قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" والضرر الذي يحصل به حكمة مطلوبة لا يكون شرا مطلقا وإن كان شرا بالنسبة إلى من تضرر به ؛ ولهذا لا يجيء في كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم إضافة الشر وحده إلى الله. بل لا يذكر الشر إلا على أحد وجوه " ثلاثة " : إما أن يدخل في عموم المخلوقات فإنه إذا دخل في العموم أفاد عموم القدرة والمشيئة والخلق وتضمن ما اشتمل عليه من حكمة تتعلق بالعموم. وإما أن يضاف إلى السبب الفاعل. وإما أن يحذف فاعله . فالأول كقوله تعالى {الله خالق كل شيء} ونحو ذلك ومن هذا الباب أسماء الله المقترنة كالمعطي المانع والضار النافع المعز المذل الخافض الرافع فلا يفرد الاسم المانع عن قرينه ولا الضار عن قرينه؛ لأن اقترانهما يدل على العموم وكل ما في الوجود من رحمة ونفع ومصلحة فهو من فضله تعالى وما في الوجود من غير ذلك فهو من عدله فكل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل كما في "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض ؟ فإنه لم يغض ما في يمينه وبيده الأخرى القسط يخفض ويرفع ». فأخبر أن يده اليمنى فيها الإحسان إلى الخلق ويده الأخرى فيها العدل والميزان الذي به يخفض ويرفع فخفضه ورفعه من عدله وإحسانه إلى خلقه من فضله . وأما حذف الفاعل فمثل قول الجن {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} وقوله تعالى في سورة الفاتحة {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ونحو ذلك . وإضافته إلى السبب كقوله {من شر ما خلق} وقوله {فأردت أن أعيبها} مع قوله {فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما} وقوله تعالى {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} وقوله {ربنا ظلمنا أنفسنا} وقوله تعالى {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} وأمثال ذلك". "مجموع الفتاوى" ( 8/94-95).