تمهيد
التعريفُ بالمكاسبِ المحرمةِ يحتاجُ إلى التعريفِ بمفرداتِهِ كلٌّ على حدةٍ.
فالمكاسبُ؛ جمعُ مكسبٍ مأخوذٌ من كَسَبَ، وهو طلبُ الرزقِ وابتغاؤُهُ، وأصلُهُ الجمعُ والتحصيلُ العين، مادة (كسب): (1/717)، لسان العرب، مادة (كسب)، (5/315)، القاموس المحيط، مادة (كسب)، ص: (167)..
وقيلَ: ما يتحراهُ الإنسانُ مما فيهِ اجتلابُ نفعٍ، وتحصيلُ حظٍّ، ككسبِ المالِ مفردات القرآن للراغب، مادة (كسب)..
فالمكاسبُ؛ هي ما يحصلُ ويجتمعُ منَ المالِ بالاكتسابِ سواءٌ أكانَ من حلالٍ أم من حرامٍ الاكتساب في الرزق المستطاب ص: (21)..
أمَّا المُحَرَّمةُ (بضمِّ الميمِ وفتحِ الحاءِ وتشديدِ الراءِ المفتوحةِ) فمصدرُ حَرُمَ، ومعناهُ في الأصلِ المنعُ والحظرُ، فالمحرمةُ؛ هي الممنوعةُ والمحظورةُ تهذيب اللغة، مادة (حرم)، (5/44)، مختار الصحاح، مادة (حرم)، ص: (56)..
فالمكاسبُ المُحَرَّمةُ: هيَ الأموالُ التي تحصَّلتْ أوِ اجتمعتْ من طريقٍ ممنوعٍ شرعًا.
وحصولُ المكاسبِ المحرمةِ لهُ طرقٌ عديدةٌ متنوعةٌ يمكنُ إجمالُها في طريقينِ رئيسينِ أحكام القرآن للجصاص (1/344)، منح الجليل (2/416)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/421)، الإنصاف (6/214).:
الطريقُ الأولُ: أن يكونَ الكسبُ حاصلًا من غيرِ تراضٍ؛ وهيَ المكاسبُ التي انتقلتْ من يدِ مالِكِها دونَ رضًى منهُ؛ كالمسروقِ والمغصوبِ والخيانةِ ونحوِهِما.
الطريقُ الثاني: أن يكونَ الكسبُ حاصلًا بالتراضِي؛ وهي المكاسبُ التي انتقلتْ من يدِ مالِكِها برضًى منهُ؛ كالناتجِ عنِ العقودِ المحرمةِ؛ مثلُ: الربا، والميسرِ، والغررِ، وكذا ثمنِ الأعيانِ؛ كثمنِ الخمرِ، والمخدراتِ، أو أجرةِ المنافعِ المحرمةِ: كالرشوةِ، والزنا، والكهانةِ، ونحوِها.
وسأتناولُ كلَّ طريقٍ منَ الطريقينِ، وما يتصلُ بهِ من أحكامٍ في مَبْحثٍ مستقلٍّ.