المطلب الأول: أثر الزحام في ترتيب أعمال يوم النحر:
أجمعَ أهلُ العلمِ، على أنَّ أعمالَ الحجِّ يومَ النحرِ بعدَ الدفعِ من مزدلفةَ، أربعةُ أعمالٍ: رمىُ جمرةِ العقبةِ، ثم نحرُ الهديِ، ثم الحلقُ أو التقصيرُ، ثم طوافُ الإفاضةِ ويسعى بعدَهُ إن لم يكنْ قد سعى بعدَ طوافِ القدومِ"بداية المجتهد" (1/352)، "المغني" لابن قدامة (5/320)، " إحكام الأحكام" (2/91-92)، "فتح الباري" (3/571). ، ولا خلافَ أنَّ السنةَ في هذه الأعمالِ الأربعةِ أن تكونَ مرتبةً على نحوِ ذكرِهَا" بداية المجتهد" ( 1/352)، "المغني" لابن قدامة (5/320)، "فتح الباري" (3/571)..
وقد ذهبَ أكثرُ أهلِ العلمِ إلى أنه يجوزُ تقديمُ بعضِ هذه الأعمالِ على بعضٍ"المحلى" (5/113-114)، " المجموع شرح المهذب" (8/195). ؛ فإنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد رخصَ في التقديمِ والتأخيرِ بين هذه الأعمالِ ففي الصحيحينِ رواه البخاري (1736)، ومسلم (1306). من حديثِ الزهريِّ، عن عيسى بنِ طلحةَ، عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو قالَ: "رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عندَ الجمرةِ، وهو يُسألُ، فقالَ رجلٌ: يا رسولَ اللهِ نحرتُ قبلَ أن أرميَ. قالَ: «ارْمِ وَلَا حَرَجَ». قالَ آخرُ: يا رسولَ اللهِ حلقتُ قبلَ أن أنحرَ. قالَ: «انْحَرْ وَلَا حَرَجَ»، فما سُئِلَ عن شيءٍ قُدِّمَ ولا أُخِّرَ إلا قالَ: «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ»". فدلَّ هذا الحديثُ على جوازِ عدمِ مراعاةِ ترتيبِ هذه الأعمالِ؛ لأجلِ دفعِ ضررِ الزحامِ وتوقِّيهِ، فغايةُ ما هنالك تفويتُ السنةِ.