المطلب الأول: أثر الزحام في التوجه إلى منى يوم التروية:
يومُ الترويةِ هو اليومُ الثامنُ من ذي الحجةِ، وهو أولُ أيامِ المناسكِ، وقدِ اتفقَ أهلُ العلمِ أنَّ منَ السنةِ للحجاجِ أن يتوجهوا إلى منى قبلَ ظهرِ يومِ الثامنِ، فيصلوا فيها الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والفجرَ"بداية المجتهد" (1/335)، "المغني" (5/260). ، وذلك لما روَى مسلمٌ في صحيحِهِ"صحيح مسلم" (1218). من طريقِ جعفرِ بنِ محمدٍ، عن أبيه، عن جابرٍ قالَ في صفةِ حجِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "فلمَّا كانَ يومُ الترويةِ توجَّهوا إلى منى، فأهلُّوا بالحجِّ وركبَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فصلَّى بها الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والفجرَ، ثم مكثَ قليلًا حتى طلعتِ الشمسُ". وقد أجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ مَن لم يفعلْ ذلك فإنه لا شيءَ عليه، وأنَّ حجَّه صحيحٌ"الإجماع" لابن المنذر (ص: 64)، "المجموع شرح المهذب" (8/111، 127)..
وعلى هذا فإنَّ مَن تركَ التوجُّهَ إلى منى يومَ الترويةِ والمبيتَ بها ليلةَ عرفةَ لأجلِ الزحامِ، فإنه لا حرجَ عليهِ، وأرجو أن ينالَ ثوابَ ذلك بنيَّتِهِ التي حالَ دونَ العملِ بها الزحامُ، وما قد يترتبُ عليه من ترتيباتٍ في تفويجِ الحجاجِ وتنقلاتِهِم، فإنَّ الإنسانَ يبلغُ بنيتِهِ أجرَ الأعمالِ التي حيلَ بينهُ وبينها بمانعٍ، واللهُ أعلمُ.