمٍ وافٍ تقريرًا أو إفتاءً، وإنَّ مراجعةً عَجْلَى لتراثِهِ العلميِّ عمومًا والفقهيِّ خصوصًا يوقفُكَ على مئاتِ المسائلِ المستجِدةِ التي تناولَها -رحمهُ اللهُ- بحثًا ودراسةً.
وفيما يلي أذكرُ مسردًا لنماذجَ مِنَ المستجداتِ الفقهيةِ، التي تناولَها شيخُنا -رحمهُ اللهُ- في كتابِهِ الشرحِ الممتعِ، وهو مِن أشهرِ إنتاجِهِ الفقهيِّ التعليميِّ، وغرَضِي مِن هذا إبرازُ جانبٍ مِن عنايتِهِ -رحمهُ اللهُ- ببحثِ النوازلِ والمستجداتِ الفقهيَّةِ ودراستِها في تقريرِهِ وتعليمِهِ، وقد صنَّفتُها في قسمينِ:
- القسمُ الأولُ: المستجداتُ الفقهيةُ في أبوابِ العباداتِ:
1- استعمالُ مُكَبِّرَاتِ الصوتِ، والفرقُ بينَهُ وبـينَ صدى الصوتِ (2/50).
2- الاعتمادُ على التَّقَاويمِ للعلمِ بدخولِ الوقتِ، والاختلافِ في التقاويمِ (2/52).
3- سقوطُ سنِّيَّةِ الالتفاتِ في الحيعلتينِ، لِمَن يؤذنُ بمكبراتِ الصوتِ (2/60).
4- هل يُقالُ للمدخِّنِ: «لا تقربنَّ مسجدَنا» لسوءِ رائحةِ فمِهِ (4/323).
5- الصلاةُ في الطائرةِ (4/344-345)، (5/24).
6- الصلاةُ في السيارةِ (4/344).
7- صلاةُ العيدِ؛ كيفَ تؤدِّيها الأقلِّيَّةُ المسلمةُ في بلادِ الكفرِ (5/130).
8- الأوراقُ النقديةُ، هل فيها زكاةٌ؟ (6/92).
9- هل في البترولِ زكاةٌ (6/88).
10- زكاةُ الأسهمِ (6/148)، (9/453).
11- زكاةُ العقاراتِ (6/41،138)، (9/429).
12- هل يجوزُ دفعُ الزكاةِ لجمعياتِ البرِّ؟ (6/175).
13- المستجِدَّاتُ في المفطِّراتِ (6/366- 426).
14- الأقلياتُ المسلمةُ في دولِ الكفرِ، كيفَ ترى الهلالَ؟ (6/312).
15- نقلُ لحومِ الهديِ خارجَ الحرمِ (6/517).
16- المستجداتُ في المحظوراتِ للمُحْرِمِ (7/131-133).
17- حاجةُ الجنودِ إلى اللباسِ الرسميِّ، وهم يؤدونَ مناسكَ الحجِّ (7/199).
- القسمُ الثاني: المستجِدَّاتُ الفقهيةُ في أبوابِ المعاملاتِ:
1- بيعُ المرابحةِ (8/330).
2- الأوراقُ النقديةُ وما لها مِن أحكامٍ (6/92-93)،(8/394).
3- صورٌ معاصرةٌ لبيعِ العينةِ (8/211).
4- بيعُ المحنَّطِ (8/121).
5- عقدُ التأمينِ (10/327).
6- أطفالُ الأنابيبِ (13/328).
7- استعمالُ الكحولِ في الأدويةِ (14/302)، (15/197).
8- إجراءُ جراحةٍ ليُحوَّلَ الخنثى إلى أحدِ الصنفينِ (12/160).
9- الأمراضُ المعديةُ المؤديةُ إلى الهلاكِ، هل هي كالطاعونِ؟ (11/110).
10- البصمةُ ومدى الاستفادةِ منها (14/362).
11- حكمُ استعمالِ السمومِ في العلاجِ (15/13).
12- مَن أُجريَ لها عمليةُ نزعِ الرَّحمِ؛ السُّنةُ والبدعةُ في طلاقِها (13/56).
13- التبرعُ بالأعضاءِ (12/403).
14- زرعُ البكارةِ (12/314).
15- تحديدُ النَّسلِ وتنظيمُ النَّسلِ (12/18).
16- في عقدِ النكاحِ: السلطانُ أو نائبُهُ، فمَن نائبُهُ في عصرِنا؟ (12/85).
17- أحكامُ عملِ المرأةِ (12/424-426).
18- ممارسةُ الملاكمةِ (10/98).
19- مسابقةُ نقرِ الدُّيوكِ، نطاح ِالكباشِ، صراعِ الثيرانِ (10/97).
20- طرفٌ مِن ضوابطِ البناءِ الحديثِ (9/254-264).
21- التليفزيونُ والقنواتُ الفضائيةُ (10/19).
22- الخلُّ الواردُ مِن بلادِ الكفارِ (10/182).
23- هل السياراتُ الآنَ تأخذُ حكمَ الدَّابَّةِ (10/202، 215).
24- حكمُ تمثيلِ أصواتِ الحيواناتِ (10/87-88).
25- القتلُ بسوطٍ مِن كهرباءٍ (14/11-12).
26- تبنيجُ الجاني عندَ القصاصِ أوِ الحدِّ (14/77، 379).
27- الحشيشُ والمخدراتُ (14/303).
28- الصيدُ بالرصاصِ (15/104).
29- توليةُ المرأةِ للمناصبِ العامةِ (15/273).
30- المقاتلُ بالطائرةِ، والقنَّاصةُ في الجهادِ (8/30).
31- سياراتُ الحوادثِ هل هي لقَطَةٌ يجوزُ أخذُها؟ (10/361).
32- العملُ بالمحاماةِ (9/382).