المطلب الأول: تعريف الميسر:
الميْسِر: مصدرٌ ميميٌّ من يَسَرَ، كالموعِد من وَعَدَ.
وفي اشتقاقه أربعة أقوال:
الأول: من اليُسْر، وهو السُّهولة.
الثاني: من اليَسَار، وهو الغِنى؛ لأنَّه يسلبه يساره.
الثالث: من يَسُرَ لي الشيءُ، إذا وجب.
الرابع: من يَسَرَ، إذا جزر، والياسر الجازر، وهو الذي يُجَزِّئ الجزور أجزاء ينظر: تفسير البحر المحيط (2/163)، الدر المصون (2/504)..
وهو في اللغة: القمار، ويطلق أيضًا على الجَزور، التي يتقامرون عليها ينظر: الصحاح، مادة (يسر)، (2/857، 858)، المصباح المنير، مادة (ي س ر)، ص (351)..
أما الميسر في اصطلاح الفقهاء، فقد تنوَّعت عباراتهم في تعريفه:
فقال ابن الهمام الحنفيّ: ((حاصلُه: تعليقُ الملك، أو الاستحقاق بالخَطَر)) شرح فتح القدير (4/493).. وقال ابن العربي المالكي: ((طلب كلِّ واحدٍ منهما صاحبه بغلبةٍ في عمل، أو قولٍ؛ ليأخذ مالًا جعله للغالب)) عارضة الأحوذي (7/18)، بتصرف.. وقال الماورَدي الشَّافعيُّ: ((هو الذي لا يخلو الدَّاخلُ فيه من أن يكون غانمًا إن أخذ، أو غارمًا إن أعطى)) الحاوي الكبير (19/225).. وقال ابنُ أبي الفتح الحنبلي: ((لعبٌ على مالٍ؛ ليأخذه الغالبُ من المغلوب، كائنًا من كان)) المطلع ص (256، 257)، بتصرف..
ومما تجدر الإشارة إليه: أنَّ جماعةً من أهل العلم، ذهبوا إلى أن الميسر الذي نهى عنه الله- تعالى- أوسعُ من مجرد المغالبات والمخاطرات التي تكون سببًا لأكل المال بالباطل، فأدخلوا في الميسر كلَّ ما يصُدُّ عن ذكر الله تعالى وعن الصَّلاة، وكلَّ ما يوقع في العداوة والبغضاء، ولو لم يكن ذلك على عِوضٍ ماليٍّ ينظر: بحث مفصّل في هذا في كتاب القمار وحكمه في الفقه الإسلامي (1/69-83).. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((فتبيَّنَ أنَّ الميسر اشتمل على مفسدتين: مفسدةٍ في المال، وهي أكلُه بالباطل. ومفسدةٍ في العمل، وهي ما فيه من مفسدة المال، وفساد القلب، والعقل، وفساد ذات البَين. وكلٌّ من المفسدتين مستقلَّة بالنَّهي)) ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (32/237)..