المسألة الثانية: البداية بعد قطع الطواف:
ذهبَ أكثرُ أهلِ العلمِ إلى أنَّ الطائفَ إذا قطعَ طوافَهُ في حالٍ يجوزُ له القطعُ، فإنَّ له أن يبنيَ على ما تقدَّمَ من طوافٍ، إلا ما نُقلَ عنِ الحسنِ من أنه يجبُ عليه الاستئنافُ تبيين الحقائق (4/398)، البيان والتحصيل (4/41)حاشية دسوقي (5/4001).
وقدِ اختلفَ القائلونَ بالبناءِ على ما سبقَ، في موضعِ بدايةِ مَن قطعَ الطوافَ لعذرٍ على قولينِ:
القولُ الأولُ: أنه يبدأُ من حيثُ قطعَهُ، قالَ عطاءٌ فيمَن يطوفُ فتُقامُ الصلاةُ أو يُدفعُ عن مكانِهِ: إذا سلَّمَ يرجعُ إلى حيثُ قُطعَ عليه فيَبني، ويُذكرُ نحوُهُ عنِ ابنِ عمرَ وعبدِ الرحمنِ بنِ أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنهم رواهما البخاري تعليقًا، وقد ذكر وصلهما الحافظ ابن حجر في" تغليق التعليق"3/74-75. ، وهذا مذهبُ الحنفيةِ"حاشية ابن عابدين" (2/497). ، وهو الأصحُّ عند الشافعيةِ" المجموع شرح المهذب" (8/65)..
القولُ الثاني: أنه يبدأُ منَ الحجرِ الأسودِ، وهو أحدُ القولينِ عند الشافعيةِ"حاشية قليوبي وعميرة" (2/132). ، والمذهبُ عند الحنابلةِ"مطالب أولي النهى" (5/399)..
والقولُ الأولُ أقربُ إلى الصوابِ، لاسيَّما معَ الزحامِ والضيقِ وصعوبةِ الرجوعِ؛ لعدمِ الدليلِ على وجوبِ البدأِ منَ الحَجَرِ في حالِ القطعِ، ولأنه قد برئتْ ذمتُهُ مما قد طافَهُ فلا وجهَ لمطالبتِهِ به بإعادتِهِ، واللهُ أعلمُ.