الخاتمة
وفي خاتمةِ هذا البحثِ أُقيِّدُ أبرزَ النتائجِ التي توصلتُ إليها من خلالِ البحثِ في النقاطِ التاليةِ:
الأولى: المكاسبُ المحرمةُ: هي الأموالُ التي تحصَّلتْ أوِ اجتمعتْ من طريقٍ ممنوعٍ شرعًا.
الثانيةُ: لحصولِ المكاسبِ المحرمةِ طرقٌ عديدةٌ متنوعةٌ يمكنُ إجمالُها في طريقينِ رئيسينِ: أنْ تكونَ حاصلةً من غيرِ تراضٍ من مالكِها؛ أنْ تكونَ حاصلةً بتراضٍ منَ المالكِ والكاسبِ.
الثالثةُ: الأصلُ أنَّ ملْكَ هذهِ المكاسبِ المحرمةِ الحاصلة من غيرِ تراضٍ باقٍ لأصحابِها. لا خلافَ في ذلكَ بينَ أهلِ العلمِ حالَ كونِها باقيةً. أمَّا إنِ استُهلِكَتْ كليًّا، أو تعذَّرَ ردُّهَا، فالواجبُ ردُّ مثلِها أو قيمتِها حسبَ الحالِ. أمَّا إنْ تغيرتْ فالملْكُ يتأثرُ حسبَ نوعِ التغيراتِ الطارئةِ على هذهِ المكاسبِ المحرمةِ.
الرابعةُ: أنَّ الأرباحَ والعوائدَ الناتجةَ منَ المكاسبِ المحرمةِ الحاصلةِ من غيرِ تراضٍ بعملٍ منَ الكاسبِ، يكونُ الكاسبُ فيها شريكًا للمالكِ.
الخامسةُ: موجبُ الضمانِ في هذا النوعِ منَ المكاسبِ المحرمةِ الحاصلةِ من غيرِ تراضٍ وجوبُ ردِّ المثلِ في جميعِها بحسبِ الإمكانِ.
السادسةُ: إذا أمكنَ ردُّ المكاسبِ المحرمةِ الحاصلةِ من غيرِ تراضٍ إلى أصحابِها فلا خلافَ أنهُ لا تحصلُ التوبةُ، ولا خروجَ منَ الذنبِ إلا بردِّها إليهِم.
السابعةُ: إذا لم يمكنْ ردُّ هذهِ المكاسبِ المحرمةِ الحاصلةِ من غيرِ تراضٍ إلى أصحابِها فإنَّ للكاسبِ توبةً. ومن توبتِهِ عندَ جمهورِ العلماءِ أنْ يتصدقَ بها في مصالحِ المسلمينَ العامةِ، وعليهِ أنْ يجتهدَ في طلبِ أطيبِ المصارفِ وأنفعِها.
الثامنةُ: فيما يتعلقُ ببراءةِ ذمةِ الكاسبِ إذا ردَّ المكاسبَ المحرمةَ إلى الورثةِ فإنهُ إذا تمكَّنَ الموروثُ من أخذِ مالِهِ، والمطالبِةِ بهِ فلم يأخذْهُ حتى ماتَ صارتْ المطالبةُ بهِ للوارثِ في الآخرةِ كما هي كذلكَ في الدنيا.
التاسعةُ: المكاسبُ المحرمةُ الحاصلةُ بتراضٍ يمكنُ تصنيفُها في قسمينِ:
الأولُ: ما كانَ عينًا أو منفعةً مباحةً في نفسِها، وإنما حرمتْ بالقصدِ، فهذا الأصلُ فيه الحلُّ، وإنما دخلَهُ التحريمُ من جهةِ القصدِ.
والثاني: ما كانَ عينًا أو منفعةً محرمةً فهذا محرمٌ، لا يقضى به للكاسبِ قبلَ القبضِ، لكن لو قبضَهُ لم يحكمْ بردِّهِ لهُ؛ لئلَّا يجمعَ لهُ بينَ العوضِ والمعوضِ.
العاشرةُ: الكاسبُ في هذا النوعِ منَ المكاسبِ المحرمةِ لا يخلو من حالينِ:
الأولى: ألَّا يعتقدَ الكاسبُ تحريمَ هذهِ المكاسبِ أو لا يعلمَهُ، فيثبتُ ملكُهَا له.
الثانيةُ: أن يعتقدُ فسادَها ويعلمَهُ، فما قبضَهُ الكاسبُ منها؛ كالربا، والميسرِ، وثمنِ الخمرِ، ونحوِها فإنهُ يخرجُ عن ملكِ مَن بذَلَها راضيًا.
الحاديةَ عشرةَ: ليسَ من لوازمِ التوبةِ منَ المكاسبِ المحرمةِ الحاصلةِ بتراضٍ أنْ يردَّ الكسبَ المحرمَ إلى مالكِهِ، بلِ الواجبُ عليهِ أنْ يتصدقَ بهِ، ولا يردُّهُ إلى منِ استوفَى عوضَهُ. ويجوزُ لهُ من هذا المالِ بقدرِ حاجتِهِ إذا كانَ فقيرًا ذا حاجةٍ.