المطلب الثالث: تطبيقات على الظلم في المعاملات المالية المعاصرة:
لما كان تحريمُ الظلم، هو الأصل الجامع لجميع أسباب التحريم في المعاملات، فإنَّ الناظر في المعاملات الماليَّة المعاصرة، يجد أنَّ سبب التحريم في كثير منها اشتمالُها على الظُّلم. ولهذا أمثلة كثيرة؛ منها ما يلي:
أولا: منعُ بعض صور عقد الإجارة المنتهية بالتَّمليك، حيث ذكروا في أدلة التحريم اشتمالَ العقد على ظلم، ففي قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربيَّة السُّعوديَّة، حول عقد الإجارة المنتهية بالتمليك، وهو أول قرٍار جماعي حول هذه المعاملة جاء في القرار ما يلي:" أنَّ هذا العقد غيرُ جائز شرعا"، وقد ذكروا لذلك عدة أسباب، منها اشتماله على الظُّلم، حيث جاء في القرار في بيان أوجه التَّحريم: "ولا يخفَى ما في هذا من الظُّلم والإلجاء إلى الاستدانة، لإيفاء القسط الأخير" في دورته التاسعة والاربعين، والخمسين، والحادية والخمسين، المنعقدة في الرياض ابتداء من تاريخ 29/10/1420 هـ http://www.saaid.net/fatwa/f29.htm.
ثانيًا: منعُ تجارة البرامج المنسوخة، فقد صدرت الفتوى بتحريمها من عدَّة جهاتٍ علميَّة، لما اشتملت عليه من الاعتداء، ففي سؤال ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء، في المملكة العربية السعودية، عن جواز نسخ البرامج المحميَّة بحقوق خاصَّة. فجاء في جوابها: "لا يجوزُ نسخ البرامج التي يَمنع أصحابُها نسخَها، إلا بإذنهم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عَلَىْ شُرُوطِهِمْ»؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ»؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَبَقَ إِلى مُبَاحٍ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ»، سواءٌ كان صاحبُ هذه البرامج مسلمًا أو كافرًا غير حربيٍّ؛ لأنَّ حقَّ الكافرِ غيرِ الحربيِّ محترمٌ كحق المسلم، وبالله التوفيق" فتاوى اللجنة الدائمة (13/188).. ويعزِّز هذا أنَّ برامج الحاسبِ مندرجةٌ ضمن معاهدة برن للملكية الفكرية، الموقَّعة سنة (1971م)، وعلى هذا فهي مندرجةٌ في الفتاوى التي تنصُّ على وجوب حماية الملكية الفكرية، وتحريم انتهاكها، ولذلك صَدَّرَ المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، في دورته الثامنة، قرارَه بشأن البرامج المحميَّة التأكيدَ على ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلاميِّ الدوليِّ، في مؤتمره الخامس، بشأن حماية الحقوق الفكريَّة، ثم قالوا:
"ثالثًا: بما أنَّ هذه البرامج حقٌّ ماليٌّ لأصحابها، فهي مَصونةٌ شرعًا، فلا يجوز الاعتداء عليها، رعايةً لحقوق الآخَرين الذين بذلوا جهودًا وأموالًا في إنتاجها، ومنعًا لأكل أموال النَّاس بالباطل.
رابعًا: يجب على مشتري البرامج، أن يلتزم بالشُّروط التي لا تُخالف الشرعَ والقوانين المنظِّمة لتداولها، للنصوص الدَّالَّة على وجوب الوفاء بالعقود والالتزام بالشروط، فلا يجوز استنساخُه للغير ما دام العقدُ لا يسمح بذلك.
خامسًا: لا يجوز شراء البرامج التي عُلم أنها مسروقةٌ، أو مُستَنسخةٌ بوجه غير مشروع، ولا المتاجرة بها" http://e-cfr.org/new .