المسألة الرابعة: أثر الزحام في الترتيب بين الجمرات:
ذهبَ جمهورُ الفقهاءِ منَ المالكيةِ"المنتقى" للباجي (3/53-54)، "مواهب الجليل" (3/135- 136). ، والشافعيةِ"روضة الطالبين" (3/109-110)، "تحفة المحتاج" (4/130- 131). ، والحنابلةِ"الكافي" لابن قدامة (1/517)، "مطالب أولي النهى" (2/431). إلى وجوبِ الترتيبِ في رميِ الجمارِ لفعلِهِ صلى الله عليه وسلم، ففي البخاريِّ"صحيح البخاري" (1751). من حديثِ الزهريِّ، عن سالمٍ، عنِ ابنِ عمرَ- رضيَ اللهُ عنهُما: أنهُ كانَ يرمَي الجمرةَ الدنيا بسبعِ حصياتٍ، يكبِّرُ على إثرِ كلِّ حصاةٍ، ثم يتقدمُ حتى يُسهِلَ، فيقومَ مستقبلَ القبلةِ فيقومَ طويلًا ويدعوَ ويرفعَ يديهِ ثم يرميَ الوسطى، ثم يأخذَ ذاتَ الشمالِ، فيستهلَّ ويقومَ مستقبلَ القبلةِ، فيقومَ طويلًا ويدعوَ ويرفعَ يديهِ ويقومَ طويلًا، ثم يرميَ جمرةَ ذاتِ العقبةِ من بطنِ الوادي، ولا يقفُ عندها ثم ينصرفُ فيقولُ: هكذا رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يفعلُهُ.
واستدلوا على وجوبِهَا بقولِهِ صلى الله عليه وسلم فيما رواهُ مسلمٌ"صحيح مسلم"(1297). من طريقِ أبي الزبيرِ، عن جابرٍ: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُم فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ».
وخالفَ في ذلك الحنفيةُ"بدائع الصنائع" (2/139-140)، "تبيين الحقائق" (2/34-35). ، فقالوا: لا يجبُ الترتيبُ، بل يُسنُّ، وبهذا قالَ عطاءٌ"المحلى" (7/183). والحسنُ"المجموع شرح المهذب" (8/269). ، واستندوا إلى أنَّ غايةَ ما وردَ الفعلُ، وهو لا يقوَى على الوجوبِ.
والذي يظهرُ أنه إذا رمَى منكسًا أو أخلَّ بالترتيبِ فرميُهُ مجزئٌ، لا سيَّما إن وجدَ زحامًا سواءٌ في الرميِ، أو في الطريقِ إليهِ، أو ما أشبهَهُ من موجباتِ التخفيفِ، وإلا فالأحوطُ أن يعيدَ.